أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين عمر - نقطة...أول العطر!!!














المزيد.....

نقطة...أول العطر!!!


حنين عمر

الحوار المتمدن-العدد: 3380 - 2011 / 5 / 29 - 11:41
المحور: الادب والفن
    


وضعت رواية "العطر للكاتب الألماني باتريك زوسكيند جانبا، لأنني فقدت فجأة شغف قراءة تلك القصة التي اقتنيتها بعد مشاهدة فلمها. ولا أعرف السبب الذي جعلني أترك كتابا من كتبي المفضلة، من أجل أن أتجه نحو طاولة المكياج وأجلس لأتأمل طويلا قوارير عطري.

قد يكون هذا نوعا من الشعور المؤنث الذي يؤثر على النساء عادة، إذ أنني لطالما اعتقدت أن علاقة المرأة العاطفية بالعطر أقوى من علاقة الرجل به، وقد أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن هذا أمر صحيح مئة بالمئة: لأن حاسة الشم الأنثوية أكثر تطورا، مرجعين ذلك إلى وجود هرمون الاوستروجين في جسمها مما يمنحها قدرة أوسع على التعامل مع هذا العالم الخفي المدهش.

وقد أكد التاريخ هذه الفرضية بطريقته أيضا، حيث أنّ أول من صنع مادة "العطر" كان الكيميائية البابلية "تابوتي"،والتي ذكرت بعض الألواح المسمارية معلومات بسيطة عنها وعن طريقة صنعها للعطر قبل حوالي عشرة آلاف سنة. لكن أقدم عطر تم العثور عليه كان في جزيرة قبرص عام 2004 وعمره أربعة آلاف سنة تقريبا, فقد اهتم سكان قبرص القديمة بالعطر وبصناعته واستعلموا الطرق الفرعونية في ذلك لما كان للفراعنة من دور مهم في تطوير الصناعة العطرية. غير أن للعرب سبقا كبيرا في هذا المجال لأنهم أول من "استقطر تاج الزهرة" قبل أكثر من ألف سنة، وأول من اخترع "ماء الورد"، وما لا يعرفه الكثيرون هو أن العالم والطبيب العربي المعروف "ابن سينا" يعتبر من أهم رواد هذا المجال.

هذا الرجل أعرف أنه لن يعجبه اليوم مطلقا اتساع عيوننا ونحن نقف مذهولين أمام الألوان والأحلام والأشكال التي تتراقص في دعايات العطور الأجنبية، لأن الغرب أخذ كل علومه العطرية بالأصل من ميراث العرب، وقد احتلت فرنسا الصدارة سريعا متفوقة على باقي البلدان الأوروبية رغم كون هنجاريا هي أول بلد طور العطر بمزجه بالكحول، إلا أن باريس استطاعت أن تخطف أنظار العالم نحوها لما أولاه ملوكها من أهمية لهذه المادة وصلت إلى حد الهوس، إذ يروى أن الملك الفرنسي لويس الخامس عشر كان شغوفا لدرجة الجنون بالعطور فكان يدهن بها عربته الملكية وأثاثه بشكل يومي ولا يلبس إلا ثيابا معطرة، كما أسس لزراعة النباتات العطرية وأنشأ المزارع وشجع على صناعة العطر ، وبهذا أصبح الجنون سببا في النهضة التي عرفتها باريس وفي تحولها إلى أهم مركز عالمي للعطور.

ومع أنني أعشق العطور الباريسية، إلا أنني أحب العطور العربية لكوني أشعر أن العطر هوية أيضا وتعبير جسدي خفي، مثله مثل جواز السفر إلا أنه لا يؤدي إلى دولة أخرى بقدر ما يؤدي بنا إلى أنفسنا، إن له أهمية بالغة قد لا نشعر بها في خضم دوران الساعة الكونية والروتين اليومي، لكنها لا تقل أهمية عن اللغة، لأنه لغة صامتة مختلفة ومدهشة.

مرّت كل هذه الحكايات في رأسي وأنا أطالع قوارير عطري وهي تحكي عن نفسها لتأملاتي، وتساءلت كم من الحكايات يمكن أن تحمل لنا قطرة واحدة من العطر سافرت من ورود حديقة بعيدة لتمتزج بمساماتنا؟، وكم ابتسامة يمكن أن ترسمها على شفاه مشاعرنا ؟، وكيف حافظت على بقائها دائما على الموضة؟ وكيف يمكن لهذه المادة أن تكون رباطا وثيقا بيننا وبين الطبيعة....هل هو درس الطبيعة لنتعلم استخلاص النفس البشرية حتى نصنع من وردة الحياة عطر حقيقتنا؟، مددت يدي نحو عطري المفضل، وضعت بعضا منه على طرف معصمي وابتسمت حينما غمرتني رائحته، لأنني قررت أن أبدأ الخلطة السرية للعام الجديد...بقطرة عطر!
حنين//
عن سلسلة مقالات صفحة فانيليا.



#حنين_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مديح المنفى البعيد جدا
- كامل الشياع : ليس كل الموتِ موتا
- سيجارة إخبارية
- ست ُّالشناشيل
- سرطان
- فنجان شاي مع أدونيس والدلباني
- تغريبة النهرين
- سبورة سوداء
- أسوأ مهنة في التاريخ
- بين منفى الجسد ومنفى الروح
- أدباء... أم مهرجون ؟؟؟
- حينما تبتسم الملائكة - 1
- بوابة المغادرة
- رسالة الى تورنتو
- تماثيل من الملح
- على خطى جرش//عمان كمحطة للنزيف المشتهى
- الياسمين الأحمر - إلى كل اللواتي أكل الظلم من اجسادهن وشرب ا ...
- وشوشة النرجس الأبيض
- ليلة في انتظار غودو
- رائحة الاغتراب


المزيد.....




- ملك الأردن يؤكد أهمية ترجمة مخرجات مؤتمر الاستجابة الإنسانية ...
- الحلقة 164 من مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 مترجمة المؤسس عثم ...
- Salah Addin 28 عرض مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28 مترجمة ...
- أقوى أفلام كرتون مدبلجة .. تنزيل تردد قناة سبونج بوب نايل سا ...
- -القلب يعشق كل جميل-: أم كلثوم تغنّي فرحة الحج بلغة البسطاء ...
- ظهور خاص لبيلا حديد في كليب فنان عربي (فيديو)
- وفاة الملحن المصري الشاب أمير جادو
- -فنان العرب- يظهر في عيد ميلاده.. -روتانا- تحتفل به وآمال م ...
- فنانة لبنانية ترقص وتغني على المسرح في أشهر متقدمة من الحمل ...
- “فرحة للعيال كلها في العيد!” أقوى أفلام الكرتون على تردد قنا ...


المزيد.....

- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنين عمر - نقطة...أول العطر!!!