أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سيمون خوري - بلدان للبيع .. أو للإيجار ..؟















المزيد.....

بلدان للبيع .. أو للإيجار ..؟


سيمون خوري

الحوار المتمدن-العدد: 3016 - 2010 / 5 / 27 - 21:42
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



الهدف من قراءة التاريخ عادة ، سواء الماضي أم المعاصر ، هو البحث ليس فقط عن أداة لفهم العصر ، بل لفهم المجتمع وطبيعة العصر الذي يعبر عنه . وعلى رأي الفيلسوف " برتراند راسل " لكي تفهم أمة من الأمم أو عصراً ما ينبغي أن تفهم فلسفتها .
نحن على ما يبدو في عصر يتسم بتطاول حالة من " الغربة " أو التغريب الإنساني . الغربة هنا ليس بمعناها الشائع العام ، كأحدى نتائج" الهجرة أو التهجير " بل في معناها الفلسفي كقيم أخلاقية . لكل عصر مشكلاته الخاصة به ، وعادة الفلسفة أياً كانت تحاول أن تطرح أسئلة أكثر مما تقدم أجوبة ، سواء لحالة القلق والغربة ، أو لحالة عدم اليقين . كافة العقائد الدينية ،طرحت في الماضي ، تصوراً أو لنقل أجوبة بدائية على أسئلة الخوف الإنساني الأول . تنسجم وثقافة تلك الفترة الزمنية كبيئة وجغرافية وعادات تحولت الى قانون بحكم التوارث . بيد أن هذه الفلسفة الدينية لم تعد قادرة على تقديم أجوبة على أسئلة العصر الحالي . فكيف هو الحال في العصر القادم .؟ كما أن العديد من الإتجاهات الفلسفية الأخرى لنقل ذلك ، بدورها لم تعد تعبر عن روح العصر وخصائصة . باسم المادية التاريخية وأسطورة الحتمية ،وباسم البنيوية الخ جرى عملية وأد للإفكار الجديدة التي يحملها معالم تطور الفكر الإنساني الحديث . وكأنها أسست لبروز ظاهرة جديدة لنسميها على سبيل المثال " ظاهرة الإنقلاب على الأفكار الجاهزة المعلبة " التي إنتهت صلاحيتها مع الزمن . عندما عبرت عن رأي أن هناك قلق جدي وتخوف على الإنسان المعاصر ، وهو صورة أوليه للإنسان المستقبل ، فإن هذا التخوف نابع من هيمنة وطغيان نظام عولمي ما فوق العولمة . نحن لسنا في عصر الرأسمالية ، ولا نسعى الى لملمة بقايا النظام " الإشتراكي " فهو عصر مضى ، بل نحن في عصر جديد . سابقاً كنا نردد عبارة " صراع الإجيال " أو الصراع ما بين النظام " الإشتراكي " والنظام الرأسمالي ، اليوم نردد صراع تقنيات المعرفة في السيطرة على إرادات الإنسان . وتحويلة الى سلعة . تسليع الإنسان هذا هو عنوان وشعار ما بعد العولمة . إستهلاك إنسانية الإنسان ، وتحويلة الى سلعة في سوق العرض والطلب . بالضبط مثل الدور الذي تؤديه عارضات الأزياء لصالح تسويق موضة ما .
هناك بلدان للإيجار ، وأوطان للبيع ، البائع هي حكومات هزيلة ، والشاري هي شركات العولمة والمتعددة الجنسيات . أي بمعنى أخر حكومات بدون شعوب ، وإقتصاد بدون حكومات . فعندما يجري بيع القطاع العام لهذه الشركات العولمية ، ما هو دور الدولة في نظام الحكم ..؟ هل هو فرض حالة الأمن والنظام . ..؟ طالما أن إدارة مختلف نواحي الحياة الإجتماعية والإقتصادية وحتى الأخلاقية إنتقلت الى إدارة الشركات الخاصة ..؟ فعندما يجري تنفيذ برنامج يخدم شركات العولمة بشعارات إشتراكية . فإن ممثلي هكذا أحزاب يرتكبون خيانة مصالح شعوبهم مرتين . الأولى في رفع شعارات مزيفة غير واقعية ، والأهم خيانة مصالح الطبقات الشعبية وإفقارها عبر بيع مكتسباتها الإجتماعية في مزاد عالمي يسمى مناقصة وعروض ، وسندات رهون عقارية ومضاربات مالية . وبرامج شد الأحزمة على البطون والجيوب معاً
ليس دفاعاً عن " الإشتراكية " كما أنه ليس دفاعاً عن النظام الرأسمالي الذي ولى دون عودة . وكلا النموذجين الإشتراكي والرأسمالي بصيغته السابقة ، أصبحا خارج الزمن ، في عصر الألفية الثالثة .
بتقديري ، نحن في عصر تطرح فيه لمرة أخرى سؤال الهوية ، هذا السؤال الذي فجرة ذات مرة الفيلسوف سقراتس " من انت , ومن الآخر ..؟ والى أين ؟ إنه سؤال الهوية . سؤال على ما يبدو يخترق وجودنا أفراداً ومجتمعات وأمم في زمن العولمة .
القوى الدينية ذات النظرة الأحادية ، أو لنقل التي تملك عين واحدة ، تعتبر نفسها هي المعبر والمخلص لأزمة هوية الإنسان المعاصر وربما القادم . ونظريات فلسفة الإقتصاد السياسي بدورها تطرح مخارج مؤقته لأزمات إقتصادية تحتاج الى حلول جدية قابلة للتطوير مع تطور العالم . بيد أن السؤال حول ما هو المصير لا أحد يملك إجابة شافية حوله . أو ماهو مصير الإنسان القادم ..؟ في ظل حالة الرعب النووي ، وفي وقت تبدو فيه الحياة على ضوء الإكتشافات العلمية الحديثة حول الخارطة الجينية والإستنساخ والخلية الإصطناعية ، شكل من أشكال الوهم أو الحلم . وبالتالي ما هي الحياة ..؟ هل الحياة فقط في جانبها المادي أم علاقات إنسانية وعاطفة وأخوة ، ومصير واحد . أحد أكبر الأخطاء التي يرتكبها الدين أو ترتكب باسمه هي حالة الإنغلاق الغيتوي على الذات ، وإعتبار الأخر معادياً ، في وقت كلا الطرفين يواجهان ذات المصير . وحتى في حالة الإختلاف الأيديولوجي بين عقائد أو تيارات شتى . سرعان ما يسعى الطرف المقابل الى قذف خصمة بأكوام من نعوت لا حضارية ، تكشف ضحالة صاحبها . في زمن العولمة هذه نحن بحاجة الى ثقافة ذات طابع إنساني راق يؤسس لمنهج إحترام هوية الإنسان كإنسان .
عندما تأسس الإتحاد الأوربي جرت نقاشات عديدة حول كيف يمكن تطوير ثقافة أوربية واحدة أو موحدة . في محاولة لصهر كافة الثقافات والتفاعل فيما بينها لإنتاج معارف جديدة ، والتوصل الى هوية أوربية موحدة ليس على الجانب الإقتصادي بل في الجانب الثقافي – الإنساني . ورغم أنه تم التوصل الى نتائج تبدو إيجابية ومعقولة ، لكن هذه العملية البنائية لثقافة جديدة ، طعنتها الأزمات الإقتصادية التي كشفت عن الوجة القبيح لنظام العولمة .
لم يعد يعني المواطن الأوربي شكل النظام أو هويته الأيديولوجية ، بل ما يعنية وجود نظام يقدم ضمانات حقيقية في مجال التأمين الإجتماعي والصحي . وإيجاد مجالات عمل جديدة لعشرات الألاف من الشباب خريجي الجامعات والمعاهد العليا . وعدالة من نوع مختلف تستند الى المحاسبة والشفافية ، وإقتصاد قادر على تلبية إحتياجات المواطن دون أن تتحول الأوطان الى سلعة بيد المضاربين في سوق المال . الى جانب ضرورة فصل الحركة النقابية عن الأحزاب السياسية . حيث أدت تدخلات الأحزاب الى الحاق أكبر الضرر بالحركة النقابية وأفقدتها مصداقيتها النقابية . بعد أن تحول قادة النقابات الى أمراء مثلما هي حال قادة الأحزاب يميناً ويساراً . وبعد ذلك لا يعني أحد طبيعة التسمية أو الأسم الذي سيطلق على هكذا نظام وألية عمل وأسلوب إدارة ، ومستقبل دون خوف .
عندما طرح " هربرت ماركوزة " فكرته في كتابة الشهير " الإنسان ذو البعد الواحد " ،كان يحاول الإجابة على سؤال في الفكر السياسي وهو كيف أن الثورة في البلدان الصناعية التي تتميز بوجود طبقة عاملة ، أصبح مستحيلاً . فقد كان يناقش المسألة من زاوية هيمنة التكنولوجيا الصاعدة ، وهي طاقة عقلية ، هيمنة تجاوزت السيطرة اللاعقلانية التي مارسها المجتمع القديم بأشكالها المختلفة على عموم الأفراد . الأن هذه التكنولوجيا توحدت مع نظام ما فوق العولمة عن طريق نظام الخدمات والرفاهية الوهمي ، بحيث أستغنى الإنسان عن الحرية بوهم الحرية . فحريتة تكمن في حرية إختياره لهذه السلعة أو تلك في هذا " المول العالمي " أي أنه اصبح أشبه بالعبد الذي يحق له إختيار سيدة . هنا تصبح مسألة التغيير السياسي في المجتمعات الصناعية أو البلدان المتقدمة ضرورة لإحداث التوازن المطلوب في مجتمع لم تعد فيه الطبقة العاملة لوحدها هي صاحبة التغيير ، او عامل التغيير الإيجابي في المجتمعات الحديثة . وصيغة الفلاحين السابقة حسب التصور القديم لها أيضاً بدورها لم تعد قائمة سوى في الكتب الأيديولوجية . هناك قوى إجتماعية اخرى وليدة التطور التاريخي على الأقل هكذا يقول علم الديالكتيك الذي فقد قدرتة العملية والإيجابية عندما سرقت أفكار ثورة أكتوبر ، وتوقف نبض قلبها في زمن مضى . النظرية التي تحمل صفة الجمود هي في كل الحالات عقيدة غير جدلية . إنها محاولة سجن للفكرة داخل نوع من الديانة . وهو بحد ذاته عمل مضاد للإيديولوجية والفكر السياسي والتفكير المستقل .
قبل سنوات جرى نقاش ضيق ومحدود داخل أروقة الإتحاد الأوربي حول دور المساعدات المادية التي تقدم الى بعض البلدان الإفريقية التي تقع تحت خط الفقر . ومدى جديتها وفائدتها ، في ظل " أنظمة سياسية عسكرية " وإدارة فاسدة . أحد المجتمعين في هذه الندوة ، قدم الأقتراح التالي : إذا تولت شركة ما إدارة شئون أفريقيا الوسطى بدل جهاز الدولة الحالي انذاك ، ويتقاضى أعضاء الحكومة راتباً شهرياً مغرياً ، فإن ذلك يحقق فائدة أفضل لسكان البلاد ،ويضمن حالة الإستقرار ، والنهوض الإقتصادي ، وربما يساعد على تطور الحالة المعيشية والإجتماعية لسكان هذه الدولة ... من الناحية المنطقية يبدو الإقتراح معقول ، لكن إذا توغلنا قليلاً في جوهر الموضوع يتضح أن الإنقلابات العسكرية في العديد من البلدان الفقيرة تقف وراءها صراع شركات عالمية مثل صراع شركات الموز والكاكاو والأرز ولأن المطلوب أن تصل الأمور الى هذه الدرجة التي تسهل على هذا وذاك حرية مواصلة النهب لتسهيل إستئجار البلاد . مثلما يجري تأجير ميناء هذه الدولة أو تلك لمدة زمنية تطول أو تقصر .
هذا أحد أشكال ما فوق العولمة عندما يتحول البنك الى حاكم فعلي في البلاد والعباد معاً .
مرة أخرى ما يحمي ويصون مستقبل الإنسان وجود قيادات تمتع بإخلاقيات إنسانية ، وليس فقط قادة إقتصاديين ، ربما نحن كعالم بحاجة الى خطاب فلسفي جديد يقوم على إدراك الصعوبات الجمة التي تواجه الإنسان المعاصر . فلا الديانات القديمة ولا الأيديولوجيات القديمة تملك الإجابة على أسئلة العصر القادم .



#سيمون_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التكنولوجيا.. آلهة العالم الجديد / من مبدع لها الى عبد لها
- التكنولوجيا ... آلهة العالم المعاصر .؟ / من مبدع لها الى عبد ...
- البحث عن نموذج جديد للعدالة
- إرهاصات ماقبل التغيير القادم ..؟/ اليونان نموذجاً
- مسيرة المليون / شهود على ما حدث في أثينا
- مارغريتا .. آه ..يا مارغريتا
- مشاعية - الجنة الفردوسية - / حرية جنسية - مساواة إجتماعية - ...
- من هي - المومس - المجتمع .. أم بائعة الهوى ..؟
- عندما - يتغوط - العقل / تصاب - المؤخرة - بالصداع ..؟
- إذا كان ( الإله) ليس وهماً.. / فهو ملحد ؟
- قبيلة - الماساي - الأفريقية/ ومعابد - الإلهه- في مالاوي
- عندما يتحول الدين الى / فلكلور للفرح والمحبة
- لماذا إختفى مفهوم الرجعية / من أدبيات اليسار ..؟
- من إسراطين ..الى نيجيريا / حوار هادئ مع الأخ العقيد القذافي
- ما بين أحفاد السيدة - ماكبث -/ وبقايا ماري إنطوانيت ..؟
- مؤتمر - قمة - العائلات الحاكمة / في العالم العربي
- ببغاء - السيدة مرتا - / وأبونا الخوري..؟
- برج - الأسد -
- إعلان- الجهاد - النووي ..؟
- هل - الملائكة - سعاة بريد / لتوزيع النصائح ..؟


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سيمون خوري - بلدان للبيع .. أو للإيجار ..؟