أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الدولة.. بين الدين والسياسة














المزيد.....

الدولة.. بين الدين والسياسة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3151 - 2010 / 10 / 11 - 18:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ليس من باب تأشير خلو السياسة من القيم الأخلاقية أن يقال أن الخلط بينها وبين الدين ومنظومة القيم الاجتماعية يبقى مصدرا للكثير من الخلل, ولفترة طويلة بدى العراقيون عاجزين عن الفصل ما بين الأخلاق الاجتماعية والأخلاق السياسية إلا بالمنطق الذي يدين أي افتراق بينهما.
أن الأخلاق الاجتماعية هي شان داخلي خاص, وبإمكان أي مجتمع أن يتمسك بتقاليده وموروثه الاجتماعي, غير أن الدولة في مواجهة المجتمع الدولي أو الإقليمي عليها أن لا تتقيد بتلك التقاليد وإنما يجب عليها أن تراعي حقيقة أن الدول الأخرى هي بثقافات مختلفة وان السياسة بالتالي هي صراع مصالح وليست صراع أخلاق.
بهذا الاتجاه يصبح ممكنا القول إن الدولة, بالإضافة إلى كونها ليست بشرا بهوية شخصية, وإنما هي كيان يضم مختلف الأديان والقوميات والأجناس, مثلما هي ارض وماء وحيوانات طائرة وزاحفة ومائية وبرمائية, ولا يمكن لها أن تكون بهوية دينية محددة, فإنها في الجانب الآخر مجبرة على التناغم مع مجتمع دولي مختلف الأديان والمصالح والأهواء, وان عليها لكي تتوافق مع ذلك المجتمع, ولكي تجد نفسها ضمنه, أن تمتلك قدرة الحركة والقرار بعيدا عن التقيد بمنظوماتها القيمية الدينية, وإلا لصار عليها أن تغلق حدودها تماما فلا تعترف بقانون أو رأي او عرف يتناقض مع تعاليمها وقيمها الدينية المتأسسة على هويتها كدولة بدين.
بإمكان المتمسكين بالهوية الدينية للدولة أن يقدموا تفسيرا معقولا لمرونة دولتهم على المستوى السياسي بأن يقولوا أن الضرورات تبيح المحظورات, وحتى مع الاعتقاد بان هذا التفسير المحدد قد يؤدي إلى حرية الحركة باتجاهات قد تبدو بعيدة عن التمسك الحرفي بالدين, فان ذلك القول سيبدو عاجزا عن توفير المستلزمات الأخلاقية الرصينة إذا ما تساءلنا عن حدود تلك الضروريات التي يبدو أن هناك صعوبة حقيقية في الاتفاق على تعريفها وتبويبها, مما يترك القول مفتوحا بشكل واسع للاجتهاد المختلف والمتناقض الذي يطيح بجوهر تلك الفتوى.
والحقيقة إن ( الضرورات تبيح المحظورات ) هي باب لا يمكن غلقها وطريق حقيقية للتخلي عن المقدس في الدين, وفي السياسة فإنه لا يمكن التحكم بتعريف محدد لتلك الضرورات وبالتالي بنوع المحظورات نفسها مما يجعل الدين تابعا للسياسة وليس العكس, وهي معادلة قد تكون مفيدة لرجال الدين في كل الأحوال ولكنها لن تكون مفيدة للدين في أية حال .
على ذات المستوى يجب أن تنأى الدولة, خارجيا, عن الالتزام بهويتها الاجتماعية العقائدية وتكون مطلقة اليد للبحث عن تحالفات المصالح أينما تقتضي الضرورة ذلك, ففي بداية الحرب العالمية الثانية كانت روسيا الشيوعية قد تحالفت مع ألمانيا النازية, ولو كانت الهوية العقائدية للدولة قد قيدت اتجاه التحالفات لاعتبر التحالف الروسي وقتها خروجا على العقيدة. وبعد انهيار ذلك التحالف, اثر خروج هتلر عليه, فقد أسرع الروس على الفور للدخول في جبهة الحلفاء التي ضمت أمريكا وبريطانيا بشكل أساسي, ولم يكن ذلك يتفق أيضا مع عقيدة روسيا الشيوعية.
وما ينطبق على روسيا, ينطبق على أمريكا أيضا, التي نأت عن المشاركة في الحرب ضد المانيا واليابان, وتأخرت عن نجدة معسكر العقيدة إلا بعد لن تبين لها أن الحرب قد دخلت إلى أراضيها على أجنحة الكاميكاز, فالتحقت بالحرب من دواعي الدفاع عن مصلحة الذات قبل الدفاع عن عقيدة الذات.
إن السياسة هي عالم من الرمال المتحركة أما القيم الدينية فهي عالم من الصخور الصلبة, وفي حين يمكنك أن تضمن موقع أقدامك على الأرض الصلبة, فان الرمال المتحركة لا تضمن لك موقعا ثابتا, وبإمكانك أن تنام مسترخيا في الليل على سفح تل رملي كاذب لتجد نفسك في الصباح بلا ظل يقيك من لهب الشمس المحرقة ولا جدار يعينك على الاختفاء.
وان تكون سياسيا في عالم الرمال المتحركة عليك أن تتقن فن ملاحقة التلال الرملية وأمكنة الاختباء أينما وحيثما يتوجب ذلك, وبدون ذلك ستكون كمن يمشي على الرمال بأحذية صلبة وثقيلة, ولا عجب عندها أن يسبقك في عالم الرمال المتحركة والتلال الكاذبة من كان حذاءه خفيفا وان يمنعنك ثخن ملابسك وثقل أمتعتك من الركض على الأرض الرخوة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هومْ سِكْ ... سِكْ هومْ
- الجاليات العراقية في المهجر وضياع الهوية
- هذا ما قاله ساراتسين.. فما الذي يجب ان نقوله نحن
- حضروا أقداحكم.. حزب الشاي قادم إليكم بقوارير لا سكر فيها*
- هروب إلى الخلف.. وهروب إلى الأمام
- إنهم يطبخون التاريخ.. أليس كذلك..؟!
- أمريكا.. لماذا نجحت في ألمانيا وفشلت في العراق.. ؟!
- مع القرآن.. ماذا سيحرق القس جونز
- الحادي عشر من أيلول.. ليس الأمريكان وحدهم الضحايا
- العراق بين حل الأزمة وأزمة الحل
- الحرب العراقية الإيرانية.. هل كانت أمريكية
- كلنا عملاء لأمريكا.. فمن الوطني إذن ؟!
- من نسأل
- إسلام بدون مسلمين
- الأمريكي المسلم والمسلم الأمريكي
- الأستاذ جاك وجامع قرطبة
- الديمقراطية.. وصواريخ صدام على تل أبيب
- عن الحب والكراهية في السياسة ومقالات الدكتور عبدالخالق حسين
- طائرة إسمها الكويت
- صدام .. كم, مما كان فيك ما زال فينا


المزيد.....




- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الدولة.. بين الدين والسياسة