أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام الزغيبي - نيرون.. الرجل الذي أحرق شعبه















المزيد.....

نيرون.. الرجل الذي أحرق شعبه


عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 3270 - 2011 / 2 / 7 - 00:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نيرون.. الرجل الذي أحرق شعبه

قتل امه ومعلمه وزوجته واخاه، ثم حرق روما وجلس يتفرج عليها ويغني اشعار هوميروس..


أثينا/ عبد السلام الزغيبي


لو كان لكتاب التاريخ يد لمدها كي يمحو بها صفحات من الوحشية والقسوة التي سطرها العديد من الطغاة والظالمين، لأن كتاب التاريخ لا يشرفه إطلاقا أن تضم صفحاته أشخاصا ااستخدموا نفوذهم كحكام وأباطرة في تعذيب وظلم وقهر شعوبهم
ومن بين هذه الصفحات المؤلمة تطل علينا شخصية نيرون، الإمبراطور الروماني الذي لم يدخر جهداً في تعذيب أبناء شعبه وقتل القريب منه والبعيد.. ماذا ننتظر من شخص قتل أمه ومعلمه؟.
ولد نيرون عام 37م بأنتيوم. كان والده جناوس دوميتيوس أهينوباريوس من طبقة النبلاء بروما أما والدته أجرينا الصغرى حفيدة الإمبراطور أوغسطس، والتي من الممكن أن يكون نيرون قد ورث عنها ميوله الوحشية.
توفى والده عندما كان نيرون ما يزال طفلاً صغيراً فقامت والدته بالزواج من الإمبراطور كلوديوس عام 49م، وبعد زواج أجربينا وكلوديوس قام الأخير بتبني نيرون فجعله كابن له وأطلق عليه اسم نيرون كلوديوس دوق جرمانكوس، كما تزوج نيرون من أوكتافيا ابنة كلوديوس.
صعد نيرون إلي عرش روما وهو في الخامسة عشر من عمره، وبدأ منذ هذه اللحظة سلسلة من الأحداث المتتابعة فلم يصعد نيرون إلى العرش لأنه يستحقه أو لأنه ابن للإمبراطور السابق، وأنما لأن أمه دست السم لكلوديوس لكي يعتلي أبنها العرش.
كانت السنوات الأولى التي أعتلى فيها نيرون عرش الإمبراطورية الرومانية سنوات معتدلة تميزت بالاستقرار النسبي، وقد أرجع البعض هذا لوجود معلمه "سينيكا" بجواره يوجهه ويرشده، هذا المعلم الذي اعتنى بالقيم والأخلاق وترويض النفس، ولكن دوام الحال من المحال فما لبث أن قام نيرون بإتباع أساليب عديدة من العنف والجور والظلم لأبناء شعبه فقتل وعذب وقهر.
تبع صعود نيرون إلى عرش الحكم تحوله إلى الظلم والقهر، وبدأت معاناة الشعب ولم يقتصر هذا على الشعب فقط بل امتدت يده لتبطش بأقرب الناس إليه فقتل أمه ومعلمه "سينيكا" كما قتل زوجته أوكتافيا، وأخاه، وانتقلت يده لتقتل بولس وبطرس الرسولين المسيحيين زيادة في بطشه وظلمه وطغيانه.
قيل في إحدى الروايات عن قتله لزوجته أوكتافيا أنه عندما كان يؤدي دوراً في مسرحية وكان يمسك بيده صولجاناً فسقط من يده، وقامت زوجته بمدح أدائه في المسرحية ولكنها علقت بقولها " ولكن لو أنك لم تسقط الصولجان" وكانت هذه الجملة هي نهاية أوكتافيا فبادر نيرون بقتلها، وكانت المسكينة أوكتافيا عبرة لغيرها فلم يستطع أحد بعدها أن ينتقد أي عمل يقوم به نيرون.
وعن السبب الذي دفعه لقتل معلمه قيل أن "سينيكا" كان فيلسوف روماني شهير له شعبيته بين الشعب وكان المعلم الخاص لنيرون ومستشاره المخلص فعمل على تقويمه وكبح جماح وحشيته، ولكن ألتف المرابين حول نيرون وتحولت أخلاقه من سيء إلى أسوء، فأكثر "سينيكا" من توبيخه محاولاً تعديله وتقويمه دون فائدة، وفي النهاية ضاق نيرون من معلمه ونصائحه المستمرة له، كما أوشى له البعض بضرورة التخلص من "سينيكا" خاصة لما كان له من تأثير قوي على الشعب الذي كان يلتف حوله فوجب إسكاته، وبالفعل عقد نيرون العزم على قتله ولما علم "سينيكا" بهذا فضل أن يقتل نفسه على أن يتم قتله على يد هذا الطاغية.
وجاء التاريخ ليدون واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبت فيه وهي حريق روما الشهير عام 64م، حيث عمل على زيادة تعذيب الشعب وجاءت أبشع صور طغيانه لتضيف جريمة جديدة لتلك التي فعلها في حياته حيث قام بإشعال النار في روما وجلس متفرجاً، متغنياً بأشعار هوميروس ومستعيداً لأحداث طروادة، وانتشرت النيران في أرجاء روما واستمرت مندلعة لأكثر من أسبوع حاصدة معها أرواح البشر من رجال ونساء وأطفال.

وبما أن لكل ظالم نهاية وكثرة الظلم تولد الثورات، ففقد اجتمع العديد من الناس ورجال المملكة على عزل نيرون، فتم عزله وحكم عليه بالقتل ضرباً بالعصى، وشاءت الأقدار أن اليد التي امتدت لتقتل وتبطش هي نفس اليد التي تلتف وترتد لصاحبها مرة أخرى لتقتله، فقد أبى نيرون على نفسه أن يقتل بيد شعبه فقتل نفسه، وقيل في بعض الروايات أنه أمر كاتم أسراره بقتله، وقيل أيضاً أن الجنود انقضوا عليه فقطعوه بسيوفهم قطعاً، فكانت وفاته عام 68م.

وقد صور الشعر باعتبار ان وظيفته ليس الامتاع فقط، بل تتجلى في عنايته بالقضايا الانسانية، وغايته الاولى ادانة من يهدم الانسانية وهو ما ابدع فيه شاعرنا الليبي الراحل علي الفزاني في قصيدته (تشكيل) حيث قام بتحليَّل شخصية الطاغية نيرون الذي أحرق روما تحليلاً نفسياً من طفولته حتى تاريخ فعلته، فقال :

عندما كان نيرون طفلاً في المهد
قامت أمه مذعورة تصرخ :
لقد قضم الطفل حلمتيها باسنانه اللبنية

وهذه كانت بداية المرحلة الاولى في تشكيل شخصية الطاغية، ويظهر فيه العنف الظاهر في تصرفاته مذ هو في المهد، ففي الوقت الذي تغدق عليه الحنان لتمنحه الحياة، يقابلها بالاذى من لسانه. وهذا ما صوره الشاعر، ليؤد لنا ، أن لديه طاقة شريرة، برز تأثيرها في رحلة الليونة، وفي هذا انباء بما سيكون عليه، وما سيحدث منه عندما يشتد عوده.

عندما صار نيرون صبيا
فقا عيون أطفال روما بالمقاليع الحجرية
عندما أصبح أكثر نموا
دس- سم الفئران في آبار المدينة والقرى
نفقت خيول وأبقار- وهلك حشد من النسوة والاطفال.
في المرحلتين الثانية والثالثة ضمن مراحل تشكيله" الصبا- بداية الشباب" تطور العنف لديه فتجرأ على محيطه، ولم ينج منه أنداده ،فالطاقة الشريرة الكامنة في نفسه،أوحت إليه أن يجعل بأن يجعل الاعتداء أكثر شمولية، وأشد فتكا، فوضع السم في مصادر الشرب العامة، التي تمثل الحياة لكل المدينة، فقتـل الرجال والنساء والاطفال والخيول والابقار، أي انه لم يسلم من أذاه جنس، وهذا دليل موت العاطفة في قلبه، وهو ما يبرر افعاله المستقبلية.

ويواصل شاعرنا الكبير وصفه لمسيرة حياة الطاغية نيرون فيقول:

عندما بلغ سن الرشد
استولى على قناديل الاطفال- وشموع المعابد
ومنذ ذلك الحين
صار العالم
يحترق

شهدت المرحلة الرابعة "سن الرشد" ، التي تعني العقلانية، نزوعا نحو الطيش والظلم والبطش والاعتداء الاكبر على قناديل الاطفال " الحرية"، وشموع المعابد" الفكر" ، فقد كانوا ، يمثلون الفكر الانساني لاهل البلاد التي يعيشون فيها.

وبلغت عدوانيته ذروتها،باقدامه على حرق روما، عاصمة الحضارة انذاك، الامر الذي جعل شاعرنا" الفزاني" يرى، أن هذا التصرف بمثابة حرق العالم، وأن تأثيره ما يزال باقيا الى اليوم، فقد استهوت "نيرويين اخرين"، فاتخذوه قدوة ، وأعتبروه مثلا، فكانوا سبب القتل والدمار وظلم العباد، وكأن العالم يحترق.

وهذا التحليل العميق يعكس الصورة النفسية القبيحة لنيرون.


مصادر:

مي كمال الدين
www.moheet.com

أ. سليمان زيدان- مجلة الثقافة العربية



#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطوفان قادم
- الانسان وتعمير الارض
- المتغطي بأمريكا... عريان!
- رسالة الفن:السمو بالانسان والرقي باحاسيسه -أنتيجوني- للملك - ...
- الكرسي .. والخازوق
- لا لصحافة الخطوط الحمراء
- اليونان .. الى أين؟
- الاستبداد .. دخل بيتنا وأستقر فيه!
- الملك .. والصعلوك .. وصناعة الديكتاتور
- العرب بين تركيا وايران
- المسلسل التركي.. دخل بيتنا وأستقر فيه!
- الوضوح والغموض في الكتابة
- اثينا 725... أثينا 2010
- بنغازي.. شئ من الذكريات
- المواجهة مع النفس .. نحن والأخر
- الأم الليبية .. نبع الحب والحنان والعطاء والتضحية
- المواقع الليبية وتعدد الاراء
- هل تخرج اليونان من محنتها؟
- سطوة الزمن
- لاحكومة ديمقراطية،دون وسائل اعلام حرة


المزيد.....




- ترامب يوضح ما قام به مبعوثه ويتكوف خلال زيارته إلى غزة
- الكونغو ورواندا تتحركان لتنفيذ اتفاق السلام رغم تعثر الالتزا ...
- ثروات تتبخّر بتغريدة نرجسية.. كيف تخدعنا الأسواق؟
- الإمارات والأردن تقودان عملية إسقاط جوي للمساعدات إلى غزة
- هيئة الإذاعة العامة الأميركية على بعد خطوات من الإغلاق
- لأول مرة.. وضع رئيس كولومبي سابق تحت الإقامة الجبرية
- تحقيق بأحداث السويداء.. اختبار جديّة أم التفاف على المطالب؟ ...
- سقوط قتلى في إطلاق نار داخل حانة بمونتانا الأميركية
- بوتين يعلن دخول الصاروخ الروسي -أوريشنيك- الأسرع من الصوت ال ...
- تسبب بإغلاق الأجواء وتفعيل صافرات الإنذار.. إسرائيل تعلن اعت ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام الزغيبي - نيرون.. الرجل الذي أحرق شعبه