أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - توفيق أبو شومر - فلسطين وطن الحروب والمعارك















المزيد.....

فلسطين وطن الحروب والمعارك


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2795 - 2009 / 10 / 10 - 10:17
المحور: القضية الفلسطينية
    


هكذا كُتب علينا نحن الفلسطينيين ، كُتبَ علينا؛
أن نفرغ من حربٍ لندخل حربا أخرى جديدة ، وأن ننتهي من صراعٍ لندخل في صراعٍ آخر ، وأن ننتقل من خلاف لنشرعَ في خلاف جديد ، وأن نغلق ملف أزمة ، لتبدأ أزمة أخرى أشد قساوة وعنفا ! هذا أعادني إلى آية من آيات الإنجيل على لسان يسوع المسيح يقول عن أورشليم :
" يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين، كم مرة أردتُ أن أجمعَ بنيكَ كما تجمعُ الدجاجة فراخها تحت جناحيها ، فلا ترغبين ... هاهو بيتك يُترك خرابا "
وما يحدث اليوم من صراعات وحروب يُفسّر عدة تفسيرات:
أما التفسيرُ الأول فهو تفسيرٌ إيمانيٌ يشيع الراحة في النفوس ، ويجعل ملايين المساكين يعيشون في انتظار الآخرة حيث ستكون السعادة الأبدية ، وهذا التفسير يُرجعَ السبب في حالة الحرب الدائمة في فلسطين إلى قدرنا المحتوم لوقوعنا في مركز الأديان وفي مفرق القوافل والركبان، كما أن فلسطين كُتب عليها منذ الأزل أن تكون أرض المحشر والمنشر، وهذا التفسير ظلّ تفسيرا مريحا لكثيرين، وظلّ أيضا باعثا على الألم والمعاناة عند آخرين ممن ينتظرون بفارغ الصبر معركة (هرمجدون) التي سوف تقع في ماجدو بفلسطين في آخر الزمان حيث ينتصر الخيرُ على الشر ويعود الماشيح ليقود اليهود إلى ألفية الخير والسلام كما يعتقد الحاريديم !
أما التفسير الجدلي الثاني فيعيد السبب إلى أننا نتوسط العالم ، فوطننا مفرق طريق لا يمكن للمحاربين الطامحين أن يحظوا بالمنزلة العليا بدون أن يُكللوا تيجانهم بدماءٍ فلسطينية ، ولا يستطيع أي عظيمٍ أن يؤسس إمبراطورية بدون أن يُضفِّرَ تاج إمبراطوريته بعسل فلسطين ولبنها .
أما التفسير التحليلي الثالث فيشير إلى أن فلسطين ليست بلدا كالبلدان ، ولكنها مركز حضاري سكن التاريخ واستوطن ذاكرة الإنسانية ، وأصبحت الأوطان تُقاس بفلسطين، فمن يقترب منها يكبر ، ومن يبتعد عنها يصغر .
هي إذن فلسطين التي ظلت وستظل بؤرة الصراع الأولى و جرح العالم النازف !
نعم إنها الدولة الوحيدة في عالم اليوم التي يشمل الصراعُ فيها كل مناحي الحياة ، فلا شيء بعيدٌ عن الصراع والحرب ، إنها حرب استنزاف طويلة وشاقة ، ولا يخلو يومٌ في فلسطين إلا وفيه حدثٌ كبيرٌ أو حرب أو صراعٌ يُغير مجرى العالم ، كما أن فلسطين هي الدولة الوحيدة التي استولت على أجندة أحداث العالم منذ فجر التاريخ .
ولن أسرد التاريخ السالف للحروب والمنازعات والصدامات وحمامات الدم والصراعات متعددة الأشكال والألوان ولكنني سأذكر في مقالي هذا أنماطا من الحروب التي انفردتْ بها فلسطين ، أي أنها لم تجرِ إلا فيها:
ففي فلسطين حروبٌ أخرى لم يسجلها التاريخ ، وهي حروبٌ برية وبحرية ، وهي تجري في كل أيام السنة بدون أن يسجلها التاريخ ، كما يسجل المعارك والحروب الأخرى :
ففي كل عام تشتعلُ حربُ الزيتون، وأنا أستغرب كيف تكون شجرة الزيتون التي ترمز للسلام رمزا في فلسطين لحربٍ بين أصحاب الزيتونة وغارسيها ومربيها ، وبين الدخلاء المستوطنين ممن صاروا يعتبرونها رمزا من رموز الحرب، وأخذوا على عاتقهم مهمة إجهاض أشجار الزيتون وصلبها وحرقها ونهب ثمارها .
نعم إنها حربٌ لم يسجلها التاريخ في صفحات كتبه ، وهذه الحرب هي الأقسى من معارك السلاح ، فمنذ عام 1967 أصبحت أشجار الزيتون وحقول الزيتون الفلسطينية ساحاتٍ لمعارك طاحنة بين أصحاب الزيتونة المسلحين بجذور الزيتون ، وبين أعداء الزيتونة المسلحين بأسلحة النار وآلات الدمار .
وإليكم لقطات من أحداث حرب الزيتون والتي بدأت بفتوى:
"نشرت (لاهافا) وهي نشرة ناطقة باسم المدرسة الدينية (عودة يوسف حي ) مقالا بعنوان : ( زيت نقي ) جاء فيه: الأيادي اليهودية التي قطفت الزيتون الفلسطيني أيادٍ يهودية مخلصة ، فما أروع إشعال قناديل ألأنوار بهذا الزيت ، إن قطف الزيتون الفلسطيني يدل على بطولة شباب إسرائيل !
ومن الحاخامين الذين يشجعون على سرقة ثمار الزيتون الفلسطيني : دافيد دوركافيتس – اسحق شابيرا – يوسف بلاي – إسرائيل هرئيل .
ويهاجم المقال اليساريين الذين ساعدوا الفلسطينيين في قطف زيتونهم ويقول :
" يخرج من بين شعب إسرائيل يهودٌ أداروا ظهر المجن لشعبهم وساعدوا أعداء إسرائيل بالعمالة ، وها نحن نرى أمثال هؤلاء يتعاونون مع العدو . ( معاريف 18/12/2002).
وأعتبرُ جدارَ الفصل العنصري بمثابة خط الدفاع الأول ( ماجينو أو سيغفريد) لسرقة الزيتون الفلسطيني ، فمن وضع المخطط للجدار أخذ في اعتباره أن يضم الجدار معظم أشجار الزيتون الفلسطينية ، وحتى اللحظة لم يتمكن الفلسطينيون من إحصاء عدد أشجار الزيتون المأسورة في سجن جدار الفصل العنصري ، وهذا ليس غريبا لأن الفلسطينيين اعتادوا أن يأخذوا آخر إحصاءات المأسورين والسجناء من ذويهم من المؤسسات الدولية كالصليب الأحمر ، أو جمعيات حقوق الإنسان الأجنبية !
وسوف يمر وقتٌ طويل قبل أن نحصل على عدد أسرانا من أشجار الزيتون ، والتي نعتبرها نحن رمزا من رموز حياتنا وبقائنا في أرضنا ، وأصبحت أشجار الزيتون المسجونة ، كما سجناء الحرية تأخذ تصريحا من المحتل ، بالتنسيق مع المسؤولين الفلسطينيين !
وها هي المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ، وليس الفلسطينيين ، تدق ناقوس الخطر وتحشد القوات لمواجهة حرب الزيتون في موسم عام 2009 فقد أوردت صحيفة الجورسلم بوست الخبر التالي 8/10/2009:

"في خضم التهديدات التي يطلقها المستوطنون لعرقلة جني الزيتون الفلسطيني ، عززت قوات حرس الحدود والشرطة بعدد كبير من الجنود في البؤر الساخنة لمنع الصدامات .
وقد بدأ موسم جني الزيتون قبل أيام وسوف يستمر حتى نوفمبر القادم .
وقد منحت الإدارة المدنية في جيش الدفاع بالتعاون مع السلطة الفلسطينية تسعة آلاف ترخيص لجني الزيتون .
ويقدر عدد أشجار الزيتون التي سيتم جنيها عشرة ملايين شجرة ، وسوف تدر إلى خزينة السلطة الفلسطينية عشرات ملايين الدولارات .
قامت قوات جيش الدفاع بإغلاق بعض المناطق وحظر المرور فيها على المستوطنين ، وحظر دخول المستوطنين بعض المناطق في شمال السامرة ،ومن المعروف بأن مدينة نابلس تحيط بها وحدها 35 بؤرة استيطانية ".
أما عن الحروب الأخرى ؛ فهناك الحرب البحرية التي تجري كل يوم في بحر غزة ، ونظرا لانشغال كثير من القنوات الفضائية وكثير من المراسلين الصحفيين بالأخبار المخملية ، فإنهم لا يرصدونها ، ففي كل ليلة يتعرض الصيادون الفلسطينيون العُزل لمطاردات الزوارق الإسرائيلية وللقذائف ، وللأسر والتهديد .
ويتمنى أحد الصيادين أن تمرّ ليلةٌ واحدة فقط ليتفرغ للصيد ، بدون أن يسمع الرصاص والانفجارات ومكبرات الصوت في زوارق جيش الدفاع !
أما عن الحروب الطاحنة الأخرى فهي حروب المرضى الراغبين في الخروج للعلاج عبر بوابة الذل ، وهؤلاء يخوضون حربا طويلة للحصول على مسوغات تؤهلهم للخروج ، وهذه الحرب الضروس أصبحت تغتالهم فردا وراء الآخر قبل أن يظفروا بالعلاج .
أما عن حروب ( إعادة إعمار) المنازل التي هدمتها القنابل والجرافات ، فهي حروبٌ متواصلة يخوضها أصحاب المنازل ممن لا يملكون المأوى إلا في الهواء الطلق ، بعد أن منعت إسرائيل إدخال مواد البناء منذ سنوات إلى قطاع غزة .
ولا يمكن أن ننسى حروب الأبناء الدارسين في الخارج ممن حاصرتهم قوات الجيش ومنعتهم من الخروج إلى جامعاتهم ومعاهدهم .
ولا يجب أن ننسى حروب المستشفيات للحصول على الأدوية ، وحربنا المتواصلة للحصول على وقود لمحطة الكهرباء الوحيدة في غزة ، وحربنا الضروس ضد تسرب المياه الملوثة إلى خزاننا المائي بسبب عدم وجود مواد البناء والإعمار ومنع وصول المواد التي تساعد في التنقية .
كل ما سبق لم يرصده تقرير غولدستون ، بل رصد فقد ممارسات إسرائيل الحربية في واحد وعشرين يوما فقط !
وقد اعتبرها التقريرُ جرائمَ حرب ترقى إلى مستوى جرائم في حق الإنسانية !
فماذا لو أضيفت إلى التقرير:
الحروب الدينية في المسجد الأقصى في كل يوم ، وحروب جني ثمار الزيتون وجدار الفصل العنصري في الضفة الغربية ، والحروب البحرية في غزة ، وحروب إغلاق المنافذ البحرية والبرية والجوية ومنع المواد الأساسية من الوصول!
لو أضيفت إلى التقرير كلَّ تلك الجرائم فماذا ستكون الخلاصة النهائية للتقرير ؟






#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من قصص الإذلال في غزة
- طفولة بريئة جدا
- لماذا تكرهون ليبرمان؟
- فلسطينيو الرياستين والوزارتين
- بطلان من السويد بوستروم وبرنادوت
- انفجار الأبناء في وجه الآباء
- صديقي الأطرش العربي
- حردنة إسرائيل
- جودنرين وعربنرين
- إعلام صوت إسرائيل وإعلام العروبة
- استرجاع الذاكرة الفلسطينية
- نتنياهو بين جامعة القاهرة وبار إيلان
- نساؤنا الذهبيات
- إسرائيل دولة المستوطنات
- قطار خرافات الألفية الثالثة
- لا تهدروا رصيد مستقبلكم
- الاحتفال ببلوغ القضية الفلسطينية سن التقاعد
- ماراثون المفاوضات وأولمبياد المباحثات
- القرصنة الفكرية وحفظ حقوق التأليف
- القمع اللفظي للمرأة


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - توفيق أبو شومر - فلسطين وطن الحروب والمعارك