|
صعوبة فهم السياسة .. نصرالله نموذجاً
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3369 - 2011 / 5 / 18 - 13:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حزب الله اللبناني ، وزعيمه " حسن نصر الله " ، خيرُ دليلٍ على صعوبة " فهم " السياسة في بعض الأحيان ، والتعقيد والغموض الذي يلُف الأحداث والمواقف ، في منطقتنا . فمن النادر ان تسمع رأياً مُحايداً أو قريباً من الموضوعية ، فيما يخص هذا الرجل .. فأما ان يُصّوَر على انه قديس وبطل مغوار ومُقاومٌ شرس ، وحزبه أسطوري في تنظيمه وقوتهِ ومبدأيته ... أو بالعكس ، تُلصّق بهِ مُختلف الصفات الرديئة ، من العمالةِ المُزدَوجة لإيران وسوريا ، وأنه مُجّرَد إلعوبة وأداة بيد مُخابرات الدولَتَين . - اُصيب التيار اليساري الديمقراطي اللبناني ، بما في ذلك مركزه ، الحزب الشيوعي اللبناني ، بأعراض نكوص اليسار العالمي والعربي ، في العقود الثلاثة الاخيرة .. وبالرغم من ان هذا التيار ، هو [ الوحيد ] فعلياً ، البعيد عن ( الطائفية ) .. فأنه إضطَر الى إخلاء مواقعهِ تدريجياً ، لصالح التيارات الاخرى ، ولاسيما الاحزاب الشيعية في الجنوب . ومع التضحيات المُهمة التي قدمها الحزب الشيوعي في مُقاومة الاجتياح الاسرائيلي في 1982 ، والمُقاومة الباسلة التي إبداها طيلة السنوات الماضية ، فأن معظم تضحياتهِ ، " جُيِرَتْ " لحساب حزب الله ، من الناحية العملية !. وكُل النضال البطولي الذي خاضه ، أصبح يُذكَر على نطاق ضّيِق ، مرة واحدة في السنة في المناسبات فقط ! .. بينما الأضواء مُسّلَطة بالكامل على " مقاومة " حزب الله فقط !. - عند التحدث عن لبنان .. ينبغي عدم إغفال حقيقة رُبما لايعترف بها الكثيرون : ان لبنان كان " مشروع " دولة منذ أكثر من ستين سنة ، ولكن هذا المشروع لم يكتمل لحد الآن .. فلا يُمكن مُقارنة لبنان بأية دولةٍ مُتماسكة مُوّحَدة ، لها قوانين تسري على الجميع سواسية .. بل ان هذهِ " الدولة " قائمة في الأساس ، على [ الطائفية ] التي شُرْعِنتْ في الدستور والقوانين والاعراف ، وبرعاية الكثير من الدول . بحيث تكّرَسَ نوعٌ من التراضي المُتبادَل ، بين زُعماء وقادة الطوائف ، وتشكلتْ غيتوات ومناطق نفوذ ، تُسيطر عليها ( عوائل ) ، الى درجة ، من الصعب تماماً إختراقها !. ففي اية إنتخابات ، هنالك " كوتا " معلومة سَلفاً للطائفة الفلانية ، وأقصى ما يُمكن توقعهُ ، هو التنافس والتصارع ، بين أقطاب الطائفة نفسها في المنطقة نفسها . وسط هذهِ اللوحة الغريبة ، إستطاعَ حزب الله اللبناني ، في العقدين الاخيرَين ، ان يستولي على الكثير من مناطق نفوذ " حركة أمل " الشيعية في الجنوب والضاحية ، وان يحوز على أسلحةٍ مهمة نوعياً وكمياً ، بحيث ، تحَولَ من الناحية العملية ، الى أقوى حزبٍ في الجنوب . وجاءتْ حرب 2006 ضد الإعتداء الإسرائيلي ، لكي تُكّرِس [ مُقاومة ] حزب الله وزعامة حسن نصرالله .. والحَقُ يُقال ، فأن بسالة مُقاتلي الحزب وصمودهم بوجه الجيش الاسرائيلي ، كان مُنعطفاً يُحسَبُ لصالح الحزب وزعيمه . ولكن من تداعيات هذا " الإنتصار " ، هو إستقواء حزب الله ، على الدولة نفسها ، وشعوره بأنه دولة موازية ، بل انه من الناحية الفعلية ، ليستْ هنالك أية سُلطة لحكومة بيروت ، على معظم الجنوب . ............................................ من البديهي ، ان حزب الله اللبناني ، وثيق الصِلة بالنظام الايراني وبينهما تنسيق عالي المستوى ، وكذلك من الطبيعي ، ان هنالك علاقات قوية بين حزب الله والنظام السوري .. فهذا المُثلث ، هو جزء من لُعبة المصالح الاقليمية والدولية ، وأحد مظاهر الصراع الامريكي الايراني السوري ، وأيضاً الصراع الاسرائيلي العربي ... ما يهما هنا : هو مُحاولة فهم مواقف حزب الله اللبناني ، من التغيير الذي جرى في العراق في 2003 ، والتداعيات التي أعقبتها . من ناحية ، فأن عَراب حزب الله والداعم الرئيسي له ، أي أيران ، قد رَحبتْ بحرارة بإسقاط نظام صدام ، وكذلك فعلتْ سوريا .. فعلى الرغم من " ألإستياء المُعْلَن " ضد طريقة التغيير ، أي التدخل العسكري الامريكي ، فأن ايران كانتْ تدرك ، بأن الاحزاب " الشيعية " العراقية ، سوف يكون لها الدَور الأبرز في العراق الجديد ، غير ان سوريا شعرتْ بالخطورة أكثر بوجود القوات الامريكية ، بمحاذاة خاصرتها الشرقية .. وهنا إختلطتْ الاوراق .. فإيران التي من المفروض ان تكون المُستفيد الرئيسي أقليمياً من التغيير في العراق ، بوجود أحزاب موالية لها في السلطة ، فأنها إنتهجتْ سياسة براغماتية يشوبها الكثير من الغموض .. فمن ناحية كانت تستقبل يومياً وفوداً من قيادات الشيعة العراقيين للتنسيق والتفاهم ، وسارعتْ الى فتح سفارة في بغداد وقنصليات عديدة ، علنية ورسمية ، ولكن في نفس الوقتْ ساهمتْ في تأزيم الاوضاع بدعمها ورعايتها للعديد من الحركات الحديثة التكوين والمتطرفين ، وتًتَهَم المخابرات الايرانية بالقيام بالكثير من عمليات الاغتيالات والتصفيات والتخريب والسرقة . هذا الأمر لم يكن بمعزلٍ عن ذراعها اللبناني حزب الله . فالدَور المُناط بحسن نصر الله ، كان لا يتفق مع ظاهر الأشياء : إيران هي حليفة معظم الاحزاب الشيعية العراقية الحاكمة ، وحزب الله المدعوم من ايران أيضاً ، يُعلِن في مناسبات عديدة ، عن تأييدهِ لل " مقاومة " العراقية التي تُحارب الامريكان و " الحكومة العراقية العميلة " ! .. إيران لاتستطيع ان تُعلِن تأييدها الصريح " للمقاومة العراقية " ، وحتى سوريا الرسمية المتمثلة بالحكومة ، لاتفعل ذلك .. فمن الأنسب ، ان يقوم حزب الله اللبناني ، بهذا الدَور !. وهي رسالة مُزدوجة ، الى طَرَفَين : الى تيار المالكي ومؤيديهِ ، الذي [ يُحاول ] جهده الإبتعاد قّدر الإمكان ، عن التأثيرات الايرانية عليهِ ، فتُحذره بأن أوراقاً قوية لازالتْ بحوزة ايران ، تستطيع إستخدامها ، إذا إضطرتْ ، لإسقاط المالكي !. والى الطرف الآخر ، الأمريكي .. لتذكيرهِ ، بالعواقب الوخيمة ، لأي هجومٍ أمريكي أو إسرائيلي على ايران .. وما كانتْ أحداث البحرين إلا إختباراً وتحَرُشاً بدولٍ فيها قواعد أمريكية كبيرة ، وتمريناً لأحداث متوقعة في السعودية والكويت واليمن ، ليسَ حزب الله اللبناني ، بعيداً عنها ، لا سيما من ناحية التدريب والدعم اللوجستي والخبرة ... بل ان حزب الله يلعب دوراً مهماً اليوم على الساحة السورية ، ومما يؤسف انه دَور مُضاد للإنتفاضة الشعبية ، ومُساند للنظام الفاشي البعثي ... كما هو واضح ، فأن السياسة ليست أبيض وأسوَد .. ولا هي خطٌ مُستقيم ، بل ان الغالب هو وجود العديد من المنعرجات والإلتواءات غير المُتوقعة ... إذا سألتَ قُروياً بسيطاً في الجنوب اللبناني عن رأيهِ بحزب الله وحسن نصرالله ، فعلى الأرجح انه سيمتدحه ويعلن تأييده الكامل له ، وهو مُحِقٌ في ذلك ، لأن الإنجازات قائمة على الارض .. وإذا سألتَ آخر في بيروت ، ربما يقول ، ان حسن نصرالله هو عامل تهديد دائم للأمن في لبنان عموماً لانه لايسمح بقيام دولة موحدة وحكومة قوية ، وهذا ايضاً له تبريراته المُقنِعة الى حدٍ ما . في العراق .. هنالك مَنْ يعتبره بطلاً ورمزاً للمقاومة وفيهم السني والشيعي .. وآخرون يرون فيهِ عميلاً في خدمة المصالح الايرانية فقط . شخصياً .. أعتقدُ انه مزيجٌ من كُل هؤلاء !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حاجتنا الى تَطّور حقيقي في الأقليم
-
إتفاقية عراقية امريكية جديدة ، على الطريق
-
الرئيس ونُواب الرئيس !
-
وعود قادة العراق .. والمصداقية
-
الحكومة .. وكيس التبغ !
-
المصيبة الكبيرة ، تُنسينا المصائب الصغيرة
-
بعض ما يجري في إيران
-
المالكي / التيار الصدري .. التحالف القَلِق
-
مخاضات الثورة المصرية : إمبابة وعُمر أفندي
-
بغداد والأقليم .. ترابُط السلبيات
-
مِنْ أينَ لكُمْ هذا ؟
-
في العراق .. كُل شيء طبيعي
-
إبداعٌ وإجتهادْ .. في النهبِ والفسادْ
-
- هند النعيمي - قائدة المُستقبَل
-
المالكي وتحالفاته الشيعية
-
أمريكا صنعتْ بن لادن .. أمريكا قتلتْ بن لادن
-
الثورة في مصر والتغيير في العراق
-
هل يستقبل العراق لاجئين من سوريا ؟
-
حكومتنا .. وعُقدة مصطفى الشكرجي !
-
المسؤولون .. بأي دينٍ يدينون ؟
المزيد.....
-
ما هي وجهة نظر ترامب عندما طرح مسألة -تغيير النظام- بإيران؟
...
-
واشنطن تتحسّب لردّ إيراني: هجمات سيبرانية محتملة قد تستهدف م
...
-
ترامب: إسرائيل وإيران وافقتا على وقف لإطلاق النار
-
هجمات صاروخية إيرانية مع بدء وقف النار بين إسرائيل وإيران
-
الحرب مع إيران تكشف فشل منظومة الحماية المدنية الإسرائيلية
-
قتلى إسرائيليون بهجوم إيراني على بئر السبع
-
إسرائيل وإيران.. ترامب يشعل الذاكرة بـ-حرب الأيام الـ12-
-
بدء سريان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل
-
فيديو.. لحظة سقوط صاروخ إيراني في بئر السبع
-
وسائل إعلام إيرانية تعلن عن اتفاق وقف إطلاق النار: -فُرض على
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|