إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1005 - 2004 / 11 / 2 - 09:21
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
الوقت مساء
31ـ10ـ 2004
يرن هاتفي المحمول , صوت ـ الشاعر الكردي حفيظ عبد الرحمن يأتيني مرتبكا مطعونا من بعيد.... هل النبأ صحيح :
- نحن بخير!! ـ قلتها لقريبي
- انا لا أقصد الأهل , بل أو لم تسمع ما جرى لفرهاد وأخويه
ـ مصعوقاً " لا أريد في قرارتي سماع الكلام "
: لا ....
يقال أنهم قضوا في حادث سير قرب مدينة الرقة ...!!!
عدد من الأصدقاء والكتاب عندي في البيت ، أدركوا ان خطباً جللاً قد حدث با لتأكيد ، ونحن على الدوام على موعد مع وليمة الألم ، توقفوا عن الحديث كي يلتقطوا أطراف حديثي ، حيث أهتف إلى بيت الأستاذ عبدالحميد درويش بعد أن فشلت في الاتصال مع مكتب ـ الحزب الديمقراطي التقدمي ـ ورفاق الصديق فرهاد ، لأتأكد- بأسف - أن النبأ صحيح .!
تطفر دمعتان من عيني ، أستحضر تاريخاً يمتدّ ربع قرن من الزمان ، حيث تعرفت على فرهاد ـ في الجامعة ـ ثم انخرطنا في التعليم معاً ، كي يترك هذه المهنة سريعاً ، ويبقى بيننا "حبل مودة"لم يقطعه أي خلاف ستتعرض له علاقتنا في ما بعد ، بعد أن يؤجج بعضهم دسيسة ملفقة ، لا ناقة لكلينا فيها ولا جمل ، كي يتجاوز من جهته ـ ونحن في ذروة الفرقة ـ كل شيء ، يفاجئني وأنا على سرير المشفى ـ قبل إجراء عمل جراحي لي ـ ينحني لاحتضاني ، بلهفة شقيق حقيقي ، لأدرك – حنانئذ - أن أبا لورين نبيل حتى في خلافه! ، ولعل معرفتي الأعمق مع هذا الصديق تجلت في مرافقتي أحلامه البكر في الكتابة ، وهو يعكف على ترجمة رياض الصالح الحسين ، يقرأ علي قصصه الأولى ، أشعاره ، يشاركنا في فعاليات الملتقى الثقافي في الجزيرة ، يضع قدمه في مجال العمل الصحافي في ـ مشروع مجلة زانين مع الكاتب عبدالباقي حسيني ـ كي يعمل في الصحافة الحزبية الكردية ، ويتجرع كأي أديب علقم التجربة الكتابية ، لتغدو هاجسه الرئيس ، يزاوجها مع عمله الحزبي وهو يتبنى رؤيته الخاصة !، وكأني به لا يترك أي مجال ـ يرى فيه خدمة قضيته وإنسانه إلا ويلجها.... .
هذه بعض ملامح هذا الصديق !
هذه بعض ملامح لاتكفي ....!
بعض مما يمكنني أن ألتقطه من صورته التي ترمح في الذاكرة ، ولن تبرحها بالتأكيد ، كي أدرك مرة أخرى كم نحن ـ معاشر الأحياء ـ مطالبون بالحب!! ـ ، مطالبون أن نتعظ المرة تلو الأخرى في هكذا مناحة وفاجعة كبريين ، ما أحوجنا أن نخلّد اسم هذا الصديق ، كي نلتقي في ظلال روحه ، ننسج أبهاء الحلم ، ونحن نواجه الدموع المدرارة .
لطفلاته القرنفلات في جروحهن الكثيرة .
لمهرجان الشعر الذي سيفتقد أحد معدّيه هذا العام ، قصيدة جريحة .
لذويه ، لرفاقه ، لأصدقائه ، للكتاب الأكراد الذين يكتبون لقضيتهم وإنسانهم كل عزاء يليق بكائن استثنائي فقدناه معاً ... وكان خسارة جماعية لنا واحداً واحداً ...!!
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟