أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي شكشك - جرح التاريخ














المزيد.....

جرح التاريخ


علي شكشك

الحوار المتمدن-العدد: 3379 - 2011 / 5 / 28 - 20:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



هناك سرٌّ ما، يشدُّ الأشياء إلى طريقٍ ما، ويدفعها باتجاهٍ ما، كما لو أن هناك صوتاً ما ينبت فينا يخِزنا من وجع ما في منطقةٍ ما في بعدٍ ما منا، فكلما زاغت الأشياء وذهبتْ بعيداً فيها إلى مجالٍ بعيد في تقديرنا وظننّا أن الأمور تتفلت من صياغاتها الأولى وتحملنا معها إلى معطياتها المستجدَّة حتى ليكاد المستجدُّ يبني لذاته منظومة ترتب هي ذاتها قوانينها وتداعياتها إذا بها وبنا نعود إليها وإلينا كأننا ونحن ندور معها وتدور بنا نذهب كلانا إلى أبعد نقطة عنا ونكاد نفنى في الصيرورة فإذا بنا نولد منها ونتخلّق من فنائنا وإذا نحن كما كنا، ربما بثوبٍ جديد وجلدٍ جديد، وقد لا يحدث التراكم المنتظر في اكتمال تجربة الفرد بحكم قصر عمره ونظره ليبقى هذا التراكم كامناً في عنصر الإنسان ليكون للاجتهاد موطئ قدم في الاستنتاج وقراءة المسارات والتحولات والاستدارات، كما لو أننا على نقطة في محيط الدائرة كلما وصلنا إلى النقطة الأبعد في المدار نكون قد صرنا النقطة الأولى فيها، فنسبح فيها ونفنى لكي يبدأ عنصرٌ آخر في الفلك ويتكرر المدار،
في التكوين الحيوي للأحياء كما في الأفلاك وتفاعلات مفردات الخلق وحركة المجتمع والتاريخ، وفي الجانب المحسوس كما في عالم المعاني هناك هذا المجهول الذي يصوّب الأشياء ويصون الأشياء، كأنه يحفظُ مساراً ما وكأنه يطوي على سرٍّ ما هو جوهر هذه الأشياء وكنه مسارها، كما لو أنّ للأشياء ضميراً يختزن شيفرة ما تنفعل بتاريخها وتحولاتها وتُراكم عواطفها وتؤثر في ذات الوقت في نبضها فتميل إلى ذيذبة طريقها وتلوين خطّها ورسم ملامحها وضبط شحنتها وتموجات انفعالها التي تعيد تسطير إحداثياتها وسرعاتها ودرجة حرارتها وتفاعلاتها بحيث تبدو كما لو أنها تتجه نحو شيءٍ ما كأنه كامنٌ فيها، وكأنه سرٌها الأول، الأول الأول،

هكذا يكون لو جُرح الإنسان أو اضطربت كيمياؤه أو نفذ إليه جسم غريب يعيد استقلاب تلك الشيفرة التي ترفع حرارته وتشحذ مستقبلات ألمه وتقلص شعيرات دمه وتستجلب صفائحه واكتئابه وتعيد صياغته لتحفظ كينونته، وهكذا لو جُرح المعنى فيه الذي سيقتضي استفزاز وجع الضمير واستيقاظ الندم اللذين سيصوبان النفس كما تقتضي الشيفرة الأولى المكنونة فيه،
وهكذا لو جُرحَ التاريخ واستمرّ جرحه ثلاثة وستين عاماً في إشارة قد لاتخفى من دلالة على سنيّ اللاجئين أو سنوات عمر الرسول، أو اضطربت كيمياؤه أو مال مسارُه فيما اصطلحنا على نعته بوقوع ظلمٍ أو حيفٍ أو هضم حقٍّ فإن آلياته المكنونة في شيفرته تميل إلى استيلاد صورٍ جديدة ومفاعلاتٍ وتراكمات تكون هي ذاتها الكفيلة بالتذكير بالنصّ الأوّل، كأنّ الشيفرة الأولى تستعيد ارتداداتها وتسعى للالتفاف على آليات الخروج عليها ولو بطريقةٍ دائرية حين تذهب النقطة بعيداً عن مدارها حتى لنظنّ أنها انفلتت من عقالها وتمادت بعيداً في غيّها فإذا بها تكتمل في مسارها نقطةً أولى في محيط الدائرة، كأنها لم تكن إلا جزءاً أصيلاً من منظومة السرِّ الأوّل، الأوّل الأوّل، الذي يصون الأوليّة في بديع الخلق، وكأنّ كلّ ذلك لم يكن إلا استعراضاً لتجليات هذا السرّ وشهادةً على أنه هو الحق.



#علي_شكشك (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المصالحة
- المصالحة في مفردات العالم السيمفوني وتحقق الإنسان
- جسر العودة
- فى الأسر
- مزاج
- السؤال
- تفكيك الأسر
- أسيرها
- جدل
- أن نشاء
- حجر الزاوية
- كيف يكون المحبُّ
- الطريق الى القدس
- العماء
- روح الكيان
- الانطلاقة
- رأس الحال فى رأس العام
- أسْرُ الوعي
- الجزائر هي الجواب
- لنكون يوما


المزيد.....




- ترامب يتحدث عن تقدم بشأن غزة مع مقتل العشرات في قصف جديد
- رصد مجموعات شبابية يمينية متطرفة في ألمانيا
- هل فيديو قصف إسرائيل لسجن إيفين حقيقي؟ جدل حول الصور التي تظ ...
- فرنسا: ملف التقاعد يشعل الخلافات من جديد فهل باتت حكومة باير ...
- ابن المقريف: والدي بدأ معارضة القذافي بـ3000 دولار وإيمان لا ...
- كيف فشلت إسرائيل في إيران؟
- بين الدعاية والحقائق جدلٌ بين المغردين حول فاعلية ضرب النووي ...
- مستوطنون يقتحمون الأقصى والاحتلال يهدم منازل بمخيم نور شمس
- -ملحمة نارية-.. كمين القسام المركب بخان يونس يتصدر منصات الت ...
- ضغوط داخلية بإسرائيل لإنهاء الحرب على غزة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي شكشك - جرح التاريخ