أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر زكي الزعزوع - كانوا هنا...














المزيد.....

كانوا هنا...


ثائر زكي الزعزوع

الحوار المتمدن-العدد: 2008 - 2007 / 8 / 15 - 05:01
المحور: الادب والفن
    


الخط المائل... إلى الأمام تماماً، كانت منى ومعها قدر تتحركان، كان أيضاً حسام، وأيوب وربما علي، كلنا كنا نسير صعوداً، لم تكن ثمة حانة قادرة على احتواء أجسادنا المنهكة في ذلك الحر القاتل، ولا حتى بيت... كان ثمة الشارع فقط، وفي الشارع تفتقت العبقريات عن القصائد، لملمنا ما استطعنا من صيف دمشق ووضعناه جانباً على رفّ الذكريات، ضحكنا ونحن نشكل وحدة عربية، وضحكنا ونحن نتخلى في الوقت نفسه عن ركام عروبتنا، ونبحث في التفاصيل عما يبعدنا سفر سنوات عن تلك العروبة المثقلة بالكبرياء، والحروب والقصائد...
كان أيوب عربياً، يحمل حقيبة ثقيلة من غزوات وفتوحات أجدادنا، بعد أيام سيضعف أيام، سيصاب بالوهن من عروبته، ومن تفاصيل أخرى...
وحدها قدر، نعم هكذا شاءت لها الصدفة أن ترتبط ببيتهوفن، وأن أناديها كلما استطعت: يا قدر مرفقاً ندائي بخامسة بيتهوفن... ليليها ضحك السائرون، متباعدين متقاربين نرمق ما استطعنا قاسيون، المثقل مثلنا بالكثير...
قلت وحدها قدر، وكانت وحدها تبحث عن كلمات تسعفها، لتداري مرضاً حقيراً ألمّ بها، تستظل بسيجارة تحرقها، وبثرثرة لا تنتهي عن الشعر، عن الحب، عن الفيزياء، وعن الأطفال...
قلت، وأنا أسجي كلمتين اثنتين في حفرة، تباً للطفولة، للوقت، لبقائي كما كنت، تباً لي، وأنا أضيع الحكايات، بل وأنا أصنعها.
ضحكت منى وكانت تشرب ماء، وهي تغرق في البني، أردت أن أقول لها: إن عينيك جميلتان، لكن هذا البني الذي تغرقين به، يصيبني بالغثيان، أردت أن أقول لها: اختبئي خلف لون أزرق يشبه البحر، لتصيري موجة مليئة بالسحر. لكني ظللت صامتاً أتأمل وجهها أغوص عميقاً في ردات فعلها التي لم تمنح القصيدة سوى كلمتين.
كانوا بعيدين جميعاً، بعيدين جداً... قد نكون اجتمعنا بمحض الصدفة، بل لقد اجتمعنا لأن لا شيء استطاع أن يكسر القاعدة، هكذا تحمل سماعة حمقاء تطلب رقماً ما، ويأتيك صوت من بعيد، سأكون هنا، وهل أنا هنا أصلاً، يا آخري الجميل ابق هناك، لأني هناك.. أردت أن أقول، لكن الاتصال انقطع، وكان عليّ أن آتي من هناك لأكون هنا.
بدا حسام خفيفاً، يكاد يطير وهو يتصيد الضحكات في ذلك المساء الاستثنائي.
على هامش الحكاية مرت امرأة تربط طفلتها، كما لو كانت جرواً صغيراً.
وعلى الهامش أيضاً ركضت منى والتقطت صورة. "يا لسخرية الحكاية" لم يعمل الفلاش كما ينبغي، سنصنع خبراً، سنصنع حكاية، أهكذا تحول الأطفال إلى جراء؟ بعد قليل سننسى حكاية الطفلة وصورتها، وسنغوص عميقاً في الحوار.
ملاحظة: في الخلفية ثمة صوت أم كلثوم تغني دون توقف، على من يريد أن يكون جزءاً من هذا النص أن يستمع إلى أم كلثوم.
مرت الدقائق بطيئة، بين دخان النراجيل، وكؤوس الشاي وفناجين القهوة، بينما الشعر، نعم الشعر يتناثر هنا وهناك، تخيلت في كل لحظة أن نصاً شيطانياً سينبعث من بين الكراسي ليحتوينا، تخيلت نصاً طفلاً مشاكساً لم تربطه أمه مثل جروٍ، سيقفز على الطاولة، ويمدّ لنا لسانه قائلاً: أيها المثقلون بالـ... إلى آخره.
المهم أني انتظرت طويلاً، ولكن شيئاً لم يحدث، ظل النص حبيس الصدور، وظللت أبحر في عيني منى، باحثاً ربما عن تلك الغزالة التي كتبت هي عنها مرة، ولكني لم أجد سوى أنثى مرهقة "تريد أن تنام".
بعد قليل سيسافر أيوب وحسام وستظل منى تكتشف وحيدة المسافات، بل المساحات التي سعت بين ركام هائل من الكتب لاكتشافها، وسأعود أنا إليها وهي هناك، أبحث عنها من هناك، ذكرني الهاتف بالوقت فتحركت قدماي هبوطاً، في الوقت الذي كان قلبي فيه يبحر صاعداً في الحكاية، أردت أن أدون في زاوية دفتري الصغير:
كانوا جميعاً هنا جميلين،
مشبعين بالحب،
وبالأغنيات...
لكنني لم أكن هنا لأراهم... فأنا لا زلت هناك.



#ثائر_زكي_الزعزوع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دمٌ أيها الحب!!
- ماذا تفعل حين تبصر مؤخرة جميلة؟
- حكاية عاشقين!
- أغنية عاشقين
- هكذا يرى الأميركيون بوش... فكيف نراه نحن؟
- بوش فقد عقله... ويصرخ: هل من مبارز!
- ماذا ستفعل أميركا بعد الهزيمة؟
- هنية على المعبر... يا لهذا الموقف المؤلم!
- يا سمير عطا الله العب غيرها
- ويا للأزهار، ويا للماء، ويا لي...
- أطفال العراق لا يعرفون (سانتا كلوز)
- 3709 لا، ليسوا فراشات
- كذبوا فصدّقنا...
- مؤتمر ثقافي... لهذا العراق
- فيروز والعلم والعراق
- ماالذي تفعله (الثقافة) في غياب النقد؟
- أخشى أن يكون البابا مخطئاً
- قبل وبعد وماذا أيضاً؟
- صدقوني.. قد أقاضي بوش ذات يوم
- لماذا تضحكون حين يقال: (ثقافة عربية)؟


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر زكي الزعزوع - كانوا هنا...