أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - توفيق أبو شومر - البخل العربي














المزيد.....

البخل العربي


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2922 - 2010 / 2 / 19 - 19:18
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


ما أكثر أبيات الشعر العربي التي تفخر بكرم الخلفاء والقادة ، وما أكثر القصص التي تحكي حكايات أسلافنا الكرماء ممن كانوا يصطادون الفقراء والسائرين في الصحراء لإنقاذهم وإطعامهم على وقع قول حاتم الطائي لخادمه وعبده:
أوقد فإن الليل ليلٌ قـرُّ
والريحُ يا واقدُ ريحٌ صرُّ
عسى يرى نارك مَن يمرُّ
إن جلبتَ ضيفا فأنت حُرُّ
من يتابع زلزال هايتي الأخير يصاب بالدهشة للبخل والشح وقلة المساعدات العربية لمتضرري الزلزال في هايتي ، كما أن هناك دولا عربية كثيرة اختفت تماما من خارطة المعونات لمتضرري هايتي .
عزا بعضهم هذا البخل العربي إلى بعد جزيرة هايتي عن مرمى الكرة العربية ، فهم لا يعدون من ضمن الجار السابع ، وما يزال مفهوم الجار السابع هو هو لم يتغير منذ آلاف السنين ، وهو يشبه تماما مقدار زكاة الفطر التي بقيت على حالها منذ قرون تُقاس بحفنات من القمح !
وعزاه آخرون إلى أن الأقربين أولى بالمعروف وفق القانون المنسوب للدين ، ونسبه آخرون إلى أن هذه الجزيرة الفقيرة البائسة ،تلقت جزاءً وفاقا لما فعلت بأبنائها من ظلم وفساد ، فهي تستحق ما حل بها !
وقال آخرون باسمين :
ليت دول العرب تحسن إلى بني جلدتها أولا ، قبل الآخرين ، فتنقذ الجائعين في السودان ، وتقدم يد العون لغزة التي شهدت زلزالا كانت قوته أكبر بعشرة درجات على مقياس ريختر الاحتلالي !
وقهقه آخرون وهم يقولون:
فلتنقذ الدول الغنية فقراءها أولا ممن يعيشون في داخلها ويعانون من ضائقة الفقر والقهر !
وقال أحدُ المتشائلين وفق تعبير إميل حبيبي :
أراهنك بأن أكثر مسؤولي العرب لا يعرفون أين تقع هايتي !
تذكرتُ في أوائل ستينيات القرن الماضي، وكنت في المرحلة الإعدادية ، وكنا آنذاك نعتبر في مخيمات لجوئنا من أفقر فقراء العالم ، تذكرتُ بأنني بكيتُ لوالدي طويلا حتى أعطاني قرشا لأتبرع به إلى متضرري زلزال أغادير الذي حدث في المغرب الأقصى يوم 28 فبراير 1960 وقتل حولي نصف سكان أغادير !
فمن قال إن العولمة قرَّبت المسافات ووحدتْ القلوب؟ !!
إن العولمة جاءت بنقيضها ، فقد قربتْ المسافات الأثيرية فقط، ولكنها باعت بين القلوب ، وأسهمت في حالة التشظي التي تسود بين الدول والدول ، وبين الأمم والأمم .
لم يفطن العرب إلى خطة السادة الكبار والدول العظمى ؛ وخطتهم تنص على أنهم هم (وحدهم)القادرون على القيام بمهمة حراسة العالم والسهر على راحته من منطلق المنافع ، وهم وفق هذه النظرية لا يرحبون كثيرا بمن يشاركهم جهدهم هذا، خشية أن يصبح الشركاء قوة جديدة تعادلهم !
نعم في حالة زلزال هايتي ، كان معظم العرب سلبيين ، لم يبادروا بالدعم ، فهم لا يملكون كفاءات الإنقاذ ، ولا يملكون كفاءات الطب في حالة الأزمات ، ولا يملكون طائرات المعونات الجاهزة ، لذا فإنهم دائما يتخلفون عن ركب العالم !
فقد كتب باراك أوباما مقالا في صحيفة نيوزويك يوم 26/1/2010 عن زلزال هايتي فقال:
" اعتاد العالم أن ينظروا إلى الجيش الأمريكي كجيش من المحاربين، غير أنه اليوم يقدم صورة أخرى ، وهي تقديم المعونات، وكل هذا بفضل جهود المواطنين الأمريكيين " !!
نعم إن لأمريكا مصلحة في هذا الجهد ، فهي تؤكد كفاءتها وقدرتها العسكرية على الاحتفاظ بمرتبة القوة الأولى في المنطقة ، غير أنها أيضا تحمي حدودها من مئات آلاف المشردين والمنكوبين ممن سيلجؤون إليها أيضا .
هذا في الإطار اللوجستي العسكري ، أما في الأطر الأخرى التي لا تقل أهمية عن الإطار السابق، فهو إطار تدريبي ، فهي تدرب قواتها تدريبا عمليا مجانيا على التعامل مع (الأزمات) وهذه الخبرات تُنتج في النهاية ذهبا خالصا ، تُنتج خبرات في الإنقاذ وخبرات في صناعة المعدات الثقيلة وخبرات في التدريب ... !
أما عن إسرائيل فإن تدخلها السريع بفريق طبي ميداني ، وبفريق من المنقذين ثم بمدرسة لتعليم أطفال هايتي ، فإن أهدافها كانت واضحة من اليوم الأول ، فقد أشارت صحفها بصراحة ووضوح إلى مراميها ،فاعتبرتْ بعثتها الطبية أبلغ رد على تقرير غولدستون ، فالجيش الإسرائيلي يساعد المنكوبين ، ولا يرتكب جرائم حرب في حق الإنسانية ،كما (زعم) جولدستون في تقريره، ثم أعلنت الصحف عن هدف إسرئيل الثاني – وهو الأهم- وهو يتلخص في رغبة إسرائيل في تبني أطفال هايتي الأيتام ، ليسهموا في تصحيح الميزان الديموغرافي ، حتى يضمنوا التفوق الديموغرافي على الفلسطينيين ، فأرسلوا أثناء النكبة مفوضين لعقد اتفاقات التبني !
كما أنهم أيضا تركوا وراءهم مدرسة كاملة لتعليم أبناء هايتي لغرض الدعاية لإسرائيل .
وأشار الساسة الإسرائيليون المحنَّكون بأن أفعالهم تلك تأتي من منطلق رد المعروف والجميل لجزيرة هايتي التي كانت من أول المعترفين بدولة إسرائيل عام 1948 .
نعم إنه عالم الألفية الثالثة الذي يعيشه معظم العرب جسديا وماديا فقط ، ولكنهم يحيون فيه غرباء بأرواحهم وعقولهم. فأكثرهم ما يزالون لم يعوا أن بناء جسور التواصل بين الأمم عبر المساعدات والدعم ، وتأسيس المؤسسات الخيرية والجمعيات غير الحكومية في بلدان العالم ، ليست ترفا ، وإنما هي ضرورة لكل دولة تركب قطار المستقبل .
للحقيقة فقط فلن أنسى في هذا الإطار جهودا فردية عظيمة قام بها بعض مسؤولي العرب في إطار التواصل بين الشعوب على شاكلة المشاريع الضخمة التي أنجزها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات ، في كثير من الدول، وهذه المشاريع خلدته ، وأبقته حيا بعد موته بآلاف السنين وجعلته يماثل حاكم مصر محمد علي الذي بنى مصر الحديثة .
إن الدول التي تحسب معونة الآخرين ضمن بند الخسارة في ميزانياتها السنوية ، هي دولٌ تعيش ماضيها البائد، وهي لا تراهن على المستقبل أبدا .
كما أن الدول التي ما تزال تعيش عصر القيراط والدرهم والمثقال والقنطار ، وتزن الإحسان والبِر بحفنات من الأرز والبُرّ في زمن الفيزا كارت، دولٌ ينبغي أن يقوم العالمُ بتحنيطها ووضعها في متاحف الدول البائدة !



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فايروسات الخفافيش في الإنترنت
- فقط في غزة
- رعب الرقم 25
- لماذا سمي معبر رفح فيلادلفي ؟
- تخريفولوجيا
- مملكة الحواجز والجدران
- عرب أثمن الساعات وأرخص الأوقات
- من غرائب الأخبار في إسرائيل
- أسرار قوة الحكومات العربية !
- مسابقة البلع الكبرى
- الكوشير الإسلامي
- بشير وعاموس رواية فريدة
- رياضة داحس والغبراء
- من تجربتي مع صحافة الإنترنت
- عملاء خمسة نجوم
- تلحين نشرات الأخبار
- المعلقة النعلية
- فلسطين وطن الحروب والمعارك
- من قصص الإذلال في غزة
- طفولة بريئة جدا


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - توفيق أبو شومر - البخل العربي