أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - نحن شعب لا يستحي.. ولكن, هل تستحي أنت















المزيد.....

نحن شعب لا يستحي.. ولكن, هل تستحي أنت


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3232 - 2010 / 12 / 31 - 01:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نحن شعب لا يستحي.. ولكن, هل تستحي أنت
جعفر المظفر

ما قرأت مقالا سطحيا وساذجا ومشوها ومنحرفا كذلك المقال الذي أدرجه كاتبه تحت عنوان (نحن شعب لا يستحي). وأعترف إنني ما شئت التوقف عنده لحظة لولا تكرار مروره علي لمرات تجاوزت العشرين, وكأنه يستصرخ فيّ رغبة الرد وضرورة الشرح الذي كنت أجلتهما, لا لعجز أو انشغال, وإنما لإيمان أن هناك, مثل هذا المقال, أخرى كثيرة لا تتقن سوى فن الشتيمة الرخيصة, أما لعجزها عن الحوار العلمي والعقلي المطلوب أو لمرض نفسي يجد له متنفسا في الكتابة مثلما يجدها في كثير من الممارسات الأخرى.
لكن رغبة الرد بدأت تضغط علي وأنا أرى الكثيرين, وحتى من أصحاب التاريخ السياسي الطويل, قد قاموا قبل غيرهم بتدوير المقالة. ولئن سألتهم عن مغزى عملهم هذا لقال بعضهم بعد أن يدرك غلطته: أن (ناقل الكفر ليس بكافر), وهو قول لا أعتقد بصوابه مطلقا ما دام يجري استعماله في زمان غير زمانه وفي مكان غير مكانه. والأقوال والأمثال, حينما تفقد تلكما البعدين, ستنتج عكس ما قيلت من أجله, ومَثًلٌ كهذا قيل في زمن كان القادة والملوك فيه يضطرون إلى إرسال رسل للتفاوض عنهم مع الجيوش الغازية, أو للتبليغ برسائل قد تغضب الطرف الآخر الذي ربما يلجأ لقطع راس الرسول كرفض واحتجاج وإنذار مضاد, لهذا جرى التفاهم حول حماية أولئك الرسل بوصفهم ناقلي رسائل ولا علاقة لهم بمضمونها وفحواها, فقيل عندها إن ناقل الكفر ليس بكافر.
أما اليوم وحينما يتعلق الأمر بتدوير الرسائل الإلكترونية فإن ناقل الكفر هو كافر حتى بوجود حسن الظن به, وعليه أن يعلم, إن قراءاته السريعة, التي قد يضطر عليها, لكثرة ما يقرأه من رسائل إلكترونية قد تجعله, بغياب التركيز, غير قادر على الدخول في حوار مع افكار المقال, خاصة إذا كانت تلك الأفكار تتطرق إلى المآسي التي مر بها الشعب العراقي, والتي لا شك أنها مآسي يطيح هولها بأكثر الشعوب صبرا وصلابة, ويجعل عاليها سافلها أو كما يقولون يشيخ لهل رأس الصبي.
لكن قراءة متأنية لتلك المقالات, مع تشغيلة بسيطة للمخ, سوف تجعل القارئ على دراية بما تحمله هذه الرسائل من كفر ودجل وتزوير, هو غير مجبر على نقله وتدويره على الآخرين من خلال بريد ألكتروني عرضة لأن يستشمر لأغراض سياسية فئوية وطائفية ومخابراتية تتناوب عليه بطريقة ليست بعيدة عن التضخيم أو التحوير أو حتى عن الكذب والدجل والتزوير, فليست خافية تلك الطرق المونتاجية التي تستبدل أشخاصا في صورة بأشخاص لا علاقة لهم بها, أو إستبدال رأس شخص بآخر لكي يكون جزء من حدث لا علاقة له به. ونرى كيف أن تلك الصور تنتقل, بفضل وسائل النقل والإتصالات الحديثة, من أول الدنيا إلى آخرها بنقرة إبهام, فترى الكفر وقد دار العالم بلحظة.
ومن الأكيد أن هذه الإشارات هي غير عامة, بل هي موجهة على وجه التخصيص لأسماء مؤثرة ما إن تراها تتصدر الرسالة حتى تضمن بشكل أولي أن المعلومة التي أرسلها دون تعليق سوف لن يأتيها الباطل أبدا, فإذا بك تكتشف, بعد سطور عدة, أن فيها من الباطل ما يجعلك تتمنى لو أننا ما زلنا في عصر الحمام الزاجل حيث لا إلكترونات عابرة للقارات ولا نيترونات سابحة في اللانهايات.
ولقد كان في مقدمة ما حفزني إلى كتابة هذه الموضوعة, مقالة إلكترونية كانت نشرت في إحدى الصحف الإلكترونية واسعة الإنتشار وكانت بعنوان ( نحن شعب لا يستحي ), لكاتب, أظنه كان إستحى, فلم يضع إسمه الصريح عليها. ولأن هذا الكاتب كان أقر من خلال كلمة (نحن) التي تتصدر عنوان مقالته بأنه جزء أساسيا من أولئك الذين لا يستحون, لذا صار علينا أن نتأنى ونحن نقرأ ما يقوله إنسان بهذه الصفة, إذ أن من غير المعقول أن ينتفض مخلوقا لأخلاقية هو نفسه لا يتحلى بها, وأيضا لأن فاقد الشيء لا يعطيه وكذلك فإن الإناء ينضح بما فيه.
ومن العنوان ذاته نفهم أن الكاتب يتحدث عن (شعب) وليس مجموعة محددة, كفئة أو حزب أو منظومة أفكار, مفترضا أن هناك وجود مادي تاريخي مستمر لشيء إسمه (شعب) بحيث يمكن إعتباره ثابتا وعلى المستوى الذي يشرعن لتركيب موقف عام منه, وإستنباط قانون إخلاقي تاريخي للتعامل معه, وبنفس الطريقة التي تمهد لإنتقاد حزب من الأحزاب أو فكرة من الأفكار أو ظاهرة من الظواهر.
إن السذاجة الفكرية أو النية السيئة المبيتة هي التي دفعت الكاتب, مثلما دفعت آخرين قبله, للتعامل مع الشعب العراقي ضمن قالبية مقيتة صار ممكنا من خلالها إشتقاق قوانين معيبة رددها الكثيرون مثل تلك التي تؤكد على أن العراقيين (شعب شقاق ونفاق) أو (إحنا شعب ما تصير إلنه جارة), إلى تلك التي تتضمن عدوانا صارخا ضد شعب بكاملة من خلال تحميله تاريخيا جريمة مقتل الإمام الحسين, أو التخلي عن نصرته, وبما يؤسس لكل مظاهر جلد الذات التي تعبر عن نفسها لطما وزنجلة وتطبير, وكافة صيغ التعبير عن الحزن التي تأتي على خلفية التكفير عن الذنب أو التعبير عن الندم المستمر إلى يوم القيامة, وبالإتجاه الذي يعطل إرادة ووعي شعب بكامله ويجعله سجينا لإثم تاريخي من العار أن نحمله أوزاره.
إن الشعب, أي شعب, هو حالة متغيرة بما يتناسب مع الظرف المركب, وهو إنتاج له في مرحلته, فإن تغير الظرف تغير الناتج, لذلك فهو حالة ظرفية مرهونة بوقتها, إذ لا يمكن تحميل الشعب العراقي حاليا جريمة ذبح الحسين أو التخلي عنه, ولو كان هناك وجود قانوني وإخلاقي لمثل هذه القاعدة لكان الأحرى بالسوريين والحجازيين أن يكونوا أول النادمين والمطبرين والمزنجلين. فالجيوش التي حاصرت الإمام وأهله وصحبته كانت جاءت من الشام, أما من ذبحه وقطع رأسه فهم رجال حجازيون, وسوف ينضم إلى أولئك أيضا المصريون, التي جاءت طلائع قاتلي الخليفة عثمان من بين صفوفهم. وإن من سوء التدبير التاريخي أن تكون معركة الطف قد دارت بين حجازيين ونجديين, قاتلا وشهيدا, في حين صار على الشعب العراقي أن يمارس جلد الذات التاريخي المفتوح على جريمة لم يكن قد إرتكبها في الأصل.
لكن لا الحجازيين مسئولين عن تلك الجريمة ولا السوريين أو المصريين كذلك. إن المسئولين عنها هم أشخاص عاشوا في تلك المرحلة, وإنتهوا بنهايتها, أما الشعب فهو حالة معرفة بظرفها ومرحلتها, وليس هناك وجود لقانون يؤكد على أن هناك توارث جيني لنظم أخلاقية وسياسية, بل أن التوارث يحصل حينما يتكرر الظرف الإجتماعي والإخلاقي والسياسي والثقافي.
إن رفض العراقيين لأية مسؤولية عن جريمة مقتل الحسين وما شابهها من جرائم إنما تشكل القاعدة الفكرية لرفض جميع الأفكار والمؤسسات والتجمعات الدينية أو الدينوسياسية التي تؤسس لهذه الأفكار تورية لمنافع ومصالح متفرقة داخلية كانت أو خارجية.
إن ما إحتوته تلك المقالة الخائبة لا يفرق أبدا, من ناحية الفكرة والغاية, عما تناولته بالعنوان والمقدمة, وهي امور أظن أن التبشير بها يأتي لصالح كل القوى التي تتناوب على إستغلال وامتهان وسرقة هذا الشعب, فجميع هذه القوى حتى بوجود التضاد فيما بينها إنما تلتقي بالنهاية في وعاء واحد.
وهو وعاء لا يحتوي سوى المياه الراكدة الآسنة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهل هناك بعد عبادان قرية
- لاء الحسين و لاء صدام بن حسين
- أسانج المُغْتَصِب.. أسانج المُغْتصَب
- في بيتنا... أسانج
- وقفة رابعة مع شهداء الكنيسة
- لو كان يدري ما انتصر
- من أزمة الحكومة إلى الحكومة الأزمة
- هل كان الحكم الملكي طائفيا – 4
- فاز المالكي بخصمه لا على خصمه
- في كنيسة النجاة... هل كانت إسرائيل هناك ؟!
- إرهاب وسباب وأسباب
- جريمة الأحد.. هذا ما تريده القاعدة
- هل كان النظام الملكي العراقي طائفيا.. الشيعة بين فقه الدين و ...
- هل كان النظام الملكي العراقي طائفيا.. صديقك من صَدَقَكْ..(2)
- تقارير ويكيليكس ونظرية المؤامرة
- هل كان الحكم الملكي في العراق طائفيا
- عن بلجيكا والعراق
- متى يخلع العراق جلباب الضحية
- الدولة.. بين الدين والسياسة
- هومْ سِكْ ... سِكْ هومْ


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - نحن شعب لا يستحي.. ولكن, هل تستحي أنت