أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي شكشك - روح الكيان














المزيد.....

روح الكيان


علي شكشك

الحوار المتمدن-العدد: 3240 - 2011 / 1 / 8 - 06:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لجنة الحرية لاسرى الحرية
منذ اليوم الأول لها, بل مذ كانت مشروعا متخيَّلاً فإنّ الغزاة نهجوا طريقين, نهب الأرض وطرد أصحاب البلاد, وكانت الأداة الفاعلة هي المستوطنين, ذلك أنّ المسألة كلها هي استيطانُ أرضٍ غريبةٍ عليهم, وأنّ الأمر في جوهره ليس إلا الاستيطان, فهو الترجمة العملية التي تنجز الواقعَ في السياق, وتحوّل النظرية إلى مادة ٍ ملموسة, يمكن أن ينبجس منها ويتفاعل حولها مناخٌ يؤسّس للمشروع, فماذا كان يمكن أن يكون المشروع الصهيوني لو لم يعتمد الاستيطان, حتى لو حشد لمقولاته كلَّ أنواع التأييد والمقولات التلمودية, وذرف ما استطاع من دموعٍ وبكائيات أو أنشد من أشعار, فارتبطت لذلك أداةُ المشروع بالمشروع منذ اليوم الأول ارتباطاً شرطياً بحيث أصبح تشكيلُه واستمرارُه ومصيرُه مرتبطاً بأداته أي الاستيطان, وأصبحا في الوعي الصهيوني روحاً وجسدا, بحيث أن توقّفه سيعني موتاً في المتخيَّل قبل أن يُترجم بتداعياته إلى نهاية الكيان, إذ كيف حين تفارقُه الروحُ يبقى البنيان؟,
هذا مع الأخذ في الحسبان العوامل التي تجعل من هذا الأمر ضرورة ملحة وحاجةً حيوية لمواجهة خصوصية الغزاة وخصوصية البلاد وأصحاب البلاد, الذين يتكاثرون هنا منذ آلاف السنين ويتجذرون بذريتهم ويعانقون فيها طقوسهم ومقدَّسَهم, وقد رتلوا اسم كنعان في مختلف الأسفار, ويعرفون أنّ التوقف برهةً عن الغزو والاستيطان يعني أن تنبتَ الأرض بأهلها, وتلتفَّ عليهم أعشابُها وتخنقَهم تراتيلها المنبجسة من رائحة التاريخ والمرأةِ الكنعانية التي ركضت وراء المسيح, كما أنّهم تطاردهم فكرةُ أنّهم طارئون وعابرون بشهادة اسمهم الذي به يتسمّون, وبشهادة قولهم "لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنّا داخلون", في إشارةٍ ربما إلى عدم قابليتهم للتعايش مع أي شعبٍ آخر, الأمر الذي تجلى بعد ذلك في التاريخ وتجلى قبل ذلك في وادي النيل, إضافةً إلى الرُّهاب الذي ينتابهم كلما مرّ بهم في الأسفار لفظُ العماليق,
فكان لابدّ من سلوك كافة السبل "لإخراجهم منها", حتى يدخلوا فيها, وكان لابد من كلّ هذا الجنون الاستيطاني وهذه السيريالية التي يتفنّنُ بها المستوطنون لتحويل حياتنا إلى جحيم, كان لابدّ من الاستيطان الرجيم, شرطاً لاستمرار وبقاء المشروع, فهو اللبنة الأولى وهو اللبنة الأخيرة, إذ أنه ليست فقط "حدودهم" هي التي تكون عند آخر مستوطنة يبنونها, وإنما أيضاً أجلهم يكون هناك, ولذا فهم يعرفونها في العميق من لاوعيهم أنّ الاستيطان هو روح "كيانهم", وأنّ تلّ أبيب مثلها مثل القدس كما يقولون في الاستيطان, هي كذلك في معنى الأشياء فلا شرعية لأيّ استيطان في أيّهما, ولا فرق في عميق الروح بين هذا وذاك إلا في تاريخ الغزو والبناء, وهم يعرفون معنى توقف الاستيطان إنْ أُبرمَ أيُّ "سلام", ولذا فهم لا يتجنبون فقط "السلام" وإنما يتجنبون أيضاً أجلَهم, عند المستوطنة الأخيرة, وقد يفسِّرُ هذا فيما يفسِّرُ رفضَهم الإغراءَ الأمريكيّ الأسطوريَّ مقابلَ وقفِ الاستيطان ولو لفترةٍ محدودةٍ في الزمان, إذ قد يَرشح في الوعي الجمعيِّ جرّاء ذلك إمكانيةُ العيش بدون ذلك, مما سيعني بالتأكيد التأسيسَ لمرحلة النهاية, فكيف سيستمرّ - وقد تأسّس عليها - بدون نهب, وهل يعيش كيانٌ بلا روح, أعني كيان الاستيطان بدون روح الاستيطان.
[email protected]



#علي_شكشك (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانطلاقة
- رأس الحال فى رأس العام
- أسْرُ الوعي
- الجزائر هي الجواب
- لنكون يوما
- حالة أسر
- الأشياء
- هذه الليلة
- رمضان الفلسطيني
- سيرياليزم
- كيف حدث كلُّ هذا؟
- حالة ذهان
- ليس غريبا
- يحدث كلَّ يوم
- مذاق الاستقلال
- كتاب في الذكري ال 48 لاستقلال الجزائر
- قوانين نهايتها
- دائرية كالتاريخ
- لِيسوؤوا وجوهَكم
- طاسين الأسر


المزيد.....




- أعاصير وعواصف عملاقة تضرب أمريكا.. وخبراء طقس يحذرون من القا ...
- لحظة تحبس الأنفاس.. شاهد صاعقة برق تضرب سيارة شرطة أمريكية ف ...
- بريطانيا تستدعي سفيرة إسرائيل وتُعلق مفاوضات اتفاقية التجارة ...
- المملكة المتحدة تعلّق المفاوضات التجارية مع إسرائيل وتستدعي ...
- بعد 3 أشهر من الحصار الكامل.. دخول أولى شاحنات المساعدات إلى ...
- بعد فضيحة دامت عقودا.. بريطانيا تطلق حملة للكشف عن ضحايا -ال ...
- الدفاع الروسية تكشف حصاد الأمس من العملية العسكرية الخاصة
- مدفيديف يحدد العقبة الرئيسية أمام السلام في أوكرانيا وآخر -ف ...
- معركة كورسك بعيون قوات -أحمد-
- ليبيا.. 67 حزبا سياسيا تعلن دعمها للمحتجين وتدعو لإسقاط الحك ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي شكشك - روح الكيان