أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - جلاد يحرس شهيد














المزيد.....

جلاد يحرس شهيد


البتول المحجوب

الحوار المتمدن-العدد: 2981 - 2010 / 4 / 20 - 21:05
المحور: الادب والفن
    


جلاد يحرس شهيد

قبل أن تتوارى المقبرة عن نظراتها الغاضبة..ترفع يدها ملوحة بإشارة نصرلقبور شهداء مرددة في صمت: “.ناموا في سلام…لن نصالح أبدا ولن نسامح..”
باب حديدي،قفل صدء ومقبرة منسية،موحشة،محاطة بسور طيني.خالية إلا من عدة قبور.قبور سويت بالأرض ،بعد أن تم دفن أصحابها تحت جنح ظلام دامس.
قبر هنا وقبر هناك.قبر يصرخ من وحدته،وقبر يصرخ من غربته وأخر من وحشته، وأخر يئن من وجع الحكايات، حكاية من عاش الوجع والألم وحرقة الغياب. زائر المقبرة المسيجة بالعزلة والنسيان، يحمل بداخله ألف سؤال وسؤال مغموس بحرقة الانطفاء..
حارس زنزانة الأمس، يرتعش خوفا من قبور مسجاة في صمت رهيب، يتصبب عرقا كلما وقف على باب المقبرة،زائر غريب،زائر يبحث عمن فقدهم، ذات صباح ضبابي أو مساء شاحب .
ذليلا يقف الحارس الكريه ذو الملامح القاسية،أمام شموخ غرباء الديار.أمام أرواح تقض مضجعه ليل نهار. بيده المرتعشة خوفا يحمل مفتاح قفل المخبأ الرهيب،ومفتاح مقبرة موحشة لاتبعد عنه أمتارا.
يبتعد في صمت متحاشيا نظرات حادة لزائرة مثقلة بوجع الرحيل،زائرة حبذت الاختلاء بنفسها بين سكينة القبور،علها تبوح لك بسرها،بوعدها لروحك،ولأرواح رفاق قاسمتهم المعاناة،ووجع الغياب والانطفاء..بأناملها الرقيقة بدأت في انتزاع أعشاب شوكية، نبتت على أديم القبور في غفلة النسيان.بحرقة في القلب وغصة في الحلق ودمعة في العين، تتمعن تاريخ وفاة كل واحد على حدى.
تاريخ وفاة فلان لاتفصلها عن فلان إلا أياما معدودة.ذاك أيضا وذاك وذاك..
واللائحة تطول.تغضب في صمت وتتذكر أن الموت ابتلعك بعيدا عن دفء الأحبة،ذات مساء حزين،وحيدا دون شربة ماء،دون قطعة سكر و دون دمعة مواساة.
تنظر طويلا لقبره المسجى، تحدثه عن وعدها،عن انتظارها الطويل.تسأله عن غربته.. يسألها ،عن عبق رائحة الثرى المبتل هناك..عن وطن مدفون في رمال الصحراء عن مدينة منسية، تحتضر على مشارف المحيط. عن ارض شاسعة لاحدود لها،لاجدران ولاحراس هناك..
تطيل النظر لقبرك المسجى في ارض،قال صاحبها يوما: أنها عاصمة ورود فقط.يأتيها صوتك ساخرا…ورود…؟ أي ورد وأي أريج..؟
كانت لنا نحن غرباء الديار حنظلا وشوكا ينغرز في القلب حد الجرح..أه عزيزتي تمنيت أن أشم عبق عطر وردها يوما..لكن لاشئ هنا غير زنزانة تنبعث منها رائحة الموت البطئ، الوحشة والوحدة.لاشئ هنا غيروجه جلاد كريه، يتلذذ بجلد الكهل قبل الشاب والمرأة قبل الرجل…؟
-ياللعار المرأة..؟
-بلى عزيزتي ،المرأة التي نقدس الثرى إذ ما داعب قدميها،تجلد هنا أمام أعيننا وتهان مثل الرجال..آه ثم آه.. ؟
تتأجج نار الغضب بداخلها..تلتفت وترى حارس مقبرة اليوم وجلاد الأمس يقف على بعد خطوات منها مهزوما ذليلا، نظراته بالأرض..أتراه يغض الطرف خوف نظراتها الحادة..؟أم خوف نظراتها الغامضة..؟
تشيح بنظراتها عنه،وتنظر بفخر لقبرك المسجى…ملوحة بإشارة نصر لقبور شهداء هناك..مرددة “ناموا في سلام…لن نصالح أبدا ولن نسامح..”



#البتول_المحجوب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كأس شاي معتق
- الزنزانة رقم 3
- الارض السمراء
- منفضة سجائر
- رائحة ضفائر أمي
- جزء من حكاية الوجع
- ايام معتمة
- رائحة الوطن
- صمت المدن
- سر الحكاية
- الكوخو
- السبحة
- ذكرى
- حكاية امراة
- اوتار
- برودة المنافي
- الجمعة الحزين
- علبة بريد
- مساء احد منسي
- الحلم الجميل


المزيد.....




- لماذا أثار فيلم -الست- عن حياة أم كلثوم كل هذا الجدل؟
- ما وراء الغلاف.. كيف تصنع دور النشر الغربية نجوم الكتابة؟
- مصر تعيد بث مسلسل -أم كلثوم- وسط عاصفة جدل حول فيلم -الست-
- ترحيل الأفغان من إيران.. ماذا تقول الأرقام والرواية الرسمية؟ ...
- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة
- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل
- موجة أفلام عيد الميلاد الأميركية.. رحلة سينمائية عمرها 125 ع ...
- فلسطينية ضمن قائمة أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم.. تعرف عل ...
- أفلام الرسوم المتحركة في 2025.. عندما لم تعد الحكايات للأطفا ...


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - جلاد يحرس شهيد