أحمد الجنديل
الحوار المتمدن-العدد: 2779 - 2009 / 9 / 24 - 03:07
المحور:
الادب والفن
لم ينم أحد في تلك الليلة المغسولة بالحزن والغارقة بالدموع والسابحة ببحر الآهات والزفرات .
قطيع العاملين في زريبة الكاهن لم ينقطعوا عن الدعاء ، وهم ينقلون خطاهم بتثاقل بين شيخهم الذي يعاني سكرات الموت وبين جموع المحتشدين من حيوانات الغابة الذين يسعون للفوز بإلقاء النظرة الأخيرة على مرشدهم الروحي الأعلى ، وقائد لواء الأعراف التي بقيت الغابة بفضله طاهرة مطهرة .
كان الليل يسير متعثرا بطيئا ، وكلما نقل خطوته باتجاه الصباح ، نقلت نفوس الحيوانات خطوة نحو لجة بحر القلق والحزن ، فلا أحد يستطيع الاقتراب من مكان المرشد غير ابنه الذي جمع ثروة أبيه ودفنها في مكان آمن ، وغير زوجاته اللواتي بدأن يبحثن عن الغنائم والجواهر والنفائس لتأمين مستقبلهن من عوادي الزمن القادم .
عندما لفظ الليل أنفاسه الأخيرة ، كانت الحياة تلفظ أنفاسها الأخيرة من جسد شيخ الغابة ، وعندما أعلن عن وفاته ارتفع العويل وعلا الصراخ وبدأ الزحف المبارك لحيوانات الغابة لتلقي نظرتها الأخيرة على الفقيد ، وشهدت الغابة تشييعا مهيبا ، وحضورا لم تألفه من قبل .
بعد هطول الليل ، انتزع ابن الفقيد وصية أبيه التي كتبها له ، وراح يتأملها باهتمام بالغ ، حيث جاء فيها : ( لا تنسى أن الأفكار كالمياه كلاهما يأسن ويتعفن إذا بقيا في ركود ، فاحذر أن تحرك شيئا ، فالديدان التي تتحرك في مستنقع الأفكار الآسنة هي مصدر عزتك وثروتك ، لولا جهلهم ما وصل أبوك إلى مجده السابق ، ولا أصبحت أنت بهذا القدر من العظمة والجبروت .)) .
#أحمد_الجنديل (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟