أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد السلام الزغيبي - رسالة الفن:السمو بالانسان والرقي باحاسيسه -أنتيجوني- للملك -كريون-: -حكمك علي بالموت لا يهم-!.















المزيد.....

رسالة الفن:السمو بالانسان والرقي باحاسيسه -أنتيجوني- للملك -كريون-: -حكمك علي بالموت لا يهم-!.


عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 3210 - 2010 / 12 / 9 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


رسالة الفن:السمو بالانسان والرقي باحاسيسه

"أنتيجوني" للملك "كريون": "حكمك علي بالموت لا يهم"!.


أثينا: عبد السلام الزغيبي



الفن رسالة انسانية تهدف الى السمو بالانسان والرقي باحاسيسه تجاه الحب والخير والجمال.
والاعمال الفنية الصادقة هي التي تدعو إلى ضرورة الكشف عن المجرمين أعداء الإنسان والحض على التصدي لشرورهم ومقاومتها ، وكراهية الشر والدعوة إلي محاربته . هكذا تكون رسالة الفن وهكذا تكون وظيفة الوعي السياسي ، المنبه على المخاطر المحدقة بالإنسان والداعي إلى محاربة قوى البغي والعدوان ، التي قد تتمثل في محتل يغتصب حقوق الغير ويبسط عليه هيمنته، أو في حاكم طاغية ينتهك كل الحرمات.

وضمن الاعمال الفنية التي تطرقت لهذا الشأن منذ قرون طويلة مسرحية ((Αντιγόνη "أنتيجوني" للمسرحي اليوناني ( سوفوكليس) الذي يصور بها الصراع بين القانون الديني والقانون الوضعي.

تعالج مسرحية (انتيجوني) مسألة التمرد على نظام الحكم المستبد من خلال صراع بين (انتيجوني) المرأة التي ترفض قرار الملك (كريون) بعدم دفن أخيها لانه بحسب الملك لا يستحق أن يعامل بكرامة ويدفن لأنه يمثل الشر فيما يسمح بدفن اخيه الاخر الذي قتل معه لانه يمثل الخير . كما تتطرق المسرحية لعلاقة الحب التي جمعت بين أنتيجوني وابن الملك.

تطرح هذه المسرحية قضية من أهم القضايا في تاريخ الإنسان ألا وهي : أين ينتهي حق الحاكم ومن أين يبدأ حق الشعب؟

أو بعبارة أخرى : عند أية نقطة يكون عصيان أمر الحاكم ـ أو القوة المهيمنة ـ شيئا لا مفر منه حتى إن كان العقاب عليه الدفن حيا في قبر صخري بين الأموات؟ كما فعلت أنتيجوني التي تموت شهيدة الدفاع عن القانون الديني الذي يقره الشعب والذي يأمر بدفن الموتى، فتتحدى الملك "كريون" الذي سن قانونا مغايرا يمنع دفن الموتى ويهدد كل من يتحدى قانونه ذاك بالموت. تقول "أنتيجوني" للملك "كريون": "حكمك علي بالموت لا يهم"!.


تقول الأسطورة اليونانية القديمة أن أوديب الذي قتل أباه لايوس وتزوج أمه جوكاستا أنجب من أمه أربعة أبناء : إيتيوكليس وأخاه الأصغر بولينيس وبطلتنا أنتيجوني وأختها إسمين. عندما اكتشف أوديب جريمة قتله لأبيه وزواجه من أمه، تلك الجريمة التي اقترفها من دون أن يدري ، فقأ عينيه وسار هائما على وجهه لكنه قبل أن يترك مدينته لعن إبنيه ودعا عليهما بأن يقتل أحدهما الآخر. وتتشكل الأقدار بحيث يختلف الإبنان على الحكم، الذي كان من المفترض أن يتولياه مشاركة بالتناوب، إلا أن الأخ الأكبر إيتيوكليس يتفق مع خاله كريون على طرد أخيه الأصغر بولينيس مما يدفع بولينيس إلى تكوين جيش من الخارج ويحاصر مدينته محاربا أخاه وخاله ويقتتل الأخوان ويقتل كل منهما الآخر، ويقول سوفوكليس على لسان الكورس في نص المسرحية ... هذان الأخوان في الدم، من أب واحد وأم واحدة، متشابهان في الغضب ... تصادما وفازا بجائزة الموت المشتركة !

وبناء على هذه النتيجة يصبح الخال كريون هو الملك الحاكم والقوة المهيمنة، ويقرر لحظة تملكه السلطة أن يشيع جثمان حليفه إيتوكليس في احتفال يليق ببطل عظيم ويوسد جثمانه القبر بيديه، إجلالا وتشريفا للميت، بينما يأمر بعدم دفن جثة بولينيس لتنهشه الوحوش المفترسة والطيور الجارحة عقوبة لخيانته ـ من وجهة نظره ـ ويتوعد من يدفن الجثة ويخالف أمره، أيا من كان، بالموت الرهيب .

ونعرف أن عدم دفن الموتى خطيئة تحرمها العقيدة اليونانية القديمة التي تنص على ضرورة دفن الموتى ولو كانوا من جيش الأعداء . لكن الملك المتغطرس كريون، في حقده البالغ، يتعدى حدوده فيكسر عقيدة الشعب ويجور على الناس . ورغم هذا الجور البالغ يعقد الخوف ألسنة الجميع ولا يجرؤ أحد على مواجهة الظالم، وهنا تبدأ حكاية أنتيجوني حين تتقدم وحدها لتقاوم الملك الجائر وتقرر تحدي الأوامر الملكية تلبية للأوامر الإلهية التي تحث على دفن الموتى، وتقوم بدفن جثة أخيها رغم تحذير شقيقتها التي تتهمها بـ «حب المستحيل» لكن أنتيجوني لا ترى طاعة دينها محبة للمستحيل، بل هي واجب وأمانة في عنقها، فإذا كان كريون الظالم لا يخشى، وهو بشر ، الأمر الإلهي فكيف تخشى هي أمر بشر طاغية ؟ وبشجاعة ، مستمدة من إيمان مطلق بصحة موقفها تستعجل تنفيذ قراره الجائر بقتلها وتقول : اعطني المجد ! وأي مجد يمكنني أن أفوز به أكثر من أن أعطي أخي دفنا لائقا ؟ وهؤلاء الناس يوافقونني جميعا ، ولولا أن شفاههم يغلقها الخوف ، لمدحوني كذلك . يا لحظ الطغاة ، إنهم يملكون امتيازات القوة، القوة الفاسدة، وهي أن يرغموا الناس على قول وفعل كل ما يرضيهم!

وحين يقتاد الحراس أنتيجوني إلى حيث ينفذ فيها الحكم القاسي بالدفن حية في قبر صخري بين الأموات تقول أنتيجون لا بد أن أموت ، لقد عرفت ذلك كل عمري ، وكيف أمنع نفسي عن هذه المعرفة ... إذا كان علي أن أموت مبكرا ، فإنني أعتبر ذلك مكسبا ً: فمن على الأرض يعيش وسط حزن كحزني ويخفق في أن يرى موته جائزة غالية؟

يحاول هيمون ابن كريون وخطيب أنتيجوني أن يعيد لوالده البصيرة بعد أن أعماه الغضب والكبرياء وجنون القوة ، يقول له أحسن الكلام ، لكن كلماته ليست لها أية قيمة إذا ما صاحبها الجور والعسف والبغي والطغيان ، يقول هيمون : إن رجل الشارع يخشى طلعتك ، إنه لا يقول أبدا في وجهك شيئا لا يرضيك ، ولكن مهمتي أن أصيد لك الهمسات في الظلام ، فأرى ; كيف تبكي المدينة هذه الفتاة الصغيرة .

هل يقولون أن هذا الموت الوحشي هو من اجل عمل عظيم؟ ... أم يقولون إنها تستحق تاجا لامعا من الذهب .

تأخذ كريون العزة بالإثم ويقول : وهل طيبة على وشك أن تعلمني كيف أحكم؟ فيضع الإبن المحب كلمته الأخيرة أمام الحاكم الذي استشرى فيه داء البغي فلا حيلة في شفائه : ليست هناك مدينة على الإطلاق يحكمها رجل واحد بمفرده !

مع خروج هيمون محتجا يدخل العراف الحكيم الأعمى ترسياس , فنرى كيف يكون بصيرا من فقد عينيه ويكون الأعمى هو من فقد بصيرته ، يقول ترسياس : على الأعمى أن يسير مع دليل يرشده .

ولا يرى كريون ، فاقد البصيرة ، هذه الحكمة البدهية ، ومع الغرور والعناد والتخبط الناتج عن الانفراد بالرأي والقرار الخاطئ ، ينتهي بيت الطاغية كريون بالدمار ، فيقتل الإبن نفسه وتتبعه أمه حزنا وهي تلعن زوجها كريون الذي خرب الديار على مذبح شهوة التسلط والإنفراد بالرأي وسطوة القوة الغاشمة .



مراجع/
- اليوكوبيذيا اليونانية
- صافي ناز كاظم/ الشرق الاوسط
- الصورة من المتحف الوطني اليوناني



#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكرسي .. والخازوق
- لا لصحافة الخطوط الحمراء
- اليونان .. الى أين؟
- الاستبداد .. دخل بيتنا وأستقر فيه!
- الملك .. والصعلوك .. وصناعة الديكتاتور
- العرب بين تركيا وايران
- المسلسل التركي.. دخل بيتنا وأستقر فيه!
- الوضوح والغموض في الكتابة
- اثينا 725... أثينا 2010
- بنغازي.. شئ من الذكريات
- المواجهة مع النفس .. نحن والأخر
- الأم الليبية .. نبع الحب والحنان والعطاء والتضحية
- المواقع الليبية وتعدد الاراء
- هل تخرج اليونان من محنتها؟
- سطوة الزمن
- لاحكومة ديمقراطية،دون وسائل اعلام حرة
- كيف تصبح ديتاتورا ناجحا؟!


المزيد.....




- السجن 18 شهراً لمسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-
- رقص ميريام فارس بفستان جريء في حفل فني يثير جدلا كبيرا (فيدي ...
- -عالماشي- فيلم للاستهلاك مرة واحدة
- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد السلام الزغيبي - رسالة الفن:السمو بالانسان والرقي باحاسيسه -أنتيجوني- للملك -كريون-: -حكمك علي بالموت لا يهم-!.