أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة الجواهري - ثقافة الكذب من جديد، أغلب الظن تؤسس لنظام شمولي جديد















المزيد.....

ثقافة الكذب من جديد، أغلب الظن تؤسس لنظام شمولي جديد


حمزة الجواهري

الحوار المتمدن-العدد: 933 - 2004 / 8 / 22 - 09:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


متحدث باسم وزارة الداخلية العراقية يقول إن الشرطة دخلت أمس إلى الضريح بعد أن أخلته عناصر الميليشيا وإنها اعتقلت 425 من عناصر الميلشيا دون ان تعثر على مقتدى الصدر، وآخر يقول إن العدد 400 عنصر، ويقول مسئول عراقي آخر، لماذا أقول مسئول ولا أسمي هذا المسئول؟ فهو وزير الداخلية بشحمه ولحمه كما وصفته وسائل الإعلام التي تم منعها من الدخول إلى مناطق القتال في النجف، يقول السيد الوزير إن الشرطة العراقية قد سيطرت على الصحن الحيدرى واعتقلت 400 من عناصر جيش المهدي ومازالت تفاوض على استسلام 500 مسلح مازالوا ستحصنون بداخله، وقال إن الشرطة دخلت مقام الإمام علي بعد الظهر حيث هرب 800 من عناصر جيش المهدي بعدما اعتقل حوالي الأربعمائة عنصر.
بذات الوقت نجد ان مسئولا في وزارة الدفاع الأمريكية ينفى دخول الشرطة مرقد الإمام علي، ويقول المسئول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، ولا أدري لماذا يطلب عدم ذكر الإسم؟ يقول أن ليس في هذا ذرة من الحقيقة، فمازلنا خارج الضريح، وكذلك الشرطة العراقية. وقد تبين في اليوم التالي إن كلام المسئول الأمريكي حق ولم يدخل أحد من الشرطة العراقية لمرقد الإمام علي، ومازال المرقد يستحكم به عناصر جيش المهدي إلى وقت كتابة هذا المقال.
إن الأمور لابد أن تحسم بأي شكل من الأشكال، فإما بقاء الصدريين في المرقد أو تسليمهم للمرقد لأية جهة كانت، كل هذا ليس هو الموضوع الذي نريد الحديث عنه، فالحديث هنا، ربما يبدوا أقل أهمية من الحدث ولكنه في نظرنا أكبر بكثير من نتائج العمليات العسكرية في النجف، ألا وهو موضوع المصداقية وأمور أخرى أكثر أهمية سنلمها من خلال السياق.
الحكومة تفشل في أول اختبار للمصداقية في العراق الجديد، فوزارة الداخلية تكذب ووزير الداخلية يكذب ولكن يضع لنفسه خط رجعة فيما لو هاجمه واحد (بايع ومخلص من أمثالي) ليقول إننا سيطرنا على الحرم الحيدري الشريف ومازلنا نفاوض على استسلام 500 من عناصر جيش المهدي بعد أن استسلم 400 وهرب 800 عنصر، وهذا يعني إن الأمر لم يحسم بعد، ويحمل إشارة مبطنة إلى أن العملية العسكرية لم تنتهي وربما ستفشل، فخط الرجعة واضح من طبيعة التصريح، في حين أن المتحدث باسم وزارة الداخلية يؤكد أن المسألة قد تم حسمها تماما، وربما سيتضح فيما بعد أن الناطق هذا ما هو إلا موظف صغير في الوزارة، وربما مطرود منها ويريد أن يثأر من الوزارة بإطلاق التصريحات الكاذبة باسمها وخصوصا في مسألة خطيرة كهذه وتهم الشعب العراقي بالكامل، ومستقبل المهمة الأساسية المنوطة بهذه الحكومة ذات الطابع المؤقت والمتمثلة بإعادة الأمن والاستقرار للشارع العراقي من أجل التسريع بالعملية السياسية في بناء المؤسسات الأساسية للدولة الديمقراطية العصرية، وطبعا إعادة عجلة البناء. وهكذا وكما يقول المثل العراقي (أول شيخته شرم تراجيها)، فمن أول اختبار لهذه الحكومة تفشل في المصداقية قبل أن تفشل في موضوع الحسم والذي هو ليس موضوعنا في هذا المقال.
إن الإرث الناصري بالكذب الرسمي على الشعوب مازال مسيطرا على هذا الرهط من القوميين المتحلقين الذين يمسكون بجميع مفاصل السلطة في العراق بقيادة رئيس الوزراء القومي الجذور والنزعات والتوجهات ذات نفسه. فرئيس الوزراء وإن كان هو ذات نفسه لم يكذب، فقد لزم الصمت لحد هذه اللحظة في موضوع الحسم، ولكنه بالتأكيد يتحمل مسؤولية تضليل الشعب العراقي وإطلاق التصريحان الكاذبة من قبل أعضاء حكومته، وكأني به هو من دفع الجميع للاشتراك بهذه الكذبة الكبرى في أول المشوار للحكومة المطلوب منها أعلى درجات المصداقية والشفافية والصدق والصراحة خصوصا في هذه المرحلة من تاريخ العراق الحرجة، فالمسؤولية تقع على الوزارة بالكامل، فإن هي كذبت اليوم سيكون غدا كل مأكلنا ومشربنا كذب بكذب كما فعلت ومازالت تفعل وسائل الإعلام القومية العربية كل يوم، فالكذب سنة لهم بعد أن تم تأسيسها من أيام أحمد سعيد وإذاعة صوت العرب سيئة الصيت هي ومذيعيها ومسئوليها وسلطة البلد العليا فيها وعلى رأسهم الرئيس نفسه قبل مستشاري الإعلام الذين يقدمون اليوم لنا النصح والتحليل وهم من أسس للكذب العربي الذي لا يستر ما تحت الثياب، بل لم يبقي ثيابا على الإطلاق لتستر العورات، وتسببوا بكل الكوارث القومية في التاريخ العربي الذي بني على أساس من الكذب ثم الكذب ثم الكذب، حتى صار الكذب هدفا بحد ذاته وكأنه هو زادهم وأيديولوجيتهم.
إذا كانت الحكومة ومن اليوم الأول تريد أن تستخف بعقولنا وتكذب بهذه الطريقة السمجة، فإننا سنترحم على أيام فضائية الجزيرة في القريب العاجل، فهذه الفضائية تكذب من أجل مشروع مصيره الفشل ونحن على ثقة من ذلك، ولكن كذب الحكومة على الشعب له أبعاد أخطر وأعظم من ذلك بكثير، فربما هم يؤسسون إلى ما هو مرفوض من قبل شعبنا جملة وتفصيلا، وهو بلا أدنى شك سيكون عظيما وجحيما لا يطاق، فكل الدلائل تشير إلى أن هذا التيار القومي يؤسس للبقاء في السلطة بأية وسيلة، وأشدد على مفردة بأية وسيلة، فكما يظنون إن ابسط الوسائل هو الكذب، لذا فهم قد اختاروا هذه البداية ليأتي بعدها ما هو أخطر بكثير من الكذب، فهناك سجون كبيرة جدا تم الكشف عنها كان نظام صدام قد بناها، وهي فارغة من الساكنين هذه الأيام، فإنهم يريدون لها نزلاء، ربما دائمين، وهذا ما سيوفر على الدولة جهودا كثيرة جدا، حيث إنها تستطيع أن تبقى حرة بكذبها وحرة باعتقالها وحرة بتجاوزها على القوانين وحرة بحرق المراحل نحو النظام الشمولي الجيد.
إذا كانت قضية مقتدى ومسألة إحتلاله للصحن الحيدري موضوع مرفوض بكل المقاييس، فسلوك الحكومة مرفوض أكثر من نواحي كثير جدا، فهي التي يبدوا أنها تماطل في إطالة أمد هذه الأزمة مستغلة اهتمام الشارع العراقي بها لقدسية المراقد الشريفة وذلك لمصالحها من أجل تمرير أمور كثير جدا تبدو وكأنها أقل أهمية من الموضوع الأساسي، موضوع الصدر، ولكنها في واقع الأمر أكثر خطورة منه بكثير. الحكومة كانت قد مررت على الملأ مسألة الاتهامات التي توجهت بها لآل الجلبي، أحمد وابن أخيه رئيس محكمة صدام واستصدار مذكرة من القاضي الذي لا يعرف أحد لمن يخضع، وتترك أمر رئيس محمكة صدام الخاصة مفتوحا لكي يبقى خارج العراق بعيد عن المحكمة، والأسوأ من ذلك هو أن القاضي الذي عينته الحكومة ولكي ليحل محل سالم الجلبي هو عضو شعبة وبعثي معروف، كما يقال من خلال وسائل الإعلام التي لم نعد نصدق أحد منها وذلك بفضل الحكومة الرشيدة والمؤقتة، وحين يحتج وزير العدل العراقي على هذا القاضي المثير للشكوك والشبهات ويترك العراق، يتم تعيين الباججي وزيرا للعدل بالوكالة!! وكما هو معروف عن الأخير كونه الخصم الأكبر للجلبي، ولا أدري كيف قبل هذا الرجل على نفسه أن يشترك بلعبة من هذا النوع، فهو وكما عرفناه عن كثب يكره المؤامرات كره العمى، فما هو سلطان الحكومة لكي تستطيع أن تشرك هذا الرجل الحكيم الذي تجاوز الثمانين من عمره في لعبة أقل ما يقال عنها بعيدة تمام البعد عن الأعراف الديمقراطية، فرب قائل يقول أن الجلبي كان هو البادئ بالإساءة للباججي، ربما يكون ذلك صحيحا ولكن الرد من الباججي ينبغي أن يكون أكثر ذكاء وفاعلية من هذا الرد الساذج والذي لا يتناسب ومقام الرجل، فهو من أثبت لنا إنه من أهم العناصر التي ستساهم بنقل قيم الديمقراطية للبلد، وإذا بالديمقراطية الجديدة مؤامرات وكذب وتجاوز على الحقوق الأخلاق.
إن ما قدمته ما هو إلا غيض من فيض، فمحاولات تثبيت الحكومة الانتقالية بالسلطة لما هو أبعد من الفترة المقدرة لها كثيرة جدا ولا يمكن أن تحصى بهذه العجالة، كلها تم تمريرها تحت زوبعة الصدر والصحن الحيدري الشريف، وتذكرني هذه المحاولات بأبي طبر سيء الصيت في أوائل السبعينات حيث مررت حكومة البعث أمورا كثيرة من أجل تثبيت سلطتها، تلك الحكومة التي كان الرئيس الحالي أحد رجالاتها المرموقين بالرغم من أنه مازال قد تخرج للتو من الجامعة، أو ربما مازال طالبا في سنته الأخيرة.
كأني بالتاريخ يعيد نفسه من جديد، فهل يعقل هذا ونحن مازلنا جميعا أحياء وشهود على تلك الأيام والمؤامرات؟ وهل فرغت جعبة الحكومة من المؤامرات الجديدة الأذكى لكي تذكي وتحرك فينا فضول البحث والاكتشاف في مراقبة أدائها؟ أم هي استهانة بنا وتحد سافر بعد أن نجحت بتمرير قانون يحمي شخص الرئيس والشخصيات الاعتبارية من المسائلة، وكأنها، أي الحكومة تريد أن تقول لنا، اضربوا رؤوسكم بالحائط، فقد ثم لنا تثبيت أقدامنا بالسلطة التي سوف لن نتخلى عنها مهما غلى الثمن واتسع نطاق العنف والجرائم التي تحاول الحكومة جاهدة على عدم الحسم بها إبقائها كتهديد يومي لنا لتمرر المزيد من عناصر الإمساك الدائم بالسلطة إلى البد، إذا كان هو الهدف، فهناك الكثير من أمثالي، ""بايع ومخلص"" كما أسلفت.



#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فهمي هويدي يسيء للمراجع الشيعية
- شرح لشروط الصدر العشرة
- إجتثاث الفكر الشمولي 4 -4 قوانين ضرورية لإنطلاق عجلة الإنتاج ...
- الوطنية تعنى الولاء للعراق وليس لإيران أو العرب
- الدول الإسلامية تتولى مهمة تقسيم العراق
- إجتثاث الفكر الشمولي 3 -4 المجتمع المدني على أعقاب النظام ال ...
- إجتثاث الفكر الشمولي 2 -4 المجتمع المدني على أعقاب النظام ال ...
- إجتثاث الفكر الشمولي 1-4 الفاشية والنازية والفكر الشمولي بإخ ...
- خطف الدبلوماسي المصري والعمالة الأجنبية في العراق
- إيران العدو الأكبر
- محللون سياسيون أم إرهابيون
- الدعوة مكشوفة المقاصد لخروج قوات حفظ السلام من العراق
- المعايير المزدوجة بالشأن العراقي
- دقيقة واحدة تحدث بها صدام امام القاضي
- على الفضائيات أن تعيد أرشيف التلفزيون العراقي المسروق
- محاموا صدام، الخصاونة والخرابشة والعرموطي!
- إنه حقا ليوم عظيم
- الجزيرة والعربية تصنعان الأكاذيب،والبي بي سي تؤكد
- سمير عطا الله والأيام العصيبة في العراق
- ملاحظات حول الخطة الأمنية للحكومة


المزيد.....




- منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سب ...
- استمرار الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية ...
- بلينكن ناقش محادثات السلام مع زعيمي أرمينيا وأذربيجان
- الجيش الأميركي -يشتبك- مع 5 طائرات مسيرة فوق البحر الأحمر
- ضرب الأميركيات ودعم الإيرانيات.. بايدن في نسختين وظهور نبوءة ...
- وفد من حماس إلى القاهرة وترقب لنتائج المحادثات بشأن صفقة الت ...
- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة الجواهري - ثقافة الكذب من جديد، أغلب الظن تؤسس لنظام شمولي جديد