جوليان أسانج وقانون التجسس ومأساة الزوجين روزنبرغ

سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 3239 - 2011 / 1 / 7 - 15:25
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

جوليان أسانج، وقانون التجسس ومأساة الزوجين روزنبرغ
روبرت ميركول

روبيرت ميركول هو الابن الأصغر للزوجين إيثل وجوليوس روزنبرغ . في عام 1953 كان في السادسة عندما نفذت حكومة الولايات المتحدة حكم الإعدام بوالديه بتهمة " التآمر لسرقة أسرار القنبلة النووية". ومنذ عام 1990 يعمل مديرا تنفيذيا لصندوق روزنبرغ للأطفال (www.rfc.org) وهو مؤسسة غير ربحية عامة تقدم المنح لتلبية الحاجات التعليمية والإنسانية للأطفال وصغار السن ممن يتعرض آباؤهم للمضايقات والأذى والسجن وفقدان العمل أو الموت بسبب نشاطهم التقدمي.
......................................

تدور الأ قاويل بصدد نية الحكومة الأميركية تقديم جوليان أسانج إلى المحكمة بتهمة التجسس بمقتضى قانون التجسس الذي وضع عام 1917. وتنص الصيغة المعدلة للقانون على أن " كل مسعى للحصول على معلومة تتعلق بالدفاع الوطني بنية أو بما من شأنه أن يفهم منه أن المعلومة ستستخدم من اجل إلحاق الضرر بالولايات المتحدة ينجم عنه الكشف عن المادة أو نشرها يوقع مقترفها عرضة للعقوبات الجرمية . ويورد في مجال آخر : "إذا ما تآمر شخصان أو أكثر على انتهاك المواد السابق ذكرها ...فإن كل طرف من المتآمرين يخضع للعقوبة المترتبة على الجرم موضوع التآمر"(18 قانون الولايات المتحدة، الفصل 37، الفقرة 793))

طوال حياتي وأنا أناصب العداء قانون التجسس هذا. فقد اتهم والداي وحوكما، وفي النهاية نفذ فيهما حكم الإعدام بعد إدانتهما بالتآمر لاقتراف التجسس بموجب ذلك القانون.
إن لهذا القانون تاريخ بشع. فقد اريد منه في الأصل الرد المناسب على معارضي الحرب العالمية الأولى. وبالفعل جرى تجريم منتقدي المجهود الحربي، وأرسل مئات المعارضين للحرب إلى السجون ، لا لسبب إلا التعبير عن الرأي. حوّل المعارضة إلى خيانة.
والعديد ممن هاجموا القانون لاحظوا أن واضعي الدستور الأميركي قد قصروا بالتحديد ما يشكل الخيانة في الدستور على " الخيانة ضد الولايات المتحدة لا تحصل إلا شن الحرب ضدها او الانضمام إلى الأعداء أو تقديم المساعدة لهم أو إيوائهم "( المادة 3، الفقرة 3).
أحس واضعو الدستور أن التحديد الضيق كان ضروريا لمنع تحويل الخيانة إلى نوع يطلق عليه البعض "سلاح التحزبات السياسية ".علاوة على أنهم ، أثناء المناقشات في المؤتمر الدستوري اتفقوا على أن المعارضة العلنية يحميها التعديل الأول ولا يمكن اعتبارها خيانة.
يتضح أن قانون التجسس مناقض للدستور، لأنه يتيح ما يحظره الدستور بالضبط. فهو ، بعبارة أخرى ، مسعى غايته الالتفاف على فقرة الخيانة في الدستور . وليس مستغربا ، على كل حال ، وكما شاهدنا في أوقات الضغوط السياسية أن المحكمة العليا دعمت مشروعيته في 4ـ5 قرارات . ورغم أن القرارات الأخيرة تميل للحد من إطاره وانتقاده فلم يحدث مرة أن اعتبر قانون التجسس لعام 1917 مناقضا للدستور. وحتى هذه الأيام، وباستثناءات قليلة ظل سيف ديموقليس مصلتا، كما في قضية والداي، ينتظر اللحظة السياسية الملائمة ومحكمة عليا متسلطة كي تنقض على المعارضة .
ليس مصادفة أن جوليان أسانج ربما يواجه تهمة " التآمر" مثلما واجه والداي .فكل ما هو مطلوب لكي يبرهن الادعاء العام المؤامرة هو تقديم ما يثبت أن شخصين أو أكثر التقوا واتخذوا قرار تنفيذ خطة غير مشروعة. قد يكون اللقاء مكالمة هاتفية أو محادثة .
وفي قضية والداي كانت البيّنة الوحيدة المقدمة ضد والدتي هي شهادة ديفيد وروث غرينغلاس أنها وجدت في اجتماع تجسسي وقامت بطباعة ما وصفه ديفيد نصا مكتوبا باليد. ورغم أن الشهادة ظهر زيفها ، فحتى لو كانت صحيحة يعني أن حكومة الولايات المتحدة أعدمت شخصا لأنه طبع مادة .

غير أن مفهوم " المؤامرة" مخادع. . فهو يعني أن أي فرد ناقش معه والداي تصرفاتهما أو نشاطهما السياسي يمكن اتخاذه حجة لتلفيق تهمة مماثلة ضدهما إذا ما شهد أن النقاش تضمن خططا بالتجسس. هكذا رأى جميع أعضاء الحزب الشيوعي من جميع المراتب الحزبية أنه تهديد لهم جميعا.
إذا ما نظرنا إلى ويكيليكس من هذا المنظور يتضح لنا لماذا تسعى حكومة الولايات المتحدة توجيه تهمة التجسس إلى أسانج. ليس أسانج وحده ، إنما كل من تورط في القضية يمكن أن تطاله حملة التفتيش. وكما حدث في قضية والدي فقد يلجأ النائب العام للتعامل بشراسة مع البعض وتطويع آخرين مقابل معاملة لينة . إن مقاربة فرق تسد هذه تضرب الأفراد ببعضهم البعض وتبذر بذور عدم الثقة بالمجتمع الأوسع وترهب آخرين كي يذعنوا.
وهذا النمط من الهجوم يتهدد كل نشيط في تيار اليسار . وبذا أتوجه إلى جميع قوى التقدم أن تهب للدفاع عن جوليان أسانج إذا ما واجه تهمة انتهاك قانون التجسس لعام 1917
ترجمة سعد مضيه

#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل