أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق أبو شومر - ما سرُّ عبقرية محمود درويش؟














المزيد.....

ما سرُّ عبقرية محمود درويش؟


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3318 - 2011 / 3 / 27 - 09:00
المحور: الادب والفن
    


ستظل قصائد الشاعر الكبير محمود درويش نبعا نستقي منه عبقرية الإبداع والجمال الشعري سنواتٍ طويلة، لأن الشعراءُ والمبدعين أمثال محمود درويش لا يُدفنون عندما يموتون، بل يتحولون إلى سمادٍ رائع للإبداع، ونسماتٍ وعطورٍ وباقات ورودٍ لا تذْبُلُ أبدا.
كثيرا ما ساءلتُ نفسي:
هل يعودُ إبداعُ محمد درويش وعبقريته الشعرية إلى ارتباط شعره بنضالنا الفلسطيني، مما يجعل شعره مجردَ لوحاتٍ دعائية نضالية، كما قال بعض أشباه النقادِ في سبعينيات القرن الماضي، وهويُقدِّمُ نقدا لبعض قصائد محمود درويش في معرض احتفالٍ أدبي، كنتُ أحضُرُهُ، لدرجة أنه قال:
لولا قضية فلسطين، لما سمعتم بمحمود درويش، فعبقريته تكمنُ في قضيتِهُ؟!!
أم أن لإبداع محمود درويش سماتٍ ، تجعله مختلفا عن بقية الشعراء، سماتٍ تجعله مثل حكيم الزمان المتنبي، وشبيها بفيلسوف الشعراء أبي العلاء المعري، والزاهد أبي العتاهية، والوصّافِ ابن الرومي والبحتري؟
أم أن إبداعه يعود إلى شيء آخر، يمكننا أن نسميه عبقرية التحدي؟
نعم إنها عبقرية التحدي، ولا أقصد فقط بالتحدي، المعاني التي تتحدى المحتلين، وتتحدى الواقع المرير الذي يعيشه الفلسطينيون، عندما كان يقول:
(سجِّل أنا عربي .... أنا آكل لحم مغتصبي) أو يقول:
(شُدُّوا وِثاقي وامنعوا عنى الدفاتر والسجائر، وضعوا التراب على فمي...سأقولها في غرفة التوقيف في الإسطبل، في الحمام، تحت السوط، في عنف الزلازل:
مليونُ عُصفور على أغصانِ قلبي تخلق اللحن المُقاتل).
بل أقصد أيضا تحدي الفنون الشعرية المعتادة،والقوالب التقليدية للشعر العربي كله، وذلك بنحت قوالب شعرية جديدة، وابتكار رؤى شعرية مستحدثة،واستخدام الأساطير والأقوال والحكم، وسبك قالب شعريٍّ جديد.
فهو يقول مبتدعا صورة عُرْسٍ فلسطيني :
(هذا هو العُرس الفلسطينيُ... لا يصلُ الحبيبُ إلى الحبيب.. إلا شهيدا أو شريدا).
ويقول مستوحيا أسطورة العنقاء:
(في الناي الذي يسكننا نارٌ... وفي النار التي نوقدها عنقاءُ خضراءُ.. وفي مرثية العنقاء لم أعرف رمادي من غُبارك)
ويقول ناحتا معنىً جديدا من إغماد السيوف :
(أغمدتُ رِيْحا بخاصرتي... كنتِ أنتِ الرياحَ، وكنتِ الجناح.. وقد كنتُ أستأجر الحلم.. وفي آخر الأرض أرجعني البحر) .
ويقول مستوحيا تراثنا الشعري الأصيل مُعارضا بيتَ المتنبي:
(على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ... وتأتي على قدر الكرامِ المكارمُ) يقول:
( على قدر خيلي يكونُ المساء..وكان التتار يدسون أسماءهم في سقوف القرى كالسنونو... وكانوا ينامون بين سنابلنا آمنين... ولا يحلمون بما سوف يحدثُ بعد الظهيرة.. حين تعود السماء رويدا رويدا... إلى أهلها في المساء)
نعم إن لمحمود درويش عبقرية التحدي في النوعين السابقين، ففي تحديه الوطني الواضح جمالٌ فنيٌّ أدبي،و تظهرُ في معظم قصائده عبقرية فيلسوفٍ مُجَرِبٍ ويمزج تحديه الإبداعي بسبائكه اللُغوية ، ويُعْمِل ذائقته الأدبية في تخليق الحِكَم ، وفي إعادة صياغة الموروث في الأوزان والقوالب.
إن عبقرية التحدي الدرويشية ترقى إلى مصاف عظمائنا الأولين من الشعراء والأدباء، هذه العظمة أدركها أدباءُ العالم ومفكروه، فترجموا قصائده إلى لغاتهم، وصاغوا النقد الأدبي في الجامعات الأجنبية والمعاهد، ليفككوا عبقرية درويش المختفية بين حروفه وجمله وأوزانه ومعانيه ، لعلهم يظفرون بسر عبقريته الفذّة.
أما نحن، أهله، وذووه ، فقد انقسمنا قسمين، قسما يُسبِّح بحمد الشاعر بدون أن يُبلور صيغةً، تجعل من عبقريته مائدةً لأبنائنا، يقتاتون منها، ليُثروا ويُنيروا عقولهم، وقسما آخر أخذ على عاتقه مهمة تدمير آثار الشاعر، والتشكيك في نبوغه، فهو عند بعضهم كان يحمل جواز سفر إسرائيلي ويسير تحت نجمة داود، وعند بعضهم الآخر لا تظهر على جباه أشعاره سيماء الالتزام بالموروث التقليدي!
وهكذا سنظل نقف على رصيف المبدع محمود درويش، بدون أن نستوحى من إبداعاته الشعرية الهندسية رسما جديدا آخر، يحمل جينات الشاعر العبقرية، ويحمل جينات مستقبل أجيالنا الواعدة.



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرض القهر التراكمي
- المستبدون في كتاب محظور
- كاوبوي إسرائيل
- هل سيصمد مفاعل ديمونا للزلازل؟
- ألفية صراع الأعراق
- من مقامات الحاكم بأمره
- ذكرياتي مع العقيد
- قانون حنين زعبي وعزمي بشارة
- حكام بعقود
- تحليل إسرائيلي 2011/2/12
- أركاننا وأركانهم
- بكائية على أطلال الإعلام
- أمراء التطهير العرقي
- وداعا مائير داغان
- هههههه
- ترسانة التربية والتعليم
- الموت لكل العرب
- فضائيات الدمار الشامل
- بطولة أولمبياد الحكومة العنصرية
- اذكروا محاسن لغتكم العربية


المزيد.....




- مصر.. عمر هلال يجمع أحمد حلمي وهند صبري في فيلم -أضعف خَلقه- ...
- فنانة سورية تصبح سيدة نيويورك الأولى...من هي ؟
- صوّر في طنجة المغربية... -الغريب- خلال استعمار الجزائر في قا ...
- يتناول ثورة 1936.. -فلسطين 36- يحصد الجائزة الكبرى في مهرجان ...
- -صهر الشام- والعربية والراب.. ملامح سيرة ثقافية للعمدة ممدان ...
- انطلاق أعمال المؤتمر الوطني الأول للصناعات الثقافية في بيت ل ...
- رأي.. فيلم -السادة الأفاضل-.. حدوتة -الكوميديا الأنيقة-
- -المتلقي المذعن- لزياد الزعبي.. تحرير عقل القارئ من سطوة الن ...
- موفينييه يفوز بجائزة غونكور الأدبية وباتت الفرحة تملأ رواية ...
- السودان.. 4 حروب دموية تجسد إدمان الإخوان -ثقافة العنف-


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق أبو شومر - ما سرُّ عبقرية محمود درويش؟