أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - توفيق أبو شومر - من تجربتي مع صحافة الإنترنت















المزيد.....

من تجربتي مع صحافة الإنترنت


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2827 - 2009 / 11 / 12 - 17:24
المحور: الصحافة والاعلام
    


يبدو أن تجربتي الطويلة مع الصحافة الورقية سوف تدخل أرشيف الذكريات ،فالصحافة الورقية كان لها شأنٌ عظيم في القرن المنصرم لأن تأثيرها في تشكيل الرأي العام كان هائلا ، كما أنها كانت أحد أهم روافد الثقافة في عصرها ، وكانت مسؤولة أيضا عن إبراز مواهب وعقول عديدة .
أما صحافة الإنترنت فهي صيحة العصر التي توشك أن تسدل الستار على الصحافة الورقية ، وها هي تدخلها إلى غرف العناية المركزة ، وتستولي على جماهيرها وقارئيها ،وتجبرها على أن تجعل من أوراقها التقليدية صفحات إلكترونية ، وإلا فإنها ستصاب بالضمور بعد أن أعرض عنها كثيرون ، بل صار كثيرون يفخرون بأنهم يعيشون في عصر اللاورق ، فكتبهم وأفكارهم ورسائلهم ، تحولت إلى رموز إلكترونية محفوظة في إسطوانات ورقائق وفلاشات.
وأصبحت الكتب والموسوعات والقواميس أيضا تنام في رقائق صغيرة توضع في ميداليات المفاتيح !
ولم أكن يوما أحلم بأنني سوف أفكر وأكتب أفكاري رقميا لا ورقيا، لدرجة أنني صرتُ أخشى أن أنسى الخط والكتابة !
وحيث أن لكل عصرٍ ميزاته ومساوئه ، فإنني سأشير في هذا المقال إلى شذرات من ملاحظاتي وتجربتي الشخصية في الصحافة الإلكترونية المتعددة في الشبكة العنكبوتية ؛
ولعل أول ما يصدم الكاتب في بداية كتابته في كثير من المواقع الإلكترونية، هو الردود والانطباعات التي يسجلها كثيرون على ما يُكتب، أو ما يسمى حالة التفاعلية التي كانت تنقص الصحافة الورقية ، أو التغذية الراجعة ، وهذه صفة جيدة وسيئة في الوقت نفسه ،!
فقد أصبحت كثيرٌ من مواقع الصحف والمجلات والجرائد الإلكترونية تعتبر ما يكتب فيها من موضوعات ، مهما كانت قيمة تلك الموضوعات ، شيئا ثانويا بالقياس إلى الردود ، إذ أن إقبال المتابعين والمتصفحين والباحثين عبر الشبكة أصبح هو الأهم من الموضوع نفسه، لأن المواقع الإلكترونية أصبحت تقيس كفاءتها بعدد ضربات ( الكليك) التي تعلق على الموضوع ، ومن ثم فإنها تظفر بإعلانات أكثر ، وبأجور أكثر أيضا .
وهكذا فإن الفكرة مهما كانت قيمة ، تصبح مجبرة على دخول سوق الكليكات أو نقرات المتابعة ، لذلك فإن صحفا تجارية كثيرة فتحت أبوابها لطائفة جديدة من الكتاب ، يعرفون كيف يثيرون المتابعين ، وليس مهما أن يكون ما يكتبونه يدخل ضمن الفكر والثقافة والوعي ، فظهرت طائفة جديدة من كتاب الشبكة ، لا يملكون من الوعي والثقافة أكثر من قدرتهم على الإثارة ، أيا كانت هذه الإثارة ، شعبوية أم طائفية ، أم دينية ، أم سياسية ، المهم هو أن تستثير متابعي الشبكة حتى يردوا بأصابعهم وحروفهم لجلب الكثير من الإعلانات !
وصار لكل صحيفة (زبائن) يمتهنون التعليق على ما يُكتب لغرض إبراز أسمائهم بوسيلة سهلة وهي التعقيب والتعليق !
وظهرت طائفة أخرى من المعقبين والمعلقين (تتشعبط) على ما يكتبه المبدعون والفنانون والكتاب ، وتتغزل بأسطرهم مهما كانت كتاباتهم وأفكارهم ، فالمهم هو أسماؤهم الكبيرة اللامعة ، وظهرت تعليقات المجاملات مثل :
" ما أروع كتاباتك أيها العظيم " " إن كل ما ذهبت إليه صحيح " " أنتظر مقالك بفارغ الصبر " !!!!
ولعل أبرز سمات كثير من صحافة الإنترنت هو انزياحها نحو الفئوية والحزبية والطائفية ، فقد أصبح بإمكان أية عائلة أو حتى فرد واحد أن يستأجر مساحة في الشبكة العنكبوتية ليبرز عضلاته ويسوق أفكاره وآراءه ، وأن يستقبل الأتباع والمريدين ، وأن يحشد عددا من الناس للتعليق على ما يكتب ، ظنا منه ومن المتابعين بأن التعليقات هي الإشارة الوحيدة على تفوق ونبوغ الصحيفة .
ومن منطلق تجربتي الطويلة في الكتابة في الصحف الإلكترونية فإنني أشير إلى أنني كنت أرسل مقالاتي إلى مواقع صحفية عديدة ، ولم أكن أقصد أن أُفصّلَ لمقالاتي خلاخيل من مقاسات إلكترونية معينة ، وكنت أود أن تكون أفكاري كما هي في الواقع أفكارا حرة غير منضوية تحت لواء من ألوية التعريفات والتصنيفات ، فأنا أمقت القوالب التي يصنَّف بها كثيرٌ من الكتاب، مثل :
كاتب تحرري ، وآخر رجعي وثالث وطني ، ورابع سلطوي ، وخامس ديني وكاتب اشتراكي أو رأسمالي ، وأنا أعتبر كل كاتب أو مفكر يقبل أن يوصف بهذه الصفة ، هو كاتبٌ منقوص الفكر والثقافة ، لأن الأفكار لا تحدها حدود، ولا يقبل الكاتب المفكر أو الفنان المبدع أن يحاط بسياج الأحزاب أو التسميات السابقة .
و سرقةُ الأفكار والأسماء هي من أكبر المخاطر التي يجدها الباحثون في شبكة الإنترنت، فكثيرة هي المواقع الإلكترونية التي تسرق المقالات والأفكار ، وتتم السرقات بطرق شتّى أبرزها؛ إغفال ذكر صاحبها الحقيقي، أو العبث بمحتواها حتى تبدو مختلفة عن النص الأصلي ، أو الاقتباس بدون ذكر المصدر !
كما أن هناك مواقع أخرى تستولي على أسماء بعض الكتاب المشهورين وتضمهم إلى قائمتها بدون أن تستأذنهم في ذلك !!
قال لي يوما أحد المسؤولين في صحيفة إلكترونية بهمس:
" هناك صحيفة إلكترونية تستولي على ترجماتك وتنسبها إلى محرريها " !!
وقال آخر :
" صحيفتنا لا تنشر لمن ينشرون في صحيفة (فلان) وأنت تنشر في صفحتهم !!
ولم يقتنع عندما قلت له :
أنا أوزع مقالاتي على الجميع ، ولا أقصد صحيفة معينة !!
وقال لي مراسلٌ آخر في صحيفة إلكترونية أخرى:
" أنت محرر في صحيفة فلان المعادي لكل القيم والقوانين ، ولما سألته عن الصحيفة التي لم أشاهدها أبدا ، وجدت أن اسمي بالفعل ضمن هيئة التحرير بدون معرفتي، وطلبت من مسؤولها أن يحذف اسمي ففعل "
وقد أرسل لي أحدهم رسالة إلكترونية يقول فيها :
" إنني أقرؤك باستمرار ، ويعجبني قلمك ، وكم كنت أودُّ لو أنك لا تكتب في صحيفة ........ "
وكتبتْ لي إحدى الفتيات ممن كنت معتادا على أن أعلق على ما تكتبه وأسدي إليها النصح فيما تكتب من خواطر:
" كيف تقبل أيها الأستاذ الكبير أن تكون ضمن مجموعة النشر الإلكترونية ........ وهي مجموعة من العملاء والجواسيس ممن يعادون الوطن "!!
وقد فاجأتني الرسالة بأنني عضو في مجموعة لا أعرف عنها شيئا سوى أنها تنشر ما أرسله لغيرها من المواقع الإلكترونية .
وكتب لي شخص آخر رسالة إلكترونية معلقا على مقال أدبي كتبته عن الشاعر محمود درويش يقول :
" يبدو أنك متطرف يساري " !
وعلق آخر على المقال نفسه :
" هناك فرق بين النقد الأدبي والتفسير الديني، فأنت هنا تفسر الأبيات كما المشايخ "

ولعل أبرز الظواهر السلبية في الكتابة الإلكترونية ، هو التعليقات التي تجرّح الكاتب، وتحبطه ، وهذه التعليقات غير المراقبة من الصحيفة تسيء إلى الكتاب والمفكرين ، وبخاصة إذا كان المعلق جاهلا بالفكرة ، وما أكثر التعليقات التي تثير النعرات العصبية ، وتتعرض بالمهانة إلى شخصيات الكتاب والمفكرين، وتستهزئ بهم وبأفكارهم
وفي العادة فإن كثيرين من قراء الشبكة ينصاعون للتعليق الأول على المقال أو الأفكار المعروضة ، ثم يبدؤون في نسج تعليقات على منوال التعليقات الأولى بدون أن يفهموا النص أو الفكرة ، أو أن يكلفوا أنفسهم بقراءة وفهم ما كتبه الكاتب صاحب الموضوع .
ومن مساوئ نظام التعليقات في كثير من الصحف أنها تتيح لأصحاب التعليقات الجارحة بأن يمارسوا عدوانيتهم نحو خصوم رئيس تحرير المجلة ، وتفرض رقابة شديدة على التعليقات الموجهة لرئيس التحرير وللمحررين وللكتاب الموالين ، وترفض التعليقات الجارحة على ما يكتب فيها ، ولا تنشر إلا تعليقات المدحٍ والإطراء ، وتخلط مزيج المدح والإطراء هذا بنقدٍ واحد أو أكثر غير جارح للتدليل على مصداقية وديموقراطية الصحيفة !
وفي بعض المواقع الإلكترونية التي تُعنى بعدد الكليكات ، فإنهم يُحولون الصفحة الإلكترونية إلى (حلبة) ملاكمة ويبدأ التعليق الثاني في تسديد اللكمة الأولى للتعليق الأول ، ويشتبك الرابع مع الثالث ويُنسى النص الأصلي تماما !
قصة طريفة
كنتُ أجلس إلى جوار أحد مالكي مكاتب الصحافة والدعاية والإعلان في إحدى الندوات عندما رنّ هاتفه المحمول ، وكنت أسمعه وهو يقول :
" في أية صفحة إلكترونية ظهر الخبر ؟
الأولى ..... تمام سأصدر أوامري إلى الجماعة !!
وابتسم وهو يغلق هاتفه المحمول ويطلب رقما جديدا آخر ويقول :
" يا شباب ستجدون في الصفحة الأولى في موقع صحيفة ...... خبرا عن فلان اكتبوا التعليقات المناسبة !!
وقهقه وهو يرد على سؤال لم أطرحه :
" أنت تعرف فلان السياسي اللامع ؟ قلت :
نعم أعرفه قال :
بالأمس ألقى كلمة في مهرجان ، وأنت تعرف قدراته وإمكاناته المتواضعة جدا !!
أنا أطلب من موظفي مكتبي أن يقوموا بكتابة تعليقات مشجعة على الخبر لإبراز أهميته وإعلاء شانه بتعليقات الشباب، أليس هذا واجبنا ، فمعظم شباب مكتبي مختصون في البرمجة !!
إذن ؛
فإن المصداقية والدقة فيما ينشر من أخبار وتعليقات واستفتاءات رأي في شبكة الإنترنت ، ليست سوى أوهامٍٍ يستعملها بعضهم للتضليل .






#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عملاء خمسة نجوم
- تلحين نشرات الأخبار
- المعلقة النعلية
- فلسطين وطن الحروب والمعارك
- من قصص الإذلال في غزة
- طفولة بريئة جدا
- لماذا تكرهون ليبرمان؟
- فلسطينيو الرياستين والوزارتين
- بطلان من السويد بوستروم وبرنادوت
- انفجار الأبناء في وجه الآباء
- صديقي الأطرش العربي
- حردنة إسرائيل
- جودنرين وعربنرين
- إعلام صوت إسرائيل وإعلام العروبة
- استرجاع الذاكرة الفلسطينية
- نتنياهو بين جامعة القاهرة وبار إيلان
- نساؤنا الذهبيات
- إسرائيل دولة المستوطنات
- قطار خرافات الألفية الثالثة
- لا تهدروا رصيد مستقبلكم


المزيد.....




- رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة ...
- قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - توفيق أبو شومر - من تجربتي مع صحافة الإنترنت