أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - احتفال بالدم














المزيد.....

احتفال بالدم


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 3398 - 2011 / 6 / 16 - 15:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم أفهم المغزى من تأكيد اللواء قاسم عطا نوايا الحكومة تنفيذ أحكام الإعدام بحق الإرهابيين المدانين في المواقع التي ارتكبوا فيها جرائمهم. هل المغزى هو تحقيق رغبات المحتجين الذين طالبوا بهذا النوع من الإعدام بحق مرتكبي مجزرة عرس الدجيل؟ طيب.. ماذا لو طالب غيرهم بتقطيع أوصال الإرهابيين مثلاً، اقتلاع عيونهم قبل إعدامهم، إحراقهم وهم أحياء بدل قتلهم شنقاً؟ هل ستلبي الحكومة مثل هذه المطالب؟ ألا يعلم المسؤولون أن تنفيذ القانون لا يجري وفق أمزجة الجماهير؟
أي حكمة ننتظرها من مشهد قتل يجري بشكل احتفالي، ويُدعى الناس للاستمتاع به، أي ذائقة نريد أن نشيعها بين الناس، أي ثقافة نحرص على بثها؟ هل نريد لأطفالنا أن يرقصوا وهم يشاهدون جثَّة ترفس وهي معلقة بحبل يتأرجح وعينان تجحضان ووجه يحتقن ووووو، أي صورة نريد لهم أن يحتفظوا بها داخل مخيلتهم؟
كنت في سن الحادية عشرة عندما شاهدت أول عملية (قتل علنية)، يومها وقعت ضحية من ضحايا القتل الاحتفالي الذي لا تمارسه إلا أكثر المجتمعات تخلفا ووحشية، كان الموضوع يتعلق بجريمة شرف، وكنت خارجاً للتو من بيتي في الصباح الباكر متوجهاً للمدرسة مع زميلي الطفل المشاكس (علي قاسم)، وفجأة توقف هذا الأخير مبهوتاً وهو يشير لخط من الدم يبدأ من أحد البيوت وينتهي بتمجهر لمجموعة من الناس، سحبني (علي) من يدي بسرعة خاطفة تجاه المتجمهرين، ووقفنا هناك دون أن نعي سبب التجمهر، كان الحشد كثيفاً ما يمنعنا من مشاهدة أي شيء، لكن صديقي اللعين سحبني مرة أخرى من يدي وأدخلني من بين الناس، لأكون بمواجهة المذبحة، مذبحة طفولتي، ضحكاتي وألعابي وأغنياتي ودفاتري وخربشاتي كلها ذبحت وبشكل خاطف ما أن وقفت أمام مشهد (الإعدام) ذاك.
كانت المقتولة (علناً) فتاة لم تزل مراهقة، عيناها مفتوحتان على الرغم من أن رأسها مفصول بشكل تام عن جسدها وملقى بعيداً عنه، جسدها شاحب ونحيل لدرجة تكشف عن أنه نزف آخر خلية دم حمراء.. لم تكن برائتي لتفهم أسباب هذه الوحشية، لذلك هربت بسرعة فائقة تجاه المدرسة، أردتها أن تحميني، لكنها فشلت وبقيت أرتجف داخل الصف. لذت بثوب أمي ما أن وصلت البيت لكنه هو الآخر فشل بحمايتي من مشهد الرأس والجسد والدم، وأيضاً بقيت ارتجف. كان خوفي كبيراً لدرجة لم تستطع أمي فهمه أو تفسيرة، لم تفهم سبب امتناعي عن تناول الطعام، حيث كنت أشاهد رأس الفتاة المقطوع يطفو على سطح أي إناء يوضع أمامي، ولأكثر من أسبوع كنت أشاهده حيث أجول بعينيَّ الصغيرتين، في أقداح الماء وفي أواني الطعام وعلى وسادة النوم وفي كوابيس تبدأ ولا تنتهي.
المغزى من هذا السرد هو الإشارة إلى أن حكومتنا وبجميع مسؤوليها وفي حال أنها نفَّذت هذا الشكل من أشكال الإعدام ستثبت بأنها لم تتعلم الدرس، درس صدام ونظام حكمه الوحشي الدموي، الذي صنع لنا وباستخدامه مثل هذا النوع من الإعدام بحق (الفارين) من الجيش، ذائقة مشوهة ومجتمعاً لا يشبع من طعم الدم، صنع لنا نموذج فراس الذي يُغرق الأطفال ويغتصب العروس ليلة عرسها بدم بارد.
المغزى من هذا السرد هو الإشارة إلى أن سادتنا المسؤولين لا يعرفون معنى أن للطفولة حرم يجب الوقوف عنده بانحنائة تقديس وعدم انتهاكه.. نوع الإعدام الذي تبشرنا به الحكومة سيكون أطفالنا أكثر ضحاياه تضرراً، ستذبح برائة أطفالنا بسكين جهل البعض وتخلفهم..
المغزى من هذا السرد هو الإشارة إلى أن إعدام فراس علناً سيساعده على قتل المزيد من أطفالنا.



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علامة استفهام
- إلى أن نعترف
- كراهيتنا سوداء
- وزارة حقوق الإنسان
- التيار الصدري
- سادتي الأفاضل
- ميدان ئازادي
- غناء في السياسة
- لحظة المصير
- سادة الشوارع
- لقاء الرئيس
- حزب الفيس بوك
- نريد أن نعرف
- مراسلو الفيس بوك
- الجياع يتجمعون
- أقل الثلاثة شراً
- مشنقة لمبارك في بغداد
- ديدن المناضلين
- شراكة الاضعف
- تعالوا نؤسلم المجتمع


المزيد.....




- لماذا لا تمتلك أمريكا المزيد من الساحات العامة على الطراز ال ...
- أستراليا تُجري مراجعة شاملة لأجهزة الأمن والاستخبارات بعد هج ...
- أسمنت بورتلاند (تيتان) تسدد مليون جنيه تعويضًا لأحد سكان واد ...
- في عيد ميلاده.. مبابي يعادل الرقم القياسي لرونالدو
- البابا لاوون ينتقد توظيف الدين لتبرير العنف والنزعة القومية ...
- موسكو تحكم على بريطاني بالسجن 13 عاما بتهمة العمل كـ-مرتزق- ...
- أميركا تفرض عقوبات على سفن مرتبطة بطهران
- دمشق و-قسد- تسارعان إلى إنقاذ اتفاق الدمج
- الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل الملف البحري -السري- لـ -حزب ال ...
- توجيه اتهامات في إسرائيل لمواطن روسي بالتجسس لمصلحة إيران


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - احتفال بالدم