أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - توفيق أبو شومر - حردنة إسرائيل















المزيد.....

حردنة إسرائيل


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2729 - 2009 / 8 / 5 - 09:17
المحور: القضية الفلسطينية
    


كلنا يعلم بأن صلة القرابة بين لغتنا العربية، وبين اللغة العبرية هي من الدرجة الأولى، فهما ابنتا عمومة .
فكلمة حريديم في العبرية تعني الأصولية اليهودية المتزمتة، والتي تسمى أيضا الأرثوذكسية .
وجذور الحريديم في لغتنا العربية مأخوذة أيضا من الفعل ( حرد) بمعنى غضب وبخل واعتزل الناس، وتجنبهم بخلا وغضبا ، وقد ذكر المعجم الوسيط بأن الرجل الحََرِِد، هو من يأوي إلى كوخٍ ويعتزل الناس .
وقد ذكر المعجم كلمة الرجل( الحريد) أي المعتزل المتنحي جانبا.
وهذا بالضبط ما تعنيه الكلمة العبرية ، فالحاريديم هم من اعتزلوا الموبقات والفساد – وفق ظنهم- حتى لا يُلَّوَّثوا بأخطاء الآخرين ، أو هم المحافظون على الدين النقي.
إن المجتمع الإسرائيلي ينزاح بأسره نحو ( الحردنة)، وهذه النتيجة رصدها كل الباحثين في الشأن الإسرائيلي ، وهذا المجتمع يعتبر من أسرع المجتمعات تحولا من النقيض إلى النقيض وربما يعود ذلك إلى طبيعة فسيفسائه الاجتماعية المتعددة والمتجددة والمتناقضة والمتنافسة ، كما أنه مجتمعٌ جديد بالقياس إلى بقية المجتمعات الأخرى ، وهو أيضا مجتمع الشتات،فقد اعتاد اليهودُ أن يتلونوا ويتغيروا وفق بيئات المجتمعات التي عاشوا فيها ، لأجل ذلك فإن تسارع المجتمع الإسرائيلي نحو الحردنة أمرٌ مُبرَّرٌ
ونضيف إلى ما سبق التكنيك الأصولي المتطرف الذي تستعمله إسرائيل من أجل جذب المهاجرين اليهود ممن اضطهدتهم الدول، فصاروا يتوقون إلى الانتقام من الاضطهاد السالف بتكوين دولتهم الحريدية فائقة التطرف
ويمكننا أيضا أن نضيف إلى ما سلف أن الصهيونية وحركة التنوير اليهودية التي كانت تحسب علمانية فشلت في إنتاج فكر جديد ينافس الأصولية الدينية الحريدية، أو لعلها تركت للحريدية موقعها عن رضا وطيب خاطر.
وحذر كثيرٌ من الكتاب والباحثين والمفكرين من أن اجتياح الحردنة لإسرائيل يعتبركارثة ليست على العرب والعالم بسبب عنصريتهم وجهالتهم وتطرفهم ومعارضتهم للثقافة والانفتاح ، بل على الإسرائيليين أنفسهم .
في البداية فإن الحاريديم ليسوا طائفة أو حزبا واحدا، بل هم طوائف وأحزاب عديدة، وهم ليسوا مختلفين فقط ، بل متناقضين ، كما أن تناقضهم يصل إلى درجة العداء ، ويصل العداء بينهم إلى درجة إباحة لعن وطرد كثير من اليهود من اليهودية.
سوف أتعرض فقط في هذا المقال لأكثر الحاريديم تطرفا .
لقد بلغت حردنة كثير من الأحزاب الدينية المتطرفة في إسرائيل درجة الخطر منذ سنوات طويلة ، حين صمتت إسرائيل عن (حرد) المتطرفين واعتزالهم في أحياء خاصة بهم في مائة شعاريم وهارنوف في القدس وبني براك في تل أبيب وفي عدد كبير من المستوطنات والموشافات ، فللمتطرفين الحاريديم نظامهم وشرطة العفة الخاصة بهم ، ولهم حاخاماتهم، ونظامهم الاجتماعي وقوانينهم ومحاكمهم ، وهم (يرضعون) لبن إسرائيل مجانا ، ثم (يرفسونها) في بطنها .
فهم لا يدخلون في الجيش الإسرائيلي ، ولا يشاركون في الوظائف المدنية، ولا يأكلون طعام الآخرين ، ولا يربون أبناءهم كما الآخرين ، ولا يتزوجون ولا يطلقون نساءهم كما يفعل غيرهم، حتى أن مقابرهم تختلف عن مقابر غيرهم ، ومراسم موتاهم تختلف عن مراسم موتى الآخرين، والأدهى هو أن نظامهم التعليمي مختلفٌ كل الاختلاف عن النظام الرسمي.
وقد أشعل بعض العلمانيين واليساريين الإسرائيليين الضوء الأحمر منذ سنوات للتحذير من عواقب حردنة إسرائيل، حتى لا تتحول - كما حذر بن غريون - إلى دولة حاخامين .
وها هو محافظ بنك إسرائيل ستانلي فشر يحذر من الحردنة ، فقد أشار في مؤتمر للحاريديم عقد في القدس منذ أيام إلى أن أعلى نسب الفقر في إسرائيل بعد الفقر العربي، هي الفقر الحريدي ، وأن 60% منهم فقراء لا يعملون
" هارتس 20/7/2009 "

وهم يتكاثرون بلا ضوابط ، ويحاربون كل أنماط تكنلوجيا العصر بدءا من الهواتف وحتى شبكة الإنترنت .
وفي هذا المقال أتناول فقط ظاهرة حردٍ واحدة من ظواهر الحرد الكثيرة ، وهي ظاهرة جماعة عيدا (تولدوت أهارون حاسيديم ) في حي مائة شعاريم مائة بوابة في القدس .
هذه الفرقة الحريدية المتطرفة ترفض دولة إسرائيل، لا لأنها محتلة ومغتصبة للأرض الفلسطينية، بل لأنها تسير في عكس عقارب الله ، إله تولدوت أهارون ، الذي أوصى عباده بألا يستعجلوا قدوم الماشيح ، فاستعجال قدومه – في عقيدتهم - هرطقة وكفر ، وهي عقيدة ناطوري كارتا، الذين نصفق لهم لعدم اعترافهم بدولة إسرائيل ، وهم بالطبع يؤمنون بأننا نحن أغيار اليهود قطيعٌ من الحيوانات الضالة، وإن أخفوا ذلك .
ويشير الباحث المتخصص في الجماعة نفسها (شلومو كارميلي) المحاضر في جامعة بارإيلان قسم الاجتماع إلى أن الرباط بين أفراد الطائفة، يشبه الغراء اللاصق ، فهم مرتبطون ببعضهم لا ينفصلون ، ويوقع الذكور منهم على عقد التزام مع الطائفة يقضي بطاعة أولى الأمرفي لباسهم وهيئتهم وأكلهم، وحتى في أماكن قضاء أوقات فراغهم ، ويقول البرفسور: إنهم يعتقدون بأن كل ما يقع خارجهم هو ظلامٌ وشر مستطير، فهم لا يدنسون أنفسهم بأمور الآخرين " جورسلم بوست 17/7/2009 "
وأفراد طائفة تولدوت أهارون هم من أشعلوا الثورة في شوارع القدس في الأسبوع الماضي وأحرقوا ودمروا السيارات والحافلات ورشقوا الجنود بالحجارة، لسبب بسيط ، وهو أن الشرطة الإسرائيلية اعتقلت امرأة من طائفتهم على خلفية تعذيبها لطفلها الرضيع البالغ من العمر ثلاث سنوات، لسببٍ مجهول، حتى أن كاميرات المراقبة في مستشفى هداسا عين كارم قد صورتها وهو تنزع من فمه أنبوب التغذية والتنفس، وهو في حالة الخطر، مما أدهش الأطباء وجعلهم يستدعون الشرطة التي اعتقلتها يوم 14/7 /2009 ، واشتعلت الحرب بينهم وبين الشرطة عدة أيام حتى رضخت الشرطة لمطالبهم ، واكتفت بأن تعهد لحاخام الطائفة بالتحقيق في الأمر، ومن ثم انهارت المحكمة ورضخت لمطالبهم فأصدرت يوم 24/7/2009 قرارا بعودة المتهمة إلى بيتها خضوعا لمشيئة طائفتها، وامتثالا لخطوات حردنة إسرائيل بكاملها !
وفي إطار الحردنة الخطير كانت الصحف الإسرائيلية قد سردت قصة (المرأة الطالبانية)
نشرت صحيفة يدعوت أحرونوت 7/4/2008 وهارتس يوم 8/4 تقريرا عنها :
" اعتادت هذه الأم ( الطالبانية) أن تعذب أبناءها الثمانية بطرق شتى منها:
ضربهم بالمطارق الحديدية والسكاكين، وإرغامهم على أكل برازهم، وكانت تغلي الحجارة في الماء ثم تضعها فوق جلودهم، وكانت تحرق جلودهم بالسخانات الكهربية ثم تصب الكحول على الحروق والجروح وتضع عليها أيضا زيت الترابنتين الحار ، وكانت تحشو أفواههم بنبات لاذع ثم تغلق أفواههم بشريط لاصق وتحشوهم في حقائب ثلاثة أيام متواصلة ، وكانت أيضا تغطسهم في الماء الساخن، ثم الماء البارد ، وتكسر عظامهم ، وما يزال أصغر أطفالها يعاني من إصابة خطيرة في الدماغ .
وكل ذلك لتخلصهم من الشرور كما تنص تعاليم حاخام الطائفة الحريدية الشاذة( إليور شن ) ونشرت يدعوت صورا للمطارق والسكاكين والسخانات الكهربية التي استعملت في تعذيب الأبناء.
وهرب الراب إليور شن البالغ من العمر 38 سنة ويعتقد بأنه لجأ إلى كندا، وطالب مسؤولون إسرائيليون بتسليمه وإعادته إلى إسرائيل بتهمة أنه كان هو الموجه للمرأة ولاثنتين أخريين اتهمتا بتعذيب الأبناء، وكان الراب يطلب من أتباعه أن ينادوه ( ملك الماشيح) .
وكان يواظب على إعطاء دروس للعائلة، بعد أن طَرد الأبَ من البيت منذ أشهر عديدة.
وذكرت الصحيفة بأن هناك عددا من أتباعه يعيشون في المجتمع الحريدي" .
إذن فقد تمكن الحريديون من الإمساك برقبة إسرائيل، بعد أن أزالوا منها اليساريين والمعتدلين، وزحفوا إلى الحكومة بقبعاتهم السوداء ومعاطفهم وسوالفهم الطويلة ، وأصبح اليساريون والمعتدلون في إسرائيل يعيشون في رعب من تيار الحردتة، فأكثر ضباط جيش الدفاع ممن ينفذون أوامر إخلاء البؤر الاستيطانية - وهو إخلاء شكلي -تلقوا تهديدات بالموت، مما جعلهم يعيشون في غيتوات معزولة وتحت حراسة مشددة هم وعائلاتهم حسب وصفهم ، حتى أن نائب مدير مستشفى هداسا عين كارم تلقى تهديدا بالموت، وأنه سيكون هناك حداد على روحه لأنه أبلغ الشرطة عن المرأة التي جوّعت طفلها وعذّبته !
هذا مظهرُ واحدٌ فقط من مظاهر حردنة إسرائيل، آمل أن أواصل الكتابة عن مظاهر هذه الحردنة في المقالات التالية.






#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جودنرين وعربنرين
- إعلام صوت إسرائيل وإعلام العروبة
- استرجاع الذاكرة الفلسطينية
- نتنياهو بين جامعة القاهرة وبار إيلان
- نساؤنا الذهبيات
- إسرائيل دولة المستوطنات
- قطار خرافات الألفية الثالثة
- لا تهدروا رصيد مستقبلكم
- الاحتفال ببلوغ القضية الفلسطينية سن التقاعد
- ماراثون المفاوضات وأولمبياد المباحثات
- القرصنة الفكرية وحفظ حقوق التأليف
- القمع اللفظي للمرأة
- احذروا إسرائيل الليبرمانية
- الإعلان سيد الإعلام
- لاجئ إسرائيلي ولاجئ فلسطيني
- تعقيم الروح بالفنون
- عكاظ وأولمبياد القمم العربية
- تطهير إسرائيل من اليسار والعلمانية
- الفلسطينيون وهواية جمع الألقاب
- شرطة مطاردة المجاز في اللغة العربية


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - توفيق أبو شومر - حردنة إسرائيل