أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيمون خوري - كتالونيا














المزيد.....

كتالونيا


سيمون خوري

الحوار المتمدن-العدد: 3057 - 2010 / 7 / 8 - 08:55
المحور: الادب والفن
    


دلف الى أول مقهى في ذلك الشارع التاريخي الذي غير وجه أثينا السياسي نحو الديمقراطية .
كان يوماً سيبيرياً ، غزا البرد عقله ، ونخر عظمه . فقد أقسم برأس والده أنه لن يبحث عن الدفء يوماً في صدر إمرأة ثدية ، ولن يعاشرسوى مومساً لا تعرف النفاق . تحمل في قلبها بقية حنان تمنحه لروادها .... من قال أن المومسات قلوبهن من حجر ..؟ قطعة حجر ..؟ ما أصعب الزمن حين يتحول قلب أنثى الى نيزك سماوي أسود في صحراء قاحلة ..
على الطاولة المجاوره له في مقهى عتيق ، جلس عاشقان ، وإستراحت عكازيهما من رحلة المسير اليومي متكئتين على الجدار بإطمئنان ، بإنتظار إنهاء قهوتهما وهمسهما الوردي . كان يعبث بشعرها الأبيض ، وأناملة ترتجف . وموسيقى ناعمة تصدح . أضفت على المكان خضرة الحياة ، وغناء موج البحر .
فؤاد ، كان قد خرج من حفلة تضامنية ، إنتابه إحساس بالكآبة والإحباط . أراد أن يعبث بذاكرته ، ويثرثر مع ذاته . كإنفراد الرئيس بالقرار ، وحاشيته بتفاصيل الموائد .
إحتسى قدحه دفعة واحدة . تسرب قليل من الدفء الى أخاديد وإلتواءات دماغه في زحمة الذكريات المتراكمة مع الغبار . فجأة أطلت " كتالونيا " برأسها الناعم الصغير من بين رفات ذكرياته قائلة : فؤاد ..لماذا يشتم الناس في بلادكم أحدهم بأنه " كلب " ..؟ والكلب أكثرعرفاناً بالجميل وصدقاً من الإنسان ..؟ وتابعت منفعلة ، تكاد أن تبكي على كلبها الذي فارقته طيلة ثلاثة شهور ، في اللحظة التي قررت فيها التعرف على خاتمة المطاف في مخيم فلسطيني جنوبي .
تخيل يا فؤاد ..كم أنا قاسية .. ٍاتحدث مع كلبي تلفونياً ، سيسمع صوتي ، وأسمع همهمته ربما سيشعر براحة نفسية .. كيف لم يخطر على بالك هذا الموضوع سابقاً ؟؟ أضافت مؤنبة .. يومها أقسم فؤاد أنه لن يشتم أحدهم بكلمة " كلب " حتى ولو كان المشتوم كلباً .. فرحت كتالونيا وطبعت على جبينة قبلة كلبية المذاق .
المطر يتساقط رزازاً ، ضمها فؤاد تحت شراعه الأيمن ، وأبحر بها في شارع محاذٍ للبحر في تلك المدينة التي سرقت شبابه ، وإنتهى فيها المستحيل عنوة . طوقت كتالونيا خاصرته بذراعها ، تطلعت نحوه مبتسمة قائلة :
فؤاد .. أنا أملك قلب كلبة ؟ وأنت ..
فاجأه السؤال زاغ وراوغ في مكانه ، وغير إتجاه الحوار . فلم يستطع إختراق حدود تخلفه المزمن .
على سلم الطائرة ، لوح له شعرها الكستنائي مودعاً ، وفي أحشائها إصطحبت معها الأثر الوحيد الباقي منه. وعاد أدراجه كناطور من القش يحرس فكرة كانت قد أضاعها العميان .
مضى زمن طويل ، قبل أن يدرك فؤاد معنى أن يكون لإنسان قلب كلب ، ويعيد قراءة كشف حساب حياته . ماذا تبقى لك ..؟ صديق .. صديقان .. وكلب ؟عندما فاجأه الحزن وآلام القلب دفعة واحدة . عندها أشرقت كتالونيا كعذراء متوهجة في ذاكرته . تعبث بشعرها الأبيض ، متكئة على عكازها " فؤاد الصغير " تقص عليه سيرة الخلق ورحلة العمر ... بيد أن قلب فؤاد كان قد مات حزناً ، وهو يسبح بين فتحتين في قلبه . فتحة المرض وفجوة الزمن الردئ .
في المقهى .. عاشقان عجوزان ، وطاولات فارغة ، وزجاجات خمر معتقة ، وقلب ميت .

أثينا / حزيران / يونيو 2005
من المجموعة القصصية " قمر على شفاه ماريا " منشورات " سوبرس " أثينا – اليونان



#سيمون_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطلوب دولة حضارية .. تستقبل / اللاجئين الفلسطينيين من لبنان ...
- الطبيعة الا أخلاقية / لإسطورة الخلق الميثولوجية ..؟
- إنه.. زمن التثاؤب..؟
- العالم العربي .. وظاهرة إزدواجية السلطة مع الأصولية
- من إسطورة نوح الى المسيح المنتظر / الى سوبرمان العصر القادم ...
- بلدان للبيع .. أو للإيجار ..؟
- التكنولوجيا.. آلهة العالم الجديد / من مبدع لها الى عبد لها
- التكنولوجيا ... آلهة العالم المعاصر .؟ / من مبدع لها الى عبد ...
- البحث عن نموذج جديد للعدالة
- إرهاصات ماقبل التغيير القادم ..؟/ اليونان نموذجاً
- مسيرة المليون / شهود على ما حدث في أثينا
- مارغريتا .. آه ..يا مارغريتا
- مشاعية - الجنة الفردوسية - / حرية جنسية - مساواة إجتماعية - ...
- من هي - المومس - المجتمع .. أم بائعة الهوى ..؟
- عندما - يتغوط - العقل / تصاب - المؤخرة - بالصداع ..؟
- إذا كان ( الإله) ليس وهماً.. / فهو ملحد ؟
- قبيلة - الماساي - الأفريقية/ ومعابد - الإلهه- في مالاوي
- عندما يتحول الدين الى / فلكلور للفرح والمحبة
- لماذا إختفى مفهوم الرجعية / من أدبيات اليسار ..؟
- من إسراطين ..الى نيجيريا / حوار هادئ مع الأخ العقيد القذافي


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيمون خوري - كتالونيا