أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيمون خوري - أبو مين ..حضرتك ..؟!














المزيد.....

أبو مين ..حضرتك ..؟!


سيمون خوري

الحوار المتمدن-العدد: 3063 - 2010 / 7 / 14 - 14:59
المحور: الادب والفن
    



حضرتك من فين ..؟ لم ينتظر ردي ، فقد أجاب لوحده على سؤاله .. أعربي ..؟ ثم تابع .. حضرتك أبو مين .. هنا تدخلت قبل أن يجيب نيابة عني للمرة الثانية .
قلت : يا أخي أنا لست أبو أحد .. حاف .." سكيتو " أنا أحمل إسماً لكني لا أملك أحداً ..
تجعلكت المساحة بين عينيه ، زم شفتيه ، إخترقت حدقاته عدسات نظارته الجدارية ، للحظات ، تخيلت أن حدقاته مربوطة بخيط مطاطي حتى تمكنت من العودة الى محجرها .. تابعت قائلاً : أعطني ربطة خبز عربي ، ودعني أنصرف .. بيد أنه أضاف : ياحجي لماذا " زعلت " قلت : أيضاً أنا لست " حجي " .. تابع : ألست مسلماً ؟ أجبت ألا ترى الفارق بيننا .. أنت بلحية بدون شارب ، وأنا بشارب بدون لحية .. أنت عربي وترتدي زياً باكستانياً ، وأنا أرتدي شورتاً ..؟ تابع أيضاً إستفساراته العسسية ، هل حضرتك " مسيحي " ..؟ أجبت : أنا من أنصار برشلونة ..
إستغفر صاحب " الميني ماركت " ربه ، ليغفر له وينجيه من عذاب النار .. متكئاً بيده على صندوق التبرعات لمركز عبادة قريب . لم يمنحني فرصة الإنصراف بطريقة حضارية .. بل ختمها بمسك الختام قائلاً : هذه أول مرة يدخل محلي واحد مثلك ..؟
أجبت بإختصار : ليست مشكلة ، إنها عن طريق الخطاً ..؟
واحد مثلك ..؟ داخ رأسي بهذه العبارة المقيتة ، شعرت بالقرف والندم ، فكرت في العودة وإعادة ربطة الخبز اليه دون إستيفاء ما دفعته .. لكن أصدقائي كانوا قد أصروا على تناول "خبزاً " عربياً على شرف " منسف " صغير إحتفالاً بفوز " إسبانيا " ما المقصود بالعبارة لا أدري ربما إعتبرني مجنوناً .. أو المقصود ملحداً أو كافراً .. لكن الرجل لا يتحمل مسؤولية ما حدث من رجم نفسي لي في تلك اللحظة . هذا مستواه الثقافي ، والمسؤولية تقع على صندوق التبرعات .
أحد الأصدقاء قال : أن الرجل لا بد وأنه بخر محله بعد إنصرافي بأفضل أنواع البخور الهندي .. وأخر أفتى ، انه ربما صلى صلاة إستغفار .. وأخر قال أنه ربما سكب دلواً من الماء الجاري مطهراً المكان . لكني في مطلق الأحوال ،
لم يخطر على بالي يوماً ، أن كلمة " أبو " قد تخفض أو تعلي من شأن صاحبها ..؟! فالفارق كبيراً جداً ويتسع عندما تكون التسمية مرادفة لمفهوم تجسيد القوة اللغوي مثل أبو النمر أو أبو الأسد ، أو ابو الليل ، أو أبو مجاهد . أو إسم حاف " سكيتو " دون وصلة زائدة تؤكد وصايتك على غيرك ، وتمنحك حق الشعور النرجسي بقيمتك الوهمية كذكر . أو حقها بالفخر أنها زوجة أبو فلان ، وبالتالي هي أم فلان المذكر . نحن شعوب نقدس وهم ذاتنا ، مصابون بنوع من المرض النرجسي المقيت في عبادة الذات ، والتمايز على الأخرين . وغالباً ما تكون أسماء " الأبو " هذه مشتقه من أسماء حيوانات متوحشة . فلا تجد مثلاً أبو أرنب .. بإستثناء حالة " أبو هريرة " الشاذه .
كافة شعوب العالم تتعامل مع بعضها بالأسماء التي عادة ترفق بصيغة إحترام السيد فلان أو الدكتور فلان ، أو السيدة فلانه أو مدام فلانة .. حتى لو كان الأسم هو نوع من أسماء الدلع أو التدليل ، أو لسبب شخصي آخر . لكن لا أحد يتعامل بمبدأ الوصاية على الأخرين . ثم أن الأسوء من ذلك في العالم العربي عادة يجري إختيار إسم الذكر وليس إسم الأنثى . فيصبح أبو النمر أو أبو حنا أو أبو سليمان . حالات قليلة جداً الأسماء المؤنثة مثل أبو زهرة أو أبو وردة .. ترى هل لهذا الموضوع علاقة بالعقلية البطريركية – الأبوية – العشائرية للمجتمع العربي الذي لم يتمكن من تجاوز تخلفه حتى في نسب الأسماء ..؟ أو أن الأسماء أبو فلان وغيره هي تعبير سيكولوجي عن حاجة المرء في التباهي والتظاهر النفاقي أو شعور بعقدة النقص الفرويدية ..؟
وفي مطلق الأحوال ، أعتقد أنه جرى عملية إنقلاب على تركيبة الأسماء ففي زمن سابق ، كان يلحق إسم الأبن بأبيه مثل " محمد إبن عبد الله " وهي حالة تهدف الى توكيد أبوة فلان لهذا الوليد . أو " عمر بن العاص " أو بنت جحش .. أو عباس إبن فرناس ، لكن لاحقاً على مايبدو إضافة الى الأسم واللقب جرى إضافة معنى الأبوة لكي تضفي على صاحبها شأن ما ، حتى لو كان بلا أطفال ..لا أدري في فترة زمنية حدث هذا الإنقلاب ، ولو أني سأبحث عنه في بعض المراجع التاريخية لمعرفة مصير إسمي ، وفي أية خانة يقع ..؟
معظم العاملين في السجون العربية ، على سبيل المثال تجد أسماءهم تحمل معنى قمعياً حقيراً مثل أبو حديد . وهذا يذكرني " بأبو كلبشه " رجل الأمن في إحدى مسرحيات الفنان " دريد لحام " . في أحد السجون العربية المحترمة ، كان أحد السجانين يدعى " أبو فاس " لذا يمكن للقارئ تخيل العلاقة بين شكل الفأس ودورها .
في العالم الغربي عادة يخاطب الرجل زوجته سواء بحضورها أو في غيابها بالسيدة فلانة .. حتى الأطفال يخاطبون من هم أكبر منهم سناً بصيغة الإحترام ، فلا أحد يستخدم تعبير " حرمتي " أو " مرتي " بل السيدة فلانة زوجتي . ربما يعكس ذلك مفهوم المساواة الإجتماعية في السلوك والتعامل . بيد أنه يعكس أيضاً درجة كبيرة من الإحترام الحضاري للإخر
أما أن تكون مجرد إسم خال من الألقاب فهذا أمر غريب في عصر العبيد .. لأن العبد دائم التوق الى قرن إسمه بإسم مالكه .



#سيمون_خوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يعشق البحر النساء ..؟
- كتالونيا
- مطلوب دولة حضارية .. تستقبل / اللاجئين الفلسطينيين من لبنان ...
- الطبيعة الا أخلاقية / لإسطورة الخلق الميثولوجية ..؟
- إنه.. زمن التثاؤب..؟
- العالم العربي .. وظاهرة إزدواجية السلطة مع الأصولية
- من إسطورة نوح الى المسيح المنتظر / الى سوبرمان العصر القادم ...
- بلدان للبيع .. أو للإيجار ..؟
- التكنولوجيا.. آلهة العالم الجديد / من مبدع لها الى عبد لها
- التكنولوجيا ... آلهة العالم المعاصر .؟ / من مبدع لها الى عبد ...
- البحث عن نموذج جديد للعدالة
- إرهاصات ماقبل التغيير القادم ..؟/ اليونان نموذجاً
- مسيرة المليون / شهود على ما حدث في أثينا
- مارغريتا .. آه ..يا مارغريتا
- مشاعية - الجنة الفردوسية - / حرية جنسية - مساواة إجتماعية - ...
- من هي - المومس - المجتمع .. أم بائعة الهوى ..؟
- عندما - يتغوط - العقل / تصاب - المؤخرة - بالصداع ..؟
- إذا كان ( الإله) ليس وهماً.. / فهو ملحد ؟
- قبيلة - الماساي - الأفريقية/ ومعابد - الإلهه- في مالاوي
- عندما يتحول الدين الى / فلكلور للفرح والمحبة


المزيد.....




- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...
- المغرب: الحفاظ على التراث الحرفي وتعزيز الهوية الثقافية المغ ...
- ناوروكي وماكرون يبحثان الأمن والتجارة في باريس ويؤكدان معارض ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيمون خوري - أبو مين ..حضرتك ..؟!