أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - فوضى السياسة العراقية















المزيد.....

فوضى السياسة العراقية


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 3196 - 2010 / 11 / 25 - 07:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما إن نتمكن من النفاذ بجلدنا من مطب، حتى نقع في مطب آخر. وهكذا، بعد ان توصلنا الى تسمية الرئاسات، اثر مخاض تواصل لثمانية اشهر، وقعنا أو بالأحرى أوقعنا أنفسنا في دوامة جديدة، لا نعرف الى أي مدى زمني ستمتد هي ملأى بالمقترحات والمقترحات البديلة.
ففي الوقت الذي تنظم حكومات العالم أمورها من دون ضجيج، بحيث تشكل الحكومات بمنتهى السرية والهدوء، إذ العبرة بالعمل والنتائج، وليس الظهور أمام وسائل الإعلام، وإطلاق التصريحات المثيرة، وطرح المقترحات، نعكف نحن على البقاء ضمن دوامة الأجواء المتوترة، والتصريحات المتناقضة، بل الاستفزازية في أحيان كثيرة، والتي يبدو انها لن تنتهي. الأمر الذي ألقى بظلال من الشك في نفوس العراقيين، من ان معظم الساسة الحاليين، يعدون المناصب والترتيبات المتعلقة بالاستئثار بالوزارات، بل وحتى حصولهم على المقاعد في الانتخابات، بمنزلة الغاية التي تمكنهم من الانتفاع من امتيازاتها، وأصبح الحال وكأنهم يبحرون لوحدهم في زورق مثقوب، في لجة المحيط، فلن يسلموا من مخاطره مثلما سيدفع الشعب ثمنا لتلك التصرفات.
تكاثرت المقترحات والنصائح، الى الحد الذي تجرأ فيه احد النواب ـ و لربما يفكر في ذلك غيره ـ ، على أن يقترح بأن يحسب عمر مجلس النواب، ابتداءً من الجلسة التي جرى فيها تسمية الرئاسات! فكأن الشهور الثمانية من المماطلة ودماء العراقيين التي سفكت في إثنائها ذهبت هباء، و لا قيمة لها، وكأن هؤلاء النواب يعطون مجالا لخرق الدستور ويقدمون مسوغات للتسيب، والتغيب، والاستهانة بكرامة المواطن، فاتحين المجال ـ إذا رأى اقتراحهم النور ـ للمزيد والمزيد من التهرب من المسؤولية الدستورية والوطنية، التي تلزمهم التقيد بالتوقيتات المعلنة، ومثل هذا الخرق كرروه في أكثر من مناسبة، مثلما حدث في تعطيلهم لجلسة مجلس النواب الأولى وتأجيلها، وعدها مفتوحة، وهي مخالفة واضحة لبنود الدستور، التي لا تجيز أي تأجيل لجلسة المجلس الأولى مهما كانت الأسباب، وتفرض انتخاب الرئاسات في تلك الجلسة حصراً.
لقد برم المواطن العراقي من هذا الإصرار على التقاعس، وعلى التهرب مما يستوجبه المقعد أو المنصب، بل ان منظمات للمجتمع المدني قد رفعت دعاوى، لاسترداد رواتب اعضاء المجلس طيلة الشهور الثمانية، بعد ان خرقوا الدستور واجلوا الجلسة الاولى التي لا يحق لهم تأجيلها، وتغيبوا عن المباشرة في مهام عملهم طيلة المدة الماضية.
وعلى ذكر المقترحات الغريبة، والتي لا تنسجم وحاجة البلد الى البناء والاعمار والتطور المنشود، يقترح احد المسؤولين الأمنيين شطر لجنة الدفاع والأمن في مجلس النواب، الى لجنتين، إحداهما للدفاع و الأخرى للأمن، ونسي ان احد الأسباب الرئيسة، للخروقات الأمنية التي ذهب ضحيتها المئات من المواطنين العراقيين، هو تعدد الأجهزة الأمنية التي لا يعرف كل منها بعمل الآخر، بل تتضارب مهماتها في بعض الأحيان، إضافة إلى وجود وزارتين أمنيتين إحداهما للداخلية، وأخرى للأمن الوطني، وكان يفترض ان يجري توحيدهما تحت قيادة واحدة، وربط أجهزة الأمن والاستخبارات بهما، مثلما هو عليه الحال في معظم دول العالم، كي يجري السيطرة على أعمالهما وتوحيدها ومنع الاختراق وتحقيق الأداء الأمثل لا أن يترك الأمر نهبا للتعدد والفوضى.
ويطالب نواب آخرون بزيادة عدد نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، زاعمين ان الاكثار منهم سيقوي ما درجوا على تسميته بـ (اللحمة الوطنية) او المصالحة الوطنية، وكأن هذا الشعب في صراع دائم لا ينتهي بين مكوناته وهو امر غير وارد إلا في مخيلات بعض هؤلاء السياسيين وفي تصرفات البعض الآخر ممن لا يستطيع العيش إلا بظل الانقسامات، فيما يقترح آخرون زيادة عدد المستشارين لشتى المسؤوليات، ولا يتحرج آخرون من المطالبة بالإبقاء على عدد الوزارات ـ على كثرتها ـ وعدم اللجوء الى تقليصها بما ينسجم وحاجة البلد لتقليل النفقات، بل ويطالب بعضهم بإضافة وزارات اخرى، ونسوا حقيقة ان سياسة توزيع المناصب، ولاسيما الوزارات، على أساس الحصص والترضية، بين الكيانات والقوى السياسية، أدى الى تفاقم الفساد الإداري والمالي، ووصوله الى مستويات تهدد وجود المجتمع والبلد ككل، بسبب اصرار تلك القوى على إبقاء وزرائها ومسؤوليها الفاسدين في مواقعهم، برغم ثبوت انخراطهم في الفساد وسرقة أموال البلد بشتى طرق التحايل.
ان مطالبة الناس بـ (ترشيق) الوزارات واختصار عددها، وكذلك التقليل من أعداد المسؤولين في أجهزة الدولة التنفيذية ـ وحتى التشريعية ـ لم يأت من فراغ، بل جاء بفعل الخبرة المكتسبة من معاناة سبع سنوات من الأداء الفاشل، لمؤسسات الدولة، والذي أدى بدوره الى تعطيل حياة الناس الاعتيادية، وتدهور الأمن، وإهدار ثروات البلد الهائلة، وهو الأمر الذي تحاول تكريسه تداعيات فوضى الخطاب السياسي، المتواصلة حتى الآن، من دون انقطاع، والتي تظهر في شكل تصريحات، تنأى عن التطرق الى المشكلات الرئيسة التي تهم حياة الناس، وتتشبث بفقاعات تزوق المشهد السياسي، من دون ان تضع علاجات لحاجات المواطنين، الذين تفقد أعداد متزايدة منهم، يوما بعد يوم، الأمل بانفراج أزماتها وتوفر السكن و الأعمال والوصول الى الاستقرار المنشود.
المطلوب من السياسيين في هذه الأوقات الحرجة؛ أن يعملوا بصمت وان يتجنبوا إطلاق بالونات التصريحات، التي سرعان ما تنفلق، من دون أن تحقق شيئا يذكر، سوى فوضى القرارات والتنفيذ، وان يلمّوا شملهم، بلا تسريبات إعلامية ليست بذات فائدة، وان عليهم ترك التصريحات التي تثير الفرقة وتهاجم الآخرين، ولنا أن نقتدي هنا بتجارب البلدان الديمقراطية التي أنجزت وزاراتها، وشكلت برلماناتها، حتى قبل أن تصل أخبار مساعيها الى وكالات الأنباء، والفت وزارات فاعلة، مهنية، تقتصر برامجها الحكومية على الحديث عن الاقتصاد والإجراءات الكفيلة بتطوير حياة الناس، والنأي عن التطرق الى ما يثير الخلاف. وإذا ادعى بعض السياسيين لدينا، بأن هذا الأمر ليس من السهولة تطبيقه في العراق، بسبب حداثة التجربة الديمقراطية، فاننا نقول، ولهذا فإننا الأكثر حاجة لاختصار الزمن، ولجم الفوضى والوصول الى مرافئ الاستقرار والأمان.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدخل لتقويم وضع التيار اللبرالي وغياب دوره في السياسة العراق ...
- (كابينة) الحكومة المقبلة .. هل تحل مشكلاتنا؟
- عن التشكيلة الحكومية المقبلة .. مقترحات بصدد الوزارات
- سباق الموت والتأجيل
- التهرب من استحقاقات عقد الجلسات
- محادثات لتشكيل الحكومة أم دوران في حلقة مفرغة؟
- البطالة مصدر للتوترات الاجتماعية و السياسية
- الخارجية العراقية وحاجة المواطن إلى الانفتاح على العالم
- زيارات المالكي لدول الجوار وحاجة العراقيين الى الاستقرار
- بعيداً عن الوطن قريباً من الإقليم
- تقسيم العراق هل هو البديل الأمثل عن الوضع القائم؟
- دعامات القسوة وأزمة الإنسان في العراق الجديد
- معارضة برلمانية قوية .. هي المدخل لاستقرار العراق
- مغاليق السياسة ومفاتيحها
- هل ينفذ مجرمو الآثار بجلودهم؟
- الانسحاب الاميركي .. فرصة لإنقاذ ما تبقى!
- حكومتنا المستحيلة
- أيهما الأولى .. تعديل الدستور أم إعادة الانتخابات؟
- نظرة في القوانين السائدة
- أين الاقتصاد في برامج السياسيين


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق الازرقي - فوضى السياسة العراقية