أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امين يونس - حاجتنا الى تَطّور حقيقي في الأقليم














المزيد.....

حاجتنا الى تَطّور حقيقي في الأقليم


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3368 - 2011 / 5 / 17 - 11:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كعادة معظَم سائقي التاكسيات ، عندنا .. في مَيلهِم الى تبادُل الحديث مع الرُكاب .. قالَ لي : لقد تطورتْ مدينة دهوك كثيراً عن السابق . سألتهُ : كيف ؟ قالَ : قبل خمسة عشر سنة ، كانتْ مُديرية الزراعة المتكونة من سبعة طوابق فقط ، علامةً فارقة وأعلى بناية في دهوك ! ، أما اليوم فترى مئات العمارات السكنية والتجارية العالية ، حتى ان البناء جارٍ في عمارة إرتفاعها أكثر من عشرين طابق .. إستاذ هل يُمكن إعتبارها بُرجاً ؟!.. فسألته : وهل تعتقد ان التطور والتقدم يكمنان في عدد وإرتفاع البنايات ؟ قال بِكُل ثقة : طبعاً .. والله ... الواحد مِنّا يجب أن يفتخر بهذهِ المدينة .. ثُم هل تعلم كم مطعماً راقياً اُنشأ هنا ؟ ، لا بل حتى المراقص موجودة وكذلك الكازينوهات والمقاهي التي تخدم فيها فتيات أجنبيات جميلات .. قال ذلك وهو يضحك وكأنما نطقَ بِحِكمة ! .. كنت قد وصلت الى وجهتي ، فنزلت بدون تعليق .
كنتُ قد أشرتُ في مقالات سابقة ، الى تجربة " النمور الآسيوية " في منتصف التسعينيات ، وكيف ان دولاً مثل سنغافورة وماليزيا وتايلند ، مّرتْ بمرحلة شهدتْ فيها طفرة كبيرة ، من خلال الإنتعاش السريع والإنفجاري في قطاعات من إقتصادياتها ... وكان من النتائج الثانوية ، لهذهِ الظاهرة ، هو الإرتفاع الجنوني لأسعار العقارات والأراضي في داخل المدن الرئيسية وبناء آلاف الأبراج العالية ، التي شغَلتْها في ذروة الإنتعاش ، الشركات الاستثمارية الكثيرة المتواجدة .. غير ان هذه الفترة إستمرتْ لبضع سنوات فقط كالعادة .. ثم بدأت هذه الشركات بالبحث في أماكن اُخرى وفُرص أكثر ربحاً ... بحيث ان نسبة عالية من هذه البنايات والشقق ، أصبحت خالية ومنذ ذلك الوقت ، بل انها غدَتْ عبئاً على مالكيها . عموماً ، هذه الدول .. إستفادتْ كثيراً من التجربة ، وكانتْ تمتلك أساساً ، ثروة بشرية من مواطنيها المُنتجين وقطاعاً خاصاً محلياً نشطاً ومُثابراً ، وكّرستْ الحكومات قوانين مُنسجمة مع التطورات الجارية ، وتقدمتْ هذه الدول في مجال الشفافية وحقوق الانسان والديمقراطية ، في السنوات الاخيرة ... فكانتْ كُل هذه الإنجازات ، عوامل مُساعدة في تطورها ، في مجالات الصناعة والسياحة والزراعة والتكنولوجيا ... ونجحتْ أيضاً في تجاوز الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية .. بفضل إقتصادها المُنّوَع ، وإعتمادها الرئيسي على الإنتاج والتصنيع والسياحة .
أما ما يحدث عندنا .. فالأمر مُختلِف تماماً .. فليسَ سائق التاكسي أعلاه ، هو الوحيد الذي يتصور ، أننا نتقدم لأننا نبني عمارات عالية ، ونتطوَر لأن لدينا الكثير من المطاعم والكازينوهات .. بل ان الخطاب الرسمي والإعلامي ، يسير بنفس الإتجاه .. مُتناسينَ بأنه لم يتم إستغلال وتطوير الطاقات الكامنة ، سواء منها البشرية أو الطبيعية .. بل بالعكس من ذلك ، فان الإعتماد صارَ يتزايد على الإستيراد ، وفي كافة المَجالات .. حتى في تلك التي كانتْ في الماضي القريب ، مجالاً للإنتاج المحلي وللتصدير أيضاً ، مثل الفواكه والخضروات واللحوم والدجاج والبيض .. الى درجةٍ ، سّلَمنا رقبتَنا الى دُول الجِوار تركيا وإيران وسوريا ، وإعتمدنا عليها في إستيراد كُل شيء تقريباً ... ولم تعد هنالك فقرة أسمها " الأمن الغذائي " .. فحين يكون طعامك بالكامل يأتي من وراء الحدود ، ففي الحقيقة ، أنتِ مُجرد تابع ، يستطيع الآخرون فَرض شروطهم عليك !.
ان الجانب الشمالي من مدينة دهوك ، اليوم ، دليلٌ على ما ذكرتُ أعلاه .. فالشارع التجاري الرئيسي فيهِ العشرات من العمارات العالية ، والطوابق الارضية مشغولة وبإيجارات غالية ، بمحلات تجارية " إستهلاكية " والطوابق العُليا ، فارغة لايسكنها أحد ، بل ان هنالك المئات من البنايات والشقق الفارغة في المدينة .. لا أدري حسب أي توقعات أو دراسات جدوى ، قام هؤلاء ببناء هذه العمارات ؟ إذا كان في مخيلتهم ، ان " السياحة " في القريب العاجل ، ستملأ هذه الشقق ، فأعتقد انهم واهمون ، لأن تكاليف الذهاب الى تركيا المجاورة أو سوريا أرخص من دهوك وإمكانياتها السياحية أفضل بمراحل .. ومن الناحية الاخرى ، ليس هنالك مشاريع إنتاجية تُذكر في المدينة وأطرافها ، بل كل " الحركة " الإقتصادية الجارية ، هي عبارة عن شركات تركية على الأكثر وغيرها من الجنسيات ، وبالمشاركة مع بعض الشركات والجهات المحلية ، في مشاريع تجارية إستهلاكية غير مُنتِجة .. وهذا النوع من الحِراك الإقتصادي ، لا يُساهم بالتأكيد في تطوير البلد ولا في تنمية مواردهِ البشرية ، مع الأسف !. لحد اليوم ، وكعادتنا ، إقتبسنا أسوأ ما في تجارب دول شرق أسيا والخليج العربي ، وأخذنا منهم [ قشور ] التقدم فقط ، مثل " المظاهِر " والبنايات العالية .. ولم نقتدي بهم ، في التنمية البشرية ولا سيما طاقات الشباب ، ولا وضعنا اُسساً متينة لمشاريع إنتاجية حقيقية ، أو صناعة سياحية مُثمِرة .



#امين_يونس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إتفاقية عراقية امريكية جديدة ، على الطريق
- الرئيس ونُواب الرئيس !
- وعود قادة العراق .. والمصداقية
- الحكومة .. وكيس التبغ !
- المصيبة الكبيرة ، تُنسينا المصائب الصغيرة
- بعض ما يجري في إيران
- المالكي / التيار الصدري .. التحالف القَلِق
- مخاضات الثورة المصرية : إمبابة وعُمر أفندي
- بغداد والأقليم .. ترابُط السلبيات
- مِنْ أينَ لكُمْ هذا ؟
- في العراق .. كُل شيء طبيعي
- إبداعٌ وإجتهادْ .. في النهبِ والفسادْ
- - هند النعيمي - قائدة المُستقبَل
- المالكي وتحالفاته الشيعية
- أمريكا صنعتْ بن لادن .. أمريكا قتلتْ بن لادن
- الثورة في مصر والتغيير في العراق
- هل يستقبل العراق لاجئين من سوريا ؟
- حكومتنا .. وعُقدة مصطفى الشكرجي !
- المسؤولون .. بأي دينٍ يدينون ؟
- إختلاف الآراء


المزيد.....




- الأمن الأردني يعلن سقوط طائرات مسيرة و-أجسام مشبوهة- في عدة ...
- من أسرّة المستشفيات في طهران.. إيرانيون أُصيبوا بالغارات الإ ...
- الجيش الإسرائيلي يكشف إجمالي عدد المسيرات الإيرانية على البل ...
- -معركة شرسة- داخل الدائرة المقرّبة من ترامب بشأن التعامل مع ...
- -حبوب منع الشخير-.. أخيرا قد يستمتع شريك حياتك بنوم هادئ!
- الولايات المتحدة: خوف وغضب واحتجاجات ضد شرطة الهجرة -الملثمة ...
- شاهد.. استقبال حاشد للنيجيري صادق بعد عودته إلى بلاده لقضاء ...
- وسيم الأسد تاجر المخدرات الذي ساهم بقمع معارضي النظام السوري ...
- هل تنهار إستراتيجية إيران العظمى؟
- عراقجي يحذر من انضمام واشنطن للحرب وماكرون يتحدث عن تسريع ال ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امين يونس - حاجتنا الى تَطّور حقيقي في الأقليم