أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سيمون خوري - إنه .. عصر الزهايمر الفكري ..؟!















المزيد.....


إنه .. عصر الزهايمر الفكري ..؟!


سيمون خوري

الحوار المتمدن-العدد: 3131 - 2010 / 9 / 21 - 03:38
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


إنه ... عصر الزهايمر الفكري ..؟!

سيمون خوري

أحياناً عديدة ، نقف في منتصف الطريق ، نتطلع الماضي نبحث عما لم نتمكن من إنجازه ، ونتطلع نحو المستقبل عما نريد فعله أو تحقيقة . فلا الماضي يمكن إعادة إحياءه ولا المستقبل نملك القدرة على التنبؤ بمصيره . فثمة قانون واحد لا مهرب منه وهو التغيير الدائم قانون الحياة الأزلي الوحيد . والزمن هذا العفريت العظيم قد لا يسعفنا. ونتساءل كيف يمكن دخول العصر الحديث ..؟
لو حاولنا وضع ما قرأناه جانباً وننظر الى مختلف الظواهر الإجتماعية حولنا ترى ما هي النتائج أو الإستخلاصات العامة حول ما جرى أو قد يجري في هذا العالم . الإستخلاص الأول والأهم بتقديري هو عدم ثبوتية الأشياء على حالها . بعض العوامل تدفع مسرعة إتجاهات التطور في مناطق معينة من العالم ، وعوامل أخرى في مناطق أخرى تسير كسلحفاة بقوقعتين .. لكن لا ثبات لشئ ما . ولا قدرية لكائن ما ولا قانون أبدي سوى الحياة والموت . وحتى الحياة قد يأتي زمن قد يتحكم الإنسان في موعدها أو نتائجها .. من يدري .. العلم والتطور وحده من يملك الإجابة الممكنة على تساؤل مشروع من هذا النوع .
وإذا كان يحق لنا السؤال ، نتساءل بدورنا هل هناك قوانين إجتماعية ما ناظمة لعلاقات الإنسان مع مجتمعة تملك صفة الثبات والجمود ، أم أنها نوع من القدريه الخرافية
وإذا كانت كافة القوانين الطبيعية خاضعة لمبدأ التطور والحركة ، فكيف يمكن إعتبار أن تحليل الوضع الإجتماعي في عصر " الأنبياء " يمكن أن يكون عنواناً للعصر الحالي ..؟ أو كيف يمكن لنظرية فلسفية أخرى أن تكون صالحة لكل زمان ومكان . أسوة بطروحات الأصوليات الفضائية ..؟
رجال الكهنوت الفاتيكاني أجابوا " غاليلة " عندما حاول إقناعهم بكروية الأرض أن كل شئ تضمنته العقيدة الدينية .. نعم هكذا حسم الأمر . ووعاظ السلاطين في العصر الحالي رفعوا شعار " الإسلام هو الحل " أيضاً هكذا حسم أمر نفي قانون التطور . وتعاقب الأجيال والفصول والأحكام . وحراس النصوص النظرية الستالينية وغيرها أيضاً بالنسبة لهم أصبحت " الماركسية " مثل حبة الإسبرين تعطى حتى للمريض بحالة الأستفراغ اللفظي وأمراض " الأنا " وأخواتها من علم كيف تكون " نرجسياً " وذي همة عالية في النقاش الذي لا يوفر رغيف خبز لجائع ، ولا يأوي مهاجر من البرد ، ولا يحل مشكلة الفارق بين شكل الألف والعصا في دروس محو الأمية . بعد أن تحولت الأمية لدينا الى نوع من التفاخر بها .وبالتأكيد هناك فارق بين الأمية القراءة والكتابة وبين الأمية بمعناه الحضاري . وكما أن الحضارة لها تاريخها فالجهل أيضاً له تاريخة . بعد أن وصلت الأمور الى حالة إنعدام وزن من زمن سابق على الزمن الحالي لعدد من " المفكرين " الأفذاذ الذين لا يشق لهم غبار في علوم الدين والماركسية معاً. وعلى يدهم تحول الإنسان في الحالة الأولى الى حالة مدجنة مطيعة تعيد كل الأشياء اليه وحدة فهو علام الغيوب ، وفي الحالة الثانية تحول الإنسان الى حيوان إقتصادي مهمته كمهمة الجمل في طحن الحبوب في أحدى مطاحن اليمن السعيد قبل التاريخ . لكن هذه المرة في الأرض التي هزت العالم خلال عشرة أيام . ورحم الله " جون ريد " صاحب الكتاب الذي لم تتضمن نصوصة حول الثورة الحمراء كافة التفاصيل المسردبة في سراديب الوثائق البريطانية حول تفاصيل " الثورة " الحقيقية . ولا دخل لماركس ولا صديقة أنجلز بهذا الموضوع من بعيد أو قريب . بل هو السيد المحترم لينين ومعه مساعدة ستالين ، وتروتسكي المنشق .. ثم ستالين العظيم ومعه مساعده " بيريا" الودود والإنساني جداً حتى الموت حباً . ومن الحب ما قتل . من سوء حظ " تروتسكي وزميله كاوتسكي " أنهما لم يملكا الزمن اللازم لتسجيل قصة" الثورة " وخسرت " ثورة أوكتوبر " بذلك أحد أهم مصادرها التوثيقية .
إخترنا عنوان هذه المادة " إنه عصر الزهايمر الفكري " لأنه على مايبدو ، أن آفة النسيان وفقدان الذاكرة ، تتحول لدى البعض الى فضيلة ، أو لنقل بصريح العبارة الى فائدة . فهي المنقذ من الضلال من الأحكام السلطانية . في زمن بات فيه الخروج عن بيت الطاعة " الحزبية " والأصولية جريمة أكبر من جرائم الشرف في عصر الحريم . مع إحترامنا لحريمنا فلنا حريمنا ولهم حريمهم إنه تقسيم طبقي أم ثقافة أصولية ليس مهماً . بيد أن حريمنا دينهم عشق الماء والهواء والشمس . وليغفر لنا حراس النصوص من الديانات الفضائية ، والبيان الشيوعي الأول هشاشة تمسكنا بالنصوص وخروجنا عن بيت الطاعة الشرعي أو الحلال . ونحن بدورنا من أنصار البرجوازية الوضيعة سنغفر لهم رجمنا بكافة النصوص المقدسة . حتى لو كانت من شريعة " مانو " الهندية التي لا تعترف بالتقسيم الطبقي الكلاسيكي وتحترم فرزها الإجتماعي . فهي تعتبر أن المجتمع ينقسم الى أربع ، الأول طبقة الكهان ، والثاني طبقة المحاربين ، والثالث طبقة التجار والمزارعين ، والرابع طبقة الخدم .
لذا عندما كتب صديقي أنيس عبد القادر ، وآزره الزميل " معتز حيسو " في موضوعة اليسار واليمين وفي معنى الفرز السياسي ، وهل أن وضعنا البائس يتحمل هذا الفرز ..؟ ثم أكمل المسيرة صديقي " شامل عبد العزيز ، ومعه الزميل رعد الحافظ ، حول موضوعة تجديد الفكر السياسي ، ثم إستكمل " الصديق الحكيم البابلي ، شرح آفة الزهايمر التي تصيب بعض المثقفين والمثقفات في أصول وبنية الثقافة العربية والأسس التي تقوم عليها من عمليات إجهاض حقيقي وتزييف لمعنى التاريخ والديمقراطية ، عندها قدم محامي " ستالين " مرافعته الشهيرة التي دخل بها التاريخ من أوسع أبوابه . رغم أنه يقال أن هناك أبواب عشرة للكرملين ولا ندري من أي باب دخل البعض. ولسوء حظه وحظهم أن التاريخ ليس مصاباً بزهايمر البشر ، ولا الخوف من سلطان النقد . ترى هل لدينا فعلاً يمين حقيقي وليبرالية حقيقية .. ؟ أتمنى ذلك بيد أننا نضحك على أنفسنا الى حد البكاء، نصدق ما خدعنا به ذاتنا . هل لدينا يمين بمعناه السياسي – الإجتماعي مقارنة باليمين الأوربي . وهل ليبراليين بذات المعنى والمحتوى ..؟! وفعلا نتمنى ذلك لكانت أوضاعنا ربما أفضل مما هي عليه الأن .. لكن السؤال هو ، ماذا لدينا .. ؟ لنحاول التعرف على بعض ثنايا التاريخ المقارن .
ما بين الأتجاهات المتشددة أو الأصولية لكافة الديانات الفضائية ، والأتجاهات المتشددة في المذاهب الفلسفية الماركسية وغيرها ، تقاطعات وقواسم مشتركة . أبرزها أن الأصولية الدينية رفضت تطوير أو إصلاح النص بما يتلائم مع وقائع الحياة المتجددة من خلال ألية تفسير بوصلتها هي النقد وتحكيم العقل وفلسفة الشك ، والثانية تمسكت بالنص الفلسفي وحولته الى أيقونة تعبد . سواء بشخوصها ورموزها التاريخية أو بنصوصها الغير قابلة للنقد ..؟! فتحول " الجنرال ستالين " الى صنم يعبد ، ولينين الى " قديس " وماركس إحتل مرتبة " الألهة " أما المعارضون المطالبون بتطوير النصوص ، فهم زنادقة العصر الحديث .
وفي كلا الحالات وعبر التاريخ تعرض حملة راية الإصلاح الى مطاردة من قبل الأصوليين الدينيين والعقائدين معاً . بليخانوف أو تروتسكي أو سولجنستين أو جدانوف وحتى غورباتشوف لم يكونا سوى الوجه الأخر المقابل للمعري وإبن رشد والفارابي وإبن المقفع . في صدر الإسلام وجرى وصفهم " بالزندقة " و هدرت دمائهم . وفي الإتحاد السوفياتي زمن الجنرال " ستالين " تم تصفية كل المعارضين لسياساته . ومن لم يصفى عبر قناة الحزب الترشيحية كان مصيره " سيبيريا " بإستثناء من حالفه حظه وتمكن من الخروج من الستار الحديدي كما في حالة " سولجنستين " وحتى " غورباتشوف صاحب نظرية التغيير والإصلاح ، إعتبره البعض " عميلاً " رغم أن الرجل يعيش من دخلة من بيع كتبه وليس عالة على شعبة ولا حزبة القديم . بغض النظر عن عقلية " المؤامرة " وإستسهال إطلاق الإحكام السلطانية على المخالفين ووصفهم بالتحريفيين أو المنشقين أو الإنهزاميين .. الخ . بيد أنه عندما تصاب الأيديولوجيا المحنطة بأمراض البؤس والزهايمر النظري ،فهي تصبح كمن ينقل الماء بالغربال . و الماء لا ينقل إلا وفق شروط محددة وأدوات معينه .
قبل أن نكشف عن ضحالتنا الفكرية في علم " الستالينية " أود ذكر هذه الأرقام وهي إحصائية أجراها معهد الأبحاث المتعلقة بمسائل المساواة والهجرة في أثينا في العام 2009 على عينة شملت 612 مهاجرة من بلدان " أوكرانيا ، روسيا الإتحادية ، ألبانيا ، بلغاريا ، رومانيا ، مولدافيا ، بولندا ، جورجيا ، الفلبين " ثمان بلدان أوربية وواحدة أسيوية لم تتعرف على معنى الإشتراكية . جاءت النتائج على النحو التالي :
67,2 % جئن للعمل والإقامة الدائمة . نسبة 45 % تتراوح أعمارهن بين25 -45 نسبة 90 % منهن يعملن في تنظيف البيوت والمطاعم والكفتيريات . نسبة 90 % رفضن مبدأ العودة الى أوطانهم . بإستثناء الفلبينيات . والفلبين لم تكن دولة " شيوعية " ..؟ يبلغ عدد المهاجرات القانونيات من دول المعسكر الإشتراكي سابقاً وفق إحصائية العام 2009 317 الف حالة وهو رقم أقل بكثير من العدد الحقيقي الموجود .
إحدى أبرز الملاحظات التي سجلت في الحوار مع بعضهن حول الأسباب التي أدت الى هذا الإنهيار الدراماتيكي السريع والمريع معاً كان الجواب المختصر " غياب الحريات العامة والملكية الفردية " إحدى السيدات ذكرت أن مدخراتهن البسيطة كانت تتحول الى قطع أسنان ذهبية . ولهذا كانت عادة خلع الأسنان الطبيعية وإستبدالها بأخرى ذهبية كما هي حال الجورجيات مسقط رأس الجنرال ستالين ، هي الوسيلة الوحيدة للإدخار لليوم الأسود .
هنا أود التساؤل إذا كانت هذه الإنجازات العظيمة التي تحققت بفضل تطبيقات " علم الماركسية الستالينية أم الخروتشوفية أم غيره ، ترى لماذا لم يهب العمال والشغيلة للدفاع عن هذه المنجزات في مواجهة الأنقلابات الدراماتيكية التي حصلت .. هل هو نقص في الوعي الشيوعي في علم الماركسية ، ام مؤامرة أمريكية – صهيونية .. أم أن التطور لا يعرف معنى الجمود عند القرن 1884 .. فما بالك بما مضى من قرون ونتساءل ما هو سبب تخلفنا ..؟! .
ولسوء الحظ أن كوبا تفصلنا عنها مسافات شاسعة ، ولم تتعرف بعد على عصر الأنترنت ، بيد أنها على مرمى حجر من بلاد العم سام ، التي سمحت مؤخراً بتسفير عدد من السجناء السياسيين الى بلاد الأنكل بنز . ومن سوء حظ سكان كوريا الشمالية التي لا تعرف أن هناك تلفونات نقاله في العالم رغم الحدود المقفلة مع شقيقتها كوريا الحنوبية . بيد أن مصير جدار برلين ليس إستثناءاً في هذا العالم وحتى في فلسطين . فكل الجدران قابلة للهدم أمام حالة الإصرار على الحرية والعيش بسلام .
البانيا ، كانت نموذجاً ستالينياً صرفاً 100 % خلال ساعات إنتهى الحاكم بأمره . والرفيق " تشاوشيسكو وحرمة المصون " لم يصونا أموال الشعب فكان مصيرهم على أبشع صورة . في بولندا الشيوعية أضرب عمال المؤانئ بقيادة " ليخ فليسيا " فكانت هي الشرارة الأولى . في " كرونشتات " الروسية زمن ستالين ، أضرب عمال مصانع الحديد والصلب فردت على مطالبهم حكومة الرفيق ستالين بالرصاص ..؟ فإذا كان للرفيق ستالين من ميزة إيجابية تسجل ، فهي كونه كقائد عسكري تمكن من مواجهة النازية في معارك ستالينغراد . وهو كقائد عسكري مثله مثل أي قائد عسكري أخر في التاريخ . ولم يكن نابليون بحالة أفضل فالحرب لكليهما هي إمتداد للسياسة لكن بوسائل أخرى . ستالين خاض معارك توحيد الجمهوريات القسري تحت شعار السوفياتيات . ونابليون خاض معاركة تحت شعار " فيفا لافرنس " .
ترى هل كانت الأوضاع الإجتماعية والأرث الثقافي الديني والقومي في أوزبكستان والطاجيك وتركمنستان ..الخ في حينها صالحة لتقبل " نظرية الشيوعية " والإنتقال الفوري من عصر الى عصر أخر..؟! القوانين المفسرة لحركة التاريخ والمجتمع ، لماذا لم تفسر أن الموقف الإجتماعي في هذه البلدان يتميز بكونه مجتمع زراعي – قبلي وبدائي .. أم أن المطلوب كان توفير سلة الغذاء من الجمهوريات السوفياتية الزراعية لأغنياء الكرملين القابعين في منتجعات بحر البلطيق ومعهم الرفاق قادة الأحزاب الشقيقة الرسمية من حملة مباخر السلطان ..؟!
أم أنه خطأ الوهم بالإعتقاد بصحة التقارير الحزبية كما هي الحال في العديد من أحزابنا العتيدة التي كان أحد رؤساء الأحزاب الشيوعية يقبل يد الملك . عند لقاءه ..؟!
وأخرون تحالفوا مع جلاديهم ..؟! في الوقت الذي كان الإتحاد السوفياتي العظيم يقيم أفضل العلاقات مع الأنظمة الدكتاتورية العربية كانت حركات اليسار والشيوعيون المخلصون من خارج بيت الطاعة الحزبية يتعرضون للقتل ألم يجرى تصفية القائد الشيوعي اللبناني في سوريا زمن " عبد الحميد السراج " رجل الرئيس الراحل عبد الناصر في عهد العلاقات المتينة مع الرفاق في موسكو . ألم يجرى تصفية " حركة هاشم العطا " اليسارية في السودان في زمن هذه العلاقات ، ألم يتخلى الإتحاد السوفياتي العظيم عن " جون قرنق " هذا المناضل من أجل وحدة السودان . لأن جون قرنق كان يسارياً من نوع مختلف . ألم يصمت الرفاق عن إنتهاكات بحق المئات من المناضلين الشرفاء من الشيوعيين في العراق لأنه لا يود تعكير صفحة علاقاته مع الديكتاتور صدام حسين وصفقات الأسلحة . لماذا لم نقرأ بياناً واحدأ من كافة القوى الحليفة لقيادة موسكو تستنكر فيه مجازر صدام بحق أبناء القومية الكوردية في " حلبجة وغيرها " لماذا صمت الإتحاد السوفياتي العظيم على محرقة الحزب الشيوعي المصري ..؟! وإضطهاد أعضاءه وفي مقدمتهم المناضل " ميشال كامل " لأن الرئيس عبد الناصر كان المستورد الأول للسلاح الذي دفع ثمنه الشعب الجزائري بشيك نقدي من الرئيس " هواري بومدين " للقيادة التي كانت تطالب حلفائها ممن هم من آل البيت ، بالحديث عن الدعم والمساعدة الهائلة من بلدان الإتحاد السوفياتي العظيم . بعد حرب حزيران 1967 . لماذا كان الإتحاد السوفياتي العظيم الدولة الأولى السباقة التي إعترفت بقيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين ..؟! دائما هناك مصالح وهي الأهم من المبادئ هذه القاعدة التي تحكم العلاقات بين الدول .. أليس الغرب " الأن " يدافع عن قيم الديمقراطية .. ترى لماذا تعتبر العلاقات بين دول الغرب وأنظمتنا الديكتاتورية في عصرها الذهبي . كما هي الحال أيضاً مع منظمات الدين الحلال التي تعيش بدورها عصرها الذهبي مع الطرفين . فالنظام العربي بحاجة لها كفزاعة في وجه جماهيره ولإبتزاز الغرب ، وهي بحاجة للنظام العربي كوسيلة لتحقيق المزيد من البزنس الحلال . ورسالة تسييس الدين للغرب أنها الأقوى والأضمن لمصالح الغرب في المنطقة ، فهي تمسك بأوراق اللعبة السياسية ومن لم يصدق ليسأل السيد " خالد مشعل " عن سبب إخفاق كافة محاولات الوحدة الوطنية الفلسطينية حتى في عقر دار مكة لم يشهد إتفاقها النور ..؟ بل وجرى الإنقلاب علية بعد ساعات على توقيع الإتفاق .. ومع ذلك نرى من عجائب الأمور كيف يدافع ويتحالف " ما يسمى بعناصر يسارية مع أحزاب شيوعية " مع هذا التيار الذي قاد المنطقة الى الخراب ، بل أن بعض اليساريين أصبحت حالتهم شبيهة بحالة " طه حسين " عندما تراجع عن مواقفة خشية الأحكام السلطانية فكان المنقذ من الضلال هو إستغفار من يستحق الإستغفار له من وعاظ السلاطين . وليس " لرب العالمين " الذي لا علاقه له بما يجري . أصبحنا في عصر عندما تسأل السارق عن حالة : كيف هي الأوضاع ؟ فيجيب " الحمد لله إن الله هو الستار وعلام الغيوب ، وكأن الله شريك في عملية السرقة بل والتستر عليها ..؟! قمة بؤس التفسير الديني مماثلة لقمة بؤس التفسير العقائدي الجمودي . حتى وصلت الأمور الى درجة محاولة تزييف التاريخ من قبل البعض حول دور المرأة في الديانات الفضائية ،وإعتبارأن هذا الدين الفضائي كرم المرأة أكثر من غيرها لذلك لا نملك سوى أن نقول شكرأ لهذا التكريم الفاقع جداً . وهو تكريم يماثل تكريم أبطال الإنتاج في تلك البلدان المترامية الأطراف عبر أوسمة جرى بيعها لاحقاً في سوق " الأنتيكا " هذا وسام لينين وذلك وسام ستالين ..الخ بيد ان هذه الحالات التي كنا نعتبرها تملك القدرة على التفكير سقطت في أول إمتحان يتعلق بمدى القدرة على مواجهة الأصوليات مجتمعة على مسار تاريخها . ربما عامل الزمن وآفة الزهايمر هي السبب .. ربما ؟
مرة أخرى ، النظرية أياً كانت صحتها لها ظروفها وشروطها وهي آنية محددة بعوامل تطور معينة . والنظرية أي نظرية كانت حتى في ميدان العلوم لا تعرف معنى الحتمية والثبات . فكيف في العلوم الإجتماعية .. القول بالحتمية التاريخية هو نوع من الإعتقاد الفاشي بالقدر التاريخي ، وهو الوجه الأخر للقول بالقدر الألهي .
شئ مخجل عندما يتعرض البعض الى مطاردة الأصوليين العقائديين كما هي الحال مع الأصوليين الدينيين للديانات الفضائية . فالمطلوب إنساناً منافقاً يسبح بحمد الأمين العام الضوئي وليس إنساناً يملك حق التفكير النقدي . على قاعدة " المركزية الديمقراطية " نفذ ثم إعترض ..؟! وهنا ماذا ينفع الإعتراض بعد التنفيذ . أنا أعترض على ذبحي بعد ذبحي .. يالها من ديمقراطية رائعة . وحتى في بلدان الواق واق كان هناك من يعترض قبل التنفيذ .
مرة أخرى المشكلة ، أننا لا نقارع النظرية لأن كافة النظريات تتعرض للتغير كقانون الحركة الدائمة . ما كان سائداً زمن البيان الشيوعي يختلف عما هو عليه الأن . نحن في مرحلة مختلفة وهذا لا يقلل من أهمية النظرية الماركسية – الأنجلزية لأن أنجلز هو من ساهم مع ماركس بصياغة هذه النظرية أما لينين فعمل على تطبيقها فيما يخص الحالة الروسية . نحن الأن على أعتاب ثورة جديدة لا تقل أهمية عن الثورة الصناعية إذا لم تكن أكثر أهمية إنها " ثورة التكنولوجيا " وهذا الموقع الجميل إحدى ثمراتها الناضجة ، وشكراً للقائمين عليه . لا أحد بإمكانه التنبؤ بما سيكون علية العالم بعد عشر سنوات . ربما هذه من أسباب ضرورة إعادة النظر في العديد من القوانين الإجتماعية التي كانت تعتبر من المسلمات . إلا إذا كان البعض يسعى الى محاولة تبرير الفشل في إعادة عجلة التاريخ للوراء الى أيام سليمان وستالين في التغني بمحاسن الجن . وعدد أجنحة جبريل .. ستمائة الف أم أكثر .
القول بثبوتية القوانين الإجتماعية هو نوع من القدرية التي يرفضها حتى ماركس نفسه بقوله ، المهم تغيير العالم وليس تفسيره . لكن لشديد الأسف عندما تتحول الفكرة الى " مومس " يطأها الجميع دون التفكير بهداية هذه المومس الى الرشاد . يصبح رواد الإصلاح هدف كل مدفعية الأيديولوجيين الرسميين والأصوليين معاً .
نعيش عصر الثورة التكنولوجية على صعيد عالمي ، وهي أهم إنقلاب في العصر الحديث . بعد عصر النهضة . وفي العالم المسمى العالم العربي تنخر فيه الأمية والجهل والجوع ، وفقدان العدالة الإجتماعية والمرض كل جوانب حياته . فأيهما أهم قصة حياة الرفيق ستالين وأهل الكهف وغار حراء وسليمان وعفاريته وهل خشب الصليب كان من شجر الأرز أم سنديان الجليل ، أم البحث عن الوسائل الكفيلة بمحاربة أمراض المنطقة وأن يتعرف المواطن على معنى الديمقراطية والمساواة والتسامح الديني ، والتعددية السياسية . وحقة في الإعتقاد سواء بالخالق أم بعبد الخالق . مع كل تطور علمي جديد يكتسب العالم معرفة جديدة وتصاغ على ضوئها قوانين جديدة هذا معنى التطور ، أما الزهايمر الفكري فهو محنة العقل الراهنة عند بعض مفكرينا العظماء . الذين تضخمت " الآنا " لديهم الى درجة المطالبة بالتطهير الثقافي في هذا الموقع ، بدل الدعوة الى غرس قيم حرية التفكير ، ومحاولة تغيير البنى الذهنية التي نستخدمها في قراءة الماضي . لأن الحاضر أهم من الماضي ، وهو ما يستحق أن يبذل فيه المرء جهده ووقته من أجل تغييره . لأننا عندما نرصد حقائق الواقع على الأرض كما هي دون زخرفة إنشائية ولغة غير مفهومة وفوقية ، عندها ندرك لماذا تمكنت الأصولية الدينية من تحقيق إختراقها الأمني لمجتمعات العالم " العربي " في الوقت الذي عجزت عنه لغة الأحزاب الرسمية الكلاسيكية هل فقط بسبب الإنتماء الديني ..؟! وأين كانت هذه القوى زمن الشعارات من البحر الى البحر. شخصياً أشك بمستقبل الشيوعية والأشتراكية في بلادنا إذا كانت العناوين هي ذاتها منذ العام 1884 م وحتى في بلدان أمريكا اللاتينية أجرؤ على القول أنها مجازفة كبيرة القول بمستقبل الإشتراكية هناك .. إلا إذا أردنا إغماض العين عن حقيقة ما يجري . ليست هناك حلولاً نهائية والتاريخ لا يعترف لا بنهاية التاريخ ولا حتمية القوانين الخرافية . فلا حرية بدون ديمقراطية . والديمقراطية ليست شعاراً أو مؤسسة حزبية أو رسمية بل هي ممارسة ومناخ عام . والأيديولوجية لوحدها لا تقدم حلاً في عالم متعدد ومتطور . نحن بحاجة الى نظام جديد وفق كافة الإعتبارات يقدم ضمانات حقيقية للمواطن ، ويفتح مجالات عمل جديدة لحالات البطالة المقنعة وغيرها من المهاجرين الى بلدان العالم الأوربي الكافر. والبحث عن موديل جديد لحركة نقابية جديدة خارج الإستخدام الحزبي ، عبر إعطاءها أبعادها النضالية النقابية . والدفاع عن حقوق المرأة ليس عبر نظام " الكوتا " الحزبي . وتطوير نظرتنا مجدداً الى العالم الأخر المختلف .
وتعزيز ثقافة " السلام " والحوار الحضاري مع العالم الذي نتقاسم معه الماء والأؤكسجين . هناك قوى إجتماعية جدية في العالم ترفع شعار المحافظة على البيئة ترى ما هو دورنا هل سنبقى المستهلك الأبدي لإنتاج الأخرين ..؟ أما الديانات الفضائية فلتبقى تسبح في الفضاء كما تشاء . الشيوعية في صورتها الماضية كانت تجربة وأنتهت . هناك الأن بدايات عصر جديد يحمل معه معالم لحركات إجتماعية وسياسية مغايرة وفق موديلات أكثر تطوراً مما سبق على كافة المستويات . هذا التحدى المفروض على العالم بخياراته الحديثة . وليس قصص ألف ليلة وليلة الستالينية أو شهر يار الشرق وعشيقاته .
كلمة أخيرة : الفن لايورث ، الثقافة لا تورث ، والحضارة لا تورث ، والعقل لا يورث ، بيد أن النصوص تورث ، والتعصب والكراهية تورث ، والسلطة تورث .إفتحوا باباً للنور ولتتفتح مائة زهرة . مع محبتنا الخالصة حتى للمختلفين معنا .. إنه عصر الزهايمر الفكري ..؟!



#سيمون_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - كارلا بروني - ليست عاهرة / منظمات ترميم الصمت هي العاهرة ؟ ...
- تأملات ..قيثارة ..وبيانو .. وعود
- الصيف .. صديق الفقراء والعشاق / والمهاجرين والمتعبين ..
- ملائكة - الحوار المتمدن - تغني للفرح ... ولنكهة الحناء .
- ملاءات بيضاء ...وقمرُ أحمر ..؟
- أسطورة خلق أخرى/ في عشرة أيام ..!؟
- ماذا يريد الإنسان من الحياة ..؟
- أبو مين ..حضرتك ..؟!
- لماذا يعشق البحر النساء ..؟
- كتالونيا
- مطلوب دولة حضارية .. تستقبل / اللاجئين الفلسطينيين من لبنان ...
- الطبيعة الا أخلاقية / لإسطورة الخلق الميثولوجية ..؟
- إنه.. زمن التثاؤب..؟
- العالم العربي .. وظاهرة إزدواجية السلطة مع الأصولية
- من إسطورة نوح الى المسيح المنتظر / الى سوبرمان العصر القادم ...
- بلدان للبيع .. أو للإيجار ..؟
- التكنولوجيا.. آلهة العالم الجديد / من مبدع لها الى عبد لها
- التكنولوجيا ... آلهة العالم المعاصر .؟ / من مبدع لها الى عبد ...
- البحث عن نموذج جديد للعدالة
- إرهاصات ماقبل التغيير القادم ..؟/ اليونان نموذجاً


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سيمون خوري - إنه .. عصر الزهايمر الفكري ..؟!