عبد الرزاق السويراوي
الحوار المتمدن-العدد: 3264 - 2011 / 2 / 1 - 18:20
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
للرموز النخبوية تأثيرها المعنوي في أيّ إنتفاضة شعبية ضد سلطة إستبدادية , فلا أقل من أنها - أيْ النخب والقيادات السياسية – إضافة الى دورها المعنوي المحفز , فإنها تملك من الدربة السياسية والوعي الذي يساعد في بلورة ورسم منهج لسير الانتفاضة سواء على مستوى التنظيم أو البرنامج السياسي البديل ,طبعا هذا القول لا يلغي الدور الجماهيري , لأنه هو اللاعب الأول في النهوض للتغيير أو الثورة . وهنا أورد مثالين كمصداق لما ذكرته في المقدمة .الأول هو الإنتفاضة الشعبية الكبرى في العراق في عام 1991 والتي سُميت بالإنتفاضة الشعبانية كونها حدثت في شهر شعبان , وقد تم إسقاط 14 محافظة من محافظات العراق بحيث خرج زمام الامور عن يد سلطة صدام , وكانت الإنتفاضة في اعقاب إنكسارالجيش العراقي امام اكثر من 30 دولة هي من اقوى دول العالم تكنولوجيا وعسكريا في حرب الخليج الثانية , وعلى إثرها إنطلقت شرارة الانتفاضة العارمة من ساحة سعد في البصرة , حينها وبالرغم من وجود احزاب ونخب سياسية سواء داخل العراق او خارجه , إلاّ انها لم تنضم في صفوف المنتفضين الذين واجهوا جيشا جرارا فاكتسحوه واسقطوا الدولة من شمالها الى جنوبها , ولو ان هذه الاحزاب او القوى السياسية والنخبوية شاركت المنتفضين بما لديهم من برامج تقوّم من عفوية الانتفاضة لنجحت الانتفاضة ولسقط النظام , حتى قيل في وقتها ان صداما وحاشيته هيئوا أنفسهم لمغادرة العراق ,إذْ لم يبقَ لديهم ما يمكنهم على الاستحواذ مرة اخرى على ازمة الامور , لكن الامريكان وبعض الدول المجاورة فضلا عن غياب القوى النخبوية عن ساحة الصراع , ساعدوا صداما بأن يستعيد قواه الخائرة ويسيطر على الامور بإستثناء اقليم كردستان الذي وقف الامريكان الى جانبه .
والمثال الثاني هو ما يحدث الآن في مصر من ثورة شعبية بكل معنى الكلمة والتي يقودها شباب مصريون إنتفضوا لتغيير سلطة الجور وعلى رأسها الرئيس مبارك , حيث غاب طيلة الايام الاولى بل ولحد الان , القوى السياسية المعارضة بإستثناء بعض التصريحات الخجولة من قبل هذا الطرف أو ذاك , وللأنصاف فانّ المعارض محمد البرادعي هو الشخص الوحيد الذي دخل وسط حشود الجماهير في ميدان التحرير واعلن بشكل واضح وجلي بأنّ على الرئيس مبارك وحاشيته التنحي عن السلطة , مما سلط الاضواء على شخص البرادعي , فخشيت بعض القوى السياسية المعارضة من أنْ يكون البرادعي على رأس السلطة في حال تمّتْ تنحية الرئيس مبارك نهائيا عن السلطة . في حين ما دامت الامور الآن بيد الجماهير الغاضبة يفترض بكل القوى المعارضة النزول بقواعدها الشعبية الواسعة وترك نقاط الخلاف القائمة بين هذا الطرف أو ذاك , لكي يؤازروا الشباب المنتفض ليتكلل هذا الغضب بتنحية السلطة الكتاتورية وتشكيل حكومة إنتقالية تعقبها انتخابات عامة وتغيير ما يمكن تغييره من الدستوروالانطلاق لإرساء اسس البناء الديمقراطي .
#عبد_الرزاق_السويراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟