أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - رفح... أو بعبارةٍ أخرى، عن حبيبتي عليها اللعنةُ














المزيد.....

رفح... أو بعبارةٍ أخرى، عن حبيبتي عليها اللعنةُ


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3409 - 2011 / 6 / 27 - 17:37
المحور: الادب والفن
    


وجدتُها صدفةً بينَ المدنِ ملقاةً على ظهرِها، وعلى شفتيها بقايا صراخٍ يابسٍ، أيقظتُها بدعاءٍ قديمٍ، وأعددتُها لتكونَ حبيبتي، فأنشأت في جلدي مخالبَ من حنينْ، وتزيَّنتْ بشجرةِ كينا وحقولٍ من السنابل الدائمة الخضرةِ، وبرتقالاً يرقصُ في التيهِ ويعدُّ أعشاشَ العصافيرِ كلَّ صباحٍ كأمٍّ كثيرة الأولاد.

تدخلُ خلوتَها، عاريةً، يقصفُها الأعداءُ بتواترٍ إيقاعيٍّ، وهي تستعيدُ أطفالَها من براثنِ البارودِ، تُجلِسُهُمْ على ركبتيها، وتزرعُ بعضَهمْ في حديقةِ البيتِ، وتقلِّمُهم كلَّ موسمٍ، وتحيطُهُم بالعنبٍ والخواتمِ، وتجرحُ خدَّ المساءِ كلَّ مساءٍ كي يسيلَ الشَّفقُ على ترابِ بيتِها ويلوِّنُ عتبةَ البيتِ ويجمِّلَ قرميدَ السقفِ كي لا تشعرَ الغرساتُ بالوَحدَةِ، ولا تنامُ كما تنامُ المدنُ، ولا تصحو كما تصحو الذاكرة.

من جيوبِها ـ وهي تمشي إلى الله وحيدةً وحزينة ـ تسقطُ أعيادٌ وشعوبٌ بملامحَ من حريرْ، وأخرى بوجوه من زيتِ إضاءةٍ، ويتعلَّقُ بأذيالِها شعراءٌ وعاشقون فاشلون، ومحاربونَ يائسون، وهي تمضي وتعطي صدقاتِها القليلة لأي عابرٍ تشمُّ في قلبِهِ أغنية.

امتحنتني ألف سنةٍ، قدَّمَتْ لي خيولها وذاكرتها، ودائماً فشلتُ، ودائماً أعادتْ لي الفرصةَ في دفترٍ من خجلٍ وأصدقاءَ أوفياءْ، أعطتني خارطةَ شوارعِها السرّيةَ، أعطتني قبلاتٍ في مخلاةٍ من نورٍ ليليٍّ لا يُنسى، أقرضتني يديها موسمين كاملين، لأرى المطرَ كما تراه، خلقتني وأفنتني وخلقتني وأفنتني وخلقتني، وما زالتْ تمحو أخطاء روحي وتغسلُني، وتعيدُ كتابتي كلما مررتُ مغبرّاً بين حاجبيها.

تخرجُ من خُلوتِها، طريةً نقيّةً ومعبّأةً بصلواتٍ مستجابةٍ سلفاً، وتسيلُ الخطايا الصغيرةُ من بين أصابع قدميها في كلِّ خطوةٍ، وتتغيّرُ ملامحُ جلدِها في كلِّ تمتمةٍ تنزُّ من شفتيها كروحٍ طليقةٍ واحتمالاتِ ناي.


حزيران 2011



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساذجون ويحاولون استسذاج الآخرين
- الأدب الفلسطيني بخير ردا على مقالة د. فيصل درّاج: لماذا لم ...
- أولُ البيوتِ وأولُ الذاكرة قصة قصيرة
- في مروري على الرمل
- ويحدث أن
- مجنون، أحب غزة ورقص في ساحاتها
- قليلٌ مما ستقولُهُ غزة عما قليل
- حكاياتٌ من بلادٍ ليستْ على الخارِطةْ
- حليمةُ تُعِدُّ الشاي
- أسرارٌ للمعْرِفَةْ أو مدينةٌ للتجربة
- مَنْ هذا؟
- حِيْنَ يَأْخُذُكِ النُّعَاسُ
- رجلٌ وامرأةٌ وصباحٌ لا يمكنُ تفسيرُهُ
- الأَرْنَبُ الَّذي لَمْ يُعْجِبْهُ اسْمُهُ قصة للأطفال
- كي لا تُحبَّكَ الغجريَّةُ
- برافو قناة الجزيرة
- أمُّهُ قبل الفجر تماما
- قلتُ: وحّد مزاجك
- أيها الكافر محمد بوعزيز
- أسيل وحيدا وحيدا


المزيد.....




- -قد تنقذ مسيرته بعد صفعة الأوسكار-.. -مفاجأة- في فيلم ويل سم ...
- -فورين بوليسي-: الناتو يدرس إمكانية استحداث منصب -الممثل الخ ...
- والد الشاب صاحب واقعة الصفع من عمرو دياب: إحنا ناس صعايده وه ...
- النتيجة هُنا.. رابط الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 ...
- عمرو مصطفى يثير تفاعلا بعبارة على صورته..هل قصد عمرو دياب بع ...
- مصر.. نجيب ساويرس يعلق على فيديو عمرو دياب المثير للجدل (فيد ...
- ممثل حماس في لبنان: لا نتعامل مع الرواية الإسرائيلية بشأن اس ...
- متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28 مترجمة عبر قناة Tr ...
- تطوير -النبي دانيال-.. قبلة حياة لمجمع الأديان ومحراب الثقاف ...
- مشهد خطف الأنظار.. قطة تتبختر على المسرح خلال عرض أوركسترا ف ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - رفح... أو بعبارةٍ أخرى، عن حبيبتي عليها اللعنةُ