أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - توفيق أبو شومر - تطهير وطني عرقي















المزيد.....

تطهير وطني عرقي


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3105 - 2010 / 8 / 25 - 09:27
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


"يجب أن يُخلي العجائزُ مواقعهم للشباب"
قولٌ جميلٌ بريءٌ يستحق الاحترام والتقدير.
"لا بد للأحزاب الفلسطينية أن تجدد شبابها"
مقولة سياسية تستحقُّ المناقشة والدراسة لتحديد مفهوم (شبابية الحركة الحزبية) !
" من الضروري التمرد على احتكار الوظائف والمناصب، وإقصاء كل الذين قرروا أن يموتوا وهم يحتكرون مناصبهم ووظائفهم"
شعارٌ مقبول جدا في الأوساط الشبابية، ويمكن أن يكون هذا الشعار شعارا انتخابيا ناجحا!
" بالشباب تُبنى الأوطان، أما الشيوخ فهم معوقو البناء"
شعارٌ خطيرٌ لئيم، يدخل في دائرة المؤامرة على الوطن !
إن أشد الأخطار التي تتهدد الأمم، وقد تقضي على مستقبلها كله، أن ينقطع الرباط الذي يجمع شمل الأجيال، فتتحول الأجيال إلى شجيرات (غابية) غير متناسقة ، ولا متجانسة لا تثمر أبدا، ولا تصلح إلا وقودا للمصطافين!
هذا ما يحدث في عالم اليوم لكثيرٍ من الأوطان ، وعلى رأسها وطننا فلسطين، فنحن الفلسطينيين أحوج ما نكون إلى هذا التواصل بين الأجيال بحكم طبيعة نضالنا ، وظروفنا القهرية، التي حكمتْ علينا بأن نحيا مشتتين متفرقين، وأن يظل عسلنا بعيد عن خليتنا .
كما أن مسلسل المؤامرات التي تُحاك لنا، قد أقصتْنا عن فضيلة (تواصل الأجيال) وأنبتتْ بيننا فئةً من (الشباب) ترفع شعارا خادعا في شكله الخارجي، خطيرا في مضامينه يقول:
(كفى لجيل مؤسسي الثورة، يجب عليهم إخلاء مواقعهم للشباب) وشرعوا في تنفيذ الشعار بواسطة خططٍ وبرامج تُثير الشبهات، فبدؤوا أولا في التضييق على الحكماء والشيوخ، وإثارة الفتن حولهم، ثم نظموا الخلايا للإطاحة بهم، عبر تهديدهم تارة ، أو إقصائهم باستخدام التآمر بأسلوب ديماغوجي يرفع شعار الديموقراطية.
واستخدموا طرقا أخرى، ليست بالطبع من قبيل النقاش والحوار الديموقراطي، أو النقد الحزبي الوطني، بل قاموا بتلويث سمعة كثيرين من مؤسسي الأحزاب ورواد الثورة الأوائل، واستخدموا لذلك الأساليب الثلاثة الناجعة والفعّالة في المجتمع الفلسطيني، وأساليب التشكيك والتلويث الفعالة جدا هي:
فساد الذمة المالي، والفساد الأخلاقي، واستغلال المنصب لخدمة العائلة والعشيرة!
وقد نجحوا في هذا الأمر نجاحا باهرا، وكان السبب في نجاحهم يعود إلى كثرة من تنطبق عليهم التهم السابقة من الوصوليين وتجار السياسة.
ولعل أسوأ نتائج هذه المؤامرة، كانت إبعاد المخلصين الأوفياء من حكماء الأحزاب لأنهم كانوا ينتمون إلى الحقبة نفسها، وعاشوا المرحلة نفسها أيضا واشتركوا مع المفسدين في مرحلة تاريخية واحدة! ويُضاف إلى أن هؤلاء المخلصين يُحجمون على الانخراط في صراعات تافهة ، ويربأون بأنفسهم عن المشاركة في كيل التهم، والاقتتال والخصام!
ولم تكن المؤامرة تهدف إلى تشويه مفسدي الأحزاب ممن استغلوا المنصب الحزبي والوطني لجني الثروات، بل كانت تهدف إلى إقصاء الشرفاء والمخلصين الحكماء، وهنا تكمن خطورة الشعار الحزبي الذي رفعه الجيلُ الذي يُطلق على نفسه ( جيل الشباب).
فكان تطهير الأحزاب من حكمة شيوخها، ومن إبداعات مفكريها، ومن حنكة مجربيها، ومن كفاءة مؤسسيها، ليس لغرض إعادة صياغة المشروع الوطني ، بل لإقصائهم وإبعادهم عن مصدر القرار، ولتفصيل المشروع الوطني على مقاييس فردية شخصية، بعيدة كل البعد عن الأهداف الوطنية، بل كان هذا التطهير العرقي الحزبي والوطني يرمي إلى تدمير المشروع الوطني برمته !.
إن اللغز المركزي في نهضة الأمم ، وفي تقدمها العلمي يمر عبر [تواصل الأجيال].
إن مصطلح تواصل الأجيال يحمل من المعاني ما يجعلني أعتبره الأساس في بناء الأمم والأوطان.
إن تواصل الأجيال يعني ، أن يقوم جيلُ الرُّواد بوضع أسس البنية التحتية لجيل المستقبل، ويكون وضع الأسس بطرق كثيرة أبرزها؛ تدريب الشباب على المسؤوليات، واكتشاف المواهب الشبابية، ووضع الموهبة المناسبة في مكانها الصحيح، وتعزيزُ الطامحين والنابغين والمتفوقين، في كل المجالات، واعتبار الحزب والحركة الوطنية بمثابة دفيئات لتخريج الرواد والمبدعين.
إن تواصل الأجيال لا يعني أن يقوم جيلُ بإقصاء جيلٍ آخر، بل يعني أن يُرغم الجيلُ الجديد الجيلَ المجرِّب على العطاء ما دام حيا يُرزق، بوسائل كثيرة ، وهي أن يُسلم المحنَّكون الراية للنابغين، وأن يحنو النابغون على الحكماء، ويُجلسوهم على أرائك الحكمة، ويستشيرونهم في كل صغيرة وكبيرة، وأن يقدموا لهم فروض الطاعة والاحترام، لكي يحصلوا هم على الاحترام والتقدير ممن سيخلفونهم من الأجيال الآتية!
إن تواصل الأجيال في الحركات الوطنية والأحزاب يعني أن يقوم الجيل الجديد بصنع خلايا (عسلية) من أفكار المحنكين المجربين، يوزعونها طعاما سائغا لأجيالهم، وأن يستخلصوا من تجارب محنَّكيهم جيناتٍ إبداعيةً قادرة على التصدي لأمراض الوطن ، وقادرة على تمكين الجسم الوطني من التخلص من الأمراض الوطنية والسياسية الخطيرة!
إن تواصل الأجيال في المشروع الوطني هو إكسير البقاء القادر على التصدي للمؤامرات التي تحيط بالوطن من كل جانب، فحجم تجارب الشيوخ والحكماء في الوطن، قادرٌ على وقف زحف المؤامرات، وقادرٌ أيضا على التصدي لها مهما كانت أشكالها وألوانها.
وأرجو أن يفطن كثيرون إلى أن العمرٌ المقدّر بالسنين والأيام، ليس هو عمر (الحكماء) وسن (المجربين) ، فلا اعتبار لسنوات العمر الحسابية إذا تعلق الأمر بالتجارب وحنكتها، ولا علاقة لقوانين التقاعد الوظيفية التي تُميتُ حكماء الأمم في سن الستين ، فقد تبدأ الحكمة من جديد في سن الستين وما بعده، فسنوات عمر الحكماء والمجربين كحجر (الماس) يزيدها الدهر صلابة وصقلا .
ما أكثر نماذج الحكماء الذين ما يزالون يتمتعون بصحة العقل، بغض النظر عن العمر الزمني، فبالأمس القريب فوجئت وأنا أتصفح الأخبار بأن منصب كبير صحفيي البيت الأبيض كان من نصيب الصحفية هيلن توماس التي انتقدت اليهود وخسرت منصبها، وعندما أردتُ أن أبحث عن سيرتها الذاتية، فوجئت بأن عمرها واحدٌ وتسعون عاما!
وما أكثر الشخصيات التي ما تزال تُنتج عسل الملكات الفكري بين الثمانين والتسعين ، ومن يرغب في العثور على أسماء عديدة فليفتح ملف أية دولة متقدمة من دول العالم، ليرى أن ظاهرة إهمال وإبعاد وإقصاء وطرد وتهميش المحنكين، لا توجد إلا عندنا وعند بعض من يشبهوننا!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة في إسرائيل
- جامعاتنا العربية وهارفارد
- هل قاتل السود في أمريكا فلسطيني؟
- قصتي مع الطاهر وطّار
- نحن كشاجميون
- أخبار صحفية ليست بريئة
- لذوي الشوارب فقط
- أشجار الدر
- الإعلام ولغة الهعخع !
- الشامي والمسيري هل نضيع تراثهما؟
- إسرائيل هي بطل كأس العالم في كرة القدم
- قصة قط الشيخ عبّاس
- نوادر عن الأحزاب والتطرف
- كتاب نصف السماء وقتل النساء
- التاريخ الفلسطيني بالمقلوب
- شكرا يا إسرائيل
- دعوة اليهود للهجرة من فلسطين
- ألفية القدم، لا القلم
- الإعلام يغتال أطفال فلسطين
- شخصيات إسرائيلية تصف إسرائيل


المزيد.....




- بايدن واثق من أن ترمب -لن يقبل- نتيجة الانتخابات الرئاسية
- حماس: إسرائيل غير جادة وتستغل المفاوضات غطاء لاجتياح رفح
- بايدن: القنابل التي قدمناها لإسرائيل استخدمت في قتل المدنيين ...
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
- بايدن على قناعة بأن ترامب لن يعترف بهزيمة في الانتخابات
- قائد -نوراد-: الولايات المتحدة غير قادرة على صد هجوم بحجم ال ...
- أبرز مواصفات iPad Pro 13 الجديد من آبل
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
- الجيش الإسرائيلي: معبر -كرم أبو سالم- تعرض للقصف من رفح مجدد ...
- -يني شفق-: 5 دول إفريقية قررت إنهاء عمليات الشحن البري مع إس ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - توفيق أبو شومر - تطهير وطني عرقي