أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - توفيق أبو شومر - الشامي والمسيري هل نضيع تراثهما؟















المزيد.....

الشامي والمسيري هل نضيع تراثهما؟


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3066 - 2010 / 7 / 17 - 16:49
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


ما أكثر الحكم والأقوال التي تُمجِّدُ تواضع العلماء وزهد الأدباء والمفكرين، وبساطة الفلاسفة وأصحاب الرأي، وما أكثر القصص التي تُنقل عن أمثال هؤلاء الزاهدين في الثراء، المتواضعين ، الراغبين في أن يحيوا حياتهم ببساطة بين الناس، لا متملقين ولا خائفين، ولا من فئة نهَّازي الفرص!
لقد استعدتُ قولا يُردَّدُ دائما، وهو:
" الأشجار المثمرة ، هي التي تقتربُ من الأرض، وتصل ثمارها إلى الأيدي ، أما الأشجار اليابسة، العقيم فإنها هي التي تشمخ بفروعها اليابسة إلى السماء"
واستعدتُ قصة الفيلسوف الرواقي ( الزاهد)أنستانس الذي زاره الإمبراطور الإسكندر المقدوني ، عندما كان يعيش في كوخٍ كالبرميل، وقال له:
ماذا تريد؟
فرد أنستنانس عليه قائلا: ابتعد حتى لا تحجب أشعة الشمس عني!
أنستناس الذي عاش في برميل كان يردد وهو يرى الأسواق مملوءة بأطايب الطعام والملذات كان يردد دائما معتزا بنفسه:
ما أكثر الأشياء التي لا أريدها !
إن عشرات العلماء والمفكرين والفلاسفة والأدباء ظلوا طوال التاريخ يسيرون عن نمط أنستانس وديوجين وزينون وغيرهم، ظلوا يعيشون فقر المال، وغنى الفكر ،وضيق ذات اليد من متاع الدنيا، وسعة الرؤيا، وشظف الحياة المادية ، وثراء الحياة الروحية.
شخصان كتبتُ عنهما عندما توفيا ، الشخصية الأولى التي كتبتُ عنها، وحاضرتُ عنها مرات في ندوات ومؤتمرات ، كانت شخصية تستحق الاحترام والتقدير، ألا وهي شخصية الراحل الكبير الدكتور رشاد عبد الله الشامي، هذا المفكر المختص في تفاصيل حياة المجتمع الإسرائيلي، ورئيس قسم اللغة العبرية في جامعة عين شمس، الذي توفي في شهر أكتوبر 2006 ، كان رجلا مرموقا، لا لأنه فقط كان يجيد اللغة العبرية ويترجمها بطلاقة، ولا لأنه أسس أكاديمية اللغة العبرية في مصر ، التي أجازتْ عشرات الباحثين ، كما أنه ليس مترجما فقط، ولكنه مختصٌّ في كل تفاصيل الدين اليهودي المستغلق حتى الآن حتى على اليهود أنفسهم ، وهو بالإضافة إلى ما سبق تنطبق عليه مواصفات العظماء السابقين في تواضعه وجديته وحسن خلقه.
هذا الراحل الكبير الذي تمكن من كشف (ألغاز) وأحاجي المتدينين اليهود في اثنين وعشرين كتابا، حوّل قسم اللغة العبرية في حرب أكتوبر إلى ثكنة عسكرية لترجمة الإذاعات والصحف العبرية اليومية، وكل المطبوعات التي تنشر باللغة العبرية.
هذا الراحل الكبير الذي نسيه الإعلام بسبق إصرار وترصد، ولم يفسح له مجالا كما يفسح أعلامُ الألفية الثالثة لمطرب شعبي أجش الصوت والصورة، أو للاعب كرة قدم مغمور، أو حتى كشيف طبّاخ في مطعم من المطاعم الكبيرة، هو مثالٌ على مأساة المبدعين والمفكرين الباحثين عن الحقائق المجردة ، ممن يرفضون الانضواء ضمن ألوية المأجورين ، فرفضوا أن يؤجروا أقلامهم بحساب الحروف والأسطر، وظلوا يرفضون أن يبيعوا أوطانهم ومبادئهم بشيكات بنكية !
أما الراحل الثاني صاحب موسوعة اليهود واليهودية الدكتور عبد الوهاب المسيري ، فهو الشخصية الثانية التي ما تزال تنتظر أن تحظى بالتقدير والاحترام، حتى بعد عامين من وفاته، فالمسيري (موسوعة) في حد ذاته ، وتنطبق عليه صفة ( الموسوعة الشاملة) فالمسيري موسوعة أدبية في الحداثة والشعر ، وهو موسوعة في قصص الأطفال ، وهو إلى جانب ذلك ، موسوعة في الترجمة من اللغة الإنجليزية ، وهو أيضا خبير في السينما والمسرح والموسيقى والغناء ، وهو بالإضافة إلى كل ما سبق مفكرٌ سياسي .
اكتفينا بتأبينه بعد وفاته بأيام قليلة باستخدام البلاغة العربية، ومجدنا أفكاره وأقواله وفلسفته، وأشدنا بمحاسن ( الفقيد) ثم توقفنا فجأة عند ذلك، وكأن هناك طائفة من المتآمرين على المبدعين الكبار أدخلت الراحل الكبير في (الحجر الصحي للمبدعين العرب) إلى جوار زميله المبدع الدكتور رشاد عبد الله الشامي!
وقد يتساءل كثيرون:
ماذا يجب أن يفعل العرب لتخليدهم غير بلاغة التأبين وقصائد المدح؟!!
لقد اهتدت الأمم إلى تخليد مبدعيها بعدة طرقٍ أبرزها، نشر أعمالهم وإعادة طباعة كتبهم، بحيث يتسنى للقارئين أن يقرؤوها ، وتقوم دول كثيرة بترجمة أعمالهم إلى اللغات العالمية.
ويتولى مخرجون سينمائيون إنتاج أفلام وثائقية عنهم، وتقوم البلديات التي يتبعونها ، بتخليدهم وتسمية شوارعها الرئيسة بأسمائهم، وتقوم وزارات التربية ، بإدراج نصوص لهم ضمن المقررات الدراسية، وتتعهد الجامعات بمتابعة أبحاثهم، وتسمى مراكزها البحثية في الجامعات وخارجها بأسمائهم!
فلماذا لم نخلد أدباءنا ومفكرينا وفلاسفتنا ومبدعينا بكل أنماط التخليد السابقة، بدلا من أن يهربوا من القهر والظلم ويقدموا حق اللجوء السياسي للدول الأخرى ، وحينئذٍ تصبح أسماؤهم وإبداعاتهم ملكا من أملاك تلك الدول؟
وما أزال أذكر مأساة العبقري المفكر الفيلسوف الأديب جبران خليل جبران، الذي سألتُ يوما طلاب إحدى الجامعات ، وكان عددهم اثنين وعشرين طالبا:
من منكم قرأ شيئا له؟
فاستغربوا سؤالي ، فهم لم يسمعوا باسمه أصلا!!
هذا العبقري العربي الفذ كرمته أمريكا واعتبرته أحد أبرز مبدعيها وأنشأت له (مؤسسة جبران) وحصلت من الكونجرس الأمريكي على قطعة أرض في واشنطن قدرها ثمانية آلاف متر مربع لإقامة حديقة للراحل الكبير، تتوزع فيها أقواله وحكمه، وقد افتتحها الرئيس ريغن 1984 احتفاء بهذا العبقري الذي ترجمتْ كتبه إلى أكثر من خمسين لغة ، وتجاوزت مبيعات كتبه عشرات الملايين، هذا العبقري ظل يردد:
"أنا سليلُ شعبٍ بنى دمشق وصور وصيدا، وهاأنذا الآن أبنى معكم"
وأصبح لجبران كرسي دائما في جامعة ميرلاند وجامعات أخرى غيرها، هذا العبقري الذي مات في ريعان الشبان ولمّا يبلغ الخمسين أفسحت له كل الجرائد والمجلات مثل الهارلدتربيون والنيويورك تايمز عام وفاته 1931 صفحات تشيد بعبقريته !
للأسف فإن أكثر العرب – كعادتهم- ما يزالون غائبين عن هذه العبقرية وغيرها من العبقريات، فأكثرهم يرى في هذه العبقريات تهديدا لمؤسسات الجهالات التي يديرونها ويتكسبون بها، وأكثرهم يرون في هذه العبقريات براكين وزلازل قادرة على الإطاحة بأعتى الديكتاتوريات وبأقوى الديماغوجيات والأتوقراطيات!
نعم صدق المفكر جمال الدين الأفغاني عندما قال:
" يموت المبدعون أحياءً، ويحيون أمواتا"
وأنا أضيف إلى القول السابق استدراكا يقول:
" يحيون أمواتا ، ولكن في بلاد أخرى، غير أوطانهم".



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل هي بطل كأس العالم في كرة القدم
- قصة قط الشيخ عبّاس
- نوادر عن الأحزاب والتطرف
- كتاب نصف السماء وقتل النساء
- التاريخ الفلسطيني بالمقلوب
- شكرا يا إسرائيل
- دعوة اليهود للهجرة من فلسطين
- ألفية القدم، لا القلم
- الإعلام يغتال أطفال فلسطين
- شخصيات إسرائيلية تصف إسرائيل
- إسرائيل تغرق في البحر 1/6/2010
- لقاء حصري مع برنارد لويس 30/5/2010
- صحافة التطريز
- معلمو حل الاختبارات
- إسرائيل تشبه كوريا الشمالية
- لفتة دعم لشومسكي
- من يوميات منكوب
- قصة أبي البدع
- المطارد غولدستون
- غنيسات فلسطينية


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - توفيق أبو شومر - الشامي والمسيري هل نضيع تراثهما؟