أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - توفيق أبو شومر - صحافة التطريز














المزيد.....

صحافة التطريز


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3018 - 2010 / 5 / 29 - 08:45
المحور: الصحافة والاعلام
    


أثارني تعليقٌ لأحد القارئين على مقال لكاتب صحفي مشهور بعدائه لكل ما يحدث في العالم ، ولا سيما ما يحدث في العالم العربي، فهو بشكل خاص عدو لدود لمعظم الحكام العرب، وهو في الوقت نفسه صديقٌ وفيٌ لبعضهم ، وكان التعليق:
"أشكرك أيها الكاتب لأنك تفش الغُل"
هكذا إذن تحول الهدف من الكتابة ، من كتابة للتثقيف والتوعية والتعليم ، إلى حالة جديدة (فش الغل) وفش الغل أمر جديرٌ بالدراسة والتحليل، فهو من الناحية النفسية يُريح المصاب بداء الغل، ويُفرِّج كربته وألمه، وهو من ناحية أخرى يقوم بعملية خطيرة، وهي تفريغ شحنة القارئ الموجبة ، والتي كان يمكنها أن تُحدث تغييرا لو بقيت هذه الشحنة،التي يمكن أن تصبح ثورة وتمردا على الظلم والطغيان!
ويعتبر فش الغل الشعبي، هو أحد أبرز مهام الديكتاتوريات في العالم، فهي تنفق أكثر من نصف ميزانياتها على ملاحقة( الغل) أينما حل لكي لا يتحول نحو نظام الحكم، ويقوم الإعلام في عالم اليوم بمهمة فش الغل، فهو يُشجع المغلولين على ممارسة رياضات فش الغل المتعددة والمتنوعة وهم متكئون في بيوتهم على الأرائك، وأبرز رياضات التنفيس في عالم اليوم هي التعصب الأعمى لفرق كرة القدم، فقد أصبح فوز فريق في مباراة ، يعادل عمل مانعة الصواعق في تفريغ الشحنات الكهربية، يُحول الغُل من غُل على الحكام إلى غُل على النادي المهزوم، ونجحت حكومات ديكتاتورية كثيرة في تغيير الأحزاب السياسية ، من أحزاب تثقيفية وتوعوية إلى أحزاب لفش الغل أيضا، وأصبحت المنافسات في هذا النمط الحزبي منافسات رياضية أيضا، فصار لكل حزب رايته الخاصة كما فريق كرة القدم ، وأصبح لكل حزب لاعبوه وجوقته وصحفيوه ومنظروه.
وهذا يجعلنا نؤكد بأن دور كثير من المفكرين والكتاب قد تغير من طور شحن الأفكار والمعلومات وتهذيب القارئين وتوجيههم، إلى طورٍ جديد، يدخل ضمن رياضة فش الغل، هدفه، تفريغ الطاقات المنتجة ، وتحويل الجمل والحروف إلى (مخدرات) تشبه الحشيش والأفيون في مفعولها الوقتي الساحر، بغض النظر عن حالة الإدمان التي تصيب القارئين المدمنين على تناول جرعات الإدمان من الكتاب والصحفيين مروجي المخدرات !
تتصف الكتابات المخدرة المثيرة بعدة صفات أولها؛ أن تشتمل على (حشيشة) السخرية والازدراء من زعيم دولة أو مسؤول حزب، وحبذا لو كانت السخرية تنصب على دولة كبرى ومسؤوليها كأمريكا ودول أوروبا الغربية، وهي أشهر الدول التي تقبل التجريح بدون أن تطارد الناقدين لسياساتها!
ويشتمل فش الغل القلمي أيضا (بأفيون) الشتائم لزعماء الدول والساسة ورؤساء الأحزاب مع مطالبتهم بالتمسك بالفضائل ومكارم الأخلاق ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وتطبيق العدالة والشفافية ، مع إدراك هؤلاء الكتاب بأن الشعارات السابقة ظلت شعارات كل الدول والإمبراطوريات في كل العصور ، وهم يدركون استحالة تطبيق هذه الشعارات في عالم اليوم!
ومعظم هؤلاء الكتاب لا يملكون من الفكر ما يمكنهم من (توجيه) القارئين إلى أفضل الطرق للتعامل مع الواقع السياسي الراهن، فهم يمنحون قارئيهم جرعة الإدمان المجانية في شكل إثارة (نشوتهم) بدون أن يصفوا لهم وسائل العلاج المطلوبة للتخلص من الإحباط والقهر والإدمان!
وهناك كتاب آخرون أكثر خطورة، وهم يخدمون الساسة الذين يذمونهم في صورة مدح والهدف هو تضخيمهم في وسائل الإعلام!
وهناك آخرون تمكنوا من أن يستبدلوا منافعهم الشخصية بأفكارهم وجهدهم ، فباعوا أقلامهم في سوق الساسة، وجعلوا منها( معازف) على أوتار الساسة، تحركها أصابع السياسيين وقد قرأت منذ أكثر من شهر تحقيقا في صحيفة النيوزويك في عددها يوم 7/4/2010 في مقال لإيفان توماس يقول عن أحد هؤلاء الكتاب وهو (والتر ليبمان) بأنه اعتاد أن يكتب خطابات الرئيس الأمريكي، ثم يقوم بالثناء عليها في الصحف في اليوم التالي!!
وما أكثر الكتاب العرب ممن يقومن بمثل تلك المهمة، وفق أبيات نزار:
الحاملون طبولهم ودفوفهم
فبكل عرس سلطوي يدبكون ويرقصون
ولكل طاغية يضيئون الشموع
ويسجدون ويركعون
هل هؤلاء طليعةٌ ثورية
أم باعة متجولون؟
وهؤلاء أيضا ينطبق عليهم قول الروائي الروسي غوركي:
" يطرزون وسائد السياسيين بالحرير"
وما أزال أحفظ قول الفيلسوف الفرنسي فولتير في القرن الثامن عشر، حينما طلب منه جان جاك روسو أن يعلق على مقالاته وأفكاره فكتب تعليقا يقول:
" إنك تسُرُّ الناس ، ولكنك لا تصف لهم العلاج"
سأظل أتمنى ما حييت أن يتحد الكتاب والمفكرون العرب في جبهة واحدة، ليس ضد الظلم والطغيان في المجال السياسي، بل لتغيير وتحديث برامج التعليم والتثقيف البالية القديمة مثلا، وأن يشكلوا جبهة للقضاء على الجهالات والخرافات التي تصوغ أجيال العرب، وما أزال أذكر جبهة الكتاب والفنانين الغربيين الذين شكلوا جبهة عريضة خلال الحرب الثانية ضد الغزو الهتلري لفرنسا، فوقف الفيلسوف الوجودي جان بول سارتر ، مع نقيضه الفكري بول إليور الاشتراكي، ومع الشاعر أراغون تحت نشيد المارسيليز ومتحف اللوفر، وكتب بول إليوار قصيدة يقول فيها:
"يكتب الفرنسيون الحرية على سطح نهر السين، وعلى جذوع الشجر، وزجاج الشبابيك ، وكراسات المدرسة"
وقد ألقت الطائرات هذه الكلمات على كل الفرنسيين ، فكان لها مفعول السحر في استنهاض الهمم!
ملاحظة أخيرة
أعرف بأن الطائرات العربية غير مصممة لإلقاء المنشورات الثقافية !!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معلمو حل الاختبارات
- إسرائيل تشبه كوريا الشمالية
- لفتة دعم لشومسكي
- من يوميات منكوب
- قصة أبي البدع
- المطارد غولدستون
- غنيسات فلسطينية
- نسل فكري مشوه
- كيس الطحين في فلسطين
- مرض زوجة الابن
- تهنئة فلسطينية بعيد البيسح
- قهقهوا من فضلكم
- مرض الأنيميا الثقافية
- جناية الفن الرخيص على أبنائنا
- من فقه إذلال النساء
- خليل التفكجي والأحزمة الاستيطانية الناسفة
- الكذب اكبر مصادر الدخل في العالم
- البخل العربي
- فايروسات الخفافيش في الإنترنت
- فقط في غزة


المزيد.....




- ردا على بايدن.. نتنياهو: مستعدون لوقوف بمفردنا.. وغانتس: شرا ...
- بوتين يحذر الغرب ويؤكد أن بلاده في حالة تأهب نووي دائم
- أول جامعة أوروبية تستجيب للحراك الطلابي وتعلق شراكتها مع مؤ ...
- إعلام عبري يكشف: إسرائيل أنهت بناء 4 قواعد عسكرية تتيح إقامة ...
- رئيس مؤتمر حاخامات أوروبا يتسلم جائزة شارلمان لعام 2024
- -أعمارهم تزيد عن 40 عاما-..الجيش الإسرائيلي ينشئ كتيبة احتيا ...
- دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية تكشف عن عدد السكان
- مغنيات عربيات.. لماذا اخترن الراب؟
- خبير عسكري: توغل الاحتلال برفح هدفه الحصول على موطئ قدم للتو ...
- صحيفة روسية: هل حقا تشتبه إيران في تواطؤ الأسد مع الغرب؟


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - توفيق أبو شومر - صحافة التطريز