أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام سحمراني - المدّ السابع بعد الجزر- قصص قصيرة جداً














المزيد.....

المدّ السابع بعد الجزر- قصص قصيرة جداً


عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)


الحوار المتمدن-العدد: 3029 - 2010 / 6 / 9 - 08:19
المحور: الادب والفن
    


خطّ

حتى قرصة صغيرة من موظف الباص المكلّف بالسؤال عن التذاكر كانت تسعده. قرصة صغيرة تعبر بطيبة ورأفة فوق خدّه وهو يناوله التذكرة ويبادله الإبتسام. كان كعادته اليومية يبتدع الحلم ويرنو الأمل في المدرسة والشارع والباص ليخدّر يتماً أزلياً.

وجه

لم يبدِ أيَّ اهتمام حين أخبرته، بحماسي المعهود، أنّ بإمكان تلك القطعة الإلكترونية الصغيرة أن تحمل داخلها أكثر من مئة كتاب أدبي وفكري وعلمي عربي ومترجم وأجنبي. لا بل أبدى ملله من حديثي وهو يغرق في بحر من الشرود واللامبالاة.

تداركت الأمر مباشرة بعدها وشددته إليّ وهو يفتح فمه دهشة من كلماتي: ...يمكن لها كذلك أن تحمل أكثر من عشرين شريط فيديو جنسياً.

أيّار

أمطار أيّار حين تهطل بغزارة مفاجئة يكون لها دوماً وقع مختلف عن شقيقاتها في باقي الشهور. فالأجساد تحررت من عبء معاطفها وشالاتها، والشوارع أوقدت نيران شموسها فوق الأسفلت، والغبار استقل بأوطانه فوق زجاج سيارات التاكسي. لا مظلة تخطر على بال ولا أسفل مصطبة يشغل الفكر إلاّ لحظة الإنهمار، تغطي السماء بخطوطها ومزاريبها.

لا تشذّ منطقة الحمرا في بيروت بشوارعها الضيقة ذات الإتجاه الواحد عن قاعدة طرقات الأمطار حين تتحقق معادلة سرمدية قائمة على ازدحام السير المترافق مع الهطول. لا تشذ الحمرا أبدا عن تلك المعادلة، والزمامير المتعالية تكاد مع أصوات السائقين تخفي صوت ولوج الرياح مداخل الأبنية، وقرقعة بركات السماء فوق الأسطح المعدنية.

موقف

لم يكن نجيب حاضرا لحظة نزلت السيدة، من منزلها المجاور إلى سيارتها التي ركنتها في موقفها المعتاد، لتفاجأ بسيارته، التي لم ترها من قبل، تقفل طريق الخروج عليها. ردّدت بهدوء كلمة: يا الله، مرات متتالية لكن بامتعاض واضح، أتبعتها بصوت متعال بلا حول الله يا رب، ولا نتيجة. نظرت واستطلعت من حولها فلم تجد أحداً. سألت صاحب الدكان فلم يجلب سؤالها سوى المزيد من التوتر الذي جعلها تطلق زمور سيارتها ولسانها معا، بشتائم متعددة تطال السائق وسيارته، والشرطة، والبلد بأكمله والحياة القذرة فيه. عندها وصل نجيب وأزاح سيارته دون أن ينظر إلى السيدة.

برهة

تراكض طفلاها خلف بعضهما بخطوات صغيرة متعثرة تطأ للمرة الأولى أرضاً مشبعة بالشمس متبحرة بالإتساع. كان يوم العطلة الأول الذي تمضيه معهما خارج المستشفى بعد عامين أمضتهما فيها بين غيبوبة كاملة وتحرك محدود.

تلك البسمة ترسم ثغرها، وتشعل عينيها تلاحقان خطوات الصغيرين وهما يبتعدان، انهمرت داخل روحها وانسكبت في فؤادها، حتى أطلقت قدميها تنشد الوصول إليهما فانكشف الجسد الطري من ثنايا الذاكرة، يسابق ساقيه لاختراق الزمن الآتي. كانت تعاود الغياب عن لحظة حاضرة حين سبقت طفليها، وانطلقت للإمساك مجدداً بمستحيل اخترق ما فيه نبضاتها.

خصوبة

لم ينعكس ضوء الشمس وهو يصطدم بصفحة الماء هذه المرة. ارتجفت المياه وخلقت مئات من الأمواج الصغيرة بغرابة غياب الهواء. تحوّل لون البحر وانقلب إلى الأخضر الغامق المرتبك الزرقة، ولم ألمح أثراً لزبد عند أطراف الصخور.

في تلك اللحظة، كنت أغوص في بحر أحلامي، فلم أستيقظ إلاّ على انشقاق الماء عليها، وهي تخرج بشلال من ذيلها العملاق وشعرها الذهبي.

حلقة

اهتزّ رأس القصبة بشدة فسارع إلى رفع خيطها من الماء؛ ليخرج، للمرة الأولى منذ احترافه الصيد شهوراً من البطالة، سمكة كبيرة.

لم يتجرأ على انتزاع غدّارة قصبته من فمها، فأحد الأمور النادرة التي علقت في ذهنه عن الصيد، أنّ ذلك النوع من الأسماك يسبّب لسعة فورية حين يلمسه. خاف من الغنيمة أكثر رغم سعادته بمولد باكورة رزقه البحري ضخما بهذا الشكل.

لفرحه الكبير بها تخيّل لو كانت راتباً وكيف كان سيعلّق أحد أوراقه النقدية في إطار على حائط غرفته لشهر كامل على الأقل. لكنّ خوفه منها، وكانت كما لو أنّ الخيط يلتف على أشواك حسكتها، جعله يلوّح بها ويضربها بالأرض، حتى استكانت تماما بعدها وتوقفت عن التلوّي. حينها فقط مدّ يده لينتزعها بجرأة مختلفة عن لحظة التفريق بينها وبين منزلها، ولم يكن يعلم أنّ لسعتها بعد الموت تكاد تكون أشدّ.



#عصام_سحمراني (هاشتاغ)       Essam_Sahmarani#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنتخابات جامعية مستنسخة في لبنان
- المعوّق.. إحدى شتائم سياسيي لبنان!
- عمي السيّد لا يأكل بيتزا الحجّ نادي!
- حديث الفارغ والممتلئ في انتخابات بيروت
- من حقهم كلبنانيين أكراد
- يحصل في بعض الملاعب الأوروبية
- كترمايا
- أوباما الفاشل.. فرصة لحركات المعارضة العربية
- عماد الدين رائف.. صحفي متقصٍ لقضايا خاصة
- الحريري وبن غوريون والحرب القادمة


المزيد.....




- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام سحمراني - المدّ السابع بعد الجزر- قصص قصيرة جداً