أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - توفيق أبو شومر - ديمقراطية الحواجز في إسرائيل














المزيد.....

ديمقراطية الحواجز في إسرائيل


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3194 - 2010 / 11 / 23 - 08:39
المحور: حقوق الانسان
    


إن أكثر الصناعات الإسرائيلية شهرة، ليست بالطبع صناعات الأسلحة والسوفت وير الحربية، ولا هي صناعات الطب والدواء وليست هي كذلك المواد الخام والغاز الطبيعي والمبيدات الحشرية ، ولا هي صناعة الطائرات الآلية فقط ، بل إن أشهر صناعات إسرائيل ، هي صناعة الأسوار والحواجز والجدران، فهي بلا منازع تستحق لقب [مملكة الأسوار والحواجز].
ظلت ثقافة الحواجز والجدران والبوابات هي السمة الفارقة في تاريخ الشعب اليهودي، ولم يتمكن زعماء إسرائيل التاريخيون من إزالة عقدة الغيتو التي عانى منها اليهود خلال تاريخهم الطويل.
كان الغيتو مفروضا عليهم لعزلهم عن الآخرين، وكان الغيتو المفروض عليهم جريمة عنصرية عرقية في ذلك الوقت، كما كان الحال معهم في غيتو وارسو الذي كانت له اثنتان وعشرون بوابة، يقف على كل بوابة من بوابات الغيتو ثلاثة حراس أحدهم يهودي ليعرف الداخلين والخارجين من البوابة.، وكان الغيتو رمزا من رموز العبودية، فقد كان العمال اليهود يُشحنون للعمل بسعرٍ بخس- وكل ذلك وفق الرواية اليهودية- .
وكان مفروضا أن يكون شعور اليهودي بقسوة الغيتو وظلم السجن أكثر حساسية من شعور الآخرين الذين لم يُجربوه، غير أن قادة إسرائيل وزعماءها السياسيين حافظوا على جينة الغيتو وغرزوها في أجيالهم عبر المقررات الدراسية في المدارس، وعبر تعاليم المتطرفين المتزمتين ، ولم يكتفِ معلمو إسرائيل بترسيخ هذه العقدة ، بل تصدوا بشراسة لتيار العلمانيين واليساريين الإسرائيليين الذين حاولوا إشفاء اليهود من عقدة الغيتو وداء الحواجز والجدران، ونادوا بضرورة أن تكون دولة إسرائيل ديمقراطية لكل ساكنيها.
وانتصر متطرفو إسرائيل بالضربة القاضية على كل دعاة الحرية والانعتاق في [ مملكة الحواجز والجدران والأسوار والمفارز والأسلاك الشائكة] ! وغرزوا جينة الحواجز والأسلاك في ثقافة إسرائيل، وكيَّفوا حياتهم كلها وفق هذه الجينة.
حتى أن حي مائة شعاريم في القدس للمتدينين الحارديم له بوابات وأسوار، تفصل بين اليهودي العلماني واليهودي المتدين، وأيضا فإن الأسوار الحديدية طالت حتى ساحة حائط المبكي أيضا، وقسمت الجدار التاريخي إلى قسمين، وما يزال العمل جاريا لقسمة شوارع حي بني براك في تل أبيب قسمين أيضا، قسمٍ للنساء وآخر للرجال، وكذلك فقد امتد الفصل ليشمل حافلات الكوشير.
ولعل أبشع ألوان الغيتو، التي يُنفذها ضحايا الغيتو اليهودُ أنفسُهُم على الأبرياء من دم الغيتو اليهودي، أي الفلسطينيين ،هو جدار الفصل العنصري، الذي لا يفصل فقط بين جنسين ، اليهودي والفلسطيني، بل إنه يفصل بين الفلسطيني وأرضه وبئر مائه وقوت يومه.
واظب الفلسطينيون كعادتهم، ومعهم الإخوة العرب في بداية تأسيس الحجر الأول في الجدار على تسميته[ جدار الفصل العنصري] وألفوا مئات القصائد والمرثيات والبكائيات على الثروة المائية والبساتين المنهوبة والبيوت المسلوبة التي اغتصبها الجدار عنوة!
وبعد أن ملوا البكائيات، وأعرضوا عن الأطلال، استسلموا للأمر الواقع، وصار الجدار فقط (عقبة) في طريق السلام!!
وبمرور الوقت أصبح الجدار رمزا خالدا لشيطان الاحتلال، يأتي إليه الراغبون في التطهر والحج طلبا للمغفرة وتكفيرا عن الذنوب لرمي الجمرات على شياطين الاحتلال، يوما أو أكثر في كل مناسبة.
وها نحن قد أغلقنا ملف جدار الفصل العنصري، وفتحنا ملف الاستيطان، الذي كان في بدايته أيضا جريمة احتلالية لا مثيل لها في التاريخ، ليصبح الاستيطان بعد سنوات فقط ( عملا غير شرعي) !
ثم يتحول بعد سنوات أخرى إلى أن يصبح فقط أيضا (عقبة في طريق مفاوضات السلام) يا سلاااااااااام!
وما إن صار الاستيطان واقعا لا محالة ، وقدرا مفروضا، وحقيقة لا يأتيها الشك من بين جنبيها ولا من خلفها، قد قبلنا بمحض إرادتنا أن نضعه في ثلاّجة التاريخ حفاظا عليه من الفساد، وقبلنا بأن نجمده في هذه الثلاجة، وأصبحت المشكلة فقط في عدد أيام بقائه في ثلاجتنا، هل هي سبعين يوما، أم تسعين ؟!!
وبعد النجاح المنقطع النظير لسياسة مملكة الحواجز والجدران، فها هي إسرائيل توسع ملكوت مملكتها الكبرى بسور آخر يسير من غزة إلى العقبة، وحجتها الأزلية هي منع تسلل العمال الأجانب غير الشرعيين إلى إسرائيل، فقد صارت تل أبيب مدينة إفريقية، كما ينادي المتطرفون الحارديم، وهم يتظاهرون لطرد هؤلاء العمال، وقد أفتى كل الحاخامين البارزين في إسرائيل بتحريم تأجير وبيع الأملاك لكل( الجنتل) وهم غير اليهود وأولهم العرب!
وهكذا امتدت سياسة مملكة الجدران والحواجز إلى الفتاوى الشرعية الدينية، فأصبحت الفتاوى الدينية اليهودية حواجز وجدران أخرى تُضاف إلى سلسلة الحواجز والجدران والمفارز والمحاسيم ونقاط المراقبة والتفتيش.
ولم تكتفِ مملكة الحواجز والأسلاك بالفتاوى الدينية ، بل وسعت مفاهيم الحواجز والجدران لتشمل أيضا القوانين التي يقرها الكنيست كل أسبوع على الأقل، فمن قانون التهويد الذي يحرم المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفيتي السابق وغيره من الدول المشكوك في يهودية أجداد أجداد أجداهم ، إلى يهودية الفلاشاه المختلف في نسبتهم إلى القبيلة اليهودية المفقودة، إلى قانون قسم الولاء للدولة، ولاء الفلسطيني المغصوبة أرضه، والمطرود من بيته ومزرعته، للدولة الغاصبة، وهذا أبشع المذلات في التاريخ !!
وأخير فأنا أعتقد بأن ملوك الحواجز والجدران والمحاسيم الإسرائيليين يعتزمون صناعة تصاميم حواجز جديدة وفريدة أخرى خلال الخطة الخمسية القادمة ، بحيث تكون الحواجز الجديدة حواجز أفقية وبحرية وهوائية، تحول دول اختلاط أنفاس اليهود الأنقياء، بأنفاس الغوييم الدخلاء، وربما سينجح مصممو الحواجز أخيرا في تصميم فلاتر هوائية قادرة على فلترة هواء الأنفاس الفلسطينية والعربية الملوثة، قبل دخولها الأجواء الإسرائيلية!!
كل ذلك يجري أمام أنظار العالم في عصر (الانفتاح) و( العولمة)و (الأفق المفتوح)و (إلغاء الحدود والفواصل) بين الأجناس والدول، وما تزال أكثر دول العالم تصف إسرائيل بأنها
( الدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط) !!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلتحيا الأونروا
- براءة إسرائيل من دم عرفات
- بكاء على أطلال القدس بمناسبة العيد
- المستحيلات الإسرائيلية الخمسة
- وباء الإحباط
- معزوفة على كونشيرتو القدس
- وليمة ويكيلكس الإعلامية
- احترسوا من تهمة اللاسامية
- نحت فلسفي من غزة
- بيرس حكيم بني إسرائيل
- اضحكوا بلا قيود
- احذروا المساس بالاستيطان المقدس
- أسباب تألق وانطفاء المواقع الصحفية الإلكترونية بسرعة
- فئران في شوارع غزة
- مجانين بني إسرائيل
- بزنس الطب والدواء
- رسالة فلسطينية إلى عوفاديا يوسيف
- ثلاثة أخبار متفرقة
- تطهير وطني عرقي
- السياسة في إسرائيل


المزيد.....




- كاريس بشار لـCNN: العنصرية ضد السوريين في لبنان موجودة لدى ا ...
- رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: العمل جار لضمان حص ...
- الأمم المتحدة: نزوح أكثر من 50 ألف شخص بسبب المعارك شمال إثي ...
- بعد تقرير -اللجنة المستقلة-.. الأونروا توجه رسالة للمانحين
- مراجعة مستقلة: إسرائيل لم تقدم أدلة بشأن ادعاءاتها لموظفي ال ...
- منتقدة تقريرها... إسرائيل: الأونروا جزء من المشكلة لا الحل
- زاخاروفا: هناك نقطة مهمة غائبة عن الانتقادات الأمريكية لحالة ...
- البرلمان البريطاني يقر قانون ترحيل المهاجرين غير النظاميين إ ...
- لجنة مستقلة: الأونروا تعاني من -مشاكل تتصل بالحيادية- وإسرائ ...
- التقرير السنوي للخارجية الأمريكية يسجل -انتهاكات جدية- لحقوق ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - توفيق أبو شومر - ديمقراطية الحواجز في إسرائيل