أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وديع العبيدي - مدن في حياتي.. الوجيهية .. (1)















المزيد.....

مدن في حياتي.. الوجيهية .. (1)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2874 - 2009 / 12 / 31 - 09:04
المحور: سيرة ذاتية
    


الوجيهية (من أعمال شهربان في محافظة ديالى) هي أول مدينة انتقل إليها عمل والدي بعد جلولاء، مسؤولاً عن أعمال البريد والبرق. ولم يكن فيها من قبل مكتب لخدمة البريد أو مبنى خاص بها. كانت خدمة البريد (الرسائل) تصلها من مركز قضاء (شهربان) في كيس عسكري ذي لون (حشيشي) فاتح، ممهورة فوهته بختم (قيري)، يحمله إلى المدينة - يوميا-، باص النقليات [نوع سكانيا محور لنقل الركاب] الذي يغادر الوجيهية صباحاً قبل السابعة ويعود بعد الظهر مستصحباً كيس البريد، وفي مقدمة بيوت المدينة على جهة اليسار بيت كبير هو بيت مصطاف (أبي حنا). كان العم (مصطاف) يقوم باستلام الكيس يومياً أو كل يومين ويتولى فضّ الختم وتوزيع (الرسائل) على ذوي العلاقة. العم مصطاف مثل بقية أهالي المدينة صاحب بستان لأشجار النخيل والفاكهة، وابنه (حنا) ذو شعر أشقر وبشرة بيضاء وكان طيلة الوقت جندياً أو عسكرياً.
بمساعدة العم مصطاف أمكن لوالدي استئجار سكن للعائلة في مركز البلدة – كما تسمى المدينة يومذاك-. كان بيتاً صغيراً مستأجراً لبعض المعلمات من قبل. وبيت الايجار يفتقد الصيانة والاهتمام من صاحبه، ولم يكن (الاستئجار) مألوفاً أو مرموقاً بين الأهلين ذوي القيم العشائرية التي تأوي الضيف وتحتقر (تستنكف تستعيب) الفلوس، وجه الضيف. وانما استسيغت فكرة الايجار [للمعلمات] في البدء لكونهم من الغرباء عن المدينة، وإبعاد الشبهة الاجتماعية عن صاحب النزل، فتكون العلاقة رسمية معلنة، ويجري تسليم (قيمة) الايجار بواسطة شخص (وسيط) مثل (مستخدم) المدرسة. اختلف الأمر مع والدي، فهو على رأس (عائلة) ويشغل مركزا إدارياً رسمياً في هذه البلدة الصغيرة، وله نسب معروف إلى عشيرة عربية عريقة. كل تلك أسباب تجعل صاحب السكن في - حراجة- من أمره. ولم يكن والدي الموظف في تلك المدينة ليتقبل إقامة مجانية مفتوحة. كان بيتاً صغيراً ومنخفضاً عن مستوى الشارع، ويلزمه ترميم. ولكنه المتاح يومذاك. لم تكن تلك هي المشكلة. كان على البيت أن يكون داراً للسكن ومكتباً لدائرة البريد يومئذ. لم يحتمل والدي الفكرة وطالب بمبنى مستقل للدائرة. وكان الخلاف بين الموظف الجديد (والدي) ودائرة البريد في مركز القضاء (شهربان). كان والدي بين عدة خيارات، كلها مرّة. رفض الوظيفة أو رفض أمر النقل، وعواقبها وخيمة. إعادة العائلة إلى جلولاء (السكن الأصلي للعائلة) والبقاء بمفرده في الدائرة !. وكان الاحتمال الأخير. أما طبيعة عمل الدائرة فهو (فضفاض)، لا يستحق ما يستهلكه من ورق وحسابات يومية وشهرية. صار الكيس يلقى في عنوان الدائرة الجديد ويتولى العم مصطاف بوجود الموظف الجديد فضّ المهر القيري وتصنيف الرسائل قبل توزيعها. وهو أمر لم يكن الموزع في حاجة له من قبل.
لا أنسى حتى الآن حجم المعضلة التي كان والدي يعيشها مع (الموزعين) خلال عمله في المدن الصغيرة. كان معظم الموزعين من أصول فلاحية وعشائرية، ولهؤلاء [أنفة] وكبرياء في قبول الأوامر أو [الخضوع] لرقابة وتوجيه. غريزة الرفض (الفطرية) في أعماق الشخصية الريفية أو البدوية هي ما اصطلح عليه هادي العلوي [اللقاحية] كمقابل أو بديل لمصطلح [anarchy] في الفكر الغربي. يشعر الموزع ان (الموظف) الجديد يفاخره وينابره شخصيا، أو ينافسه في عمله أو يريد تقاسمه معه، وقد يقود هذا لتجريده من امتياز عمله الذي كان يمنحه مكانة اجتماعية مرموقة بين الأهلين. بدأت الانظار تتجه لشخص آخر (غريب) عن البلدة و(طارق) على مجتمعها. فالمنافسة لا تقتصر على باب الرزق والمرتب، وانما امتياز المكانة الاجتماعية. بالتأكيد حدثت خلافات ومشاجرات ومشاحنات عديدة قبل أن تصل إلى صورة حال. عندما أستذكر تلك الأيام والمواقف، أشعر باعتزاز كبير لتلك المرحلة وإكبار وفخر لقدرات والدي القيادية والادارية. لقد كان الوالد شخصية عصامية جبلتها ظروف صعبة واستطاعت تطويعها لخلق نجاح مميز هو مصدر فخر لي وأنا أسجل تلك اللحظات.
في حقيقة الأمر. كان التوسع الاداري في أعمال (مصلحة البريد والبرق) التابعة لوزارة (المواصلات) جزء من عمليات التحديث والتوسع التي أدخلها العهد الجمهوري الجديد في بداية الستينات. وكان لتلك العمليات والتوسعات إدارات وكفاءات رائدة قادرة على تطويع البيئة المحلية البسيطة لعمليات التحديث. ومن أبرز المراكز البريدية التي أشرف والدي على تأسيسها وتدشينها هي مركز بريد وبرق الوجيهية في أواسط الستينات(1965)، ودائرة بريد وبرق وهاتف بعقوبة الجديدة في أوائل السبعينيات. وسوف يرد في هذا المقام بعض الأمثلة على النماذج الفاشلة في الإدارة وبعض الممارسات السلبية والسيئة في جانبي العملية، الحكومة والمجتمع المحلي. تم اصطناع هياكل إدارية وعناوين وظيفية قبل أن تظهر حاجة حقيقية ميدانية لتلك الأطر والعناوين . ماذا يفعل موظف بلا عمل طيلة أيام الاسبوع والشهر في مدينة لا يزيد نفوسها عن ألفي نسمة موزعين على قرى عديدة وبعيدة عن مركز البلدة التي لا تتعدى قرية صغيرة وسوق صغير.
*
سيارات الوجيهية
كان مركز بلدة (الوجيهية) يومذاك، يتكون من شارع (ترابي) ضيق وقصير، بالكاد تمر منه سيارتان متجاورتان، أو باص بمفرده، يبلغ طوله قرابة مائة وخمسين متراً، محصورة بين بيت [عزيز العارف] في العمق وبين ساحة الكراج الوحيد في مقدمة البلدة. بعد دكان خليل الحلاق ينقطع الشارع بساقية (نهير) لا يتجاوز عرضها المترين أقيمت عليها قنطرة يلتوي بعدها الطريق نحو اليمين قليلاً قبل ان يعود لاستقامته وامتداده منحدراً نحو قعر المدينة الطيني متمثلا بمستنقع بزايز الوجيهية. على الضفة الثانية من الساقية يقوم بيت عزيز العارف - وهو أحد رجالات الوجيهية البارزين يومئذ-، مشكلا ضلعا قائما مع طول الشارع. أما الكراج، فهو في الأصل خان لتجارة الغنم والماعز والمواد الزراعية بالجملة التي يحملها أهل القرى للبلدة، أو ترد من القضاء، أو يتم تسويقها من البلدة بوساطة الباص إلى مركز القضاء.
وفي بداية الستينات لم يكن ثمة غير باص خشبي واحد كبير سعة (39) راكباً. وهو المعروف في العراق بباصات (دكَـ النجف)، محرك الباص من شركة (Man) تم تحوير جزئه الخلفي بهيكل خشبي يتضمن مقاعد وسطية ضيقة لجلوس الركاب (العبريّة). وقد بقيت لفظة (عبريّة) بصيغة الجمع ومفردها (عبري) تستخدم في الأوساط العراقية الشعبية حتى السبعينات، حيث انسحبت لتحل مفردة (ركاب) بتشديد الكاف محلها. لا يحضرني إسم سائق الباص.
تفتقد وسيلة النقل الشعبية (للكادحين) أية مميزات حضرية لراحة (العبريّة) أو امتصاص الصدمات والمطبات الأرضية. وكانت شوارع البلدة جميعها طينية بلا حجر أو حصى أو قير. كان على المسافرين الحضور للكراج مع صلاة الفجر أي عقب الرابعة، وينطلق الباص في دورة اعتيادية روتينية في حدود الساعة السادسة صباحاً، ليكون قبل الثامنة في مركز قضاء (شهربان). ولا يتأخر عن موعده لارتباط بعض زبائنه الدائمين بالدوام الرسمي في مدن أخرى. وعندما يتم تسويق [حيوانات]، تخصص لها (الخانة) الأخيرة في الباص والمتعارفة في الأوساط الشعبية العراقية [خانة الشواذي] تبعاً لذلك. ونفس الأمر في أوقات تسويق بعض الحاصلات الزراعية ومنها التمور في الخانات الأخيرة من الباص. وكان على الأشخاص التكدس في الخانات الأمامية أو فوق سطح الباص أو التعلق في مؤخرته. بدء من انطلاق الباص تبدأ (الرجرجة) ويتقاذف العبريّة فوق بعضهم حيث لا يوجد يومذاك (أحزمة) أمان كما اليوم، منهم الكبار والصغار والنساء والرجال والمرضى والعجزة والحوامل. السيارة الثانية كانت باص ألماني علامة (مارسيدس) ذي (18) نفراً. وسائقه إسمه (عزيز). يكاد يختص هذا الباص بالطبقة المتوسطة من الموظفين وطلبة الجامعة والعسكريين الذين يتنقلون بين البلدة والمدن الأخرى، ويتجه الباص إلى مركز شهربان أحياناً وإلى مركز اللواء (بعقوبة) عادة. ينطلق باص (عزيز) الساعة السابعة ويبلغ مراده قبل الثامنة بفارق السرعة عن الباص الخشبي. ولكن هذا الباص غير ملزم السفر يومياً، إلا عند الحاجة، بضعة أيام في الأسبوع. وكان المسافر يحجز (يوصي) السائق قبل يوم لحجز المكان وتأمين السفر. وعند قلة العدد يتجه العبرية للباص الخشبي. وكان لعزيز سيارة ثانية (تورن) ذات خمسة أنفار، أقل استخداماً وتختص بطبقة الموظفين والاساتذة، أو استقبال (استقدام) موظفين مسؤولين من القضاء للبلدة. كل من هذه السيارات ينطلق مرة واحدة في الصباح ويعود بعد الظهر مع المساء للبلدة. في الحالات النادرة والطارئة يتم استخدام السيارة الصغيرة (تورن) عند المساء أو الليل للحالات المستعجلة. ان تراتبية السكان في وسائل النقل كانت علامة ملحوظة ومؤشرة في البلدة وكانت معاملة الناس تخضع للتراتبية الاجتماعية والوظيفية والثقافية بشكل لا يقبل الخلاف. طبقة الأفندية من المشتغلين في وظائف الحكومة، كالمديرية/ البلدية، التعليم أو الشرطة. في سنوات متأخرة ظهر باص ثالث، من نوع خشبي محور وبحجم وسطي (22) نفراً. كان لونه أصفر وإسم سائقه (درويش). وساعد هذا في التخفيف من أزمة النقل وكان يقل العبرية مثل سابقه إلى مركز (شهربان). تزداد معاناة النقل سوء في الشتاء حيث الأوحال والطرق الطينية، فتضطر جميع السيارات إلى وضع (الجنازير) حول إطاراتها لمقاومة (البتناش). وكانت المعاول و(المساحي) مرافقة لمعالجة أزمات (البرك). الأمر الآخر المقترن بسيارات تلك الفترة هي (الهندل). وهي استخدام عتلة حديدية لتدوير عجلة المحرك (يدوياً) من مقدمة السيارة، يومياً. وعندما ينطفئ المحرك في أيام البرد الشديد عدة مرات في الطريق يجري إعادة تشغيل السيارة بالعتلة اليدوية. لذلك يلزم السائق أن يجلس قربه أو يرافقه رجل (قوي) مثل ساعده اليمين وهو مقتضى مصطلح (السكند) المأخوذ عن الانجليزية، ويلفظ باللهجة العراقية بدال مختزلة.
وعلى ذكر السيارات في الوجيهية أوائل الستينيات من القرن الماضي أذكر سيارة الأستاذ (عدنان)/ معلم مدرسة وهي من نوع [Land Rover] انجليزية رصاصية اللون. والأستاذ عدنان يقيم في أحد القرى خارج مركز البلدة ويستخدم السيارة لتنقله الخاص، ومن الطريف أن تجمعني الصدف بعد أكثر من عقدين من الزمن بابن أخته (راكان) طالباً في الهندسة ثم عسكريا في الثمانينات، في واحدة من الذكريات الجميلة والدافئة.
في وقت متأخر، بعد الانتقال إلى بيوت الادارة المحلية القريبة من مجرى نهر مهروت في مدخل المدينة، كانت سيارة تورن قديمة في باب مدير المالية العم عبد الوهاب وهو شخصية أريحية في خمسيناته أو ستيناته كما يبدو من شعره الأبيض، وكان يقيم مع زوجته وابنته العانس وحفيده وقد انتقل من المدينة عقب التقاعد. ربما رأيت تلك السيارة الأرستقراطية تتحرك مرة أو مرتين، وفيما عداها، كانت واقفة، من غير حراك. السيارة الأخيرة كانت من نوع شيفروليه سوداء كابريو، دخلت المدينة مع تعيين مدير ناحية جديد في الناحية وكان أصله من النجف. كانت تلك السيارة موضع جذب واعجابنا لما توحي به من خيلاء، وكان لحظات رؤيتها وهي تسير بخيلاء، لا تقدر بثمن، فتبدو وكأنها تمشي على السحاب، نازلة من السماء، وسائقها الشاب مدير الناحية يرتدي نظارات سوداء غالبا سيما أثناء القيادة.
أما السيارة بيك آب المسلحة الخضراء في باب مركز الشرطة، فكانت خاص بتنقلات مفوض الشرطة. ويذكر أن سيارة الشرطة كانت من نوع (شيفروليت) كما يمكن قراءة الأحرف الأنجليزية على بابها الخلفي.
هذه السيارات كانت علامات فارقة في حياة مدينة الوجيهية يومذاك، يحفظها الجميع ويعرف تفاصيلها وعائديتها ، ولها مهابة وتقدير وكأنها مرتكزات لا غنى لاستقرار أجواء المدينة بدونها، ناهيك عما تبعثه من شعور بالفخر والحبور حيث اتجهت. وطيلة وقوفها في ساحة المدينة كانت موضع فرجة وحفاوة يقاطر لرؤيتها الأهلون ويتبادلون أخبار ظهورها المجيد. وإذا كانت هذه حظوتها، فكيف كون مكانة أهليها والمسموح بركوبهم فيها. هذا كان في الستينات حتى أواخرها.
*
السوق وطريق المواصلات الرئيس
بجانب الكراج مقهى وتقابلها على الجانب الآخر من الشارع مقهى ثانية، أوسع من الأولى ولها (طارمة) صيفية واسعة فهي أكثر حركة وارتيادا لا سيما من قبل الموظفين والطبقة المتوسطة. أما المسافة بين بداية المقهيين حتى نهاية الشارع حيث يجري (نهير صغير) عليه قنطرة واطئة أمام بيت [عزيز العارف] قبل أن ينحرف يميناً ويستقيم ثانية باتجاه عمق البلدة حيث أبنية المدارس والمبازل، فتنتشر متاجر صغيرة للمواد الغذائية الجافة والألبسة البسيطة والأقمشة والأحذية. من بين تلك المتاجر كان دكان العم (غانم) الملاصق لبوابة الكراج، وعلى الجهة المقابلة له دكان العم (لطيف). وفي نهاية الشارع على جهة اليسار كان دكان حلاقة (خليل) ويقوم بأعمال التداوي وقلع الأسنان وتقديم وصفات طبية شعبية، وبقربه محل صياغة العم (جميل منسف) الذي انتقل بعدها إلى مركز مدينة بعقوبة. يمتد شارع السوق عبر الكراج باستقامة مسافة قصيرة داخل صفين من الدور السكنية البسيطة. وفي هذا الامتداد كان عنوان أول نزل لدائرة البريد لم يستمر. أما الشارع الرسمي فينحرف عند الكراج بزاوية قائمة بين صفين من البيوت الجيدة البناء وبعضها من الطابوق، ومن أبرزها بيت (عزيز) السائق على جهة اليمين، وبعده ببيتين بيت (الشرطي)، يقابله على جهة اليسار بوابة حديدية ضيقة لمبنى من الطابوق وضعت على واجهته لوحة [مستوصف ناحية الوجيهية] ولم يكن داخله غير مضمد، [ربما كان إسمه (حميد)]، وكان علاجه الوحيد حبوب (مجانا) المشهورة في العراق يومذاك أو (زرقات البنسلين)، وكان الناس وذووا الأفضلية يحصلون على زرقات البنسلين لفاعليتها، وكان أجرة الزرقة (خمسين فلسا) -اكرامية-.
يجاور المستوصف بيت طابوق جيد تقيم فيه عائلة (بيت طابوحة) كما يرد في الذاكرة. طول هذا المقطع لا يتجاوز المائة متراً قبل أن ينكسر يميناً حيث تحيط بجانبيه صفوف من بيوت متقابلة تنتهي من الخلف ببساتين عامرة، آخرها بيت موزع الرسائل (ساعي البريد) ثم صفوف البساتين. يعود هذا الطريق لينعقف يساراً في طريق شجري مظلم ودافئ وفي طرقه خطورة بعد المساء لا سيما في الشتاء طوله قرابة مائة وخمسين متراً، ينفتح بعدها على فضاء رحب، تنتهي معه البساتين على الجانبين في برية تأخذ بالارتفاع تجاورها من جهة اليسار قرية (ربيعة) حيث تستقبل (كلابها) السابلة والسيارات في الرواح والغداة. وكنا نقطع هذا الطريق الطويل يوميا للذهاب إلى المدرسة مجتمعين من أطراف القرى البعيدة في جادة الشارع الترابي حتى أبنية المدارس في عمق المدينة القريبة من البزايز. يمتد بعدها الطريق باتجاه نهر مهروت حيث قنطرة كونكريتية أقيمت بجانبها الأيمن محطات الكهرباء والإسالة. بعد القنطرة يستمر الشارع في شبه استقامة مغادراً بلدة الوجيهية إلى مفرق ناحية (أبي جسرة). حيث الشارع الرئيسي المتجه يساراً إلى مدينة بعقوبة، ويمينا إلى مركز مدينة شهربان، وعلى استقامته إلى مركز ناحية (أبي صيدا).
وتقدر المسافة بين جسر مهروت ومفرق أبي جسرة بأحد عشر كيلومتراً، قطعناها [أنا ووالدي] سيراً على الأقدام مرات عديدة في وقت انعدام وسائل النقل، أو على دراجة هوائية مرات أخرى، وكان في نقطة مفترق (أبي جسرة) مبنى أصفر من النوع المعروف لحرس الحدود تقيم فيه دوريات من الشرطة، يترك لديهم والدي (الدراجة) عند الذهاب والاياب، و يمرّ عندهم عادة للاستراحة وتبادل الأخبار، قبل استقلال سيارة نحو بعقوبة وبغداد أو شهربان وجلولاء، أو في طريق العودة.
*



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فليحة حسن.. وقصيدة (أنا لست مريم يا أبي!)..المقارَبة والاختل ...
- هذه الجريمة اليومية
- فراغات النسيج الاجتماعي في العراق
- المرأة كونترا المرأة
- رسالة من بعيد
- صادق الطريحي في (أوراقٌ وطنية)*
- -ولد للبيع-* الطفولة وبقايا الاقطاع
- -هذا عالم جايف.. اكتب!-
- سليم مطر في (إمرأة القارورة)
- سيلين براكاش- أوزر
- (سماء..)
- المكان هو المنفى.. الوطن هو الغربة!..
- مقاربات نصّية في قصيدة (خوذة الشاعر) لنجم خطاوي
- الاستهلال السردي في قصة التسعينيات..
- القصة العراقية في المنفى
- عن فضاءات الطائر
- الوطن -جنّة- أم -جنينة- في قصة باسم الأنصار (نحيا ويموت الوط ...
- معرفة الحقيقة العارية والاستفادة من دروس الماضي
- داليا رياض.. - رغم أني جملة كتبتها السماء-
- ستة عقود في محراب الحرف- حوار مع الفنان كريم الخطاط


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وديع العبيدي - مدن في حياتي.. الوجيهية .. (1)