أحذية لخطاب مبارك!

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

الحوار المتمدن-العدد: 3274 - 2011 / 2 / 11 - 17:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لم ينتهِ عصر الأحذية بعد، والحذاء الذي رمي بوجه الرئيس الأميركي جورج بوش قبل عامين ونيف، كان مجرّد افتتاح لعصر طويل سيطال حكّاماً عرباً هذه المرّة كما لم يكن من قبل.

خاطب حسني مبارك شعب مصر، فلم يغنِ ولم يسمن، وأعلن أنّه باقٍ ما بقيت حياته وأنّه سيعيش ويموت على أرض مصر. ذكّر كما العادة ببطولاته ومآثره ولم يتحدّث عن ملياراته الخضراء. أعلن مجدداً عدم ترشحه لانتخابات سبتمبر الرئاسية لكنّه لم يعلن أنّ نجله جمال لن يترشّح. أحزنته ظروف التظاهرات، فجعل يتباكى على من سقط من الشهداء معلناً تألّمه، وتجاهل مطالب المتظاهرين المرفوعة في وجهه منذ البداية تطالبه بالرحيل. أعلن عن محاسبة مرتكبي التجاوزات ولم يشر أبداً إلى محاسبة نفسه عليها؛ فالريّس براءة يا ناس!

وادّعى حسني مبارك أنّ أغلبية المصريين تعرفه وتعرف انجازاته وأعماله وسمعته، وتغافل عن آلاف من الرايات والشعارات المرفوعة؛ بأصوات الجماهير، وكلماتهم المخطوطة على أجسادهم أحياناً، تعدّد مآثره الحقيقية كما يرونها، ويغضّ البصر عنها. شعارات تعلنه ديكتاتوراً فاسداً مهترئاً متأمركاً متصهيناً يسعى لتوريث نجله "المملكة"، ويضرب مستقبل الشباب الإجتماعي والإقتصادي والسياسي، ويؤجج نيران الفتنة الطائفية، ويتلطى خلف آلاف السواتر العسكرية والمخابراتية والإعلامية الداخلية والخارجية خوفاً من شعبه، وإمعاناً في الظلم والإستبداد.

خاطب حسني مبارك الشعب المصري بخطابه المهترئ، ولم ينتظر المتظاهرون والمحتجون أكثر من خمس دقائق حتى بدأت صيحات باتت كاللازمة بالتعالي: إرحل إرحل!! ما أشدّها صراحة برباعية أحرفها وأمرها المذكّر بأحد أسماء الأصوات في تردادها المليوني الهادر: حا حا حا.. ولا يرحل!!

يخطب مبارك ويكذب كالعادة ويتغافل عن ملايين الأصوات، ويصدّق نفسه، يقتنع بما يتفوّه به ويقنع نفسه أنّه مظلوم، وأنّ المشكلة في غيره، وليست فيه. يزيّن له نظامه وحاشيته المخابراتية والعسكرية والمالية ذلك، فلا يستفيق إلاّ على أحذية يرفعها المتظاهرون في وجه خطابه قبل أن يكتمل.. أحذية قد يراهن أصحابها على أن يفهم الريّس من خلالها مطالبهم هذه المرّة حين يراجع مشاهد الإحتجاجات، عسى ألاّ يظنّها مجدداً مرفوعة في وجه غيره!

#عصام_سحمراني (هاشتاغ)       Essam_Sahmarani#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل