|
لبلبي .. حار و مستوي !
عبد الجبار السعودي
الحوار المتمدن-العدد: 3211 - 2010 / 12 / 10 - 09:51
المحور:
كتابات ساخرة
لبلبــــــي .. حار ومستوي ! عبد الجبار السعودي قبل أن أبدأ بالحديث عن ماضي وحاضر الحمص ومطبوخه المعروف بـ (اللبلبــي) وما يخبأه المستقبل القريب المنظور وليس البعيد لهذا المأكول الشعبي اللذيذ والزاهي بعافية الناس وحكاياتهم، سأعرج قليلاً الى بعض من فوائده التي طالعتنا بها شبكة الأنترنت، وليس شبكة المفزوعين من اللبلبي وماءه اللذيذ ومن باعته أيضاً . تقول المعلومة: (( تتكون حبة الحمّص من البروتين والمواد الدسمة – سليولوز – غليكوسيدات – حديد Fe – كالسيوم Ca – فيتامين A, B, B2, c . بعض من فوائد الحمص ومطبوخه : - التسمين- تخفيف الصداع والشقيقة - ادرار البول وتفتيت الحصى وذلك بشرب ماءه ثلاث مرات في اليوم - ازالة الديدان وحيات البطن - تخفيف الكلف - تسكين أوجاع الأسنان- ادرار الحيض- تنقية الرحم من الالتهابات والفضلات- ازالة صفرة الوجه وتحميره - مهم : لا ينصح من يعاني من تقرحات بالمثانة أن يأكل الحمص ولا ينصح بأكله بين الطعام الا مع كمون لأنه يحدث غازات ورياح والأخضر قد يسبب خدر وشلل اذا أكل بكثرة وخاصة عند من يعاني من الصداع - ان أكل الحمص محمصا (القضامة) أو مسلوق يساعد في تنشيط الأعصاب وتنشيط الدماغ بحيث يؤكل مع السكر أو أي حلويات - ان أكل القضامة تساعد على ازالة الامساك وتنشيط حركة القولون الدودية)). أنتهى وبالأمكان متابعة المزيد.. أما عن الماضي، الحاضر الجميل لمأكول (اللبلبي) وأرتباطه بالحكايات الشيقة فهو يناغي ذكريات الكثير من العراقيين وخصوصاً أن حضوره يكاد يكون مفروضاً طوال فصول السنة، صباحاً ومساءً، في الأزقة الشعبية، في المقاهي وبالقرب منها و وزايا الأسواق، أمام المدارس وفي حوانيتها أيضاً، بالقرب من الملاعب الشعبية وتلك الرياضية الكبيرة، في المتنزهات ،في النوادي الأجتماعية والبارات الليلية وحتى في جبهات الحروب اللعينة و(حوانيت الجيش) التي أغتنى وغرف منها الكثيرون! من الترديدات الشعبية التي كنا نسمعها صغاراً، دون أن نعيرها أهتماماً، من باعة اللبلبي وهم يجوبون عرباتهم التي تحمل قدوراً كبيرة تتصاعد منها أبخرة ساحرة تشدك اليها عنوة وتجعلك تتلمس جيوبك بما تحمله من نقود، صاغراً ومتسمراً ومتلهفاً لما سيجود به (العم) أبو اللبلبي : (( يلبلبــــــــي .. يلبلــــــــــــوب ، بالعانة ترس الجيوب ) و ( لبلبي حار ومستوي .. بيع أمك وأشتري ) وغيرها التي تصدح بها حناجر أولئك الباعة، الذين يستخدمون تلك الصيحات لجذب الصغار والمارة لاغير، والذين كانوا بطباعهم كريمين تماماً بكل ما تطلبه منهم وأنت تقضم آخر حبات اللبلبي من ( زوادة ) أو ( كاسة ماي لبلبي أضافية ) ! أما المقبلات الحاضرة التي كانت تصاحب العربات تلك وليومنا هذا، فهي عصائر الحامض و الفلفل الأحمر ومسحوق الملح لمن يجد المأكول ماصخاً. أما المصنوع الشهير من اللبلبي المطبوخ فهو مأكول ( الحمص بطحينــــــة ) الذي يضاف اليه زيت الزيتون والزعتر لكي يؤكل لذيذاً ! والطريف من حكايات الطفولة أننا كنا نأخذ اللبلبي الذي نشتريه من العربات المتجولة و نضعه في طرف الدشداشة التي نرتديها، ثم نجعل منه كرة ونعصر قماش الدشداشة لكي ينزل ماءه تماماً و ندقه لاحقاً على الأركب أو حتى على جبهات الرؤوس لغرض سحق حباته الطرية وبعدها نخرجه من قماش الدشداشة، مكوّراً ، لكي نأكله مملوحاً لذيذاً كما هي ( الحمص بطحينــــــة ) تماماً ! في تلك الأيام وما تلاها من أعوام لم يغب اللبلبي عن تفاصيل الحياة اليومية، وحتى في أشتداد الأزمات المفتعلة التي كانت تصاحب حياة العراقيين وأرتفاع أسعار المواد المستوردة بعد الحروب العبثية والمجرمة للنظام السابق وسنوات الحصار الأقتصادي على الشعب العراقي، كان للحمص حضوره في المأكول اليومي تقريباً وكثيراً ما أستغنت العائلات العراقية باللجوء اليه والى بقية البقوليات للتعويض عن اللحوم وأسعارها الملتهبة حتى يومنا هذا. الحملة الأيمانية التي أشعلها النظام البعثي الدكتاتوري وما صاحبها من أجراءات، قيدت وأهانت وأعتدت على شرائح واسعة من العراقيين لم تكن هي الوحيدة والأولى في سجل ذلك النظام، فلو عدنا الى سنوات السبعينيات و سنوات الحرب مع أيران ومن ثم غزو الكويت وما تلاها لتذكرنا كم هي الحملات التي طالت حياة العراقيين وأعتدت على حقوقهم من خلال أفتعال أزمات مختلفة، منع السفور وأحلال شرطة الآداب ومن ثم أفتعال الشحة في المواد الغذائية ( يوم البطاطا، و يوم معجون الطماطة، وآخر تزاحم وتدافع على بيض المائدة، وأيام و مواعيد وأنتظار حزين لمنتجات الألبان وغيرها ) وكذلك أزمات للبضائع الكمالية المصنعة والمستوردة و توزيعها في الأسواق المركزية، وكذلك السگاير والمشروبات الكحولية بين الحين والآخر، حتى توّجت تلك الحملات بالحملة الأيمانية التي قادها النظام بشكل رسمي من خلال أغلاق البارات والنوادي الليلية ومنع تداول وبيع المشروبات الكحولية فيها وغيرها من الأجراءات.. بعض باعة اللبلبي أخفوا خلال تلك الأزمات ومع تطور الأحداث وما تتطلبه من أجراءات مضادة وفي داخل عرباتهم قناني المشروبات الكحولية لغرض بيعها على زبائنهم المعروفين لديهم والموثوق بهم بأسعار تفوق سعرها الأصلي، فكانت الزيارة لعربات اللبلبي لغرضين معروفين تحقق مُراد المشتري! هذا بعض من ماضي تلك الأيام التي يُراد لها الآن أن تعاد من جديد وتحيا تحت أعذار لم تعد تخفى على أحد ، بل أن مفتعليها الآن يستمدون من تأريخ تلك السنين المشؤومة مصادر قوتهم وألهام أجراءاتهم ومن ثم عزمهم على أشغال الشارع العراقي وشرائح واسعة منه عبر نفس تلك الحملات المفتعلة . باعة اللبلبي والشلغم والشونذر والباجلـــــّــة سيواجهون لربما يوماً ما أجراءات ما تخضعهم للتدقيق والتمحيص والمراقبة هُم وعرباتهم وربما حتى أعتقالهم ومصادرة عرباتهم ومحتوياتها اللذيذة ! وسيتم تشريع أجراءات لاحقة توجب عليهم وهم يعرضون مطبوخهم هذا تثبيت العبارة التالية على عرباتهم : مايع .. حلال ومستوي! وعندها سينتقل صراع الأقطاب من جديد الى مجلس النواب بين مؤيد ومعارض ومتحفظ على ملوحة اللبلبــي وماءه ! * * * بصــــــــرة - أهــــــــــوار ديسمبــر/ ك1- 2010
#عبد_الجبار_السعودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هَمْ آنه شعليّه ؟!
-
مكتب مفوضية الأنتخابات في هولندا والخبر الضائع واليقين !
-
هل هو ( نذرُ العيدِ ) أيها القتلة ؟!
-
لمَ هذا الرحيل ؟
-
تحت رحمة عضلات .. ( إخليف ) !
-
ثراءُ أيامك .. يا أبا آزاد !
-
انه الوطن .. انها الأمانة !
-
متى تُثلج صدورنا أيها السيد .. مون ؟
-
حتى لا يسرق ( عبد الشط ) حليب الأطفال وأمانيهم !
-
أنتَ الشاهد .. يا ديسمبر !
-
رغيف الخبز .. يا حكومتنا الموقّرة !
-
فضيحة عرعوري ..و بلبول القوري
-
تسيورة !
-
مو وردْ .. طلع دغل...إ.
-
طبّت البواخر !
-
يوم التاسع من تموز .. بأنتظار صوت المثقفين العراقيين
-
عمال النفط .. ( أبو ضامن ) يناديكم !
-
قراءة في كتاب .. عمائم ليبرالية في ساحة العقل والحرية
-
مُديراً ، أم وزيراً مندائياً ؟
-
محطة إستراحة .. في يوم العمال العالمي !
المزيد.....
-
اندمج في تصوير مشهد حب ونسي المخرج.. لحظة محرجة لأندرو غارفي
...
-
تردد قناة روتانا سينما 2024 الجديد على نايل سات وعرب سات.. ن
...
-
الممثل الخاص لوزير الخارجية الايراني يبحث مع نبيه بري قضايا
...
-
سيدني سويني وأماندا سيفريد تلعبان دور البطولة في فيلم مقتبس
...
-
فشلت في العثور على والدتها وأختها تزوجت من طليقها.. الممثلة
...
-
-دبلوماسية الأفلام-.. روسيا تطور صناعة الأفلام بالتعاون مع ب
...
-
كريستوفر نولان يستعد للعودة بفيلم جديد ومات ديمون مرشح للبطو
...
-
بيسكوف: الإهانات الموجهة لبوتين -جزء من الثقافة الأمريكية-
-
تفجير برايتون: مؤامرة تصفية تاتشر
-
وُصفت بأنها الأكبر في الشرق الأوسط..نظرة داخل دار أوبرا العا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|