أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المطير - ضرورة إتقان عملية التوثيق والحفاظ على الذاكرة الوطنية















المزيد.....

ضرورة إتقان عملية التوثيق والحفاظ على الذاكرة الوطنية


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 3283 - 2011 / 2 / 20 - 20:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في رسالة غير رسمية من صديق في الإسكندرية – مصر اخبرني فيها أن فريقا خاصا قد تشكل من العاملين في )مكتبة الإسكندرية( في )قسم ذاكرة مصر المعاصرة( للقيام بمهام توثيق ثورة 25 يناير التي نادت بالإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد في إطار الدور الذي تنهض به المكتبة في الحفاظ على التراث المصري وتنمية الفكر التوثيقي في الميادين كافة . معروف أن مكتبة الإسكندرية هي واحدة من كبريات المكتبات العالمية المستقرة بانضباط عملها لصياغة عملية حفظ الكتاب والوثائق وفق احدث النظريات الأرشيفية.
من خلال هذه الرسالة وصلتُ إلى سؤالٍ كامنٍ، كما أظن، في عقل كل مثقف عراقي هو: هل ضاعت الذاكرة العراقية عن التاريخ العراقي المعاصر..؟ من المسئول عن هذا الضياع هل البيئة السياسية أم المؤرخون أنفسهم أم العنف المتزايد على حرية التعبير وكلها تعرض مراكز التوثيق العراقية إلى فقدان الوثائق أو بعثرتها. كما حدث وما زال يحدث منذ عقود إلى بيع وتهريب مخطوطات ووثائق من المتحف العراقي.
في العادة أن الثورة ، كل ثورة ، لها هوية خاصة ، وجماهير خاصة، فيها من يُصلب أو يُقتل ، فيها من يعتزل أو يُعزل، فيها من يجبر على الرحيل ، فيها من ينهزم في قمصان بلا أكمام أو بملابس داخلية وغيرها من الحالات، التي ينزف فيها الدكتاتور والمستبد دما من قهره حين يجد نفسه طائحا من كرسي العرش إلى وساخة المستنقع . هذه الحالات واليوميات الدقيقة والعديد من البيانات الرسمية والشعبية وحتى التصريحات الصحفية والتلفزيونية المتعلقة بالثورة، بقادتها وأعدائها، كلها تحتاج إلى توثيق، صورة وصوتا وكتابة، لتكون منظوراً واضحاً مفترضاً أمام رؤى الأجيال القادمة. من هنا فأن هذا المشروع التوثيقي الكبير يحقق السعادة والسرور للمثقفين المصريين لأنه سيوفر للأجيال القادمة إمكانية الاطلاع على كافة المواد المتعلقة بالثورة، مثل: الصور، والوثائق الرسمية كالقرارات، وغير الرسمية مثل المنشورات الصادرة عن الأحزاب والتنظيمات كافة ، إضافة إلى الأرشيف الصحفي، والصوتيات كالأغاني في الشوارع ، ومقاطع الفيديو، وغيرها من المواد، من خلال الموقع الإلكتروني للذاكرة الذي سيضم ملفات وثائقية للأحداث التي واكبت ثورة 25 يناير منذ بدايتها وحتى نجاحها في 11 فبراير، متضمنة ملفًّا خاصًّا بكل محافظة من محافظات مصر، وجميع المقالات والأرشيف الصحفي الكامل لكافة الجرائد والمجلات. كما أن فريق العمل لديه ملفات خاصة بشهداء ثورة 25 يناير تم الاعتماد فيها على ما نشره الناشطون وأصدقاء الضحايا على شبكة الإنترنت، لتوثيق قصص هؤلاء الشهداء وإضافتهم إلى سجل تضحيات الشعب المصري.
من هذا المنطلق الثقافي البارع أوجه النداء، كما وجهت مثيلا له، من قبل، إلى المكتبة الوطنية العراقية وغيرها من الدوائر المعنية بالذاكرة العراقية وبأرشفة القضايا الرئيسية في التاريخ العراقي الحديث بضرورة اعتماد وسائل وتقنيات رئيسية للوصول إلى محاور متنوعة في عملية حفظ وصيانة الذاكرة العراقية.
من المؤسف جدا أن أحداثا كبرى، من حوادث العراق الحديث، مرت بضياع أو تكتم. لا زالت الكثير من وقائع ومسيرة ثورة 14 تموز، غامضة أو مبهمة، لأنها لم تحفظ ،بعدُ ، بحركة موضوعية، بل أن الكشف المرسل، ذات يوم، في برنامج اسمه (بين زمنين) قدمته قناة خليجية كانت واقفة بقوة إلى جانب نظام صدام حسين اثر سقوطه. تناولت قناة أبو ظبي عام 2002 حياة عبد الكريم قاسم في ست حلقات. كانت مبادرة طيبة من كاتبها احمد المهنا حيث استطاع بجهد فردي إيصال بعض الأفكار والمعلومات والحقائق عن شخصية عبد الكريم قاسم وعن ثورة 14 تموز عام 1958 في العراق. ربما استبعد منتجو البرنامج بعض الحقائق عمداً، أو ربما لم تتوفر تحت يديهم تلك الحقائق المستبعدة، لكن فهمنا لم ينصب على واقع أن ثورة 14 تموز ليست مؤرشفة، حتى الآن، رغم أن العديد من الكتب صدرت عنها بأقلام ذات مقدرة تحليلية عالية المستوى مثل كتب الدكتور عقيل الناصري وعبد الخالق حسين، كذلك كان إبراهيم خليل حسين قد نشر سبعة كتب ضمنها محاولة لأرشفة حوادث الثورة وصراعاتها الداخلية والمشاكل الظاهرية والتحديات التي واجهتها وقد كان من الضروري أن نشاهد ذات يوم محاولة من الحزب الشيوعي العراقي لتحرير بعض وقائع الثورة تحريرا موضوعيا على اعتبار أن الحزب كان احد صناع الثورة واقرب حلفاء زعمائها خاصة بعد أن كان كتاب عزيز سباهي بثلاثة أجزاء بعنوان: عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي، قد جاء بصمت يكاد أن يكون تاما بشأن العديد من قضايا متعلقة بثورة 14 تموز وعبد الكريم قاسم والحزب الشيوعي مما عرض الذاكرة العراقية إلى خسارة كبيرة.
إن الفسحة التكنولوجية التي تمتلكها مكتبة الإسكندرية في حفظ وثائق ثورة 25 يناير 2011 حيث توفر لموظفيها الاستقلالية والحيادية بالنسبة الأعلى في ضمان حفظ وأرشفة سياق الثورة العملي، مما يجعلها قادرة على خدمة التاريخ المصري الحديث ومؤرخيه. هذه الفسحة غير موجودة في العراق لا قبل عام 2003 ولا بعده ولا في المستقبل القريب مما اوجد صعوبة عمل المؤرخين والباحثين مما جعلنا نشاهد خلال العامين الماضيين مسلسلين تاريخيين أنتجتهما قناة الشرقية. عن تاريخ نوري السعيد في المسلسل الأول وعن الملك فيصل الثاني في المسلسل الآخر بصورة لم تعرض معلومات ووقائع أمينة بسبب الاستحواذ الفردي على كتابة السيناريو من دون توفر ذاكرة عراقية مؤرشفة حيث طغت معايير غير مسئولة على المسلسلين أوجدت الكثير من القيل والقال عنهما بسبب بعض الروايات الحكائية المخطوءة.
قد ينطبق الحال في المستقبل على جوانب أخرى من أحداث التوتر السياسي في التاريخ العراقي أو عن وسائل الجور والتعذيب التي مارستها الدكتاتورية المتعاقبة في سجن نقرة السلمان مثلا أو مارستها الدكتاتورية البعثية في قصر النهاية أو ما جرى في حلبجة وما صار من أثار نفسية وجسدية على شعبها بينما لم يتم حتى الآن أي توجه يستهدف أرشفة حقيقية لحفظ الذاكرة العراقية حتى ولو بشكل بدائي مأمون، أي ليس بمستوى فعل مكتبة الإسكندرية . يمكنني القول أن العراق لم يعرف حتى الآن جميع شهدائه ، بل أقدم مثالا آخر أن الحزب الشيوعي العراقي لم يكن قريبا من آمال حفظ وأرشفة أسماء والسيرة الذاتية النضالية للشهداء من أعضائه رغم محاولة إصدار كتاب عن بعضهم بمشهد بائس مع الأسف.
لا بد من التذكير هنا أن الطريقة النزيهة في الأرشفة وحفظ الذاكرة يمكن أن تناط بجهة حكومية متخصصة لحفظ تاريخ ما بعد عام 2003 بالصوت والصورة والكلمة كي لا يتعرض شيء منها مستقبلا للخرق أو التحريف أو التشويه ويمكن الاستفادة من المعايير الأوربية في مراتب حفظ الذاكرة في مكتباتها ومؤسساتها وتدريب كادر عراقي مستقل التفكير ليكون أمينا ممكنا على التاريخ الثقافي والسياسي العراقي.
يذكر أن ذاكرة مصر المعاصرة المحفوظة في مكتبة الإسكندرية تعد أكبر بوابة إلكترونية تضم بين صفحاتها تاريخ مصر في قرنين من الزمان، بدءًا من عهد والي مصر محمد علي باشا عام 1805 وحتى نهاية عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات في 6 أكتوبر 1981. يتم تحديث المواد المدخلة للموقع الإلكتروني مرتين شهريًّا، حيث يقوم فريق الباحثين القائمين على الموقع بإضافة العديد من المواد؛ مثل: الصور، والوثائق، والملفات الصوتية، ومقاطع الفيديو، والأرشيف الصحفي، والطوابع البريدية، وغيرها.
في عام 2003 سمعنا وشاهدنا في الانترنت موقعا الكترونيا عراقيا عن مؤسسة الذاكرة العراقية بدا تأسيسه عام 1992 بهدوء التحدي من قبل الدكتور كنعان مكية، منطلقا في حينه من احد مراكز الأبحاث في جامعة هارفرد الأمريكية، محاولا أن يستجمع قيم الوثائق العراقية المبعثرة، ووثائق من التراث السري والعلني لنضال الشعب العراقي. كانت مبادرة رائعة حقا لكن كل محاولة لإنشاء السدود حولها لا تقود لغير العجز عن المواصلة وهذا ما حصل مع الأسف الشديد وما لبث أن تحول الموقع في كثير من مواده إلى شبيه لمواقع أدبية – فنية – ثقافية عديدة. كما اصدر البعض من العراقيين (جريدة موقع الذاكرة). لم أطلع عليها في حينه لكنني قرأت عنها بمقال كتبه عبد الخالق كيطان. ما وجدت في الجريدة المذكورة أي منحى توثيقي حقيقي بل كانت جريدة أدبية – فنية أعاد فيها بعض الكتاب العراقيين والعرب نشر مقالاتهم العامة فيها.
حفظ الذاكرة علم مهم وفن واسع تحرك تاريخي يتطلب الحياد والجرأة والمجازفة والعمل بلا ازدراء لحدث أو شخص، بلا تجاهل لأي عملية شعبية تحمل تحديا لجماعية القهر والاستعباد. قد يلفت ، ذلك كله ، الانتباه لمقدرة عالية، يعتمد على بنية تحتية واسعة وعلى نخبة من العاملين، من المحامين، من لكتاب ، من القيادات السياسية وعلى نخب فنية وثقافية وعلى سجلات مدونة كالقرارات والأخبار والعرائض والبيانات السياسية والدعاوى القانونية وعلى مدونات النقاش الشفهي وعلى المقابلات الصحفية والإذاعية والتلفزيونية وعلى بيانات المقاومة السرية وعلى مصادر الأدلة الثبوتية التي تقنع علماء الاجتماع والمؤرخين.



#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن تهديد المشير الركن نوري المالكي ..!
- من المستحيل أن تهدأ ثورة الغضب يا أسامة النجيفي..!
- نوري المالكي يدير دبره لجماهير الكوت الباسلة..!
- متى يدرك الرئيس الطالباني أن رياح التغيير ساخنة وسريعة..‍!
- بغداد تنتفض ضد خلفائها الثلاثة غير الراشدين..!
- الرئيس المخلوع أتعس الأوادم..!
- رسالة إلى الشاعر الغائب احمد فؤاد نجم
- مصير كل دكتاتور هو الهروب إلى الجدب و الحرمان يا سوزان..!
- عن خواطر الدهر العراقي في حديث الشاعر حميد العقابي
- جريمة 8 شباط لا يمحيها الزمان
- يا حاشية نوري المالكي .. قولوا له الحقيقة ..!
- أيها الحكام العراقيون اهتفوا أو ارحلوا.!
- المسافة السيكولوجية بين الوطن والمنفى في أشعار طالب غالي
- ديوان شعر الجماهير المصرية عنوانه : الرحيل..!
- هذا عصر التغيير يا لبيدوفتش عباوي..!
- المعمار الهندسي في قصص فرات المحسن
- أيها الحكام العراقيون: أصحابكم محاصرون .. ويسقطون..!
- أيها العراقيون لكل الناس هتاف.. فمتى تهتفون ..؟
- لا تعذروا (الشرطة الوطنية) إذا هزجوا للمال الحرام..!
- تكبروا .. تجبروا .. تعفتروا.. تعنتروا .. تبختروا يا سادة الم ...


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المطير - ضرورة إتقان عملية التوثيق والحفاظ على الذاكرة الوطنية