|
هل يمكن تطبيق الديموقراطية الحقيقية دون اية انتخابات عامة ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3224 - 2010 / 12 / 23 - 14:55
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
لم نسمع يوما اجراء انتخابات عامة حرة و نزيهة دون ان نكشف فيما بعد التزييف و الحيل و الخداع ، هذا في جميع انحاء العالم دون استثناء و كل بنسبة معينة و طريقة تختلف عن الاخر، و حتى في الدول التي تتسم بانها اله الديموقراطية و مهد للحرية و منبر للراي و الراي الاخرو جنة للحياة و الرفاه السعادة و مدافع صلب عن حقوق الانسان، و كل ما نمسه ان الدول المتخلفة تجري فيها تزييف الانتخابات بشكلها البدائي المكشوف بينما الدول المتقدمة فهي ايضا خبيرة في هذا الشان، فتقوم ما عليها في هذا الاتجاه دون ضجة و صخب و بطرق علمية و بتكنولوجيا محاولين حفظ السرية في الامر بادق طريقة ، و كل منها تكون بدافع ضمان المصالح المتعددة، ان كانت للاشخاص او الاحزاب، فانها يجب ان تحافظ على مصالحهم و ان لم تاتي كذلك يتبعون ما يضمن لهم ما يريدون بالتزوير الفاضح اثناء العملية ، و المصالح الاقتصادية و الاستراتيجية العليا للبلدان و الامن القومي و ما يهم الشركات الاحتكارية الكبرى تفرض نفسها بحصول التزييف و الخروقات من اجل تحقيق اهداف مسبقة هي التي تحدد من قبل مؤسسات كبرى و يحصل ما يدحض الادعاءات بسلامة و صحة و نظافة و نزاهة الانتخابات ، و يجري ما يحصل و ربما اكبر مما يتم في الدول المتخلفة و لكن بادوات و اليات و طرق متقدمة، و يحاولون في اكثر الاحيان اضافة الشرعية على ما يفعلون و ما يريدون من غير ضجة اعلامية او بكتمان كامل. و تدخل في هذه العملية المدروسة الدقيقة اموال و مصالح الجهات التي تدفع ما تشاء من اجل تحقيق اهداف مرسومة و الحصول على المراد، و يتم ذلك بتعاون الجهات الرسمية المختلفة و المؤسسات المدنية و الشركات الاقتصادية الكبرى الممولة، و لكن بنسب مختلفة من دولة لاخرى. و لهذا نجد نسب مشاركة الشعوب تختلف من دولة لاخرى و تقل بشكل ملحوظ في الدول الكبيرة و العظمى، والملاحظ انه لم يدخل معمعة هذه العملية المعقدة الا اشخاص معينين و محدودين و مختارين من قبل مؤسسات حساسة و كبيرة و متخصصة في هذا الشان و لها القدرة و الامكانية في تحديد المسار المطلوب منها كيفما كانت و باية وسيلة مطروحة، الا ان التقدم التكنولوجي لم يدع الفضائح تنكشف كما هو حال الدول المتخلفة التي تجري فيها الانتخابات بوسائل بدائية ، و هي في اول الطريق و بداية تعلم جوهر ما يجري في العالم ، سوى كانوا مقلدين او بليدين و غير مؤهلين لاجراء مثل تلك العمليات ، و اننا على يقين بان عملية التزييف بكافة اشكالها ستبقى مرافقة لاية عملية انتخابية مهما كانت الارضية و المستوى الثقافي و الوعي العام و التطور لهم. فان كانت المصالح هي التي تحكم الكبار و الصغار و البراغماتية هي التي تلائم كافة المكونات و الافراد بناءا على الامور الشخصية و العامة ، فان اية عملية انتخابية توفر ما تدخل في المنفعة الشخصية لاي فرد او فئة او مجموعة و التوجه يجب ان يدخل في هذا الاطار ، و ظروف المواطن و خصوصياته لم تدع ان تفرض اية قيمة اخرى فوق ضروريات الحياة و خاصة في المجتمعات غير المثالية، و لذلك يجب ان نضع في الحسبان عقلانية التفكير لدى الفرد و هو ما يهمه القريب الخاص اكثر من البعيد العام و الحاضر الملموس اكبر من المستقبل و الافق غير المرئي، و بالاخص في النظام الديموقراطي العام الذي يضع مصلحة الفرد و حقوق الانسان في الاولويات. ان كانت الديموقراطية عملية معقدة التركيب و الاجراءات و طويلة الامد فتحتاج لركائز و مقومات مادية و معنوية لا يمكنها الكمال الا بتوفر ما تحتاجها و تاخذ وقتا طويلا للوصول الى المبتغى، و حتى عند النضوج يمكن ان تشوبها علل في اخر المطاف و كما نرى في الدول الرائدة في هذا المضمار ، فكيف الحال في مناطف و دول لا يمكن ان نتاكد توفر نسبة دنيا من المساند الاساسية لتطبيق الديموقراطية كما هي و بجوهرها الحقيقي، اي ان لم تكن هناك وسائل و طرق توصل المجتمع لحال يمكن الاطمئنان على امكانية تحقيق نسبة مقنعة من الديموقراطية الحقيقية، فلابد ان يفكر هذا الشعب في السهر و العمل الدؤوب على توفير المستلزمات المطلوبة قبل تنفيذ المشروع ، و لكن السؤال هنا: هل يمكن الوقوف ساكنا لحين ضمان الاعمدة الاساسية لمثل هذه العمليات المصيرية الطويلة المدى، ام ان العملية تكاملية باجرائها و تكرارها و ازدياد الخبرات و ما تفرضها هي بذاتها اثناء الاجراء و هي ما تدع الامور سهلة المنال و المتطلبات تتوفر بمرور الزمان كما يدعي البعض. ان كانت الانتخابات احدى اوجه الديموقراطية و وسيلة من وسائلها لتحقيق الاهداف العامة و وسيلة عظمى لتحقيقها ما تتضمن من القيم الانسانية البحتة كما يقال، و ان واكبتها الحيل و الخلل و الزيف كما اسلفنا فما هو الحل لانقاذ الديموقراطية الحقيقية من الانقراض، وكيف يُمنع احلال البديل المزيف ربما و خالي من الجوهر الصحيح لها. ربما تكون هناك اراء و طرق معينة و مختلفة تناولتها المؤسسات و الباحثين حول الديموقراطية و كيفية تطبيقها بشكل علمي سليم من اجل تحقيق مكامنها الصحيحة، و لكن العوائق و السدود عديدة في طريق تحديد و اختيار من يمثل الشعب بشكل مباشر و حقيقي و يعبر عن اهدافه و امانيه بعيدا عن ما يتخلل العملية من التزيف و التحايل الذي يكون دائما لصالح طرف على حساب اخر و ضده ايضا. و هنا يمكن ان تبحث العديد من الملمين بالفكر و الفلسفة الصحيحة للديموقراطية و الحياة البشرية، مو ما يخص الانسان من اجل سعادته و رفاهه، و لكن البحث و طرق التعامل تكون مختلفة ايضا من بلد لاخر و مجتمع و اخر، فان تناول البعض ما يجري في الدول المتقدمة الممارسة الخبيرة لعملية الديموقراطية و ما يصح فيها ليس بشرط ان يلائم و يوائم الدول الاخرى من النامية و المتخلفة ايضا، و هكذا لو تعمقنا اكثر فان بحث ما يمس الديموقراطية و جوهرها و طرق علاج ما يشوبها لا يمكن ان يكون ملائما لجميع بقاع العالم على حد سواء، و لكن المهم هنا هو ايجاد وسائل و طرق و سبل و اليات كفيلة لحل المعضلة و اجراء انتخاات بشكل سلس بعيدة عن التزييف، او احلال بديل مناسب مقنع و لكن ليس على حساب الشعب و تمثيله في الحكم. هنا يمكن التطرق الى توجهات مطروحة ربما تكون جديدة بعض الشيء و لكن لو اجري العمل وفق متطلباتها يمكن التقليل من نسبة التزيف و رفع الغبن الذي يقع دائما على مجموعة من الطبقات و الفئات و الشرائح من مكونات الشعب دون غيرهم. في دول ذات ثقافة و وعي معين و خبرة ليست على ما يرام في عملية النتخابات و في ظل توفر اقل نسبة من المستلزمات المادية و المعنوية لتحقيق الديموقراطية الحقيقية ، و نحن على يقين باننا نحتاج عقود ان لم تكن قرون للوصول الى ما وصلت اليه الدول الغربية و ما هم عليه اليوم في هذا الشان ، اي الديموقراطية المطبقة هناك، و ما تحمل في طياتها ايضا من الخلل و ما تتحمل من السلبيات و التزييف في الانتخاات هناك ايضا، فكيف بنا ان نبدا خطوات لتكن قفزة باتجاه الصحيح لوكانت لدينا الجراة في الخطط المصيرية الحية ، و في نفس الوقت بالامكان اجتياز العوائق التي عارضتهم خلال هذه المدة التي مارسوها. ان ما يصر عليه العديد من الباحثين و الدارسين و المحللين المناصرين للديموقراطية الحقيقية في هذه الايام هو تجزئة العملية الانتخابية العامة و ادخال الشرائح و الطبقات و الفئات و المكونات المختلفة مع المنظمات المهنية و المدنية المتابعة في صلب عملية الانتخابات الفرعية و من ثم اختيار الممثلين بعملية جمعية لانتخاب النواب الى البرلمان من ممثلي المكونات المختلفة المنتخبة من قبل فئاتهم فقط و ليس بشكل عام، اي الطبقة هي التي تختار من يمثلها و حسب الاحصائيات المتوفرة لتحديد العدد و الحجم ، و الشريحة المعينة هي التي تهمها ان يصل من تركيبتها فقط، و هكذا لجميع المكونات المختلفة، و يمكن اجراء احصاء سكاني يتوفر فيه كافة المعلومات كل اربع سنين للمساعدة في اجراء مثل هكذا انتخابات، و فيه يمكن ان يُحدد الحجم و التركيب و العدد و النوعية لكل فئة و طبقة كي يتسنى لاية طبقة ان تحقق ما يحق لها و بشكل مناسب و متكافيء مع حجمها و عددها، من اجل استئصال الغبن و في جو يتوفر فيه نسبة عالية من العدالة و اكثر من الانتخابات العامة، و هنا يمكن ان يصل ممثلو كافة الطبقات و الشرائح و المكونات و كافة القطاعات سوى قطعوا المرحلة الاولى بوصولهم الى نقابات او اتحادات، سيصلون الى البرلمان ، لذا يكون لكل حسب عدده و حاجته و ضرورة من يمثله، و هنا يمكن ان نجد من يمثل اية طبقة بشكل افضل من غيره ، فليس هناك من يعبر عن طموحات و امنيات و اهداف طبقة معينة الا من ينتمي اليه،ا و هم من يمثلون انفسهم و طاقاتهم و طموحاتهم ، و بعدئذ يمكن ان يُختار ممثل هذه القوى بشروط و محددات او بانتخابات ضمن مكوناتهم ايضا، و تكون بشكل يتم في نطاق ضيق ضمن اطار الشرائح و المكونات و سيكون عدد ممثلي اي طرف وفقا لحجمه و عدده، و بالتالي سيحكم اكبر حجم و عدد البلاد و ستكون طريق التزييف اضيق من الانتخابات العامة الجارية و السائدة الان في جميع انحاء العالم، و يستغلها البعض لاهداف و مصالح ضيقة فقط.
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل المجتمع العراقي يتحفظ عن التجديد حقا؟
-
يجب ان لا يخضع حق تقرير المصير للمزايدات الحزبية
-
الديموقراطية في كوردستان بين ثقافة المجتمع و دور النخبة
-
الفضائية كخطوة اولى لترتيب بيت اليساريين بكافة مشاربهم
-
هل يضطر المالكي لتشكيل حكومة الاغلبية
-
الكورد بين مصالحة التاريخ و مخاصمته
-
مَن تختاره الكتل ليكون وزيرا في الحكومة العراقية
-
الديموقراطية و ما تجلى من دور الاحزاب في انتخابات معلمي كورد
...
-
دلالات النقاط المشتركة بين هوية الفيلية و الشبك
-
كيف تُمحى مخلفات عقلية البعث في العراق؟
-
ما يحدد العلاقات و طبيعة التعامل مع البعض
-
هل من مصلحة العلمانية محاربة الدين بشكل صارخ ؟
-
عوامل نجاح المالكي في مهامه الصعبة
-
التاثيرات المتبادلة بين العولمة و العلمانية
-
اين الثقافة الكوردستانية من القيم الانسانية البحتة
-
مرة اخرى حول الثراء الفاحش و الفقر المدقع المنتشر في منطقتنا
-
رفع العلم الكوردستاني في البصرة لعبة مكشوفة للجميع
-
مغزى انعقاد المؤتمر الدولي الكوردي السابع في مقر الاتحاد الا
...
-
السلطة الكوردستانية و التركيز على تطبيق الديموقراطية في المر
...
-
اية حكومة تناسب الوضع العراقي الحالي ؟
المزيد.....
-
فرنسا: الناشط اللبناني جورج عبد الله أمام القضاء يوم 17 يولي
...
-
شبيبة القطاع الفلاحي تعبر عن تضامنها مع طلبة معهد الزراعة وا
...
-
حركة النضال العمالي والشعبي بالمغرب وكفاح فلسطين
-
صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 16 يونيو 2025
-
العدد 609 من جريدة النهج الديمقراطي
-
“المستأجرين” بالاسكندرية تدعو لتأسيس فروع للرابطة.. والحكومة
...
-
العدد 610 من جريدة النهج الديمقراطي
-
بيان المجلس المحلي – فرع آسفي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
...
-
كلمة الحملة الوطنية لتحرير الأسير جورج عبدالله أمام السفارة
...
-
مسؤول روسي: الرأسمالية العدوانية أدت إلى عدم الاستقرار في عا
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|