أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الجنديل - حفلة ....قصة قصيرة














المزيد.....

حفلة ....قصة قصيرة


أحمد الجنديل

الحوار المتمدن-العدد: 3009 - 2010 / 5 / 19 - 23:08
المحور: الادب والفن
    



لم تحمل غير منشفة كبيرة تلتف على وسطها عند خروجها من الحمام ، أسرعت إلى غرفة نومها ، استقبلتها المرآة الكبيرة ، كان وجهها نظيفا من المساحيق ، وقع نظرها على رقبتها ، ارتفعت يدها لتتلمس بأصابعها جلد الرقبة ، كان مدعوكا بشكل فاضح ، أغمضت عينيها بينما ذهبت أصابعها إلى شعرها ، واصل الإصبع الوسط طريقه فرفع خصلات شعرها الأمامية ، ظهر الشيب لها بطريقة بشعة ، لم تكن بمقدورها النظر إليه ، سحبتْ أصابعها منه وبدأتْ تتمعن في ملامحها ، جفناها متورمتان من الأعلى ، وعيناها يشبهان إلى حد كبير عيني فأرة صغيرة محاصرة بالخوف ، اهتز رمشاها ، واصلت التأمل بدقـّة ، أنفها مبتعد عن شفتها العليا بطريقة عدائية ، خيط رفيع من الماء ينزل من أحد منخريها ، رفعتْ ذيل منشفتها ومسحتْ أنفها بقوّة ، أطالت النظر إلى عينيها ، لم تحملا ذلك البريق الذي كانت تتباهى به عندما كانت في الجامعة ، وجنتاها الضامرتان غادرتهما العافية منذ زمن بعيد ، بدأ الإحباط يأخذ طريقه إلى نفسها ، تلبد وجهها بسحب الكآبة ، صديقتها ( ندى ) تزوجت من أستاذها وأنجبت خمسة أطفال ، وهي الآن في سعادة ، أختها الصغرى ( فرح ) تزوجت من مهندس يكبرها بخمس سنين ، وتعيش معه في بيت مستقل بهناء ، جارتها ( رغد ) زفـّت العام الماضي إلى شاب وسيم وقد رزقت ببنت جميلة ، وهذا اليوم عقد قران زميلتها في المدرسة ( هيفاء ) .
كان وجهها خاليا من الحياة ، ويبدو ملتصقا كصورة ورقية أخذت للتو ، نظراتها الترابية لا توحي إلا بالفراغ القاتل ، وعندما قفزَ عمرها الذي تجاوز الأربعين أختضت شفتاها ، وطفرت دمعة أخذت مجراها دون أن يمنعها عائق ، أنفها أراد أن يشارك عينيها التعزية فأرسل دمعته وعند أسفل وجهها امتزجت الدمعتان لتعبـّران عن روح الهزيمة التي هي فيها .
كانت ترسل نظرات لا معنى لها فتقع على المرآة لتزيدها بلاهة ، وكانت بعريها تقف أمام صورتها أشبه بتمثال معروض بطريقة سيئة ، كانت غارقة في سكون موحش باستثناء الرأس الذي احترق بذكريات الماضي .
طرق بابها الكثير ، التاجر رفضه الأب لأنه لا يملك شهادة ، والموظف رفضته الأم لأنه لا يملك مالا وفيرا ، والفقير رفضه الجميع رغم استقامته لأنه سيذيق ابنتهم ألوان الفاقة والعوز ، والجميل لأنه لا يحمل نسبا يرتقي إلى نسبهم وحسبهم ، وبقيت الأم تمني نفسها بالفارس الذي يطلّ عليهم من السماء وعلى فرسه البيضاء ليختطف ابنتها ويذهب بها إلى الفردوس ، وبقيت هي تنتظر ابن الحلال الذي تعيش وإياه تحت سقف واحد ، ولكن القطارات ما عادت تتوقف عند محطتها ، وعندما بلغت الأربعين ما عاد أحد يفكر بالزواج منها .
أطلقت حسرة حارقة ، لعنت في سرّها نسبها المزيّف ولقبها المشبوه ، أرادت أن تلعن أمها فتوقفت عند هذا الهاجس الملعون .
ألقت نظرة أخيرة على وجهها ، كان في حالة كسوف ، غربتها الداخلية لم تعد تحتمل هذا الوجه الكريه ، رفعتْ كفـّها إلى الأعلى وأسقطته على جبهتها بصفعة سمعت صوتها ، وقد داهمها نشيج مّر أسرعتْ على أثره إلى دفن رأسها في فراشها وهي تنوء بكل آثار الماضي الثقيل .
وعندما أخذها النوم على أجنحة خيبتها ، كان حفل عقد قران صديقتها ( هيفاء ) قد انتهى وسط استغراب العروس لعدم حضور صديقتها .



#أحمد_الجنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش الخط الأحمر
- البالون ...قصة قصيرة
- كتابات باللون الأحمر
- جفاف ..قصة قصيرة
- حكايات ذاكرة.. قصة قصيرة
- الأقلام والخيول
- الوصيّة ... قصة قصيرة
- السفينة .. قصة قصيرة
- الجناة ومزبلة التاريخ
- أمريكا وحقوق الانسان
- بلد العجائب والغرائب
- بلا وطنية ولا حياء
- أنا وفكتور هيجو وجبار أبو الكبة
- الانتهازي الخطير .. قصة قصيرة
- ايقاعات راقصة لعازف حزين
- الهجرة الى مواسم الرعب .... قصص قصيرة
- كم أنت رائعة ياناهده 0000!!!؟
- الثلوج تلتهم النيران ... قصص قصيرة
- الدفاع عن حقوق المرأة ...... ( بلقيس حسن انموذجا )
- العراق بين شرعية الاحتلال واحتلال الشرعية


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الجنديل - حفلة ....قصة قصيرة