أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - من مركزية الجماعة إلى مركزية الفرد















المزيد.....

من مركزية الجماعة إلى مركزية الفرد


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2981 - 2010 / 4 / 20 - 17:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من مركزية الجماعة إلى مركزية الفرد
- أطفالكم ليسوا لكم – جبران
- أفعال البشر شريرة- توينبي

في البدء كانت الفكرة.. الكلمة.. والكلمة تجسدت في صورة بشرية.. ولكي تتجسّد الكلمة في انسان فهي بحاجة لأنثى. امرأة..
من غير امرأة لم يكن انسان..
الانسان مولود المرأة..
هل كان آدم الأول ذكرا أم أنثى، أم كان كائنا خنثيا (مزدوج الجنس) في البدء، ثم انفصل إلى كائنين منفصلين جنسيا وفيزيائيا ولكنهما مترابطان نفسيا وكلّ منهما لا يستطيع الحياة أو الاستمرار من غير الآخر..
في البدء (الذي سبق ذكره قبل قليل) لم يكن موت.. ولذلك كان الانسان شأنه شأن الكائنات الأخرى المحلقة في الوجود خالدة أبدية.. لكن (عقل) الانسان قاده للانفصال في التفكير بحسب إرادته.. بحسب أنا(ه) الخاصة.. فكانت اللعنة..
يجد البعض صعوبة في تقبل وقع كلمة (لعنة/ خطيئة/ عصيان/ سقوط)، ولكن تأمل واقع حياة الانسان وما تقتضيه من شقاء وجهد مضني وعبثية لا طائل منها، تدفعه لتغيير آرائه مع الوقت.. وبتعبير أدق.. أن فكر الانسان ينضج أكثر كلما ازداد في السنوات والتجربة..
وجود الشقاء والمعاناة واجترار العذاب يجعل وجود (الموت) ضرورة وحلما يهرب إليه الانسان للخلاص من الشقاء أو الملل أو العبث..
لكن الموت مخيف.. مرعب.. أزلي.. كوني.. معناه التلاشي في التراب أو السديم.. والانقراض بالمعنى العلماني.. فالموت الذي يتمناه الانسان في حالات معينة يبقى مخيفا ومرعبا عندما يقترب من الحقيقة أو التنفيذ.. والحياة صعبة وشقية وعبثية ولكنها مغرية من جانب آخر..
الخوف من الموت والانقراض النهائي يدفع الانسان للبحث عن بديل.. يقاوم فكرة الانقراض..
البديل هو الولادة الجديدة.. هو استمرار دورة الكائن الحي.. ولادة.. نمو.. ازدهار.. ذبول.. موت.. ولادة.. نمو..
فكرة الدوران أو الدورة الحياتية تتجسد سنويا في الفصول الأربعة وانعكاسها في صور النباتات والأعشاب في الطبيعة..
الربيع بمثابة الولادة.. الصيف النمو.. الخريف ذبول.. الشتاء موت وسبات.. الربيع ولادة ونمو..
وفي التاريخ القديم كانت التقاويم (kalenders) تبتديء في مارس أو أبريل أو بينهما مترافقة مع بدء (ولادة) دورة الطبيعة..
فمن أجل مواجهة الانقراض وديمومة الحياة، تهيأ جسد الأنثى للاخصاب والانجاب..
وهكذا كان.. (الانسان مولود المرأة، قصير العمر، ومفعم بالشقاء، يتفتح كالزهر، ثم ينتثر، ويتوارى كالشبح فلا يبقى له أثر).
هل الاخصاب والانجاب بركة أم لعنة؟!!..
*
العطاء أو الفقدان..
عنصر الخير يتحقق من خلال العطاء.. عندما تعطي شيئا من ذاتك أو من عندك للخارج، فأنت تفعل خيرا.. أنت تساعد..
فكرة العطاء هي نفسها فكرة الفقدان..
عندما تعطي شيئا من ذاتك، فأنت تفقده.. من وجهة نظرك..
عندما تعطي مبلغا من المال نحو الخارج.. فأنت فقدت مبلغا من المال الذي كان عندك.. وما تبقى عندك صار أقل من الذي كان..
الفقدان مفردة تدل على وجع وخسارة وندم.. ولذلك تم توليد لفظة أخرى بديلة تمنح راحة نفسية أو تعويضا نفسيا واجتماعيا.. هي كلمة تضحية.. تبرع.. فالشخص الذي يضحي بشي من عنده أو يتبرع به للآخرين هو انسان جيد.. يعمل خيرا..
التضحية والتبرع تعني المساعدة وعمل الخير.. وهذه مع التطور صارت تعبيرا عن المحبة الانسانية أو الالهية..
فلولا الحب لا يقدم شخص على التضحية أو التبرع بشي من عندياته من أجل سواه..
هل الولادة مرتبطة بفكرة الفقدان و العطاء و التضحية..
ان الجنين هو قطعة من أحشاء المرأة.. جزء من دمها ولحمها.. يتكون وينمو في رحمها، حتى تنضج صورته ويتكامل كيانه، وعندها يبدا في الانفصال الجسدي عنها، ولا يبقى بينهما غير (حبل السرة)، الذي يمد الجنين بالغذاء وهو في رحم الأم، وعند الولادة لا يخرج الطفل فقط، وانما مجموع الكيس الرحمي الذي تكون فيه الجنين ونما. مع خروج الطفل والكيس الرحمي تخسر الأم غير قليل من أحشائها ودمها ووزنها..
- أنني أجد الانثى مسكينة أكثر من الذكر، لأن هكذا شيء (مهول) يجري داخلها ولا تدرك كنهه، لأنها تحتمل وتتقبل حدوث شيء في كيانها ونفسها، وهي لا تفهمه- . دور الذكر في ذلك يبقى هامشيا وخارجيا. ان شخص يفقد جزء من جسده أو عضو من أعضائه يشعر بحالة فراغ نفسي مستديم، يجعله يتذكر على الدوام حالة الفقدان.. سواء كانت بسبب حالة مرضية أو حادث عنف خارجي. وفي الغالب يتحقق الفقدان خلال ظرف معين دون تخطيط أو توقع سابق ودون إرادة أو مسؤولية مباشرة من ذات الشخص، إضافة لوجود مبرر موضوعي لحالة الفقدان وتقدير اجتماعي للموضوع.
لكن ظاهرة الولادة عند المرأة مختلفة، فهي فعل إرادي، مخطط ، ومقصود، ومشمول بعناية واحتمال وانتظار وتوقع، والانعكاسات النفسية والاجتماعية لفعل الولادة ليست واحدة عند جميع النساء، - كلّ هذا لن يساعد المرأة للجواب على سؤال: لماذا تنجب؟!.. لماذا تلد؟.. لماذا تسمح أين يكون جسدها وعاء لشيء آخر؟!..- وإذا كان الشقاء والمرض والموت ينتظر مولودها، فلماذا تفعل ذلك؟!..- هل الحمل والانجاب فعل واعي عقلي أم هو فعل غريزي خارج سيطرة المرأة أو الانسان عامة؟!..-
هل تجد المرأة هروبا من الخطأ بتكراره (وداوني بالتي كانت هي الداءُ)؟.. أم تجد عزاء المرأة في مشاركة الرجل لها في المسؤولية؟.. لكن هذا لا يتعدى الالتزام الأدبي أو الاجتماعي لا غير.
*
انتفاء المبرر الاقتصادي والاجتماعي..
يؤكد علماء الانثروبولجي ان الانسان البدائي كان يفضل العيش في إطار جماعة لتأمين نفسه ضدّ خطر الحيوانات المفترسة الأقوى منه وأكبر حجما.. وثمة.. كانت هناك حاجة متزايدة لنمو حجم السكان لتأمين الجانب الأمني والمعيشي للجماعة.
فالحاجة الأمنية، والحاجة المعيشية في الصيد أو الزراعة، والحاجة السياسية في التنظيم وتقسيم الأعمال ووجود كفاية من البشر للمشاركة في الحرب والغزو، كل هذه عوامل اقتضت دوران عجلة الانجاب البشري بأقصى سرعاتها، كما أقتضت تشريع تعدد الزوجات وأشباه الزوجات اللواتي يساهمن في عملية الانجاب ودعم النمو السكاني للعائلة والقبيلة والدولة..ولكن تلك الظروف تغيرت اليوم، واختلفت المفاهيم.. وانعدمت مبررات تلك الحاجة البشرية.. بل صارت الزيادة السكانية تتسبب في كوارث المجاعة والأمراض والحروب الداخلية والخارجية..
ان الحاجة العائلية كانت هي الأساس في تطوير فكرة العائلة والأطفال ولعوامل أمنية أو اقتصادية واجتماعية، أما اليوم فأن العائلة تتعرض لضربات موجعة جراء تراجع القيم الاجتماعية وانتفاء التكافل العائلي أو الاجتماعي داخل العائلة الصغيرة أو الكبيرة.. ومع ازدياد مساهمة الدولة في تسديد حاجات الفرد، فأن هيمنة المعاملات الاقتصادية والقيم الاستهلاكية زادت من معدل التفكك الاجتماعي واللهاث وراء المادة والمتع المادية..
ان المجتمع المعاصر يعاني من أعباء ثلاث جماعات سكانية بحاجة للحماية والمساعدة.. (الأطفال والشيوخ والنساء). وهي أكبر الفئات السكانية عددا التي تشكل المجتمع العالمي.
ثمة تضخم في حجم الفئات العمرية كبيرة السن، تقابلها زيادة في حجم الفئات العمرية صغيرة السن، مقابل زيادة كبيرة في حجم فئة الاناث في مجتمعات اليوم. هذه الفئات المتضخمة تدخل ضمن الفئات المستهلكة للخدمات، والعالة على الفئة العاملة والمنتجة اقتصاديا.
هناك فئة منتجة معيلة واحدة في المجتمع المعاصر، مقابل ثلاث فئات مستهلكة للسلع والخدمات وعالة على الفئة المنتجة والدولة.
ان النظر إلى أي مجتمع على الأرض يستند إلى هذه التوليفة. وفي مجتمعات بريتانيا مثل مناسب هنا، فالاقتصاد البريتاني يعاني من تراجع مستمر على صعيد الانتاج الصناعي، وهو في تحول مستمر نحو الاقتصاد التجاري أو الاعتماد على عامل السياحة وحركة رؤوس الأموال عبر أراضيه. بالمقابل تسهم الدولة في إعالة قطاعات كبيرة من سكانها، عبر منافذ المساعدات والمنح والتسهيلات الكثيرة، والتي تتيح معدل متوسط للمعيشة أو ما يمكن اعتباره (رفاه معتدل).
*
لقد عاش الانسان حالة هروب مستمرة من مواجهة الأسئلة الوجودية أو المصيرية.. وسوف يستمر في التفنن في الهروب من مواجهة الأسئلة والالتفاف عليها.. دون تقديم إجابة عقلية مقنعة لسلوكه ونشاطاته – ما يبقيه في دوامة مستمرة- !.
ان ما يسمى بالتطور التكنولوجي والمدني لم ينقلب وبالا على الانسان المعاصر فحسب، بل جعل (نزعة الأنانية وعقدة الفرد) شعارا مقدسا للحياة المعاصرة.. وبالتالي.. هل نحن نحتاج الآخرين فعلا، ونتعامل معهم من منطلق المحبة والعطاء.. أم أننا نحتاجهم لتسخيرهم في تلبية احتياجاتنا وخدمة أغراضنا.. باعتبار أن الفرد (منا) هو مركز الكون، وكل ما عداه مجرد أقمار تدور حول(نا) وتخدم حاجاتنا وأنانياتنا..!!.
*
لندن
العشرين من أبريل 2010



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث.. مع امرأة
- المرأة السعودية وحقوق الانسان
- الهجرة.. (و) العلاقة بالأرض..
- كيمياء المعادلة الاجتماعية (الحياة المُشترَكة)
- إزدواجيتنا..
- نصفان..!
- ولكن ما هو الواقع؟!..
- السعيد في العزلة (شقي)..
- المكان هو المنفى.. الوطن هو الغربة!.. (6)
- (الانسان والمكان -5-)
- الألم ونظرية التوازنات الذاتية
- أنا أتألم.. أنا إذن موجود!..
- هل الحيوانات تتألم ؟؟!!..
- حول نسبية المكان.. (سعدي يوسف نموذجا..) (4)
- مدن في حياتي .. الوجيهية (4)
- مدن في حياتي.. الوجيهية .. (3)
- مدن في حياتي.. الوجيهية .. (2)
- مدن في حياتي.. الوجيهية .. (1)
- فليحة حسن.. وقصيدة (أنا لست مريم يا أبي!)..المقارَبة والاختل ...
- هذه الجريمة اليومية


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - من مركزية الجماعة إلى مركزية الفرد