أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهدي الداوودي - المثقف المصري والانتفاضة














المزيد.....

المثقف المصري والانتفاضة


زهدي الداوودي

الحوار المتمدن-العدد: 3273 - 2011 / 2 / 10 - 23:59
المحور: الادب والفن
    


المثقف المصري والانتفاضة
يوسف إدريس، نموذجا للوجه المشرق

لاشك أن المثقف يعتبر محرار الوسط الذي يعيش فيه الشعب، بيد أن هذا لا يعني أن مزاج المثقف يتطابق مع مزاج الأخير بصورة ميكانيكية. ولكي لا نتورط بالإدعاء بأن المثقف يقف في مكان أعلى من الشعب، نكتفي بالقول بأن المثقف يحس بما يدور في خلد شعبه من مشاعر وأفكار وأمنيات وأحلام، تماما مثل المحرار الذي يعكس لنا درجات الحرارة سواء في الظل، داخل البيت أم في الشمس خارج البيت. الفرق بين المثقف وشعبه أن الأول لا يكتفي بمجرد اجترار المشاعر والافكار والامنيات والاحلام، بل يحولها إلى عمل ابداعي موجه إلى الشعب الذي يجد فيه أحاسيسه هو. ويجد المتلقي أيضا أن مشاعر وأحلام المثقف تختلف بعض الشيء عما في داخله هو. إنها ليست مشاعر وأحاسيس أو أحلام مجردة، بل أنها مغلفة بقوة سحرية، تدفعه إلى الحركة، إلى التذمر عن الوضع الذي يعيش فيه. ويتوصل إلى وعي جديد ألا وهو رفض الواقع الذي عاش فيه حتى الآن وأنه لم يعد مستعدا لمواصلته. وهكذا من حيث عرف أم لم يعرف، اكتشف – بمعاونة المبدع – أحد أهم قوانين الثورة. إن هذا القانون اللامرئي ينتقل إلى الشعب عن طريق أغنية جميلة أو نشيد حماسي أو قصيدة، قصة، رواية أو نكتة.. ولما كان التراكم الكمي يؤدي إلى التغير النوعي بمرور الزمن، نجد أن الشعب الذي عرف عنه الخمول واللاابالية يتحول إلى عفريت يغادر قمقمه ويحطم العالم القديم الذي لم يعد يتحمله.

المثقف الواعي الذي يقف إلى جانب شعبه، يدرك هذه الحقيقة ويظل واقفا إلى جانب شعبه حتى النفس الأخير، دون أن يتمكن السياسي من شرائه.

ولما كان السياسي يعرف تلك الحقيقة التي أشرنا إليها ويعرف جيدا الدور الخطر الذي يمكن أن يلعبه المثقف، لذا يتحين الفرص ويتربص بالمثقف الذي يعرف نقاط ضعفه وقوته فيجره إلى جانبه عن طريق شرائه بوظيفة ذي راتب محترم أو بمنحه جائزة تقديرية يكفيه ثمنها لمدى الحياة. وهكذا تمكنت دولة مبارك أن تضم إلى فلكها أكثر من 600 كاتب، سلخوا من محيط الشعب واكتفوا بالعيش في واحة الدولة. هذا إلى جانب تلقيهم الهدايا والمكافئات من دولة صدام وأما المثقف الذي يمتنع عن الانجرار إلى فخ السلطة، فمصيره الاهمال والصمت أو السجن كما حصل في حينه مع المرحوم يوسف إدريس: (أنظر، د. جلال أمين، يوسف إدريس: أقصى العقوبة لحب مصر، مجلة أدب ونقد. سبتمبر 1992، ص 64)
في 1954، أي بعد نشر مجموعة "أرخص ليالي" مباشرة، هي المجموعة التي أحدثت انقلابا في القصة القصيرة العربية، وضع يوسف إدريس في السجن لمدة 14 شهرا بدون توجبه تهمة إليه، والسبب هو معارضته لاتفاقية الجلاء في 1954، التي كنا جميعا وقتها نرى فيها صورة مكررة لمشروع اتفاقية صدقي – بيفن في 1946، وهي أيضا الاتفاقية التي تظاهر ضدها يوسف إدريس في 1946 (كان عمره 19 عاما) وكان سكرتيرا للجنة الطلبة..
وفي منتصف الستينات رشح يوسف إدريس لجائزة الدولة التشجيعية وهي جائزة متواضعة جدا بالنسبة لما كان الرجل قد أنجزه بالفعل، ومع ذلك رفض إعطاؤه الجائزة بحجة كثرة الألفاظ العامية التي يستخدمها، وقام أحد أعضاء اللجنة التي تقوم بالترشيح للجائزة بإحصاء عدد الكلمات العامية في قصص يوسف إدريس واستخلص من ذلك أن هذا العدد لا يبيح للكاتب الفوز بالجائزة!
في 1969 منعت مسرحية "المخططين" من استمرار عرضها بالمسرح باعتبار أنها تهاجم دكتاتورية النظام. وفي نفس السنة أو قبلها بقليل، كان يكتب من حين لآخر مربعا صغيرا في الصفحة الأخيرة من الأهرام، وألقى عبد الناصر خطبة قال فيها إن الحرية هي حرية الحصول على رغيف الخبز، فكتب يوسف إدريس في مربعه أن الحرية ليست هي الخبز، بل هي أكثر من هذا، فمنع من الكتابة في الأهرام لبضعة شهور. وفي 1973، قبيل حرب اكتوبر، فصل يوسف إدريس من الأهرام بسبب توقيعه على البيان الشهير الذي قدمه مجموعة من الكتاب إلى أنور السادات يعبرون فيه عن استيائهم من تقاعسه عن تحرير سيناء.
ثم هبت العاصفة الكبرى في 1983، عندما شنت حملة شعواء عليه من كتاب وسياسيين بما في ذلك رئيس الجمهورية نفسه، متهمين يوسف إدريس بأنه يشوه سمعة مصر، ولمجرد أنه كتب مجموعة مقالات في جريدة القبس الكويتية انتقد فيها اتفاقية كامب ديفيد والصلح مع اسرائيل. ورفضت الأهرام وهي الجريدة التي يعمل فيها، أن تنشر له دفاعا عن نفسه، وكذلك الجرائد الحكومية الاخرى، فاضطر أن ينشر دفاعه عن نفسه في جريدة لا يكاد يقرأها أحد هي "الاحرار"
ليس هناك أدنى شك، في أن مثل هذه المواقف التي اتخذها يوسف ادريس، هي السبب في تأخر منحه جائزة الدولة التقديرية. تلك الجائزة التي حصل عليها بعض الناس ممن لم يسمع بهم أحد أو لن يكتب عنهم في تاريخ الادب ولا حتى هامش صغير. أما يوسف إدريس فلم يحصل على هذه الجائزة إلا قبل وفاته بأسابيع قليلة، وهو راقد على فراش المرض في لندن، ولا نعرف على وجه اليقين ما إذا كان قد عرف بحصوله على الجائزة أو لم يعرف. وهو نفس التصرف المخزي الذي فعلته الدولة مع الدكتور لويس عوض وكأن الدولة لم ترد أن تعطي الجائزة ليوسف إدريس إلا بعد أن اطمأنت تماما إلى أنه لن يكتب شيئا بعد الآن.

وحول موقف المثقفين المصريين السلبي تجاه الانتفاضة، أوضح الشاعر والروائي حمدي عباس (أنظر: ميدل ايست آوتلاين: أزمة مصر: المثقفون المصريون يختفون في ظروف غامضة. الاتحاد 2 / 10 / 2011) أن المثقفين المصريين لم يكن لهم بوصلة تحدد اتجاهاتهم، فكيف يتوقع أن يروا الطريق، وقال: لقد فات أوان عتاب المثقفين أو لفت نظرهم أو النداء عليهم، هم لا يزالون تحت وطأة ما روجوه من فساد للنظام السابق، وأعتقد أن هذه الثورة ستلد مثقفين يشاركون في صنع مستقبل يعيد لمصر مكانتها.



#زهدي_الداوودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة أهل الكهف
- لمحة عن تطور الكورد منذ أقدم العصور
- موضوعات حول التيار الديمقراطي العراقي
- من تاريخ الحركة العمالية العالمية صعود وأفول حركة سوليدارنوش ...
- وداعا محي الدين زنكنه
- فصل من رواية -ذاكرة مدينة منقرضة-
- وزراء أم بلطجية
- إلى صديقي كاظم حبيب
- موت شاعر
- شيء عن الفدرالية
- أقليم كردستان، مكسب تاريخي لا يجوز التفريط به
- دناصير من هذا الزمن
- عار البعث في 8 شباط 1963
- تحريف التاريخ في زمن الارهاب
- أيها البحر
- تعصب الجاهلية الاعمى
- الواقعية في السياسة
- إلى أنظار المدعي العام العراقي المحترم
- أين تكمن خطورة البعث؟
- هل نحن بحاجة إلى النقد؟


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهدي الداوودي - المثقف المصري والانتفاضة