أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سيمون خوري - من إسراطين ..الى نيجيريا / حوار هادئ مع الأخ العقيد القذافي















المزيد.....


من إسراطين ..الى نيجيريا / حوار هادئ مع الأخ العقيد القذافي


سيمون خوري

الحوار المتمدن-العدد: 2961 - 2010 / 3 / 31 - 13:10
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


( من إسراطين الى نيجيريا ، حوار هادئ مع الأخ العقيد معمر القذافي ، وأتمنى أن يبقى في حدود الحوار وألا يصل " ملف " الحوار مرة أخرى الى أيدي أصدقائي الأعزاء جداً . فلم يعد في العمر متسع لوقت إضافي فقد إستهلك القضاء الثوري كل الوقت الممنوح لضربات الجزاء في جسدنا . ولهذا أشكر الأموات وليس الأحياء ).
***** ***** ******
بداية أسمح لي بمخاطبتك بعيداً عن لغة الألقاب ، لأنها لاتعكس تناسباً في مستوى الحوار . كما أن لغة الحوار هي أقرب الى لغة الشارع منها الى لغة الأكاديميين في علم السياسية والعلاقات الدولية.
تقاطعات التاريخ والجغرافيا في العالم المعاصر عديدة ، نحن في عالم شرق أوسطي وأفريقي ، تتحكم فيه مصالح قبلية وعشائرية ، بل ومصالح عائلية ترتدي أحياناً عديدة ثوباً طائفياً أو قومياً . وكما تعلم أن القومية والطائفية على مر التاريخ كانت أحد عوامل تدمير المجتمعات ، وأنهكت البشرية بحروبها وربما النموذج الألماني يعتبر أكثر الأمثلة الصارخة المعادية للبشرية والإنسانية .
كل مجتمع بحاجة الى قانونيين ، قانون السلطة الوضعي ، والقانون الطبيعي . وهو ما يمليه العقل وينسجم مع أخلاق الفترة الزمنية والمكانية المحددة . وعموماً لا يمكن قيام عقد إجتماعي دون عقد سياسي . والدين عبر التاريخ لم يشكل عقداً إجتماعياً مصحوباً بعقد سياسي . فهو - أي الدين – ليس سوى إفراز إجتماعي وصناعة بشرية ، وإنعكاس لثقافة الشعوب التي أنشأته . عندما يتحول النظام السياسي الى ألة تحكم بواسطة سلطان الخوف والقهر والنص المقدس أي كان ، دون أن يحرك الشارع ساكناً ، فنحن هنا أمام تفسيرين لا ثالث لهما . إما أن الشعب قدم تنازلاً عن حقوقه وتعهد بالخنوع للسلطة أو أن السلطة لم تعد تمثل الشعب ، وأن الحاكم هو سلطان الخوف . وبالتالي فإن المجتمع يعيش حالة من الموت السريري بفعل عامل الخوف . وإحداث تغيير إجتماعي يوجب إحداث تغيير في الذهنية الثقافية والنظام السياسي . فإذا كانت الحكومات في البلدان الغربية تقيلها الديمقراطية لأن الرئيس يخضع الى إرادة الشعب وليس العكس ، في بلدان المنطقة العربية والأفريقية من الذي يقيل الرئيس ..؟ أو يحاسب أحدهم على تقصيره " البرلمان " أو مجلس الشعب أو المجلس التشريعي أو المؤتمر الشعبي هذه الخدعة الكبرى في العالم العربي ..؟
الحالة العربية تعرفت على نموذجين فقط ، ( المشير سوار الذهب وشكري القوتلي ) الذين تخليا طوعاً عن منصبهم . وما عدا ذلك فالقصة معروفة ومتداولة لدى الجميع .
غياب الديمقراطية السياسية هو بالضبط آفة المجتمعات العربية والأفريقية معاً . ترى لوأن هناك ديمقراطية في نيجيريا أو غيرها من البلدان الأفريقية والعربية هل كان من الممكن حدوث إصطدامات طائفية مقيتة . ربما من حظ ليبيا انها تدين بديانة واحدة ، لكن هل هي تعبير عن تجمع إثني واحد ..؟
كان " بلاتونس " يحلم بالإصلاح السياسي ، وإقامة " يوتوبيا " نخبوية ، لكن الأسكندر الكبير مات وعمره 33 سنة وفشل مشروعة السياسي الخيالي عندما رفض جيشة التقدم في أدغال الهند . كان مصير العالم في حينها قد حسم بأن الغزو المسلح لا يبني إمبراطورية ولا " يوتوبيا" بلاتونس المستحيلة . عندها لم يدرك الأسكندر أن العامل الإقتصادي هو سبب التطور الإجتماعي . وهو سبب الحروب أيضاً والوضع الإجتماعي بدوره هو الذي يحدد الحركة التاريخية لمجتمع معين . أليس أنت القائل " الثروة والسلاح " بيد الشعب ولا حياة لشعب يأكل من وراء البحار ..؟ وصاحب كافة مشاريع " الوحدة " التي تحطمت عليها آمالك في بناء يوتوبيا مماثلة . والنية الطيبة لاتصنع مستقبلاً يعيش أبناءه تحت خط الفقر.
في عموم البلدان العربية ، والأفريقية دول دورها في التاريخ المعاصر كونها تستهلك ما ينتجه الآخرون فقط . من هي شعوبنا التي تأكل وتلبس من إنتاجها الذاتي ..؟ وعندما لا يجد الناس مأكلهم يسرقون أنابيب النفط هذا هو الوضع الحاصل في نيجيريا لآنها نسخة طبق الأصل عن العالم العربي ،وفي العالم العربي يصبح حلم الهجرة والفرار من الأوطان غاية المنال .في بلدان الإتحاد الأوربي فقط هناك نحو أكثر من 13 مليون مهاجر من سكان العالم العربي . أكثر من عدد سكان بعض الدول العربية أليست مفارقة ..؟
مع فارق التطور الإجتماعي البسيط . فنحن أرقى شكلاً قبائلياً من الأشكال الأفريقية . وبمعنى ، مجتمع قبلي معصرن . ربما لهذا تموج في منطقتنا ومعها أفريقيا كل ما ينافي العقل والطبيعة من الأفكار الجاهزة للتطبيق ومنها الفكر الطائفي الأرهابي . أليس أنت القائل " من تحزب خان " عندما يتحزب الدين ويتحول الى أداة للقهر والقتل خان من ..؟ خان الإله أم الإنسان . فهل الإله حزبي .. أم الله هو مسلم أو مسيحي أو يهودي . وهل لجلالته إتجاه سياسي ..؟ أو يحمل كتاباً أخضراً أو أحمراً وحتى برتقالياً .
مشكلة المنطقة ، أفريقيا وبلداننا هي غياب الديمقراطية الذي سمح للطائفية المذهبية بالتمدد حتى على حساب سلطة الحكام ، هذا إذا إفترضنا جدلاً أن النظام ليس حاضناً لها .
كافة الدول الصغيرة سواء في الشرق الأوسط أم أفريقيا ولدت من رحم الإستعمار الذي أصبح وجوده بثقلة العسكري عبئاً إقتصادياً عليه ، ورحل بعد أن ترك خلفه وكلاءه المحليين . الجميع يدرك أن أفريقيا ورثت عن الإستعمار حدوداً مصطنعة ، لم يراعى في ترسيمها الظروف التاريخية والجغرافية ولا التجانس القبلي ، ولا مصالح السكان الإقتصادية . خلافات عديدة نشأت بين البلدان الأفريقية سواء ما يتعلق منها بالسيادة على بعض الأراضي مثل النزاع المصري – السوداني أو النزاع بين بلدان القرن الأفريقي أو في وسط أفريقيا وحتى شمال أفريقيا . لكن في وقت سابق تمكنت منظمة الوحدة الأفريقية من التدخل بالطرق الدبلوماسية لتهدئة الخلافات والنزاعات الحدودية . لكن عندما جرى تحويل المنظمة الى نموذج أخر لجامعة الدول العربية تحت مسمى " الإتحاد الأفريقي " فقد شهدت العلاقات بين مختلف الجيران نسبة عالية من التوتر سببها بشكل رئيسي غياب النظرة الواقعية في حل المعضلة وهي التطور الديمقراطي المفقود . وضعف التنمية الإقتصادية وإستشراء الفساد ، أصبح كا منهم يحلم بمنافسة بوكاسا الجديد . العنف والفقر والمرض والتمايز الطائفي . هل هي مخلفات الإستعمار أم هي نتاج أنظمة ما بعد عصر رحيل الإستعمار ..؟
وأنظمتنا التي تتالت على الحكم بعضها عن طريق إنقلاب وأخر بتغيير نتائج الإنتخابات عندما خلع بزته العسكرية بأخرى مدنية كما حدث في موريتانيا ، لا تختلف عن أي نظام أفريقي أخر لا زال في طورتشكيلة الإجتماعي الأول ، ولم يتمكن من الإنتقال من عقلية وذهنية القبيلة الى عقلية الدولة الديمقراطية ، لأسباب إجتماعية وإقتصادية . ربما باستثناء ثورة الجزائر التي أكلت بدورها أبناءها لا وجود لثورات في المنطقة العربية .بل حركات إنقلابية إستبدلت الملك بملك أخر. عبر شعار . والشعار عادة ليس برنامجاً سياسيا بل هو مجرد إعلان ، مثل كافة الإعلانات التي تستقطب مشاهديها . قبل البحث عن المضمون ومدى تطابقة مع الإعلان المنشور . المنطقة إتخمت بشعارات التجميل الثوري ، بيد أنها لم تحقق شيئاً ، هذا هو الواقع . بدون رتوش أيديولوجية ولا شعارات ومهرجانات .
من المفارقات المهمة في هذا المجال ، انه في الوقت الذي تطورت فيه بلدان العالم المتمدن نتيجة تطبيق قرارات حقوق الإنسان ، وإحترام المرأة وفصل الدين عن الدولة على قاعدة المساواة الإجتماعية والتسامح الديني ، وإحترام الرأي الأخر غرقت بلداننا في محيط ديكتاتورية ( الديمقراطية ) بمعنى أن من حق القائد أو الرئيس أو الزعيم او الملك ، التصرف ديمقراطياً على هواه ووفق مزاجه ، بيد أنه ليس من حق شعبه ولا تلك الأحزاب التي تدعي المعارضة التصرف أو المطالبة بحقها في حرية التعبير، أو حتى إصدار بيان علني حتى لوكان موجهاً الى الموتى .
في أعقاب الحرب العلمية الثانية ، إتخذ البرلمان الألماني قراراً تاريخياً قيد فيه سلطات المستشار الألماني ، للحيلولة دون وصول أحمق أخر الى الحكم وحتى لوكان عن طريق صناديق الإقتراع . وأصبح من حق أي حزب الإعتراض على قرارات الدولة عبر اللجوء الى المحكمة العليا التي تمتلك إستقلالية كاملة وإجبار الحكومة على التراجع عن قراراتها .
ترى ما هو حجم القرارات السياسية الخاطئة التي إتخذت ، سواء الداخلية أم الخارجية في البلدان العربية ..؟ عشرات .. مئات .. أم أطناناً . ورغم أني أعرف جيداً تقييمك للحكام العرب بما فيهم الراحل صدام حسين .. لكن هل حصل لمرة واحدة عملية إعادة مراجعة لمجمل سياسات الجماهيرية خلال الحقبة المنصرمة ، وتحمل مسؤلية الإخفاق هنا أو هناك ،على الأقل في السياسية الخارجية ..؟
أو تلك الحروب التي أنهكت المواطن والإقتصاد الليبي معاً ...؟
إحدى أبرز مشاكل الراحل ياسرعرفات كانت غياب الرأي الأخر النقدي الذي يملك القدرة دون خوف أن يقول في حينها للقائد الفسطيني أنت مخطئ ، لأن طاقم مستشارية مع شديد الأسف في غياب الكبار تحولوا الى صغار الكسبة من موقع الحرص على مصالحهم الخاصة . فعندما يعشعش الخوف من الزعيم بين حاشيته وبطانته ، وفي غياب الصوت المعارض ، يتحول نظام الحكم الى شكل معقد من أشكال الديكتاتورية الفردية وفي أبشع حالاتها , بل أن النقد يقال همساً وليس علناً فالمجتمع تربى على الخوف . الخوف من أجهزة النظام ومن تابو النص المقدس ، ومن الزحف الثوري . والخوف لا يبني مستقبلاً ولا حتى قناً للدجاج . ترى هل يجرؤ أحداً ما على نقد سياساتك ، علناً كما هو حاصل في البلدان الديمقراطية ..؟ النقد هو الذي يصوب إتجاه الحكم ويرشده . بينما النفاق السياسي من حملة المباخر تهدم المجتمع . وتحول الحاكم الى إله من الورق ، تحمية أجهزة عسس مسلحة بأنياب قاطعة ، كأسماك القرش . وباسم السلطان ترتكب خيانة مقدسات الإنسان من عرضه وماله ، وحتى مستقبلة .
ما بين فكرة إسراطين الى فكرة تقسيم نيجيريا ، تبدو المسألة محيرة . هناك أكثر من نموذج في هذا العالم تمكن من تجاوز مشكلاته الأثنية والطائفية من خلال الديمقراطية .
جنوب أفريقيا ، نموذجاً قابل للدرس ، العراق أيضاً إذا توقف الأخرون على إعتبار ساحته موطئ قدم لإرهابهم الدموي اليومي . وإثبات وجودهم الأقليمي في المنطقة .
ولكن إذا قبلنا بمبدأ تقسيم نيجيريا بسبب النزاعات الطائفية التي تدرك أنت ياسيادة الأخ العقيد سببها ومحرك أتونها الطائفي فهل تقبل بتقسيم "مصر " بين دولة قبطية وأخرى مسلمة ..؟ ألا تتعرض الطائفة القبطية الى إنتهاكات غير مقبولة إنسانياً أم أن الأخوة الأقباط من كوكب أخر ..؟
في الشأن الفلسطيني ربما أقتراح إسراطين قد يشكل حلاً منطقياً ، يضع حداً للإحتلال عبر قيام مجتمع ديمقراطي يضم الجميع ، يضم الفلسطينيين واليهود معاً بما يحافظ على وحدة الأرض وتاريخيتها من التجزئة . هو حل قابل للنقاش ، لأن عشرون عاماً من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة لم تؤدي الى نتائج تذكر ، ورغم ذلك عادت الأنظمة العربية للشكوى الى مجلس الأمن أو الأمم المتحدة
حسب قراراتكم الأخيرة ..؟ والقرارات الأخيرة ليست سوى تجميل شروط الإحتلال في ظل تسارع سياسة الإستيطان وعجز السلطة ومعها الحالة الإنقسامية في غزة .
فإذا كنت تنادي بقبول فكرة إسراطين ، ألا يبدو المشهد متناقضاً بين موقفين بين نيجيريا وفلسطين . في فلسطين هناك إحتلال إستيطاني لشعوب لا علاقة لها بالديانة اليهودية ، إنما تجري عملية المراهنة على تهويد الجيل الأول والثاني للمستوطنين من روسيا وغيرها . ورغم ذلك قد نعتبر أن حل الدولة الواحدة هو الخيار الأفضل . بينما في حالة نيجيريا ، صحيح هي قبائل وطوائف ، بيد أن المشكلة هناك غياب الديمقراطية ، وتسلل الإرهاب الديني مستغلاً ضعف النظام وحكامه الديكتاتوريين الذين حولوا رصيد عائداته النفطية الى حساباتهم الخاصة أسوة بغيرهم من أنظمة الحكم الشرق أوسطية الدكتاتورية .
عندما تشكل الإتحاد الأفريقي ، بعضنا على الأقل إستبشر خيراً أن يحتذي هذا الإتحاد حذو التجربة الأوربية في صنع مستقبلة ، فهي بلدان تجتاحها المجاعة والمرض والجهل والنهب العام والفساد في أجهزة الحكم . لكن ماذا حصل تحول الإتحاد الى نسخة مكررة من تجربة جامعة الدول العربية . ترى هل هذه الجامعة العربية التي سبق وووجهت اليها سهام نقدك لدورها في فترة سابقة تمثل بحكوماتها ورؤساءها مصالح شعوبها ..؟ حتى في الجماهيرية هل تعتقد أن هناك إجماعاً على صحة مواقفكم السياسية ..؟ لكن من الذي يجرأ في الداخل على رفع راية النقد ..؟ الأصوات المعارضة أكثر وطنية من بعض تلك التي تتشدق صباح مساء بحمدك وحمد أجهزة الأمن الثوري . وتجربة صدام درس في علم السياسة والتاريخ .
أما بالنسبة الى النموذج الباكستاني فهو تجربة مختلفة ، الهند كدولة فاصلة بين منطقتين جغرافيتين ، غالباً ما شكلت عائقاً من عوائق تقدم الدولة الباكستانية وسيطرتها . ثم هناك إختلاف أثني بين البنغال والباكستان ، جرى تقسيم باكستان بناء على قرار بريطاني قدم كحل ، خدم في المحصلة النهائية مصالح الإستعمار الراحل عن شبه الجزيرة الهندية . وحتى وقت قريب كاد أن يكون ( إتفاق وادي سوات ) بين الحكومة الباكستانية وحركات المعارضة الدينية أحد عوامل تفتت باكستان للمرة الثانية. النموذج مختلف سواء من الناحية الأثنية أو الجغرافية وكذلك العوامل السياسية التي أدت اليه . وما إعتبر في الماضي حلاً ليس باضرورة إعتباره صالحاً لكل زمان ومكان .
في حالة الإتحاد اليوغسلافي السابق ، على مر التاريخ المعاصر شكل البلقان أحد أبرزعوامل تأجيج الصراع في أوربا القديمة , يوغسلافيا تشكلت نتيجة وحدة قسرية ، لم تستطع تجربتها بناء دولة ديمقراطية موحدة ، بل ظل العامل الديني هو المسيطر في غياب الديمقراطية . وهي ذات التجربة في البلدان ( الإشتراكية ) الأخرى . المشكلة لم تكن في الفكرة بل في الوسائل والأدوات ، والقيادة التي تحولت الى طبقة إجتماعية بذاتها وخانت مبادئها وتحولت الى آلهه جديدة . لذا من الطبيعي أن تبقى كل الأفكار الدينية العنصرية من الجانبين بإنتظار فرصة الوصول الى المرحلة الحرجة للإنشطار الدموي الذي حصل .
كانت هناك أكثر من مصلحة إقليمية ودولية لتصفية ما إعتبر إرثاً شيوعياً ، ولسنا هنا في معرض دراسة ما حدث . بيد أن ما حدث كان في مجملة لصالح تحويل هذه البلدان الى أسواق صغيرة مستهلكة لمنتجات العالم الرأسمالي . فهي لم تستطع النهوض بأوضاعها ، ولم تستطع الحفاظ على بعض مكتسباتها السابقة . والنتيجة دول تساوي صفراً في القرار السياسي الدولي وحتى الأروربي . وشعوب مهجرة في بلدان الأتحاد الأوربي التي كانت تبحث عن عمالة أقل تكلفة ومنافسة للعمالة الأسيوية والشرق أوسطية في سوق العمل الرأسمالي .
في عصر التكتلات العالمية تطالب بتمزيق نيجيريا ..؟ لماذا لا تطالب بقيام فدراليات بدل سياسة التقسيم والتمزيق ..؟ أم أننا بحاجة الى دولة طالبانية جديدة في أفريقيا ..؟
ألا تكفي التجربة الصومالية كشاهد عيان حول ما أدت اليه حروب إتحاد أمراء الدين والقراصنة . وهنا أود الإشارة الى مسألة مهمة ترى لماذا رفض الراحل " جون قرنق " دعوتك له بإعلان الإستقلال الذاتي في جنوب السودان ، كما رفض ذات الإقتراح من مجلس الكنائس العالمي .وكان يعلم أنه يجلس فوق أبار شركة " بكتل وشيفرن " البترولية.كانت إجابتة في الرسالة التي وجهت الى حضرتكم بواسطة ممثلكم الأخ (...) هي الشكرعلى المساعدات الإنسانية المقدمة لهم فقط ورفض الأقتراح . كان قرنق يطالب بدولة ديمقراطية وليس أثنية أو طائفية . ترى هل لهذا ربما سقطت طائرته ..؟ لأنه رفض الإنصياع الى مبدأ صراع الديانات وليس الحضارات .
ولا أدري فكرة التقسيم هذه حتى لو إفترضت أن هدفها هو وضع حد للنزاع الطائفي فإن الفكرة لن تخدم إستراتيجية مبدأ حسن الجوار المتوقع . المشكلة وأنت تعلم ذلك جيدأ أن السياسة لا تحاكم بناءاً على النوايا إنما تحاكم على النتائج . وفي هذه الحالة نحن أمام حالة سياسية تشكل سابقة خطيرة في إدارة الأزمات المحلية إذن اليمن عليها أن تصبح أربع دول، منطقة عدن بمحافظاتها الخمس السابقة على الوحدة القسرية ، وصنعاء ، وإمارة الحوثيين ، ودولة تجار " القات " . دولة لم يعد لديها مياه للشرب إستهلك القات الحاكم حتى المياه .
أو على الأخوة الأكراد إعلان إستقلالهم عن العراق ومن حقهم ماذا يمنع ..؟ لهم علمهم وقواتهم وبرلمانهم وأحزابهم . لكن الحرص على العراق ووحدة المصير والمستقبل هو الذي تتحلى به القيادة الكردية . بإعتبار أن العراق وطن العراقيين أياً كان إنتماءه الطائفي أو القومي .
وعلى هذا المقياس من حق الطائفة الدرزية في سوريا ولبنان وفلسطين إقامة دولتهم الخاصة . ترى هل أخطئ " سلطان باشا الأطرش " عندما رفض عرضاً فرنسياً لإقامة دولة درزية في سوريا ومعها جبل الأرز في لبنان . ومن حق " حزب الله " في لبنان إقامة دولة شيعية في الجنوب بصفتهم مليشيا تابعة للجلالة الألهية . لكن ليس من حق القومية الأمازيغية إصدار نشرة إعلامية – ثقافية خاصة بهم .
يبدو لي أن ما نفتقدة وتفتقدة المنطقة الأفريقية والعربية معها ليس فقط الديمقراطية بتعبيرها السياسي والإجتماعي والإقتصادي ، بل وفن الحكم . فعندما تتعدى الأهداف القدرات يفقد النظام أو أية حركة سياسية القدرة على التوازن ويتخبط مشروعها السياسي ، وترواح مكانها . فيما يتسارع الزمن مخلفاً وراءه كل الذين لا زالوا يؤمنون أنه إذا اردت أن تعرف الشجرة عليك أن تكون شجرة ، وليس أن تقرأ عن الشجرة بوصفها موضوعاً مستقلاً وتدرك معنى الشجرة وكيف تسقط عادة الثمرة قرب جذعها ، فإن سقطت بعيداً فهي خارج الحقيقة . وكل ثمارنا خارج الجاذبية .
نقطة الإنطلاق في العمل السياسي هو البحث عن الأهداف الصغيرة القابلة للتحقيق ، والإنطلاق منها نحو الأهداف الكبرى . والتقدير الجاد للدور الذي يتلائم مع الأمكانيات المتاحة أو المتوفرة .
ترى كم هي الشعارات الكبيرة التي أضاعت علينا فرصة تحقيق وإنجاز أهداف أقل تكلفة ، وأكثر فائدة لشعوبها من إستعراضات الظافر والقاهر وأم المعارك وأوغادين وتشاد وكافة المشاريع الخضراء والسوداء ، وطبعاً معارك إضاعة فلسطين ..؟
نحن لا نناقش مشاريع وهموم التوريث وألية إنتقالة حسب النص الشرعي بل هموم المواطن الذي يصفق لكم ولهم بسبب الخوف من أجهزة الأمن الديني السياسي .
ترى هل ما يحدث في نيجيريا هومستقبل العالم العربي القادم في ظل هكذا أنظمة ..؟؟



#سيمون_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بين أحفاد السيدة - ماكبث -/ وبقايا ماري إنطوانيت ..؟
- مؤتمر - قمة - العائلات الحاكمة / في العالم العربي
- ببغاء - السيدة مرتا - / وأبونا الخوري..؟
- برج - الأسد -
- إعلان- الجهاد - النووي ..؟
- هل - الملائكة - سعاة بريد / لتوزيع النصائح ..؟
- تلميذ في الإبتدائية .. مدير جمعية تعاونية ..؟
- أنت ... كافر ونص ..؟
- رقص - هز - البدن ..؟
- البحر ... يلد النساء ...
- ثقافة - صباح الورد -
- إمرأة .. وكاهنان .. ونهر ..؟
- عندما تحولت تشو يينغ تاي / الى فراشة ملونة ..؟
- جلسة تحضير أرواح / في قرية (بريفزا) ..؟
- العودة من المستقبل الى / عصر نهاية الديانات ..؟
- في حفلة زيزي حتى القطط والكلاب/ تعلمت معنى المساواة..؟
- دعوة الى صديقي الكلب المحترم / لحضور حفلة عيد ميلاد..؟
- خمرُُ في الجنة .. وشاي في الدنيا للمؤمنين..؟
- قبطي يولم في رمضان / ومسلم يحتفل بعيد الميلاد ..؟
- ثقافة الغريزة الجنسية في الجنة ..؟


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سيمون خوري - من إسراطين ..الى نيجيريا / حوار هادئ مع الأخ العقيد القذافي