|
الحرية بين مدقة السلطة و سندان خطباء الجوامع في كوردستان
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3238 - 2011 / 1 / 6 - 12:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
منذ مدة ليست بقصيرة تحاول بعض تيارات السلطة و الجهات المحافظة في كوردستان تكميم افواه المثقفين و تضيق عليهم الخناق بكل الوسائل المتاحة امامهم من حيث اللجوء الى المحاكم المسيسة اصلا او بواسطة المعممين من خطباء الجوامع و بتحريض و تشجيع الاسلام السياسي المتربص دائما بالعلمانيين ، و يكشفون عنه فيما بعد في كل حادث و ظاهرة تمر على كوردستان. الحجة و المبرر غير المقنع هو عدم اعتبار الكتاب و المثقفين للظروف الموضوعية و مس المقدسات و الاقتراب من الخطوط الحمر للسيادات و استخدام اللهجات و التعابير الخشنة و الاستخفاف بالشخصيات السياسية و التصرف بعيدا عن المسؤولية وفق ما نحن موجودون فيه من المرحلة كما يدعون، و من ثم ينعتون النشطاء و الكتاب بنشر القيم الغربية و اهانة الدين و المؤمنين و العقائد الاجتماعية السائدة، و يتهمون بنشرهم و ترويجهم للسلوك غير الملائم للوضع الراهن و المنافي لما هو متجسد من الروابط الاجتماعية!! و هنا يتوضح لدى الجميع بان هناك تعاقد ربما غير رسمي بين بعض جهات السلطة و المحاكم المسيسة و رجال الدين الذين ياخذون ما يخص الدين مهنة لهم بتجرد كامل بعيدا عن الحرية في الاعتقاد و الايمان و انما يتعاملون معه كعمل يومي من اجل كسب الرزق، و هذا ما يفرض عليهم ابداء الاراء حول هذه القضايا حسب ما تقتضيه مصالحهم ليس الا. كان من المامول كما يعتقد الشعب ان تكون حرية الراي ضمن اطار القواعد و القوانين المعمولة بها و من يخرقه يحاسب وفق محاكم مستقلة حرة غير خاضعة لاهواء السلطات، و لكن ما يشاهد عكس ذلك بالضبط، و الاخطر من ذلك الاستناد على القوانين القديمة الصادرة في زمن اعتى دكتاتورية و نظام شمولي قمعي في العالم، و هذا ما يحتاج الى اعادة النظر في امورعدة و السعي الكامل من اجل اعادة الثقة بين المواطن او المثقف بالذات مع المحاكم و استقلاليتها وعدم استغلالها لاغراض و اهداف سياسية بحتة، و منع فرض الراي الواحد و ما تجبره الشخصية الكاريزمية و العودة بالتاريخ الى الوراء و انتاج حكم ملكي و ثقافة الرعية و الرعاة، و يجب تقييم البرلمان الذي يحوي على مجموعة من ممثلي الاحزاب و ليس بشرط ان يعبروا عن ما يامله الشعب بقدر ما تامرهم به احزابهم، و يكون في اكثر الاحيان متناقضا مع نوايا و امنيات و اهداف الشعب. و من المفروض ان لا يتم الاعتماد على الاكثرية و الاقلية في امرار بعض القوانين المصيرية الحساسة التي لها علاقة بمستقبل القيم و الحرية و الثقافة و النظام العام للمجتمع ، و هي التي توجه الشعب الكوردستاني و ترشده في اتباع الطريقة الملائمة للحياة الديموقراطية الحقيقية، و لا يمكن ان تخض القوانين الحساسة لاوامر الاحزاب و قياداتهم من خلال ممثليهم و هم الاكثرية او الاقلية، و هم لا يمكنهم الخروج عن الطاعة ، و الواقع يفرض التوافق بعيدا عن نزعة التحزب و متطلباتها. من المؤسف ان يعتبر رئيس الاقليم لراي و موقف خطيب جامع و يرد قانون مرر بالاكثرية ايضا اكثر من اعتباره لالاف المثقفين في امرار قانون اخر ، و هنا تقع الطامة الكبرى و يتوضح لدينا موقع المثقف من مزاج و عقلية القادة ، و ليس السلوك هذا الا نابعا من تحزب القادة الحكوميين و تمسكهم بجماهيرية احزابهم و ضمان عدد اصواتهم اكثر من اهتمامهم بمصير الاقليم و مستقبله، و الدليل عدم مصادقة رئيس الاقليم على قانون مرر بالاكثرية و فيه كلمة( الجيندر) و نوقش في برلمان و استوضح الامر بينما لم يهتم بما وقع على الارض من الاعتراض الجماهيري لقانون تنظيم التظاهرات، و يصادقه بلمحة بصر دون ان يفكر في ما يجلبه من وراء هذه المصادقة، و الذي لم يقتنع به مئات الالاف من المواطنين و في مقدمتهم النخبة المثقفة التي يجب ان يحسب لارائهم و مواقفهم دائما. و اننا حقا لم نستغرب عدم اعتراض هؤلاء الخطباء في الجوامع التي يعتاشون على السلطة من امرار قانون التظاهر و كثفوا جهودهم على كلمة تهم مصالحهم المهنية فقط. هذا هو التناقض بعينه و الذي يعيشه الشعب هنا ، و هو حائر في امره لا يعلم ماهية النظام الموجود و يتسائل هل هو علماني و يفصل الدين عن الدولة ام هو واقع على الاستمرار تحت رحمة الخطباء و الاسلام السياسي، و ما يلمسه الشعب هو ان قياداته يعتنون بما يطلق من المساجد اكثر بكثير من المنابر و المؤسسات الثقافية ، هذا هو الخطر المحدق بتجربة اقليم كوردستان و سيبقي الوضاع على شفا الخطورة الدائمة و تكون هذه التجربة مهزوزة و خاضعة للسقوط في اية لحظة ، و الشعب يعيش في خوف و قلق مستمرين ومن السهام الموجهة الى صدور النخبة و المثقفين على وجه الخصوص و لم يؤخذ بارائهم و مواقفهم الصحيحة التي تهم الشعب و ليس لهم فيها ناقة او جمل.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الازدواجية المقيتة في تعامل امريكا مع القضايا العالمية
-
هل تكميم الصحافة لمصلحة العملية السياسية في كوردستان
-
الاولويات اليسارية في ظل سيطرة الايديولوجية الراسمالية على ا
...
-
الديموقراطية و ضمان تكافؤ الفرص امام الجميع
-
ماوراء عدم اسناد منصب سيادي للمراة في العراق
-
هل يمكن تطبيق الديموقراطية الحقيقية دون اية انتخابات عامة ؟
-
هل المجتمع العراقي يتحفظ عن التجديد حقا؟
-
يجب ان لا يخضع حق تقرير المصير للمزايدات الحزبية
-
الديموقراطية في كوردستان بين ثقافة المجتمع و دور النخبة
-
الفضائية كخطوة اولى لترتيب بيت اليساريين بكافة مشاربهم
-
هل يضطر المالكي لتشكيل حكومة الاغلبية
-
الكورد بين مصالحة التاريخ و مخاصمته
-
مَن تختاره الكتل ليكون وزيرا في الحكومة العراقية
-
الديموقراطية و ما تجلى من دور الاحزاب في انتخابات معلمي كورد
...
-
دلالات النقاط المشتركة بين هوية الفيلية و الشبك
-
كيف تُمحى مخلفات عقلية البعث في العراق؟
-
ما يحدد العلاقات و طبيعة التعامل مع البعض
-
هل من مصلحة العلمانية محاربة الدين بشكل صارخ ؟
-
عوامل نجاح المالكي في مهامه الصعبة
-
التاثيرات المتبادلة بين العولمة و العلمانية
المزيد.....
-
5 شهداء بقصف جوي إسرائيلي استهدف محيط مسجد التوحيد بمدينة طو
...
-
مراسلتنا: مقتل 5 فلسطينيين في قصف إسرائيلي قرب مسجد التوحيد
...
-
الاحتلال يقصف محيط مسجد التوحيد بمدينة طوباس وانباء عن شهداء
...
-
مشروع لدعم عوائل مسيحية متضررة في سهل نينوى
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على نايل و
...
-
مصر.. شيخ الأزهر لمسؤول أوروبي: هل يوجد حل لـ-المهزلة التاري
...
-
السيد صفي الدين: تل ابيب دخلت ضمن عمليات المقاومة الاسلامية
...
-
ماما جابت بيبي.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على نايل س
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تجبر طائرة حربية إسرائيلية على ا
...
-
الأردنيون يدلون بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية وسط توقعات
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|