أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - فلتحيا الأونروا














المزيد.....

فلتحيا الأونروا


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3192 - 2010 / 11 / 21 - 09:10
المحور: كتابات ساخرة
    


لليونروا الحق في طلاء جدران مقراتها الرئيسة في غزة بأي لون من الألوان ، حتى تمنع أبشع حرفة شعبية في الوطن، وهي الخربشات على الجدران، التي دخلتُ في تقاليدنا وعاداتنا، وتحولت من وسيلة إعلامية قسرية فرضتها ظروف الاحتلال، إلى تقليد وعادة مستحبة في التعبير عن المناسبات الاجتماعية، في الأفراح والأتراح، وفي الدعايات السياسية والحزبية والدينية وما في حكمها!
ولها أيضا الحق في أن تختار الشعارات التي تناسب مقامها ورسالتها السامية في كتيباتها الخاصة وملفاتها داخل جدرانها ، أما أن تختار ما تشاء من الشعارات والرسومات على جدرانها ومبانيها الخارجية، فيجب أن يكون خيارها هذا مدروسا وموافقا عليه من كل الجهات المعنية ، وبخاصة من الهيئات الاستشارية الوطنية الرسمية ومن جمعيات ونقابات الفنانين أيضا .
فاليونروا ليست مؤسسة خيرية، ولا هي جمعية غير حكومية، وإنما هي حاملة رسالة دولية سامية، غايتها مساعدة المقهورين والمظلومين وأصحاب الحقوق المنهوبة على تخطي ضائقة الفقر والقهر، حتى تُحلّ مشكلتهم !
لذا فهي واسطة( نبيلة) لتنفيذ برامج إنقاذ وإنعاش الأسر مسلوبة الحق، فهي تؤدي واجبا مفروضا عليها نظير أجر، وهذا الواجب هو الحد الأدنى الأدنى الأدنى !! مما يستحقه المغصوبة حقوقهم ، لذا فإن أعمالها ليست تطوعا ومِنَّة ومعروفا، ولا يمكن أن تكون تفضلا وكرما منها، فهي ليست سوى واسطة بيننا وبين العالم.
والحقيقة أن الرسومات التي اختارتها اليونروا على جدران مبانيها الرئيسة في غزة لم تكن موفقة أبدا، فالرسومات الطفولية التي رسمتها ريشة المقهورين على جدران الوكالة ، كانت تمثل قهرا جديدا لنا، تساهم في إحباطنا، فقد اختارت اليونروا أن يكون الهدف الرئيس من الرسومات، هو نشر دعاية لنا نحن العارفين بهذا الدور، المدركين له، والمتابعين لسيره، وهو دورها في رعايتنا، بدءا من الصفر وانتهاء إلى القبر!
شكرا لليونروا التي صورتنا جميعنا شبابا وشيوخا ونساء، ونحن نحمل أكياس الطحين على أكتافنا، ليس في لوحة واحدة ، بل في عدة لوحات يفصل بين اللوحة الأولى والثانية،لوحة أخرى يتحول فيها كيس الطحين وسط العائلة إلى خبز على النار، ثم إلى جوارها لوحة الخيام المنصوبة والموشومة بوشم اليونروا باللغة الإنجليزية وبلون علمها الأزرق!
شكرا لليونروا التي اختارت شعارها الأزلي على جدرانها في غزة واختارت أن يُكتب باللغة الإنجليزية، وليس بالعربية !!
" اليونروا طريقكم نحو المستقبل"
عاشت اليونروا حرة أبية!!
أيها (اليونرويون) كنتم موفقين في خياراتكم ، فقد رسمتم الشعارات على الجدران وأنتم تعلمون بأن قارئيها لن يتمكنوا من فك رموزها وشيفرتها!
فهم وإن شاهدوها، لن يتمكنوا من تحليل معانيها ومراميها، فهي رسالة ليست لهم ، وإنما هي رسالة تدل على وشمُ استعباد بطريقة ذكية جدا، تحمل رسالة مريرة تقول:
" ها نحن نجعلكم تتفرجون على أنفسكم في مرايانا"
فأنتم لستم سوى أفواه جائعة، نطعمكم لنسمنكم، أليست لحوم أكتاف شيوخكم من خيرنا، وبسمات أطفالكم من جيبنا؟!!
من يُنكر فضلنا فلينظر إلى لوحة ( الجيكوندا) لليوناردو دافنشي وهي صورة العجوز التي تئن تحت وزر كيس الدقيق الأبيض المنقوش فوقه ختم اليونروا الذهبي!
وإذا لم تعجبكم اللوحة السابقة ، فهناك لوحة ثانية أخرى لرجل مُسنٍ وهو يحمل كيس الطحين الموشوم بالختم الماسي البديع ( اليونروا)!
وإذا نسيتم فضلنا ، فتذكروا خيامنا المنصوبة في العراء تؤويكم من لفحة الشمس ، ومن برد الشتاء في لوحة مايكل أنجلو الثالثة !!
ولا تنسوا لوحة الفنان سيزان التي تصور أطفالكم يمرحون في مدارسنا وهم يضحكون ويُكركرون في فناء المدرسة!!
أما لوحة الفنان سليفادور دالي فهي ترسم آباءكم وأبناءكم وهم ينتظرون بلهفة سماعة الطبيب لتفحص صدورهم الموبوءة بالأمراض، ثم تصف لهم الدواء!!
إذن فاليونروا تبدو في قسمات وجوهكم وشحومكم ولحومكم وبيوتكم وجينات أبنائكم وبناتكم، وفي طعامكم وشرابكم وصولا إلى أجيال أجيالكم، فما أنتم إلا من سلالة اليونروا الشريفة !
وأقترحُ إكمالا لهذه الخدمات الفنية التي تتفضل الوكالة بإنجازها، وأن تُلخِّصَ اليونروا كل لوحاتها الجميلة في لوحة فنية واحدة كبيرة وضخمة ،على شاكلة لوحة الفنان بيكاسو( الغورنيكا) المشهورة، لتوضع على مدخل البوابة الرئيسة لليونروا كتعويذة ، يراها الداخلون والخارجون، ويتبرَّكون بلمسها، بحيث تتكون عناصرها الفنية مكونة من عدد كبير من الأيدي وعدد كبير آخر من الرؤوس البشرية للنساء والرجال والشباب والأطفال والشيوخ، بحيث تكون أفواههم المفتوحة أكبر من كل أعضائهم الأخرى، لتعبر عن وجع الجوع والعطش، وهم يستغيثون ويطلبون العون، على أن يُرسم في اللوحة المقترحة صورة شباك حديدي صدئ محاط بأسلاك زرقاء في أعلى الصورة يظهر من طرفه كيس دقيق أبيض، مكتوب عليه:
" طوبى لكم أيها الجائعون،يأتيكم رزقكم من اليونروا وما تدرون"
إن رسم معاناة أهل غزة لأهل غزة، يدعو لأن يُصاب الغزيون بالقهر والإحباط والكآبة مرتين:
المرة الأولى وهم يستعجلون الأيام ليتسلموا قوت يومهم من مراكز اليونروا، والثانية ، وهم يتفرجون على أنفسهم في شكل لوحات من الرسومات الطفولية الساذجة، في مرايا اليونروا!
كنت أتمنى أن تعيد اليونروا النظر في لوحاتها غير الجميلة، على الجدران وأن تستبدلها بلون زرقة السماء فقط، وهو لون اليونروا المركزي ، وأن تكتفي بالمطويات الورقية الجميلة المحفوظة في أدراجها لكي توزعها على الزائرين والوافدين، إن رغبت في إبراز معروفها وجميلها الخالد وتوثيقه وأرشفته بكل الطرق المتاحة !
وأخيرا كنتُ أتمنى وما أزال، أن ينتهي عصر الخربشات على الحيطان، وأن يُعاقب الفاعلون عقوبات قاسية، وما أسهل إصدار قانون يحظر الكتابة على الجدران، لأن المخربشين معروفون، ويمكن مطالبتهم بالحد الأدنى وهو إعادة طلاء وترميم ما أفسدوه، مع التعويض!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- براءة إسرائيل من دم عرفات
- بكاء على أطلال القدس بمناسبة العيد
- المستحيلات الإسرائيلية الخمسة
- وباء الإحباط
- معزوفة على كونشيرتو القدس
- وليمة ويكيلكس الإعلامية
- احترسوا من تهمة اللاسامية
- نحت فلسفي من غزة
- بيرس حكيم بني إسرائيل
- اضحكوا بلا قيود
- احذروا المساس بالاستيطان المقدس
- أسباب تألق وانطفاء المواقع الصحفية الإلكترونية بسرعة
- فئران في شوارع غزة
- مجانين بني إسرائيل
- بزنس الطب والدواء
- رسالة فلسطينية إلى عوفاديا يوسيف
- ثلاثة أخبار متفرقة
- تطهير وطني عرقي
- السياسة في إسرائيل
- جامعاتنا العربية وهارفارد


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - فلتحيا الأونروا