أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - زهدي الداوودي - عار البعث في 8 شباط 1963














المزيد.....

عار البعث في 8 شباط 1963


زهدي الداوودي

الحوار المتمدن-العدد: 2909 - 2010 / 2 / 6 - 19:53
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


حين تعود بي الذاكرة إلى أيام الانقلاب الفاشي الأسود، أحس بقشعريرة برد طاغية، تقتحم جسدي من قمة رأسي إلى أخمص قدمي. أحس بذلك الشعور سواء في زمهرير الشتاء أم في قيظ الصيف. كنت فيما مضى، أعتقد أن سبب ذلك يعود إلى موجة البرد الشديدة التي رافقت تلك الأيام العصيبة. وظلت قيادة البعث تتغنى بهذا الانقلاب الدموي على مدى أربعة عقود من الزمن كعروس الثورات التي جلبتها الإدارة الأمريكية بقطار خاص وذلك بعد أن أزالت بكارتها مقدما كعربون لإخلاصها للمصالح الأمريكية في المنطقة. وتبين لي في ما بعد أن سبب القشعريرة لم يكن موجة البرد العاتية، بل شيء آخر.
كان الكثير من أبناء الشعب العراقي يعتقد أن هذه "العروس" ستعيش إلى الأبد، بيد أن المرحومة والدتي كانت لها فلسفتها الخاصة التي كنت لا أعرف من أين تستمدها. كانت تقول لي بعد كل صلاة:
"أطمئن يا ولدي، إن صبر الله الصغير عبارة عن أربعين عاما"
وأقول بغضب مصطنع:
"والكبير؟ عبارة عن ألف عام، أليس كذلك؟"
عند ذلك كانت القشعريرة تزول من جسدي وأستمد العزيمة من أمي التي كانت تستمد عزيمتها من قوة أكبر. وهي تعلق بين حين وآخر ولا سيما عندما كان الحديث يدور حول مصير الطاغية:
"لا يتغلب على ظالم تجاوز حده، إلا مَن لا إيمان له".
المسافة بين أربعة عقود وألف عام كما نرى كبيرة جدا، تكفي أن تبعث اليأس في نفس الإنسان مهما كان حليماً.

وهكذا اعتقد صدام أن سلالته ستحكم على الأقل ألف عام. بيد أن الله فكر هو الآخر بمصير هذا الشعب المسكين الذي كان يعاني الأمرين على يد الطاغية وحاشيته. ورأى أن العقود الأربعة قد انصرمت، فلا بد من عمل شيء، وأن "العروس" المغتصبة التي جاءت بقطار أمريكي خاص، يجب أن تعود بحمالة أمريكية أيضاً. وكان ما كان.
يؤسفني أن والدتي لم تعش نبوءتها. لقد فارقت الحياة قبل سقوط النظام الفاشي بعام. وكثيرون هم الذين فارقوا الحياة في السجون والمنافي والمقابر الجماعية وتحت وابل الأسلحة الكيمياوية، دون أن يعيشوا عملية سقوط الدكتاتور الذي لاذ بالفرار، تاركا جيشه الجرار في مهب الريح.
يا ترى، أهي مفخرة أم عار للقائمين بهذا الانقلاب الذي يعتبر وصمة عار في جبين تاريخ العراق المعاصر؟ إنهم لم يكتفوا بالتمجيد الأجوف لهذه الصفحة السوداء، بل أضافوا لها في تموز 1968 صفحة أخرى من الذل والهوان، وكأنهم لا وظيفة لهم سوى تخريب العراق وتدميره وتشويهه وتمزيق صفوفه.

إن العراق، بكل أطيافه لا يعطي الضوء الأخضر لقيادات البعث الفاشية للوثوب إلى السلطة من خلال حصان طروادة. إن ذلك يعني العودة إلى الاستبداد و الفاشية. المطلوب من البعث، سواء من قياداته الفاشية أو غير الفاشية، أم من كوادره وقواعده الغير متورطة بالجرائم، تقديم اعتذار شامل لما بدر منهم من الجرائم بحق الشعب وتخريب الوطن وإدانة أساليب الإرهاب والانقلاب. وفي كل الأحوال لا يجوز أخذ البعثي البريء بجريرة البعثيين المجرمين.



#زهدي_الداوودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحريف التاريخ في زمن الارهاب
- أيها البحر
- تعصب الجاهلية الاعمى
- الواقعية في السياسة
- إلى أنظار المدعي العام العراقي المحترم
- أين تكمن خطورة البعث؟
- هل نحن بحاجة إلى النقد؟
- عندما يتحول الماضي إلى عبء مميت
- الجدران بين 2010 ق.م و2010 م إلى أدونيس
- ملاكمة بين أروخان والعسكرتارية
- أين تكمن المشكلة؟ بين الأمس واليوم
- متى نتعلم نن التاريخ
- القضية الكردية في تركيا
- لماذا يعلن القاتل عن جريمته؟
- تأملات
- حول مفهوم الديمقراطية
- على هامش حملة المثقفين العراقيين هل هي مشكلة عدنان الظاهر فق ...
- وداعا قحطان الهرمزي: أحد أعمدة جماعة كركوك
- سر غياب حمه جان
- كامل شياع ، ميدالية شرف الكلمة


المزيد.....




- غروزني تشهد افتتاح معرض لغنائم العملية العسكرية الروسية
- ماذا تخفي الزيارة السرية للرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد إ ...
- ألمانيا- تأييد لتشديد القانون الجنائي لتحسين حماية السياسيين ...
- -ليس وقت الاحتفالات-.. رئيس بلدية تل أبيب يعلن إلغاء مسيرة ا ...
- روسيا.. العلماء يرصدون توهجا شمسيا قويا
- برلماني روسي: الناتو سيواصل إرسال عسكريين سرا إلى أوكرانيا
- كيم يهنئ بوتين بالذكرى 79 لانتصار روسيا في الحرب العالمية ال ...
- -في يوم اللا حمية العالمي-.. عواقب الصيام المتقطع
- اتفاقية التجارة الحرة بين الصين وصربيا تدخل حيز التنفيذ في ا ...
- للمرة الـ11.. البرلمان الأوكراني يمدد -حالة الحرب- والتعبئة ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - زهدي الداوودي - عار البعث في 8 شباط 1963