أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - توفيق أبو شومر - أمراء التطهير العرقي















المزيد.....

أمراء التطهير العرقي


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3257 - 2011 / 1 / 25 - 08:51
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


أرسل لي أحدهم رسالة يقول فيها:
"ما أروع قلمك ناقدا لحالنا! وما أبخله في نقد الحكام العرب! وكأنك تخشى نقمتهم، أو تطمع في منحتهم ، فأين قلمك مما يجري في تونس؟!
أنا لا أجيد الكتابة في المناسبات، ولا أحب أن أخوض فيها، لا لأنني لا أهتم بها، ولكنني أؤمن بأن أكثر الكتابة اللحظية ،هي كتابة عضلية، لا تدوم طويلا ، بل إنها تذوي بمرور الوقت .
وما أكثرَ كاتبي العضلات في هذا العصر!! فهم يماثلون تماما الصحفيين والمحللين السياسيين ، وهم يصفقون ويمقتون ويتهمون، ويُقرِّبون ويُبعِدُونَ، ويُبرِّئون ويُعدِمون ، وأكثر هؤلاء يندمون على ما كتبوا بعد وقت قليل من كتابتهم.كما أن كتاباتهم قد تُعجب كثيرين ، وقد تُغضب كثيرين أيضا!
كتبتُ مقالاتٍ كثيرةً عن الشعوب وحالها ، وعن الأوطان ومآلها ، وعن الزعماء وصفاتهم، وعن أحوال أمتنا العربية ، وسأظل أردد بعض أبياتِ الشاعر نزار قباني ، الذي وصف طائفة الكتاب - سالفي الذكر- ممن يركبون موجة الحدث، ثم يغيرون جلودهم تحت أول جذع شجرة يجدونها في طريقهم.فهو يقول عنهم:
" الحاملون دفوفهم وطبولهم
فبكل عرسٍ سُلطويٍّ يَدبكون ويرقصون
ولكل طاغيةٍ يُضيئون الشموعَ ، فيسجدون ويركعون
هل هؤلاء طليعةٌ ثورية، أم باعةٌ متجولون؟!!"
إن أكثر الأمثال شيوعا في أوطان العرب :
" الناس على دين ملوكهم"وكان مفروضا في مجتمعات الحريات أن يكون المثلُ عكسَ ذلك" الملوك على دين شعوبهم" وأكثر الأمثال شيوعا أيضا " الصبرُ مفتاح الفرج"
لقد افتنَّ حكامُ العربُ منذ أزمان طويلة في صك قوالب (ألجمة الشعوب)، فاستحدثوا أولا أمثالا وحكما، ووضعوا أحاديثَ وقصصا وأقوالا تُجبر العوامَ على اعتبار أمرائهم من نسل إلهي مقدس، ثم نحتوا ألقابا دينية تمنحُ للحكام والأمراء والولاة والأئمة والوزراء ومن في حكمهم، ألقابَ الجلالة والفخامة والسمو والرفعة والشرف والإمامة ،والعطوفة والنيافة والسماحة والأبوة والسعادة، فهم (بتواضع) أنصاف آلهة ، أو ( بلا تواضعٍ) أربابٌ يعبدون، لذا يجب أن تُقدَّم لهم فروضُ القرابين في أشكال شتَّى من الخنوع والخضوع، وأخرجتْ شعوبٌ أخرى أمراءها من حالة البشرية، ونحتوا لهم تماثيل، وحنطوهم صورا في الشوارع والبيوت والصدور، ونحتوا أيضا أسماء لهم تعزز ألقابهم السابقة، فظهرتْ أسماء:
القاهر والناصر والعزيز والمُعزّ وحتى المجاهد الأكبر !
وهكذا صار الخروج والثورة والتمرد وحتى النقد البريء الذي يهدف للتغيير والإصلاح، خروجا على الله!!
فهذا ابن هانئ الأندلسي يمدح الخليفة المعز لدين الله قائلا:
ما شئتَ لا ما شاءتْ الأقدارُ ... فاحكم فأنت الواحدُ القهَّارُ
هذا الذي تُرجَى النجاةُ بحبه ... وبه يُحَطُّ الإصرُ والأوزارُ
هذه إذن صيغةُ كثير من الزعماء عند بعض الشعراء، ولم يستهجن كثيرون هذه الأبيات، فقد ظلتْ تُروى طوال العصور لتشير إلى عقيدة عربية راسخة في تأليه الحكام والمسؤولين.
وظلَّ التاريخُ يحفظ سير الطغاة العرب في القصص والحكايا، وأدخلوه في سفر البطولات العربية، واستمرّ عشقُ العرب لكثير من الطغاة، وعلى رأسهم زياد ابن أبيه الذي تفتخر به كثيرٌ من الكتب لا لإنجازاته الاقتصادية ولا لعدله وحسن سياسته، بل لأنه هو أول من فرض حظر التجول في التاريخ على أبناء شعبه!!
وخطبته التالية تدخل في النصوص المدرسية المقررة، ويُجبر كثيرٌ من الطلاب على حفظها، على الرغم من أنها تُناقض كل القيم والعدالة والديمقراطية، فهو يقول مهدِّدا أهل البصرة المساكين:
" حرامٌ عليَّ الطعامُ والشراب حتَّى أُسويها بالأرض هدما وإحراقا ، وإني لأقسم بالله لآخذن الوليَّ بالمولى، والمقيمَ بالظاعنِ، والمقبلَ بالمُدبرِ، والمطيع بالعاصي، والصحيحَ بالسقيم، حتى ليلقى الرجلُ أخاه فيقول: " انجُ سعد ، فقد هلكِ سُعيد" !!
وتغنَّى المدرسون والطلابُ بأقوال الحجاج بن يوسف الثقفي وهو يُهدد أهلَ العراق:
" والله لأعصبنكم عصبَ السلمةِ، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل، وإني والله لا أعدُ إلا وفيت"، وإني لأرى بين العمائم والِّلحى رؤوسا قد أينعتْ وحان قطافها، وإني لقاطعها!!
ولم نلتفت كثيرا لقصة التطهير العرقي الذي مارسه بعض الخلفاء العباسيين للسلالة الأموية، فقد ارتكب السفَّاح أبشع الجرائم ،حين قتل بقايا الأمويين الهاربين، رجالا ونساء وأطفالا، وتناول وجبة غدائه على وقع أنينهم في يافا!
ولم نتفق بعد على طبيعة أحد زعمائنا ، وهو الحاكم بأمر الله الذي جعل شعبه ينام نهارا ، ويعمل ليلا على أضواء الشموع، وعندما ثار عليه شعبه أحرق القاهرة ، كما وصفه أعداؤه ، أما أنصاره فجعلوه وليا من أولياء الله ، وأصعدوه إلى السماوات العلا، وهم إلى اليوم ينتظرون عودته بفارغ الصبر!
وكان هذا بالضبط ما حدث لنيرون روما المتهم بحرقها!
وقد تخلَّصتْ شعوبٌ كثيرةٌ من هذه العقدة ، عقدةِ تأليه الزعماء، عندما تفتَّحتْ عقولُ أبنائها بالحريات والديمقراطيات، وقد دفعتْ ثمنا باهظا للشفاء من عقدة تأليه الحكام والأمراء، فقد تخلصت من ربقة المشعوذين، تجار الرقيق ، وسفَّاحي الحريات، ممن نسجوا من الأديان حبائل لصيد فرائسهم، ووظفوا الأخلاق والعادات والتقاليد وصولا إلى الأنظمة الحزبية الديكتاتورية لتكريس العبودية والذلة والتبعية بين أفراد الشعب، لتخدم الحاكم الفرد وأشياعه.
إن الأنظمة الديكتاتورية القمعية في العالم العربي وغيره من أقطار العالم الأخرى، تعمل وفق تكنيك واحدٍ معروف، يعتمد سياسة التجهيل والتضليل لشعوبهم باستخدام التقاليد والعادات والأعراف القبلية تارة، وتوظيف الدين لخدمة مصالحهم تارة أخرى ، وهم يعمدون أيضا إلى إحداث معاهد الفساد والإفساد ، يُخرجون فيها المفسدين، ليُبرروا فسادهم وليسكتوهم، وهم يدربون أبناء شعبهم أيضا على احتمال الظلم والطغيان، بوسائل شتى، فهم يستخدمون (سلاح) الوظائف، فيحتكرونها ، ولا يمنحونها إلا لأشياعهم ومقربيهم، ويجعلون الفقر والفاقةَ قدرا مفروضا من الله،على الغالبية العظمى من شعوبهم، أما بطرُهُم وثراؤهم ، فهو اصطفاءُ لهم أيضا من الله !
وهم أيضا يفرضون على أبناء شعبهم أن يتحولوا إلى خدمٍ لهم ولمشاريعهم ولسلطانهم، ويحولون خيرة أبناء شعبهم إلى حراسٍ شخصيين لأنظمتهم ولأبنائهم وأهلهم ، وقد يُضللون شعوبهم، فيفرضون الجندية على كل الشباب الذين يخشونهم، ويوهمونهم بأنهم عندما يصبحون جنودا لخدمتهم ، فهم يكونون حينئذٍ جنودا للوطن!
إن ألفيتنا يجب أن تسمى بلا منازع (ألفية الشباب) بطموحهم وأملهم ورغبتهم في الحياة الحرة الكريمة، فقد اكتسب هذا الجيل الجديد من نوع (الشباب الرقمي) خبرة كافية لتمييز الظلم والطغيان، ولم يعد الشعار المُضلِّل البائد مقنعا لهم، والشعارُ هو:
( لا يَصلحُ الشباب لإدارة شؤون البلاد لنقص خبرتهم).
وأصبح الشباب قادرين على تحقيق أحلامهم بكفاءتهم وقدراتهم وطموحهم، فلا غرابة إذن أن يكونوا هم وقود ثورة الحريات والديمقراطيات في أوطانهم!
وأخيرا هل نحن مقبلون على عصرٍ تزول فيه أنظمة الحكومات بمفهومها التقليدي البائد، وتتحول الحكومات إلى هيئات ولجان وجمعيات، تخدم دول صناديق إمبريالية المال الكبيرة ، وتؤدي فروض الطاعة لحكام مافيا التجارة العالمية، مما يتطلب من حكومات الدول الصغيرة أن تغير أسماء رؤسائها وحاكميها إلى (مندوبين) أو (ضباط اتصال) و( سفراء)، بدلا من أسمائهم الشائعة: القادة والحكام والأمراء؟!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعا مائير داغان
- هههههه
- ترسانة التربية والتعليم
- الموت لكل العرب
- فضائيات الدمار الشامل
- بطولة أولمبياد الحكومة العنصرية
- اذكروا محاسن لغتكم العربية
- غزة تشارك في إطفاء حريق الكرمل
- دعوا الطفولة تنضج في أطفالكم
- صلاة على روح دولة إسرائيل
- تهمتان جديدتان في إسرائيل
- أمراض نفسية في غزة
- انفلونزا شمشونية في إسرائيل
- ديمقراطية الحواجز في إسرائيل
- فلتحيا الأونروا
- براءة إسرائيل من دم عرفات
- بكاء على أطلال القدس بمناسبة العيد
- المستحيلات الإسرائيلية الخمسة
- وباء الإحباط
- معزوفة على كونشيرتو القدس


المزيد.....




- رصدته كاميرات المراقبة.. شاهد رجلًا يحطم عدة مضخات وقود في م ...
- هل تعلم أنّ شواطئ ترينيداد تضاهي بسحرها شواطئ منطقة البحر ال ...
- سلطنة عُمان.. الإعلان عن حصيلة جديدة للوفيات جراء المنخفض ال ...
- في اتصال مع أمير قطر.. رئيس إيران: أقل إجراء ضد مصالحنا سيقا ...
- مشاهد متداولة لازدحام كبير لـ-إسرائيليين- في طابا لدخول مصر ...
- كيف تحولت الإكوادور -جزيرة السلام- من ملاذ سياحي إلى دولة في ...
- محاكمة ترامب -التاريخية-.. انتهاء اليوم الأول دون تعيين مُحل ...
- حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني في عمان يتقبل التهاني ...
- كاتس يدعو 32 دولة إلى فرض عقوبات على برنامج إيران الصاروخي
- -بوليتيكو-: الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات جديدة على إيران ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - توفيق أبو شومر - أمراء التطهير العرقي