أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد نصره - حول العمل والإصلاح: سورية نموذجاً














المزيد.....

حول العمل والإصلاح: سورية نموذجاً


جهاد نصره

الحوار المتمدن-العدد: 966 - 2004 / 9 / 24 - 12:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من البديهي القول: إن أغلبية الشعوب تعمل في حاضرها من أجل غدها ، لكن أغلبية الشعوب العربية الإسلامية تعمل من أجل أيام غير منظورة لا مكان، ولا زمان لها في هذه الدنيا، أي من أجل لا شيء في حقيقة الأمر وهنا تكمن المفارقة: شعوب تعمل كل يوم من أجل يوم ثاني أفضل وهي أغلبية الكون المرئي.. وشعوب تعمل أو يمكن القول: لا تعمل من أجل هذا الغد فهي ترنو ببصرها نحو يوم لا يمكن تأريخه، ولا تصوره إلا في المخيلة الفردية والجمعية.. وهي أقلية الكون الحالي اليوم و اللامرئي غداً .. ويمكن القول بشكل أخر : تلك الشعوب تعمل باطراد من أجل تخليق مستمر، وتطوير متسارع، لمستقبل مغاير للحاضر وعلى نحو أكثر تطوراً وتحضراً ، بينما شعوب البلدان المسماة إسلامية - وهي قومجية أمنية بامتياز- تعمل على إعادة إنتاج ماضيها على قاعدة التفاخر به، والتمسك بثوابته..!… ويترجم العقل العروبي الإسلامي هذه المعضلة بمفهوم الأصالة وينكِّهها بمقولة: من لا أصل له لا مستقبل له..! وكأن هذه الشعوب شعوب - زنى - بحاجة دائماً للتذكير بأصلها، وفصلها..!؟ وهكذا تمضي الأيام.. الآخرون يهرولون نحو مستقبلهم في حين تدور شعوب المنطقة اليعربية الإسلامية على ذاتها في نفس الدائرة، وفي نفس المكان.. وهي منذ قرون عديدة تعيش هذه الحالة الفانتازية [ تستفيد شركات الإنتاج التلفزيوني والسينمائي وحدها من هذه الوضعية ..! ] ومن الطبيعي أن يكون من بين أولى النتائج المترتبة على هذه الحالة ازدياد المسافة الفاصلة بين شعوب المنطقة العربية والشعوب الأخرى سنةً بعد سنة، وأن تتقلص فرص الملاقاة والتفاعل الندي..إضافةً إلى انعدام ثقة الأجيال الجديدة بمستقبلها وسريان روح اليأس، والعجز، والاتكالية وتآكل الأحلام، والطموحات.. والأكثر عيباً وخطورةً من كل ما سبق، هو انتشار ظاهرة الكفر بالأوطان، والسعي بشتى الطرق للفرار منها إلى بلدان أخرى سرعان ما تصبح أوطاناً بديلة بينما اللصوص الذين نهبوا الأوطان يتسلون بالرقص على حبال الأناشيد الوطنية..!
لم يعد العمل المطلوب مقتصراً على ما هو سياسي من قبيل سلطات تدعي العمل على إصلاح نفسها، فالقضية شاملة، ولم يعد يكفي البتة الانكباب على ما هو سياسي من بنى فوقية، فحالة شعوب المنطقة كشفت عن جذور تستوجب اقتلاعها، وتكنيسها لزراعة بدائل عنها تتوائم أو تنسجم مع ما وصل إليه العالم المتقدم باطراد..نعم اقتلاع وتكنيس الجذور التي أصابها النخر، والسوس منذ قرون والتي أودت بالمعرفة المنتجة محلياً إلى التهافت بدليل إنتاجها لخطاب معرفي ثقافي سكوني متطِّبع بالماورائية، والببغائية مترافقاً ومنتجاً لخطاب سياسي لا فعالية حياتية له بل مهزوم بامتياز، ومن هنا يصبح من المفهوم عدم قدرة شعوب المنطقة على إنتاج منظومة الدولة بالمعايير المعاصرة وبقاء منظومة الخلافة السائدة منذ أربعة عشر قرناً مهيمنة لكن بلباس جديد فالكاكي في هذا البلد والجلباب في ذاك البلد..القبعة هنا والشماخ هناك أي بما معناه ملك خليفة هنا ورئيس خليفة هناك..قبيلة هنا وحزب قومجي هناك..!
والآن وبعد ما تقدم من تكثيف للحالة المذرية السائدة يمكن القول: إن أحاديث الإصلاح، الخجولة منها أو الصاخبة التي تضج بها منظومة الخلافة الملكية المشيخية و الجمهورية القومجية في المنطقة العربية المنكوبة، لا مستقبل لها وذلك لأنها نتاج نفس العقل الذي وضح بجلاء لجميع من يدب على الأرض أنه رهين ذاك الماضي السحيق، وتلك الجذور المنخورة، مضافاً إلى ذلك عجينة الفساد المحدَّثة حزبياً سلطوياً، وأمنياً و عسكرياً، ومن المؤكد أن مثل هذا العقل لا يمكنه إنتاج منظومة الدولة التي وحدها تعطي للإصلاح معنى فهي التي ستتمكن من إعادة وضع العربة بالشكل الصحيح بما معناه وضعها من غير تردد على طريق تمشي عليه الشعوب الأخرى منذ زمنٍ طويل..إضافةً إلى واقع المنظومة السلطوية اليعربية الحديثة من حيث أنها نتاج طغم حزبية،وإدارية، وعسكرية، وأمنية متحالفة وحدَّتها مصالحها المادية ومواقع النفوذ الطاغي التي تحتكرها لعقود متتالية..‍ ففي بلد نموذجي مثل سورية تهيمن هذه الشبكة المتحالفة منذ العام / 1970/ وهي كما يعرف أبسط مواطن سوري مغرقة في الفساد والمتاجرة بكلِّ ما سمحت به مواقعها التراتبية السلطوية معززةً بدستور صاغته على مقاسها العقلي، والمصلحي الدوني، وألبسته رداء الدين بالنص على مرجعية الشريعة الإسلامية، وحشته بكل ما يكرِّس هيمنتها من نصوص ومواد استثنائية، فكيف يمكن للبعض من الفعاليات السياسية السورية المنظمة وغير المنظمة، ولبعض المثقفين، والمفكرين، والكتاب الشرفاء غير المجيِّشين من السلطة أو بعض مراكز القوة فيها كيف يمكن لهم الانجرار إلى مجرَّد الحديث عن الإصلاح المتوهم تحت ظل هكذا دستور..؟ وفي الوقت نفسه يتم تجاهل الواقع الواضح التفاصيل و الذي يدحض بقوة المزاعم الإصلاحية بالرغم من استحالة إصلاح هذه النوعية من الأنظمة..!؟ إن الحديث عن الإصلاح في ظل طغم هي نفسها عصّيةٌ عليه لا يعدو عن كونه مساهمة مجانية في التعمية والتجهيل، أو في أحسن الأحوال، استسلام وقبول بالواقع الصعب والمذري.!؟ أما الجهد المبذول من قبل جيش السلطة الإعلامي المعزز بالمستشارين، والكتاب، الذين خانوا صنعتهم أيما خيانة، و أشباه المثقفين، والصحفجيين، والكتبة، المضطرين للتعايش ومرغمين عليه..! فإن كل جهودهم تلك لا تنتج أكثر من إعلامٍ تجهيليٍ مسطح لا يعدو عن كونه استغفالٌ عقيمٌ لعقول الناس بله استحمارهم، والضحك على ذقونهم بعدما أُفرغت جيوبهم، وضُللت عقولهم، وسُوِّدت حياتهم ..!
1/9/2004



#جهاد_نصره (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفسحوا الطريق ..! الحزب وصل
- ميخائيل عوضْ عوى أم قبض..؟
- بمناسبة احترام الدستور اللبناني ضوء على بعض مواد الدستور الس ...
- غربلة المقدسات-25- الجفر
- غربلة المقدسات -24- الجفر
- غربلة المقدسات -23- الشريف عليه السلام
- دستور يا مولانا..الدستور..؟
- حول المس والممسوس: لبنان نموذجاً
- زواج المتعة بين الإصلاحيين والفاسدين
- تبادل للسلطة أم تبادل للرأي
- كيف تصبح رفيقاً في /24/ ساعة
- غربلة المقدسات 22-المختصر في أزواج محمد وخطيباته
- غربلة المقدسات -21- يونس: النبّوة المتمردة
- غربلة المقدسات -20- دُلدُل والعجل
- عودة حزب الكلكة
- غربلة المقدسات: رسالة من أصولي
- بين الغزوالإسلامي والغزو القومي: صدام نموذجاً
- غربلة المقدسات -19- بناء البيت
- غربلة المقدسات -18- داود والحسناء
- الإصلاح: بين إصلاح العائلة واصلاح السلطة


المزيد.....




- البحرين.. جملة قالها الشيخ ناصر أمام بوتين وردة فعل الأخير ت ...
- مردخاي فعنونو: كيف عرف العالِم سر الترسانة النووية الإسرائيل ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي: أخرنا إمكانية امتلاك إيران لسلاح ن ...
- إسرائيل تضرب وسط إيران.. قصف مبنى في قم وانفجارات في أصفهان ...
- -تمويل بغباء-.. ترامب يكشف سرا عن سد النهضة
- سفن وصواريخ.. كيف تساعد أميركا إسرائيل في صد هجمات إيران؟
- -شالداغ-.. خطة إسرائيل البديلة للتعامل مع منشأة -فوردو-
- إسرائيل تعلن اغتيال قائد لواء المسيّرات الثاني بالحرس الثوري ...
- عراقجي لشبكة إن بي سي: خيار التفاوض أو الحرب متروك للأميركيي ...
- الجامعة العربية تدين الهجوم الإسرائيلي على إيران وتدعو للتهد ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد نصره - حول العمل والإصلاح: سورية نموذجاً