سعد تركي
الحوار المتمدن-العدد: 3293 - 2011 / 3 / 2 - 10:18
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لو كان على الشعوب أن تنتظر موافقة الحكام وأجهزتهم الأمنية لنيل الحق في التظاهر، ما كان بالإمكان أن تخرج تظاهرة واحدة، اللهم إلا ما تسيرها السلطة تأييداً وتصفيقاً لعبقرية رأس نظام أرعن مستبد أو نصرةً لقضية رأى حاكم أن يغيض بها أحد أشقائه الحكام، مثلما أباح القذافي لشعبه الخروج بتظاهرات(سلمية) تنديداً واستنكاراً لإعدام ربيبه صدام. أما الخروج ضد ممارسات النظام، وإن كان بصورة سلمية، فهو خط أحمر وخروج على طاعة ولي النعم!!
يشبه ما يأمر به حاكم شعبه أن يستأذنوه ليعبّروا عن فواجعهم من ظلمه واستبداده وفساده، يشبه ـ تماماً ـ طبيباً فرض على مريضه انتظار الإذن كي يصرخ ألماً ويئن وجعاً من أسقامه وعلله، وألا يخبره أن العلاج لم يكن ناجعاً وأن العلة والمرض ما زالا ينخران جسده.. ليس من حق الشعب ـ كما المريض ـ أن يعرض تظلمه فالحاكم العبقري أعلم بمصلحة الشعب وأدرى بما ينفعه ويضره، والتظاهرات ضرر فادح يؤدي، غالباً، إلى تقسيم البلاد وإفساد العباد!!
جميع الحكام في عالمنا العربي والإسلامي أدمنوا الإصغاء إلى عبارات التعظيم والتفخيم والمديح والإطراء التي تمجد بطولاتهم في حروب وهمية أو عبثية.. أدمنوا سماع الأناشيد التي تعظم سخاءهم وكرمهم وضرورتهم لشعوبهم إلى إن اقتنعوا بكذبة كانوا هم أول مطلقيها. صدام صدّق أنه قوة عسكرية لا يمكن لأي جيش الصمود أمامه، وفوجئ القذافي بأن غالبية أبناء جماهيريته لا ترغب برؤيته وخرجت عن طاعته.. جميع الحكام ذهلوا لمقدار الكره والبغض الذي تكنّه الشعوب لهم، صدموا بمقدار هشاشة نظمهم وجبن أجهزتهم الأمنية وانكشاف ظهورهم مع أول ريح.. جميعهم فجعوا بخذلان ( الأصدقاء) وخيانتهم حين تهاوى بيت السلطة.
بالأمس تعاهد مدراء نواحي محافظات وسط وجنوب العراق تحت قبة الإمام الحسين(عليه السلام) على تقديم أفضل الخدمات للمواطنين، متناسين أنهم أقسموا أمام الله والشعب على خدمة الوطن وأبنائه أثناء الانتخابات وقطعوا الوعود والعهود التي تبخرت ما إن جلسوا على الكراسي الوثيرة وحفت بهم الحمايات وجوقات المتزلفين وماسحي الأكتاف.. نسوا ـ أو تغافلوا ـ أنهم تحدثوا وثرثروا كثيراً عما سيفعلون لو انتخبوا.. نسوا أنهم لغاية الآن لم يقوموا بشيء سوى التماس الأعذار لأنفسهم والحديث عن منجزات على الورق.. نسوا أن الأقوال ليس لها من مفعول إلا بالأفعال.. والأهم الأهم أنهم غفلوا عن أن من يقضي حياته يتكلم فقط سوف لن يجد من يصغي إليه لأنه لم يصغ ـ يوماً ـ لأحد.
#سعد_تركي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟