أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير دعيم - البنت النبيلة - قصّة للأطفال














المزيد.....

البنت النبيلة - قصّة للأطفال


زهير دعيم

الحوار المتمدن-العدد: 3321 - 2011 / 3 / 30 - 19:20
المحور: الادب والفن
    


ما أن بدأ شهر آذار مشواره في روزنامة السنة ، حتى علت البسمة وجه هبة، فهي تنتظره بشوق كبير ، وتتمنّاه منذ أمد بعيد ، وها هو يحلّ على الكون بوجهه الربيعيّ حاملا معه الأزهار والرياحين والبسمات.
وهبة – لمن لا يعرفها- طفلة لطيفة في العاشرة من عمرها ، حنطية البشرة ، سوداء الشّعر والعينين ، دمثة الأخلاق ، تعشق الكتاب والموسيقى وعلبة توفير تُغذّيها يوميًا بشاقل أو أكثر من مصروفها ، وتعدّ نقودها بين الفينة والأخرى ، وقد كان فيها في المرّة الأخيرة حوالي مائة شاقل.
أخذت هبة تُفكّر في الهدية التي ستشتريها لأمها في عيد ميلادها ، وكانت تريدها مفاجأة ، ولكن ماذا تفعل وأخوها سمير باح بالسّرّ ، ممّا حدا الى أن لامته ووبّخته، ثم ما لبثت أن عادت تلاطفه وتلاعبه وسط ضحكات امّها وهمسات أبيها.
لماذا هذه التفرقة يا هبة ؟ قالها الأبّ مازحًا ...
فضحكت هبة ضحكة خجولة وقالت أيّار على الأبواب يا أبي وسيكون لك ايضًا هدية ، فأنت تستحقّ وأكثر..
عانق الأب ابنته بحنان قائلا : أريدك سعيدة يا بُنيتي ، فهذه هي هديتي.
مرّت الأيام بطيئة ، وهبة تنتظر وتفكّر فيما عساها ان تشتري في اليوم الأخير من آذار ، وتريد هذه المرّة أن يكون نوع الهدية سرًّا.

اقترب العيد ... فمع مساء الغد ستحتفل العائلة بعيد أغلى الحبايب.
نامت هبة والأحلام تُدغدغ خيالها ، فغدًا ، نعم غدًا وبعد الانتهاء من اليوم الدّراسيّ – ويا ليته كان يوم عطلة- ستمرّ على دكّان التُّحف الذي طالما وقفت أمامه طويلا لتشتريَ هدية راقبتها منذ أمد طويل ، وسألت عن ثمنها مرارًا.
طلع الصُّبح فهرولت هبة الى العلبة الصغيرة تعدّ ما فيها من نقود : إنها مائة وعشرون شاقلا بالتمام والكمال ، وهذا يفي بالمطلوب ويزيد.
ابتسمت هبة ورفعت الى الله صلاة شكر صغيرة ، ثمّ سرّحت شعرها الليليّ وتناولت فطورها مع الاهل ، وسارت مع سمير الى المدرسة.
مرّت الدروس بطيئة ، وكانت تريدها أن تركض بل أن تقفز ، وليس من عادتها ذلك ، ولكن ما العمل وهي تريد أن تكافيء الامّ في عيد ميلادها .
وتنفّست هبة الصعداء مع قرس الجرس الأخير ، فحملت حقيبتها وأسرعت نحو دكّان التُّحف.
وعلى قارعة الطريق شاهدت هبة أمًّا تجرّ رِجلها العرجاء والدّموع تسيل على خديها ، وهي تحمل طفلة صغيرة رثّة الثياب ...تسير خطوات وتقعد لتستريح ...وفي تلك اللحظة مرّ شابّ فمدّت الام يدها نحوه مستعطية ، فدفعها الشّاب دفعة قوية كادت أن تسقطها أرضًا ، وتابع سيره مُقهقهًا.
سالت الدّموع حارقة على خدّي هبة أمام هذا المشهد المؤثّر وتنهدت وهزّت رأسها بحسرة ، ثمّ ما لبثت أن مدّت يدها الصغيرة الى حقيبتها وأخرجت العلبة الصغيرة الغالية وبدون تردّد توجهت نحو الأمّ العرجاء وأعطتها إياها.
راحت السيدة تشكر الطفلة النبيلة بسيل من الدّعاء والشّكران.
غيَّرت هبة طريقها ، فقد سارت نحو البيت والفرحة تملأ فؤادها الصغير ، والبسمة ترتسم على مُحيّاها الجميل ، فدخلت البيت وقبّلت أمّها قائلة :
"كلّ عام وأنتِ بخير يا أمّاه... أعذريني فقد فقدت علبة النقود ، لقد أضعتها وكان الأجدر بي ألا آخذها معي ، فتّشت عنها كثيرًا ولكن للأسف لم أجدها ...عُذرًا "
ربّت الأب على كتفها وتبسّمت الأم قائلة : لا ضيْر يا صغيرتي ، فكلّنا مُعرّض لمثل هذه الامور ، تكفينا ابتسامتك الحلوة يا هبة ، فهي أغلى من كلّ الهدايا "
لم يمضِ وقت طويل حتى عاد سمير الصغير والشّقيّ من المدرسة لاهثًا ، وهو يحمل حقيبته الثقيلة على ظهره ، واندفع نحو غرفة هبة صارخًا وسط دهشة الوالدين : " أين الحمقاء ؟ أين هبة الحمقاء التي كرُمت على الشحّاذة بالتوفير ؛ كلّ التوفير ، هكذا أخبرني الطلاب ..."
بكت أمّ هبة فرحًا ، وعانق ابو سمير ابنته وطبع على جبينها قبلة مملوءة بالحنان والتقدير : كنت كبيرة يا هبة في عيوننا ، واليوم كبرتِ أكثر وأكثر ، نعتزّ بك يا صغيرتنا ، فالعيد الحقيقي هو أن نُدخلّ الفرحة الى قلوب الحزانى والفقراء والمعوزين، ونمسح الدمعة من عيون اليتامى ". فهزّت الام رأسها وكأنها تقول نعم.

ونامت هبة تلك الليلة نومًا هنيئًا ما نامته من قبل .



#زهير_دعيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزنزانة والمرأة الغريبة
- أمّي لحن الوجود
- مملكة النهر العظيم - قصة للأطفال
- إنّي أعترف
- بين جزيرتي سانت هيلانة وبطمس
- المُهرّج والخيمة
- جورجيت قليني والحُلم المشروع
- قلم الباركر- قصّة للأطفال
- لا تبكي يا إسكندريّة
- حبّو ساكن في ضْلوعي
- ميلادك أحلى عيد
- الوصفة العجيبة
- يا ناقشني على كَفّيكْ
- املأ سواقينا يا ربّ
- أيّها الشرق...نحن باقون
- لا تشتهِ ما لغيرِكَ ( قصّة للأطفال)
- الحُبُّ ديْدنُهُ
- فلسفة السّماء وفلسفة الأرض
- شرف العائلة القاني
- الفرخ الشّقي-قصّة للأطفال


المزيد.....




- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير دعيم - البنت النبيلة - قصّة للأطفال