أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر زكي الزعزوع - البوكمال... سيرةٌ فراتيةٌ جداً














المزيد.....

البوكمال... سيرةٌ فراتيةٌ جداً


ثائر زكي الزعزوع

الحوار المتمدن-العدد: 3103 - 2010 / 8 / 23 - 20:34
المحور: الادب والفن
    


"إلى قيس، رياض، إسلام، صهيب،كمال... وآخرين"
العجاجُ بوصفه أبجديةً من القهرِ والظلمِ.. يستطيعُ اختراقَ التقاليدِ والأعرافِ، ويستطيعُ أيضاً صنعَ أغنيةٍ تناسبُ سطوتَه التي تشبهُ الموتَ، والعجاجُ بوصفِه حلاًّ وتاريخاً من المتناقضاتِ.. يشبِهُ وجوهنَا وملامحَنا.
كلَّ يومٍ تعلو التفاصيلُ نفسُها لتكسو الفراتَ بألفِ زغرودةٍ أطلقتها النساءُ، وضاعت منهنّ على الدروبِ المُقفرةِ...
نِعْمَ الفراتُ أنت...
نِعْمَ التركيبةُ الاستثنائيةُ من الحبِّ والشهوةِ والغيابِ بلا حدودٍ...
تتوهجُ الأرضُ... تأخذُ شكلَ الشمسِ
إنّها لا تكفُّ عن العويلِ، والنواحِ...
كأنّ قدرَ المخلوقاتِ التي تمضي الوقتَ تراقب تآكُلَ الطينِ أن تغفو بينما يفرُّ من بين أيديها النهرُ والعمرُ والشعرُ.
هنا يتعلمُ الصغارُ ألاّ يكونوا صغاراً إلا عندما يفارقونَ الحياةَ، وهنا يتعلّمُ العاشقون الكُسالى أنّ الطريقَ الذي يقودُهم إلى الحبّ يقودُهم إلى ضفةِ النهرِ، حيثُ النخلة تصبحُ وطناً، وحيثُ العيونُ تحدِّقُ دون توقفٍ:
أيها العاشقونَ فروا ببقاياكم إن حروفَ اللغةِ لا تستوعبُ نزقَ قلوبِكم، وإن الوقتَ يمرّ سريعاً. وسريعاً ستمرّ فتاة تلفُّها عباءةٌ تتماوجُ تحتَ القيظِ... والقيظُ لغةٌ لا آخرةَ لها، لغةٌ لا آخرةَ لها.
هنا ينبتُ الشعراءُ كما ينبتُ الأنبياءُ، فُرادى لا تحتضنُ نزقَهم إلا أوراقٌ تمزِّقها ذراتُ الغبارِ التي تخترقُ الدفءَ.
أحدُهم أمضى العمرَ يطاردُ طيفَ السيّابِ، والآخرُ يتمايلُ طربَاً تُسكِرهُ كلُّ مراهقةٍ، والثالثُ ما زالَ يحاولُ ترتيبَ المتصوّفةِ كما يرتّبُ كتبَ الأشعارِ في مكتبتِه الصغيرةِ، والآخرُ، والآخرُ، والآخرُ.
ينسفحُ العمرُ بعيداً، هكذا همستْ لنا أمهاتُنا... فتركنا على باب القلوبِ بقايا صورٍ لا تشبهُ صوراً أخرى، وتركنا في الزوايا المظلمةِ حكاياتِنا.
نعم يستطيعُ الفراتُ أن يصيرَ أغنيةً ونغنيهِ، ويستطيعُ أن يصيرَ صوتَ نايٍ، ويستطيعُ أنْ يكونَ ما يشاءُ.
لا تثملُ المدينةُ لأنّ محبّيها كتبوا لها قصائدَ حبٍّ، ولا ترقصُ طرباً حين يشدو لها عاشقٌ دنفٌ، ولا تحلّقُ المدينةُ بأجنحةِ الفراشاتِ لأنّ أجسادَ موتاها تعودُ إلى رحمِها، تعودُ كي تلتصقَ بترابِها، وتعيدَ تلك العلاقةَ الأبديةَ بينها وبينَ الطينِ.
ولكنّ المدينةَ تغفُو حالمِةً حينَ تُحلِّقُ طيورُ القطا في سمائِها مُناديةً في الصباحِ وقبلَ الغروبِ: أيتُها القلوبُ المتُعبةُ
اِخلَعي أرديةَ الرملِ
وطِيري
صِيرِي ما شِئْتِ
بفعلِ الحُبِّ...
وبفعلِ الحبِّ يمُضي المُحبُّونَ ليالي القيظِ يعيدونَ كتابةَ قصصِ العشقِ، وقصصِ الحربِ وقصصِ الموتِ، وقصصِ النظرةِ الأولى والقبلةِ الأولى والخيبةِ الأولى.
كم قصةٍ تمنحُ الحجارةَ الطينيةَ المهدّمةَ قربَ "الجامع الكبير" ذاكرةً ضاقَ بها المكانُ فتهاوتْ، كما يتهاوَى الرجالُ الجميلونَ فُرادى، مثلَ أوراقٍ ألقى بها الخريفُ على جانبِ الطريقِ فوطأتها أقدامُ المارةِ.
هي الحكايةُ نفسُها ترويها المدنُ للمدنِ، وتحكيها الطرقاتُ للعابرينَ.
هي الحكايةُ نفسُها.
نفسُها.
الأبوابُ الخشبيةُ رديئةُ الصنعِ، تُصدرُ صريراً لا يتوقفُ، والعيونُ تراقبُ ضمورَ الجبالِ، وشحوبَ النخيلِ، والقمرَ الذي ملَّ التنقلَ من اليمينِ إلى اليسار.
ليس عليكِ أن تكبري أكثرَ كي نناديكِ يا أمَّنا.
ليسَ عليكِ أن تتّشحي بالسوادِ كي نرى حزنَكِ.
وليس عليكِ أن تكوني جميلةً كي نحبك ونكتبَ القصائدَ في مديحك و نغني لكِ..
كوني تلك المدينةَ التي أثقلتها السنواتُ، وغادرها أبناؤها القلقونَ كأنّ رياحَ الأرضِ تحتَ أقدامِهم...
كوني تلك المدينةَ التي يعانقُها الفراتُ قبل أنْ ينام.
البوكمال-دمشق
صيف 2010



#ثائر_زكي_الزعزوع (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كم علامة تعجب يحتاج هذا المقال؟
- فنانات يضربن الشغالات... وما المشكلة فهنّ خدامات ليس إلا!!
- اثنان...
- موت والطقس صحو
- فما الذي ستفعله؟
- تقارير استخباراتية... وحروب استباقية
- نحن مبتهجون.. فهل تغير العالم؟
- باراك أوباما وانتصار الأميركيين
- الولايات المتحدة ومحنة الرئيس العتيد
- إيروتيك
- ملامح غير مكتملة
- ما بعد القمة...
- كانوا هنا...
- دمٌ أيها الحب!!
- ماذا تفعل حين تبصر مؤخرة جميلة؟
- حكاية عاشقين!
- أغنية عاشقين
- هكذا يرى الأميركيون بوش... فكيف نراه نحن؟
- بوش فقد عقله... ويصرخ: هل من مبارز!
- ماذا ستفعل أميركا بعد الهزيمة؟


المزيد.....




- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...
- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...
- طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني ...
- بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي ...
- كيف نجح فيلم -فانتاستيك فور- في إعادة عالم -مارفل- إلى سكة ا ...
- مهرجان تورونتو يتراجع عن استبعاد فيلم إسرائيلي حول هجوم 7 أك ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر زكي الزعزوع - البوكمال... سيرةٌ فراتيةٌ جداً